المنازل الذكية تنتشر في قطاع الإسكان الهندي

التغييرات الاقتصادية والاجتماعية تعيد صياغة القطاع

TT

أصبحت المنازل الإلكترونية هي الموضوع الأساسي للأحاديث التي تدور في قطاع الإسكان الهندي حاليا، وذلك في ظل ترحيب العديد من الهنود بفكرة الحياة في منازل مميكنة بالكامل؛ حيث تستطيع بضغطة زر أن تتحكم في كل شيء بدءاً من الستائر، وأدوات المطبخ، وركن اللياقة البدنية، ومكيفات الهواء وصولا لشاشات التلفزيون العملاقة.

وتتحكم شبكات المنازل الذكية في نطاق كامل من خدمات المنافع بما في ذلك المياه، والكهرباء، والأمن، والتطبيقات التي تعتمد على الميكنة التي يمكن ربطها بالهاتف أو بشبكة الإنترنت لراحة سكان المنزل.

الحياة عند أطراف أصابعك في هذه المنازل الذكية، يمكنك أن تشعل النور بمجرد ضغطة على زر الماوس (فأرة الكمبيوتر) أو يمكنك إغلاق الباب الأمامي بمجرد الضغط على زر. كما أن تلك المنازل تحتوي على أبواب يتم فتحها من خلال بصمة الإصبع، أو كاميرات يمكنها التقاط لقطات فوتوغرافية لكل الزائرين الذين يقتربون من الباب.

فيمكنك الاعتناء بكل شيء بمجرد اتصال من هاتفك الجوال أو من خلال الحاسوب وأنت في مقر عملك أو من أي مكان آخر. ربما يبدو ذلك مبالغا فيه، لكنها الحقيقة! بالإضافة إلى ذلك، يذهب العديد من الهنود الذين يعيشون في المدن الهندية لشراء تلك المنازل، ويتكلف المنزل المكون من غرفتين أو ثلاث حوالي 350 ألف روبية. لكن بغض النظر عن السعر، فهناك العديد من الناس الذين يسعون لاقتناء تلك العجائب الإلكترونية.

ونظرا لأن معظم الأزواج يعملون حاليا، أصبح الرجال والنساء على حد سواء يتطلعون لتوفير الوقت ولإيجاد طرق تساعدهم على أن تصبح حياتهم أكثر سهولة وأقل توترا. فهم لا يمانعون في دفع قدر كبير من المال إذا كانوا سيحصلون في مقابله على الراحة. يقول فتراج بافينا مدير شركة زيوس أنفوتيك التي تعمل في مجال المنازل الإلكترونية: «اسرح بخيالك واطلب أي شيء وسوف أوفره لك».

ومن أوائل عملاء هذه الشركة كان شابود شارما الذي أصبح لديه منزل يمكن أن يفقدك صوابك؛ حيث يفتح الباب الرئيسي بمجرد لمسة من أصابعك لكن لا يفتح أبدا للمسات أصابع الغرباء. بعدما يتعرف على بصمة إصبع شارما يفتح الباب. وتعمل الأضواء أول ما تطأ قدماه أرض إحدى الغرف ثم تطفأ بعد ثلاثين ثانية من خروجه. لكن الجزء المفضل لدى شارما ـ هو جهاز مسجل صوتي يسمح له بأنه يقول للأضواء «أضيئي» فتضاء الغرفة ـ هو الزر الذي يوقف ذلك العرض.

وفي بعض الأحيان، يجلس شارما للثرثرة في حجرة مكتبه، بينما يمكنه في الوقت نفسه أن يتابع من خلال جهاز البالم توب في حجرة مكتبه ما إذا كان الشاي في المطبخ قد أصبح جاهزا أم لا.

ويشتمل المجمع السكني ـ نورمال لايف ستايل ـ الذي يقع في ضواحي مومباي على 100 وحدة من المنازل الإلكترونية التي تصنع لها شركة «فتراغ زيو» الأجهزة الإلكترونية اللازمة.

ويستهدف ذلك المفهوم الذي يعمل على إعادة صياغة سوق الإسكان في البلاد الاستفادة بأحدث التقنيات لمنح الأشخاص سبل الراحة التي تعزز التجربة الإنسانية. فتخيل مدى الراحة التي يمكنك التمتع بها إذا ما كنت تستطيع أن تقوم بالطهي عندما تكون خارج المنزل من خلال رسائل الإس إم إس، أو إذا كنت تستطيع أن تتحكم في الأجهزة المنزلية بمنزلك لكي تخلق جوا مماثلا لأجواء المطاعم.

ويعد سانتوش أناند وزوجته برنانا من المستشارين المرموقين ومن ثم فليس لديهم سوى القليل من الوقت لقضائه مع أولادهما، وبالتالي فلكي يتمكنا من مراقبة أولادهما الذين يجلسون مع الخدم، حولا منزلهما في نيودلهي إلى منزل إلكتروني من خلال الكمبيوتر والهاتف الجوال، حيث أصبح بإمكانهما مراقبة ما يحدث داخل المنزل وهما بالخارج.

ولا يقتصر أمر المنازل الإلكترونية على الأثرياء، فمن المتوقع أن ينتشر تدريجيا حتى يصبح جزءا من الحياة اليومية للشخص الهندي العادي.

من جهته، يقول إيمانويل كونتاغيل المدير العام لشركة منتجات المنازل الفرنسية «سومفي»، «مع زيادة عدد الأزواج العاملين، ازدادت الحاجة إلى المنازل الإلكترونية. وحيث إننا نعيش في عصر رقمي، فمن الطبيعي أن تتوافر بعض الحلول عند أطراف أناملك».

