توقع تعمق الركود في القطاع العقاري الأردني بسبب تشدد البنوك في منح التسهيلات

تراجع حجم التداول إلى 2.78 مليار دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى  من العام الحالي

TT

توقع خبراء في سوق العقار الأردني أن تتعمق حالة الركود التي يعانيها القطاع منذ بدابة العام الحالي بينما استبعد آخرون حدوث ذلك، لأن السوق ستستعيد عافيتها خلال الفترة المقبلة في ظل انقلاب الحالة النفسية لمستثمري وزبائن القطاع بعد الأزمة العالمية التي أربكت أداءه في الأشهر الثمانية الماضية.

ويعتبر عاملون أن الهبوط الذي لحق بالقطاع العقاري سيليه اتجاه تصاعدي في بقية أشهر السنة، لكن آخرون يؤكدون أن المعطيات تشير إلى أن الركود سيزداد عمقا.

ويعتمد المتشائمون في تحليلهم على أن «معطيات سوق العقار تدلل على أن تعمق جمود القطاع العقاري سيكون سيد الموقف لا سيما في أشهر الشتاء المقبلة».

وما يدعم نظرتهم اتجاه أداء السوق هو حالة الانتظار التي يعيشها بعض زبائن السوق الذين يترقبون فرص انخفاض الأسعار إلى مستويات أدنى لإجراء صفقات أكثر نجاحا.

ورجح رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان، زهير العمري أن تتزايد وتيرة تراجع القطاع خلال الفترة المقبلة.

وقال العمري «إن فترة الصيف التي تعتبر ذروة موسم القطاع لم تنجح في فض الركود الذي سيطر على السوق، وهذا يعني أن الأشهر المقبلة لن تنطوي على أخبار مبشرة».

 وأضاف العمري، أن ضعف القدرة الشرائية لزبائن السوق يعد عاملا أساسيا في دفع الركود نحو التعمق، الذي سيصبح أكثر وضوحا إذا بقيت البنوك المحلية تنتهج سياسة التشدد في منح القروض للزبائن.

لكن الخبير في قطاع العقار، عصام البدور، يخالف العمري رأيه؛ إذ يؤكد أن حالة الترقب التي كانت تسيطر على السوق أخذت بالتلاشي لا سيما في ظل ارتفاع الطلب على العقارات في الأشهر الثلاثة الماضية مقارنة بالأشهر الخمسة الأولى من العام.

 ويتوقع البدور أن يواصل تداول القطاع نشاطه خلال الأشهر المقبلة، ذلك لأن زبائن السوق تجاوبوا مع واقع الأسعار الذي ثبت عند مستويات مرتفعة.

ورغم أن المراقب لسوق العقارات، محمد الصافي يتفق مع البدور حول تجاوب الزبائن مع واقع الأسعار المرتفعة، إلا أنه خالفه اعتقاده بأن أداء سوق العقار سيتحسن خلال الفترة المقبلة.

 ويقول الصافي «صحيح أن الزبائن اعتادت على الأسعار المرتفعة، لكن  الطبقة الوسطى التي تعتمد على البنوك لتمويلها تواجه صعوبة في  الحصول على السيولة اللازمة لشراء العقارات التي يرغبونها».

لكن استبعد أن يكون لفئة المعتمدين على القروض أثر كبير في تغيير السوق، إذ يؤكد أن من يحدث فرقا في نشاط السوق هم أولئك الذين يبتاعون العقارات نقدا. يشار إلى أن رصيد التسهيلات الائتمانية الممنوحة للأفراد من قبل البنوك الأردنية المرخصة تراجع في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بمقدار 194 مليون دينار بانخفاض نسبته 4.9 في المائة. وبين الصافي أن تخوف بعض المستثمرين في السوق العقارية ما زال يسيطر على قراراته الاستثمارية وهذا ما يعزز من احتمال تعمق حالة الركود بحسب رأيه.

من جانب آخر ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على نشاط سوق العقارات لاسيما مشروع «سكن كريم، لعيش كريم» الذي واجه مشكلة في استنكاف عدد كبير من المؤهلين للاستفادة منه، حيث أرجعت المديرة العامة لمؤسسة الإسكان، المهندسة سناء مهيار، ذلك إلى وجود التزامات مالية مترتبة على أغلب المؤهلين على شكل اقتطاعات شهرية من الراتب، مشيرة إلى أن ذلك أعاق عملية الحصول على التمويل من قبل البنوك.

وأوضحت مهيار أن تقدم سن الموظفين المؤهلين للاستفادة من المشروع، كان أحد الأسباب التي حالت من دون حصولهم على تمويل لمدة 20 عاما، حيث في هذه الحالة تقل فترة السداد وتزيد قيمة القسط الشهري.

ولفتت إلى أن معظم سياسات الائتمان المصرفي، لا تسمح في أن تزيد نسبة الأقساط أو الالتزامات الشهرية عن ثلث الراتب للموظف المقترض، فضلا عن السياسة المتحفظة للبنوك في التمويل العقاري، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية.

