السعودية: 1000 رافعة شاهقة تستخدم في مشاريع محلية باستثمار 533 مليون دولار

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: مشاريع التنمية الحكومية واستثمارات القطاع الخاص ضاعفت الطلب عليها خلال عامين

تتزاحم الرافعات البرجية في مشروعي مركز الملك عبد الله المالي وجامعة الأميرة نورة في الرياض إضافة إلى مشاريع أخرى في العاصمة مما زاد الطلب على ذلك النوع من الرافعات (تصوير: خالد الخميس)
TT

دفعت مشروعات التنمية الحكومة في السعودية إضافة إلى استمرار استثمارات القطاع الخاص المحلي إلى ازدياد استخدام الرافعات الآلية الشاهقة خلال العامين المنصرمين.

وفقا لتقديرات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فقد دفعت الحركة العمرانية ومشروعات التنمية إلى وجود أكثر من 1000 رافعة عملاقة «كرين» يبلغ حجم استثماراتها ملياري ريال (533 مليون دولار) تقريبا.

وعلى الرغم من أن الرافعات «كرين» ليست مؤشرا على حجم المشروعات في المدينة كون طبيعة المشروعات تتوسع بشكل أفقي بحسب ما وصف خبراء التشييد والمقاولات، فإن التطور الهائل في العاصمة الرياض ومناطق عدة في المملكة، كمدينة الملك عبد الله الاقتصادية والمشروعات الصناعية في الجبيل وينبع، إضافة إلى المشروعات الضخمة التي تنفذ في مكة المكرمة، ضاعف الطلب على استخدامها. ويشير فراس ناصر، العضو المنتدب لشركة «المهيدب» للمقاولات إلى أنه، وبحسب التقارير المتاحة، يبلغ حجم المشروعات التي تمت ترسيتها نحو 120 مليار دولار حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2009، وهو ما يمثل 25 في المائة من الناتج الإجمالي المتوقع في عام 2010. وأضاف ناصر أن حجم ترسية المشروعات لا يمثل حجم التنفيذ، حيث يتم إعادة طرح كثير من المشروعات بهدف الاستفادة من انخفاض التكاليف، مما أدى إلى تأخير البدء بالتنفيذ من بيانات الميزانية لعام 2010، مشيرا إلى أن مخصصات الإنفاق على المشروعات الرأسمالية قد زادت بمعدل 16 في المائة. ولفت العضو المنتدب لشركة «المهيدب القابضة» أن زيادة حجم الإنفاق على مشروعات البنية التحتية يوفر بيئة خصبة للمشروعات الاستثمارية، وعليه زاد حجم الاستثمارات بالقطاع الخاص. وأكد أن عدد الرافعات ليس بمؤشر على حجم المشروعات تحت التنفيذ، حيث إن طبيعة المشروعات بالمملكة تختلف عن طبيعتها في بلدان أو مدن أخرى مثل دبي، وذلك بسبب التوسع الأفقي ونوعية مشروعات البنية التحتية، مستطردا أنه وعلى الرغم من ذلك، فإنه يتوقع استحواذ المملكة في السنوات المقبلة على عدد من الرافعات يفوق أي طلب في المنطقة.

وأوضح ناصر أن حجم سوق مواد البناء الأساسية هو المعيار الأساسي لحجم مشروعات المقاولات في أي بلد، مفيدا بأنه بحسب إحصاءات موزعي ووكلاء الرافعات، فقد تم دخول نحو 1000 رافعة في عام 2008 و2009، حيث سيزيد الاحتياج إليها خاصة مع بدء تنفيذ جميع المشروعات العملاقة المذكورة بالإضافة إلى مشروعات أخرى منها مركز الملك عبد الله للدراسات والأبحاث البترولية بالرياض، وكذلك مدينة الملك عبد الله الرياضية، والمشروعات الاستثمارية للقطاع الخاص كمشروع «الشامية» بمكة المكرمة.

