الروس أهم المستثمرين في العقارات خارج بلادهم.. وفرنسا أهم الأسواق المرغوبة

الاسعار تعاود ارتفاعها في أنحاء عديدة من العالم

احتلت فرنسا الصدارة في لائحة الدول التي يفضل المستثمرون شراء عقارات فيها («الشرق الأوسط»)
TT

لم تسلم أي دولة من الانهيارات والتراجعات الضخمة التي تعرضت لها أسواق العقارات حول العالم منذ بدء أزمة الائتمان الدولية في أغسطس (آب) عام 2007. وفيما لا تزال كثير من دول العالم تعاني من الركود والتراجع العقاري الحاد حتى الآن، تشهد بعض الدول انحسارا على هذا التراجع، وبعضها الآخر بدأ يشهد نموا ملحوظا وعلامات على التعافي المرجوة. وهذا ليس حكرا على المناطق العقارية الساخنة بل على مناطق اخرى بدأت فيها الاسواق تتنفس الصعداء وتبدل من اتجاهها. ويوضح مؤشر مؤسسة نايت فرانك الدولية بهذا الخصوص، ان بعض الدول مثل تشيكيا وفنلندا وتايلاندا وإسرائيل وسويسرا وجيرسي سجلت نموا وارتفاعا ملحوظا على الاسعار في الربع الاول من هذا العام وكانت حصة أو نسبة تشيكيا من هذا النمو أو الارتفاع حوالي 9.9 في المائة، وتلاها جزيرة جيرسي بنسبة 5 في المائة، وفنلندا بنسبة 4 في المائة، ثم تايلاندا بنسبة 2.7 في المائة، وإسرائيل بنسبة 2.6 في المائة، وسويسرا بنسبة 2.1 في المائة. وبالطبع كانت بريطانيا ودول اخرى في الربع الثاني من هذا العام قد شهدت ايضا ارتفاعا ملحوظا على الاسعار بسبب قلة المتوفر من العقارات في الاسواق.

وحسب مؤشر نايت فرانك فإن أسوء الدول أو المناطق أداءً على الصعيد الربعي كانت دبي التي تراجعت فيها الاسعار هذا العام بنسبة 40 في المائة. وفي الربع الاول سنغافورة بنسبة 16.2 في المائة واستونيا بنسبة 9.9 في المائة والنروج بنسبة 6.2 في المائة والدانمارك بنسبة 6.1 في المائة، ولاتفيا بنسبة اقرب الى دبي من غيرها تصل الى 36 في المائة.

هذه الأرقام مبنية على المعلومات التي وفرتها الاسواق العقارية حول العالم لمؤسسة نايت فرانك عن الربع الاول من هذا العام، لكن ثلث الدول لم توفر المعلومات المطلوبة، مما يترك مجالا للتأويل حول الاسواق العقارية الدولية وأدائها منذ بداية العام.

ومع هذا، ورغم بعض التحولات الإيجابية، لا تزال الاسواق الدولية بشكل عام تعاني من التراجع والركود، ولا يزال من المبكر قراءة الارقام المتوفرة حاليا كما هي عليه، من دون الأخذ بعين الاعتبار أداء بقية الأسواق الأخرى كالأسواق المالية وأسواق القروض وحجم الاستثمارات الأجنبية، والتطورات الاقتصادية عامة.

ولهذا أيضا يحذر العارفون بأمور السوق من ماليين وعقاريين من التفاؤل المفرط في ظل الاوضاع الاقتصادية العالمية الحالية، لأن هذه الأوضاع لا تزال سيئة جدا في كثير من المناطق. ويقول نيك بارنس رئيس قسم الأبحاث الدولية في مؤسسة نايت فرانك، في هذا الإطار، «لا تزال الأسواق العقارية الدولية تحت ضغوط عالية جدا، ولا توجد شواهد على البراعم الخضراء المأمولة. وحتى التطورات الإيجابية على صعيد الأداء التي حصلت في بعض الدول في الربع الأخير، قد تكون مغالطة حسب رأي بعض المعلقين. كما ان توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تبشر بالخير. إذ تتوقع تراجعا على نمو معدل الناتج المحلي الإجمالي في الدول الأعضاء بنسبة 4.3 في المائة هذا العام ، وأن معدل البطالة في هذه الدول سيتضاعف نهاية عام 2010 بشكل لم يسبق له مثيل منذ التسعينات». ويضيف بارنس، أن الركود الاقتصادي الذي لم نعرف مثيلا له منذ الثلاثينات لا يزال يعصف بالاسوق العقارية حول العالم. كما أدى ارتفاع معدل البطالة وتهديد كثير من الوظائف بوضع ضغوط كبيرة على اسواق القروض والائتمان. ولهذا لا تزال الثقة خصوصا ثقة الزبائن بالأسواق ضعيفة مما أدى إلى تراجع كبير على الأسعار. ومع أن هناك بعض التحرك من قبل الراغبين باقتناص الفرص فإن هناك كثيرا من المستثمرين الذين لا يزالون ينتظرون وصول الاسواق او الاسعار الى الحضيض قبل التحرك. والأكثر من هذا انه في ظل الاوضاع الحالية عادة ما يقل عدد الباعة مما يقلص فرص الشراء أيضا، وبالتالي عدد الصفقات العقارية والقروض الممنوحة.