بدوره، قال أحد المهندس عبد الله غوشة، أحد المشاركين في تصميم مشاريع سكن المبادرة أنه «لا بد أن يتأثر الأردن بالأزمة العالمية، وما يجري الآن هو تقييم وإعادة دراسة لبعض مشاريع التطوير العقاري»، متوقعا أن يستمر الوضع الراهن إلى نهاية العام الحالي.

وأفاد أن أحد العناصر الأساسية في أي مشروع عقاري هو «التمويل»، «ولا يخفى على أحد أن الجهات التمويلية بدأت مؤخرا بالتشديد على المنح والقروض وتقديم التسهيلات البنكية».

إلا أن غوشة استدرك قائلا، «إن السوق العقاري الأردني متزن مقارنة بالعديد مع الدول المجاورة، خاصة أن الإجراءات المتحفظة للبنك المركزي من الأساس، جعلت تأثير الأزمة العالمية على الاقتصاد الأردني أقل ضررا». ودعا إلى إيجاد شروط تمويلية «تسهيلية» للمستفيدين من مشروع المبادرة الملكية «سكن كريم، لعيش كريم»، وتخفيف شروط التأهيل المعتمدة حاليا، وتفعيل نظام «إعادة الرهن العقاري» لدعم وتحقيق أهداف المبادرة.

بيد أن مدير إدارة الخدمات المصرفية للأفراد في البنك العربي الإسلامي، الدكتور نايف أبو دهيم، أكد على أن الأزمة المالية العالمية لم تؤثر على تمويل المستفيدين من مشروع المبادرة، مشيرا إلى أنه تم منح الكثير ممن تقدموا للبنك قروضا بحسب الشروط المتفق عليها مع مؤسسة الإسكان.

وفيما يتعلق بنسبة الاستنكافات، بين أبو دهيم أن «البنك لم يعتذر لأي مستفيد بسبب الأزمة المالية، وإنما لعدم انطباق الشروط عليه، كأن تكون لديه التزامات مالية قائمة كبيرة بالنسبة للدخل المالي، أو أن يكون عمره 50 عاما، حيث يسدد القسط في هذه الحالة على مدى 10سنوات، وليس 20 عاما للمستفيدين الأصغر سنا.

وذكر أن قرار البنك المركزي باستثناء التسهيلات الممنوحة لتمويل شراء شقق سكنية ضمن المبادرة الملكية، والتسهيلات الممنوحة للمقاولين المعتمدين لأغراض تمويل تنفيذ المشاريع المرتبطة بالمبادرة الملكية، جعله بمنأى عن تداعيات الأزمة المالية العالمية.

ووفقا للتعميم الذي أصدره المحافظ البنك المركزي، بخصوص نسبة الائتمان المباشر الممنوح لإنشاء العقارات أو شرائها، فقد نص القرار على ضرورة الحصول من الجهات المعنية بالاستثناء على شهادة تأهيل صادرة عن المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري ضمن مشروع المبادرة.

كما طالب التعميم إدراج رصيد القروض العقارية الممنوحة ضمن الاستثناء، سواء للأشخاص المستفيدين أو للمقاولين، وكذلك أي تأمينات نقدية مقابلة لها (حال وجودها) ضمن بندين مستقلين في كشوفات التركزات الائتمانية الشهرية التي ترد للبنك المركزي.

يذكر أن السقف الأعلى للقروض الإسكانية لكل بنك محدد بنسبة 20 في المائة من قيمة القروض السكنية، ما يعني أن هذا القرار أتاح تسهيلات أكبر للبنوك، حيث تم السماح للبنوك «ولاسيما التي تتعامل مع مشروع المبادرة»، منح أكثر من 20 في المائة للإقراض العقاري.

 الجدير بالذكر أن نشاط القطاع العقاري كان قد تراجع خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي حتى تراجع حجم التداول في سوق العقار في المملكة الأردنية بنسبة 38 في المائة.

وبلغ حجم التداول 2.78 مليار دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي مقارنة بـ4.46 مليار دينار للفترة ذاتها من  عام 2008.

وأظهرت نشرة دائرة الأراضي والمساحة الأردنية، أن إيرادات دائرة الأراضي والمساحة خلال الثمانية أشهر الأولى من هذا العام وصلت إلى 174.22 مليون دينار بانخفاض نسبته 38% مقارنة بالثمانية  أشهر الأولى من عام 2008.

واحتلت مديرية تسجيل شمال عمّان المرتبة الأولى بإيرادات بلغت 32.8  مليون دينار، تلتها مديريّة تسجيل أراضي عمّان 24.75  مليون دينار، ثم مديرية تسجيل جنوب عمّان 21.8 مليون دينار، أمّا  مديرية تسجيل غرب عمّان فقد احتلّت المرتبة الرابعة بـ 18.3مليون دينار.