وأكد فراس ناصر أن سعر الرافعة الاعتيادية يصل إلى 2.5 مليون ريال (667 ألف دولار)، بينما تتغير حسب المواصفات والمصنع، مفيدا حول التأجير بأن معدل الإيجار الشهري يصل إلى 26 ألف ريال (6.9 ألف دولار). وقال ناصر: «نمو الإنفاق الحكومي الرأسمالي كان وما زال هو الدافع الأساسي لازدياد حجم سوق المقاولات، ولكن باكتمال البنية التحتية تدريجيا ستتحول بوصلة المقاولات الإنشائية باتجاه القطاع المشترك والخاص»، مضيفا: «المستقبل المنظور للسوق يشير بقوة إلى الطلب المتزايد من القطاع العقاري السكني والتجاري، بينما تزدهر مقاولات التشغيل والصيانة وإعادة التأهيل لإدامة المشروعات الخدمية والبنى التحتية من بعد ذلك». وأكد أن حجم شركة «المهيدب» للمقاولات ينمو بوتيرة سريعة، حيث إن اختصاصات الشركة معنية باتجاهات محددة في سوق المقاولات، مبينا أن استثمار الشركة كان على أساس تكوين قدرة فاعلة خلاقة للحلول المناسبة لملاك المشروعات، آخذين في الاعتبار جودة وقيمة المنتج للمستخدم النهائي.

وأشار ناصر إلى أن الشركة تطبق ذلك في مشروعاتها مع «شركة المياه الوطنية» وجامعة الملك عبد العزيز و«آرامكو» السعودية، مبينا أن النمو السنوي التراكمي المركب لحجم أعمال الشركة خلال السنوات العشر الماضية وصل إلى 17 في المائة، في حين تجاوزت نسبة نمو 40 في المائة سنويا، علما أن نمو سوق المقاولات كان يبلغ نحو 9 في المائة سنويا حسب تقرير مؤسسة الأسواق العالمية.

وأشار إلى أن أهمية تطوير السوق من الناحية النوعية أصبح أمرا ملحا، حيث إن ديناميكية قطاع المقاولات تحتم وضع آلية متخصصة للتمويل؛ إما عن طريق البنوك التجارية أو خلق مؤسسة مالية متخصصة لهذا الشأن، بالإضافة إلى إعادة هيكلة نظام العطاءات مع تطبيق أنظمة «فيديكس» العالمية في صياغة العقود، مما سيساهم في تطوير القطاع نوعيا بخلق بيئة جاذبة للمستثمرين، كما تحفز عمليات الاستحواذ والاندماج مما يدعم الشركات الوطنية العاملة بالقطاع، لترتقي ككيانات ذات أحجام اقتصادية قوية، قادرة على المنافسة إقليميا وعالميا ومجزية ربحيا على مستوى مخاطرة مقبول استثماريا.

من جهته، رشح فهد الحمادي رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض حجم استخدام الرافعات للنمو خلال الفترة المقبلة، معززا ذلك الترشيح بوجود مشروعات ضخمة يعمل عليها كل من القطاعين العام والخاص.

وقال الحمادي إن المشروعات المختلفة التي تعمل عليها الحكومة ستساهم بشكل كبير في استخدام الرافعات، وهو الأمر الذي سيساعد على زيادة الطلب على ذلك النوع من المعدات الثقيلة، في الوقت الذي ترغب فيه الحكومة السعودية في تنمية مشروعات مختلفة في قطاع البنى التحتية.

وأكد الحمادي أن الميزانية السعودية تحمل في طياتها مشروعات جديدة ستساهم في ازدياد الرافعات، مما يجعل المملكة واحدة من الدول التي تتضمن أكبر عدد من الـ«كرين».

ونمى مؤخرا استخدام الرافعات الإنشائية في مشروعات المقاولات الضخمة، وذلك يعود لإمكانية ارتفاعها إلى مئات الأمتار، وتستخدم غالبا في إيصال مختلف أنواع مواد البناء، والمولدات وغيرها من التجهيزات الإنشائية.

وتتألف أجزاء الرافعة الإنشائية من عدد من الأجزاء الرئيسية، وهي القاعدة الرئيسية التي تشغل الرافعة، والقاعدة الرئيسية من السارية أو البرج التي تمنح الرافعة وزنها، حيث ترتبط بأعلى السارية وحدة الإدارة «الترس والمحرك» التي تسمح للرافعة بالدوران، ويحرص عند تركيبها على أخذ احتياطيات الأمن والسلامة في بيئة عملها لتجنب أي مخاطر قد تحدث بسبب تلك الرافعات.