ويبدو من مؤشر نايت فرانك ان 69 في المائة من الدول التي وفرت المعلومات العقارية المطلوبة للمؤشر اشارت الى تراجع أسعار العقارات على المستوى الربعي هذا العام، مقارنة بـ82 في المائة من هذه الدول في الربع الاخير من العام الماضي.

وفي الإطار ذاته، أكد تقرير خاص لنايت فرانك ان أسعار العقارات في سويسرا ارتفعت هذا العام بنسبة لا تقل عن 4 في المائة حسب المعلومات التي وفرها البنك الوطني في سويسرا. وارتفعت أسعار المنازل العائلية الصغيرة بنسبة اكبر وصلت الى 4.5 في المائة منذ يناير (كانون الثاني) بداية العام الحالي، بينما ارتفعت اسعار العقارات الخاصة بالإيجار بنسبة مماثلة وصلت الى 4.3 في المائة.

ويجدر الذكر هنا ان اسواق العقار في سويسرا تختلف عن اسواق العقار البريطانية والاسبانية وغيرها على صعد عدة، لذلك لم تشهد أي طفرة حقيقية على الاسعار كما حصل في مثل هذه البلدان خلال العقد الماضي. فالأسواق العقارية في سويسرا – وهذا يفسر الارتفاعات الاخيرة – منظمة بطريقة صارمة والملكية ايضا منظمة جدا ما يتناغم مع العرض والطلب بشكل عام. كما أن الاهتمام الأجنبي وارتفاع عدد الزبائن الاجانب قد ساهما في رفع اسعار العقارات في الفترة الاخيرة هذا العام. وحسب المعلومات الحكومية المتوفرة فإن الكثير من المستثمرين السويسريين حول استثماراتهم الخارجية باتجاه الداخل واسواق العقار في ظل الازمة الاقتصادية العالمية، لأن العقارات تمثل استثمارا اكثر استقرارا على المدى البعيد.

وكان يصعب في السابق دخول الاسواق العقارية، بسبب سيطرة الحكومة الفيدرالية على الأذون، لكن هناك خطة حاليا تقضي وابتداء من العام المقبل بإعطاء الكانتونات المختلفة الحق بتنظيم اسواقها العقارية ما يناسبها، وبالتالي فتحها اكثر امام المستثمرين الاجانب وتخفيف القيود القديمة، وتسهيل عقد الصفقات وعمليات التملك. وعلى هذا الأساس يتوقع ان تواصل الاسعار ارتفاعها المطرد خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وعلى صعيد آخر، اشارت آخر دراسات وأبحاث مؤسسة «برايم لوكاشن» البريطانية المعروفة على شبكة الانترنت ان 70 في المائة من زوار موقع «برايم لوكايشن» يبحثون عن عقارات في الخارج للاستثمار رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة حول العالم وأوروبا بشكل خاص.

وأكد 28 في المائة من الذين استطلعتهم المؤسسة ان هذه الاوضاع الاقتصادية لا تؤثر على قراراتهم الاستثمارية، بينما أشار 22 في المائة الى ان الاوضاع الاقتصادية السلبية الحالية كانت وراء قراراتهم بتأجيل عمليات الاستثمار في الخارج. كما أشار 10 في المائة من الذين استطلعتهم برايم لوكاشن انهم يتحرون الاسواق وينتظرون اللحظة المناسبة للقيام باستثماراتهم العقارية.

وتقول آن رايت مديرة التطوير الدولية في المؤسسة، بهذا الصدد «هذه إشارات واضحة على ان الناس لم يتخلوا عن احلامهم باقتناء عقار في الخارج، وان عودة الناس الى الاسواق مشجعة جدا، وعلى الارجح ان هذه العودة جاءت بعد التقارير الإعلامية الكثيرة عن تراجع الاسعار في جميع انحاء أوروبا».

