السعودية: الطلب يتنامى على السكن في المدن الصناعية مع ازدياد ضخ استثمارات جديدة

80 مليار دولار حجم استيعاب «جبيل2» من الاستثمارات

يتوقع أن تتصاعد الاستثمارات الصناعية في مدينة الجبيل الأمر الذي يدعو لزيادة العقارات السكنية لمواجهة النمو في أعداد الموظفين («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد المدن الصناعية نموا كبيرا في الطلب على مختلف العقارات السكنية، خاصة مع النمو الصناعي الذي تشهده المملكة بإنشاء مصانع ضخمة من قبل مختلف الشركات المحلية والعالمية.

ويأتي ذلك النمو في الطلب متزامنا مع نمو الاستثمارات الصناعية، وذلك من خلال ضخ رؤوس أموال ضخمة في الصناعة، إضافة إلى عمل الحكومة في عملية تنظيم القطاع عبر إنشاء هيئة للمدن الصناعية، وهي التي تعمل على الاستفادة القصوى من مزايا شراكة الدولة مع القطاع الخاص وفاعلية عملية توفير الأراضي الصناعية في مناخ من الشفافية. إضافة إلى توزيع الأدوار بين الهيئة والقطاع الخاص يتمثل في الفصل بين مهام التخطيط والإشراف والرقابة التي سوف تتولاها الهيئة، ومهام التمويل والإنشاء والتشغيل التي سوف يتولاها القطاع الخاص بأسلوب تنافسي.

وتشهد مدينة الجبيل نموا في الطلب على العقارات السكنية، في الوقت الذي أعلن فيه عن وجود استثمارات جديدة في المدينة الواقعة شرقي السعودية.

ويأتي ذلك في زمن أعلن فيه عن حجم استيعاب «الجبيل2» لاستثمارات صناعية بقيمة 300 مليار ريال (80 مليار دولار)، من خلال الأهداف الاستراتيجية الجديدة لـ«الهيئة الملكية للجبيل وينبع» في النمو، التي تتمثل في توسيع قاعدة الصناعات من خلال زيادة عدد المدن وحجم الإنتاج الصناعي وقاعدة المستثمرين، وهو الانتقاء الأمثل للمستثمرين من خلال جذب استثمارات مدن التميز التي تتمثل في الوصول بالمدن الحالية إلى مرتبة المدن الصناعية.

كما تهدف الاستراتيجية الجديدة أيضا إلى أن تكون الجبيل أفضل منطقة جاذبة للكوادر المتميزة في المملكة، والتطوير التدريجي للأداء المالي وزيادة الفعالية، ويتوقع أن توفر المشروعات الجديدة نحو 55 ألف وظيفة جديدة.

وتبعد الجبيل عن مدينة الدمام عاصمة المنطقة الشرقية 80 كيلومترا، وتشكل مع مجموعة القرى والمواقع التابعة لها سهلا ساحليا على شاطئ الخليج العربي، ويعتبر كورنيش الجبيل أبرز المناطق السياحية فيها، والذي يتسم بالهدوء والترتيب والتنظيم.

وسميت الجبيل بهذا الاسم نسبة إلى الجبل البحري الواقع في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة، وتكتسب أهميتها أيضا من كونها تقع على ساحل الخليج العربي، إضافة إلى وجود العديد من المرافق المهمة مثل ميناء الملك فهد الصناعي والتجاري، ومحطات التحلية، وقاعدة الملك عبد العزيز البحرية، والمنطقة الصناعية التي تعد من أهم البقع الصناعية في منطقة الشرق الأوسط. وبحسب متعاملين عقاريين فإن الجبيل تشهد ارتفاعا في أسعار الإيجارات السكنية، وذلك نتيجة الطلب الكبير من قبل الموظفين والعاملين في كبرى الشركات العاملة فيها، التي تتقدمها الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، حيث يبدأ سعر إيجار الشقة السكنية الصغيرة من 20 ألف ريال (5.3 ألف دولار)، ويرتفع إلى أن يصل إلى متوسط سعر 80 ألف ريال (21 ألف دولار) و100 ألف ريال (26.6 ألف دولار).

