السعودية: دعوات لطرح مزيد من مشروعات الأراضي لضبط الأسعار

انحسار العرض يرفع أسعار منتج الأرض.. والمستهلكون الجدد يجعلونه خيارا ثانيا بعد المساكن الجاهزة

يشهد منتج الأراضي انحسارا في العرض مما قد يرفع الأسعار ويجعلها بيئة خصبة للمضاربين على هذا النوع من المنتجات العقارية (تصوير: خالد الخميس)
TT

دعا اختصاصيون عقاريون في السعودية إلى طرح مزيد من مشروعات الأراضي العقارية، للحفاظ على متوسط أسعار الأراضي في مختلف المدن، في ظل ازدياد المضاربة الحالية على الأراضي، التي تسببت في ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية.

وتأتي مطالبات العقاريين في المملكة، بعد أن شهد عدد من مشروعات الأراضي ازدياد الطلب، والانتهاء من بيع جميع الأراضي خلال فترة وجيزة الأمر الذي يعطي مؤشرات على ازدياد الطلب على هذا النوع من المنتجات العقارية، في وقت يعتبر فيه إحدى أفضل قنوات الاستثمار في المملكة.

وعلاقة منتج الأراضي بالمستثمرين والأفراد في المملكة علاقة طويلة، ولطالما كانت الأرض هدفا لكل من يرغب في ادخار أمواله، حيث اعتبرت الأرض هي الاستثمار الآمن على مر الزمان، في الوقت الذي أصبحت فيه تخصصا لعمل بعض الوسطاء. وتعيش هذه التجارة دورات متضادة مع دورة أسواق المال، حيث تنتعش في وقت ركود أسواق الأسهم، في حين يصيبها انخفاض في الحركة في الوقت الذي تنتعش فيه أسواق الأسهم.

وشهد بيع وتسويق الأراضي أشكالا مختلفة على مدى 3 عقود ماضية، حيث شهدت فترة الثمانينات وحتى منتصف التسعينات شراء المستثمرين للأراضي الخالية، ومن ثم تقسيمها إلى قطع تتراوح مساحتها بين 400 متر مربع و1000 متر مربع، على أن تطرح للبيع مقسمة، الأمر الذي يحقق أرباحا تتراوح بين 20 و30 في المائة.

ويشير خالد الضبعان المستثمر والخبير العقاري إلى أن قطاع الأراضي يعد من أفضل الاستثمارات العقارية لكونه لا يحتاج إلى صيانة ومتابعة وتسهل عملية بيعه وشراء من دون التزامات متعددة مثلما هي الحال على المباني، في الوقت الذي تعتبر إرثا قديما متعارفا عليه بأنه من أكثر المنتجات العقارية المطلوبة خلال العقود الأخيرة. وفي عام 1996 دخل بيع وشراء الأراضي مرحلة جديدة، تتمثل في تطوير وتسويق وبيع الأراضي، تعتمد على تطوير القطاع الخاص للبنية التحتية بشكل كامل من كهرباء ومياه وسفلته وصرف صحي، إضافة إلى تنافس شركات التطوير التي أنشئت أغلبها لتطوير الأراضي عن طريق المساهمات العقارية التي تسببت فيما بعد في ظهور المشروعات المتعثرة.

وشهدت تلك الحقبة ضخ رؤوس أموال في تطوير الأراضي التي ساهمت في إيجاد مشروعات عقارية متميزة لتطوير الأراضي، مما رفع العرض بشكل كبير لبيع وشراء الأراضي.

وفي هذا الجانب يشير الضبعان إلى أن تلك الحقبة ساهمت بشكل كبير في إيجاد عرض يفوق الطلب على الأراضي المطورة، وساهمت أيضا - بحسب الخبير العقاري - في إيجاد شركات التطوير العقاري التي استمدت قوتها من قوة الاستثمار العقاري، في الوقت الذي خلقت فيه وظائف استطاعت استيعاب خريجي الإدارة وإطلاق أفكار جديدة في صناعة العقار من خلال انتهاج طرق جديدة للتطوير العقاري، مؤكدا أن ذلك ساهم كثيرا في تجهيز السوق العقارية للبنى التحتية لتطوير صناعة العقار في المملكة، على حد وصفه.

وخرجت دعوات واسعة لطرح مزيد من المشروعات العقارية، وذلك للتخفيف من ضغط انحسار العرض في الأراضي على الأسعار التي تزداد وسط صعوبة الحصول على تمويلات، وازدياد الحركة على العقارات الجاهزة، مما جعل الأرض خيارا ثانيا أمام الراغبين في شراء عقارات جديدة، في ظل استجابة التصميمات الجديدة للفيلات والمنازل لرغبات المشترين، مما قد يصعب تسويق الأراضي خلال الفترة التي يزداد فيها طرح مزيد من المنتجات العقارية الجاهزة.

ويشير مدير التطوير في شركة تطوير عقاري إلى أن منتج الأراضي لا يزال يلقى صدى واسعا لشريحة من المستهلكين الذين تبدأ أعمارهم من 35 عاما فما فوق. في الوقت الذي يفضل فيه الشباب المنازل والفيلات الجاهزة لما فيها من اختصار للوقت وابتعاد عن التعامل مع المقاولين ومقدمي خدمات البناء.

وأكد أن الثقافة الحالية تتمثل في أن البناء ليس من الضروري أن يكون من التزامات الفرد في ظل وجود شركات التطوير العقاري التي تقدم فيلات جاهزة تشبع رغبات المستهلكين، في حين أشار إلى أن الأرض لا تزال منتجا يمر بمراحل عدة من شرائها ومن ثم التعاقد مع مقاولين لبنائها، وهو الأمر الذي لا يحبذه الشباب الجدد لكونه يأخذ وقتا أطول من شراء الفيلات الجاهزة.

ويتوقع أن يكبح الرهن العقاري الأسعار في الأراضي المفردة، خاصة أن الرهن سيوجه الكثير من المستهلكين إلى المنتج العقاري الجاهز كالفيلات والمباني السكنية التي تحتوي على شقق أو طوابق مجهزة للسكن، الأمر الذي سيساهم في انخفاض الأسعار على المدى البعيد.

تأتي تلك التوقعات بعد التصريحات التي أدلى بها الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي، والدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، اللذان أكدا على أن الرهن العقاري سيتم إقراره قريبا، وأن المشروع سيرفع إلى مجلس الوزراء خلال النصف الأول من العام الحالي.