وحول الأمكنة التي يرغبها ويقصدها المستثمرون او الراغبون باقتناء منزل في الخارج، أشارت دراسة برايم لوكاشن إلى أن 25 في المائة من الذين استطلعتهم المؤسسة يفضلون فرنسا والعقارات الفرنسية، وتأتي بعدها اسبانيا بنسبة 16 في المائة، ثم ايطاليا والبرتغال كل بنسبة 11 في المائة. وجاء بعد ذلك وضمن المراتب العشر الاولى – الولايات المتحدة وقبرص واليونان وسويسرا وتركيا وكندا والامارات العربية المتحدة واستراليا وتايلاندا وكازخستان وفنلندا وكرواتيا.

ويبدو أن البريطانيين يحوزون على 25 في المائة من العقارات المخصصة للاستثمار التجاري أو الإيجار بشكل عام. وعادة ما يلجأ هؤلاء الى شراء العقارات الرخيصة وإصلاحها وتطويرها قبل عرضها في اسواق الإيجار.

كما أن شعبية اسبانيا والبرتغال ارتفعت العام الماضي كما يبدو بسبب التراجع الكبير على الاسعار بعد ازمة الائتمان. وارتفعت شعبية العقارات التركية ايضا في اوساط الاجانب والاوروبيين والبريطانيين بشكل خاص بسبب تراجع قيمة العملة المحلية لليرة التركية أمام العملات الأجنبية خصوصا الجنيه الاسترليني واليورو.

وكشفت الإحصاءات الاخيرة ايضا ان المستثمرين والاغنياء الروس يأتون على رأس لائحة المستثمرين والباحثين عن العقارات في الخارج خلال الاشهر الخمسة الاولى من هذا العام.

وتبلغ نسبة الباحثين عن العقارات في بلغاريا 19 في المائة من مجمل الباحثين عن العقارات عبر برايم لوكاشن خلال تلك الفترة، أما اسبانيا فقد حازت على نسبة 10 في المائة، أما تركيا فقد سجلت 6.7 في المائة واوكرانيا بنسبة 6.7 في المائة، ومونتينيغرو بنسبة لا تقل عن 6.2 في المائة، وتشيكيا بنسبة 5 في المائة، وتأتي بعد ذلك قبرص بنسبة 4 في المائة وايطاليا بنسبة 3.9 في المائة، ومصر بنسبة مماثلة وصلت الى 3.8 في المائة، وألمانيا بنسبة 3.5 في المائة واخيرا الولايات المتحدة – وأقل مما كان متوقعا – بنسبة 3.4 في المائة. كما ارتفع خلال هذه الاشهر أيضا عدد الباحثين عن عقارات رخيصة، وارتفع عدد الباحثين عن عقارات يتراوح سعرها بين 150 الف دولار و300 الف دولار بنسبة 22 في المائة. ولهذا السبب ايضا تراجع عدد الباحثين عن عقارات يتعدى سعرها 750 الف دولار وما فوق. وتتابع رايت بهذا الشأن، «أن نسبة الناس الباحثين عن منازل العطل في الخارج لم تتغير منذ العام الماضي (48 %) ما يعزز الفكرة القائلة بأن الاهتمام موجود رغم التقلبات الاقتصادية السلبية... مهما يكن فإن عدد المواطنين الراغبين في الاستقرار في الخارج وبشكل دائم تراجع في السنوات القليلة الماضية، وربما لهذا علاقة بقيمة صرف الجنيه الاسترليني المتراجعة أمام اليورو.. وأن أسعار العقارات وكثرة المتوفر من العقارات في الاسواق الاوروبية من العقارات الخاصة بالإيجار، تعني أن عدد المستثمرين يقل يوميا لأن هذه العقارات لم تعد قادرة على إعطاء أصحابها عائدات ربحية مناسبة وجيدة كما كان الحال في السابق».

ولا يزال معظم الراغبين في شراء عقارات في الخارج يفضلون المناطق الساحلية التي تمنح اصحابها خيار الإقامة والتأجير كما يبدو وكما اشارت الارقام الاخيرة لبرايم لوكاشن. كما كشف هذه الدراسة ان الكثر من الراغبين في تملك العقارات الاجنبية يبحثون الآن عن عقارات ممتازة لا تحتاج الى الكثير من الإصلاح والتطوير كما كان يحصل سابقا، وأن الزبائن الجدد يفضلون العقارات التي تتمتع بحالة جيدة وتمنكهم من الانتقال إليه رأسا أو تأجيره واستخدامه على الفور.

وأشارت الدراسة أيضا إلى أن الناس أو المستثمرين في الخارج عادة يفضلون التعامل مع المكاتب العقارية في بلد الشراء او التعامل مع المكاتب العقارية الانجليزية التي تقدم خدمات عدة وواضحة وعلى جميع المستويات التجارية والسكنية والاستثمارية القريبة والبعيدة المدى من تايلاندا الى كندا.