ووفقا لمراقبي السوق، فإن سوق المنازل الإلكترونية في الهند يتزايد بمعدل نمو سنوي يصل إلى 30 في المائة. وقد وصلت المنازل الإلكترونية إلى الهند خاصة في مومباي ودلهي وبانغلور، وإن كانت لم تصل إلا للنخبة الراقية من المجتمع. وسوف تشهد المنازل المستقبلية والمكاتب تحول أجزاء كبيرة من الوظائف اليدوية إلى الأوتوماتيكية من خلال أنظمة الحاسب. وبالرغم من أنه كانت هناك قناعة واسعة بالسوق أن المنازل الذكية تقتصر فقط على النخبة، فإن الوعي بتلك المنتجات المتوافرة في السوق تزايد خلال الأعوام القليلة الماضية.

وأصبحت كبرى الشركات العالمية تتطلع إلى هذا السوق. ومن أشهر الشركات في مجال المنازل الذكية هي شركة «هاني ويل» للأمن التي لم تبدأ نشاطها في الهند إلا في عام 2006 بينما بدأت الشركة الفرنسية «فرنش ليغراند» إنتاج المنازل الذكية في الهند منذ عام 2003.

وقد بدأ العديد من شركات المقاولات العمل على تصميم شقق إلكترونية في المجمعات السكنية.

وقد بدأ المفهوم الثوري للمنازل الذكية يشق طريقه في مدينة «بونا» من خلال شركة «كوول هومز» التي قدمت سلسلة من الخصائص الجديدة التي تتضمن هاتفا مزودا بفيديو على الأبواب (لتصوير الزوار)، وقفلا رقميا رئيسيا يفتح من دون مفتاح، ونظام إضاءة يتغير لكي يخلق أجواء مختلفة من الإضاءة، وشاشة رئيسية ذات عرض ثلاثي الأبعاد للتحكم ومراقبة كافة الأجهزة الإلكترونية في المنزل، وجهاز إنذار بمجسات للحركة، وغيرها.

بالإضافة إلى أن هناك عددا آخرا من التقنيات الحديثة التي تشمل نمطا جديدا من المطابخ النموذجية؛ المزودة بصنابير مزودة بحساسات، وستائر يمكن التحكم بها إلكترونيا، وغسالة أطباق، ولوحات إلكترونية لإغلاق الأبواب، ولوحات للدوش، بالإضافة إلى التحكم في الأصوات المحيطة ومدخنة إلكترونية وأرضية مغطاة بالخشب، الخ.

وشركة إثيك لحلول البرامج هي شريك كوول هومز، التي انضمت إليها كذلك شركة «ناشيونال انسترامنت» شركة التكنولوجيا التي يقع مقرها في الولايات المتحدة التي تقدم استشارات تقنية دقيقة لناسا ولشركات السيارات العملاقة مثل مرسيدس وغيرها. وقد بدأ بالفعل حجز مساكن شركة كوول هومز.

وقد اختار أبهيشيك لودها المقاول عندما كان يخطط لتأسيس شركة لودها بليسمو شركة الإسكان الفاخر أن يزود كل شقة بأنظمة تحكم مثل «كليبسال شنيدر»، وقد كلفه الأمر حوالي مليون روبية للشقة لكن لودها سعيد أنه قد بدأ ذلك الاستثمار.

فيقول: «لقد أحب المشترون أن تكون الشقق بها تلك الحلول المتميزة، التي توفر عليهم الحاجة إلى أن يقوموا بأنفسهم بتعريفها وتثبيتها ومتابعتها».

وأضاف: «في مجال خيارات الإسكان، تجاوزت الهند مثيلاتها بالخارج خاصة في التفاصيل النهائية والتقنيات، والفخامة ـ وهي فجوة يجب سدها، كلما تطور اقتصادنا. كما أنه على المستهلكين أن يطلبوا نفس المعايير العالمية».

وسوف تقدم شركة «بيرسون» للتكنولوجيا وهي الشركة الهندية الوحيدة في ذلك المجال «جينـإكس هوم» الذي يقوم بتوصيل النظام بأكمله بشبكة الإنترنت ويمكن صاحب المنزل من أن يفتح بوابة منزله من أي مكان في العالم.

فيقول راج مانيار مدير شركة بيرسون: «هذا النظام سهل حتى أن الأطفال يمكنهم التحكم به». وإذا حدث اختراق أمنى، أو تسرب للغاز، فسوف تظهر على الفور رسالة على متصفح الإنترنت. كما يسمح النظام كذلك بإرسال الرسائل المباشرة من الحاسب إلى هاتف المنزل حتى تستطيع إخبار الضيوف الموجودين على باب المنزل أنك لن تكون بالمنزل لمدة أسبوع مثلا.

وتتكلف مساكن «جين ـ إكس هوم» من حوالي 180 ألف روبية وحتى 1.5 مليون للنسخة الأساسية مع اتصال كامل بالإنترنت.

ويضيف مانيار: «إن التكلفة ليست مشكلة على الإطلاق. فالهنود أثرياء ويرغبون في التمتع بحياة راقية».

ويقول البعض، إن المناخ هو عامل أساسي في الهند، حيث لا يمكن لغير البيوت الذكية الاستفادة من مميزات المناخ من خلال استغلال ضوء الشمس كمصدر بديل للطاقة والأجهزة الإلكترونية، كما أن البيوت الذكية يمكنها كذلك التحكم في مساوئ المناخ الهندي.

وعلى أي حال، فإن جوهر القضية هو أن عصر البيوت الذكية قد بدأ في الهند. وبالطبع فإنه ما زال أمام الهنود وقت طويل يقطعونه كي يحصلوا على بيوت ذكية متطورة، لكن الفكرة قد دخلت بالفعل.