وقال ناصر بن نبيل الموظف الحكومي إن الحركة البشرية التي تشهدها المدينة أسهمت في زيادة الطلب ورفع أسعار الإيجارات سواء في الجبيل القديمة أو في الجبيل الجديدة أو في ما يطلق عليها الجبيل الصناعية. مشيرا إلى أن الكثير من الموظفين يسعون للاستقرار في المدينة، بدلا عن ما كان يعمل عليه الكثير من الموظفين وهو الحضور يوميا من الدمام أو مدن الشرقية الأخرى، خاصة مع ازدياد أعداد الموظفين. إلى ذلك قال محمد البر العضو المنتدب لشركة «خدماتي» التجارية إن الجبيل مدينة بحاجة إلى تحالفات استثمارية ضخمة لتغطية الطلب المتوقع فيها، خاصة مع الاستثمارات الضخمة التي تضخ في المدينة في ظل توجه الحكومة إلى دعم المدينة وإبرازها كإحدى أهم المدن الصناعية في المنطقة.

وبين البرّ أن الجبيل تحتاج إلى 3 أنواع من المنتجات السكنية، والمتمثلة في الإسكان العادي، هو ما يتمثل في إنشاء وحدات سكنية من فيلات وشقق سكنية، استجابة للطلب من الموظفين المحليين، الذين يفضلون ذلك النوع من العقارات. خاصة أن الكثير من الشركات تقدم ذلك المنتج لموظفيها العاملين في الجبيل. في حين يتمثل النوع الثاني في السكن المغلق أو ما يعرف بـ«الكمباوند» بحسب العضو المنتدب لشركة «خدماتي»، مشيرا إلى أن هذا النوع يزداد الطلب عليه، مما رفع متوسط سعر الإيجار السنوي فيه إلى 100 ألف ريال (26.6 ألف دولار)، مشيرا إلى أن أغلب الخبراء الأجانب والمهندسين يفضلون هذا النوع من العقارات، الذي تختلف أسعاره بحسب الموقع، وبما يتضمنه المجمع السكني من وسائل ترفيه وغيرها.

وأشار إلى أن ذلك النوع يزداد مع ازدياد الاستثمارات وإنشاء المصانع، التي في العادة ترافقها تنمية عمرانية، تتمثل في تجهيز البنى التحتية من سكن وغيره لجذب المهندسين للعيش في المدينة.

في حين أوضح أن النوع الثالث يتضمن إنشاء عقارات للعمال، والذي يعتبر هو الآخر من أكثر المنتجات السكنية من ناحية الطلب عليه في الجبيل التي تضم الكثير من عمال الإنشاءات والمقاولات، مشيرا إلى أن أسعار إسكان الفرد الواحد من تلك الشريحة تتراوح في ما بين 20 ريالا (5 دولارات) إلى 35 ريالا (9 دولارات)، مؤكدا أن الجبيل بحاجة إلى مثل هذه المجمعات السكنية الخاصة بشريحة العمال، من أجل احتواء الأعداد الكبيرة منهم، التي تضطر إلى إسكانهم في المدن القريبة من الجبيل.

وأضاف البر أن الجبيل بحاجة إلى تحالف بين القطاعين العام والخاص لبناء استراتيجية الإسكان للمدينة، وذلك لاستيعاب الزيادة المتوقعة، خاصة في ظل ازدحام الطرق بين الجبيل والدمام، مرورا بمدن صفوى والقطيف وسيهات، في الوقت الذي يشكل فيه طريق الدمام ـ الجبيل شريانا رئيسيا صباح كل يوم.

في الوقت ذاته يزداد الطلب على العقارات التجارية في كل من الجبيل القديمة أو التي تعرف بالبلد، خاصة في شارع جدة، أشهر شوارع المنطقة التجارية، والجبيل الصناعية والمنطقة التجارية فيها، والمعروفة بالفناتير، وهو الأمر الذي دفع كثيرا من المستثمرين لبناء مشروعات تجارية تتمثل في معارض ومحال، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تزيد تلك الاستثمارات مع إنشاء مصانع جديدة.

يذكر أن الجبيل شهدت خلال الأعوام الماضية دخول شركات محلية وإقليمية لإنشاء مشروعات مختلفة، اقتصرت على التطوير العقاري للبنى التحتية، ومن ثم بيع مشروعات الأراضي في مزاد علني، وإنشاء وحدات سكنية مختلفة، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تشهد مشروعات جديدة يعمل عليها عدد من الشركات العقارية كما ذكره عقاريون مؤخرا، مشيرين إلى أنه سيتم الإعلان عن شركات تعمل على إنشاء مشروعات في المدينة.