انتعاش سوق العقارات الفاخرة في الهند

وسط توجه نحو الشقق والمنازل الصغيرة الفخمة بدلا من المنازل الكبيرة

تحاول الكثير من شركات التنمية العقارية في الهند تحقيق أقصى استفادة ممكنة من اتجاه شريحة واسعة من الهنود للاستثمار في العقارات الفاخرة («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من أن رجل الأعمال الهندي موكيش أمباني، وهو أغنى رجل أعمال هندي في العالم، يشيد أكبر وأعلى منزل في العالم من حيث التكلفة - حيث تصل تكلفته إلى ملياري دولار - وهو عبارة عن ناطحة سحاب مكونة من 27 طابقا في مومباي، فإن الأمر ليس متعلقا بعدد الهنود الذين يستطيعون شراء مثل هذا المسكن الفاخر، لكنه متعلق بأن هذه الشريحة من الإسكان الفاخر في الهند بدأت تنتعش بعد أن عانت من الكساد لمدة عام.

وعلى الرغم من أن الطلب على العقارات ذات الأسعار المعقولة لا يزال عاليا، فإن التغير الجدير بالذكر هو ارتفاع الطلب على المنازل الفاخرة، التي تتراوح تكلفتها بين ثمانية وعشرة ملايين روبية هندية. ويقول راميندر غروفر، الرئيس التنفيذي بشركة العقارات «هوم بي ريزيدينشيال» التابعة لشركة «جونز لانغ لاسالي ميغراج»، «في الواقع، تتجاوز مبيعات المنازل أو الشقق الصغيرة الفخمة في الوقت الحالي مبيعات المنازل الكبيرة الفخمة، حيث إن هناك ندرة في هذه الشريحة من العقارات. يجري تشييد عدد محدود من هذه المنازل الكبيرة في المناطق الراقية والتي تلقى بها هذه المنازل طلبا عاليا بين الأثرياء. وبلا شك ارتفع الطلب على مثل هذه العقارات بواقع 30 - 40 في المائة على مدار العام الماضي، حيث انخفضت الأسعار في السوق».

هناك انتشار مطرد للثروة بين شريحة من السكان، مما يقود إلى ظهور نوع جديد من الفئة الراقية. ويشمل هذا النوع من الفئة الراقية الرؤساء التنفيذيين وكبار المهنيين وأصحاب المشروعات في الشركات الحديثة والهنود الأثرياء غير المقيمين بالهند والذين يبحثون عن منازل في بلادهم. وهذه المنازل الصغيرة الفخمة موجهة إلى هذه الشريحة من الأفراد الأثرياء. وفي الغالب، لن يكون هناك أكثر من خمس إلى عشر وحدات في كل مشروع، وستحتوي كل وحدة من هذه الوحدات على مواصفات فخمة للغاية، والتي من الممكن تعديلها وفقا لما يفضله كل عميل.

وفي الوقت الذي تعد فيه سوق الوظائف في الهند بعيدة عن الكساد، وبدلا من تسريح الموظفين الذين يتقاضون رواتب عالية كما هو متوقع، أدركت شركات البناء أنه سيكون هناك ارتفاع في الطلب على شريحة المنازل الفخمة. وتحاول الكثير من شركات التنمية العقارية تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذا الاتجاه والاستثمار في شرائح المنازل الفخمة مثل المنازل الفخمة الصغيرة.

وباعت شركة «دي إل إف»، أكبر شركة للتنمية العقارية في البلاد، شققا سكنية بقيمة 100 مليار روبية هندية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كما جاء قطاع كبير من مبيعات الشركة من شرائح المنازل الفخمة وشبه الفخمة.

وعلى نحو مماثل، باعت شركة «بولز العقارية» الهندية 100 شقة سكنية في ناطحة السحاب الخاصة بها «إنديا بولز سكاي» والتي تتألف من 65 طابقا وتقع في منطقة لور باريل في مومباي، خلال الأشهر الأربعة الماضية. كما أعلنت أخيرا عن أجنحة سكنية في هذا المبنى من خلال إعلانات في صفحات كاملة في الصحف، ووعدت بتجربة في السحاب. وفي الوقت الذي تراوحت فيه أسعار الشقق السكنية في برج «سكاي» السكني بين 70 مليون و200 مليون روبية، وفقا لمساحة الشقة، فإنه من المتوقع أن تكون أسعار الأجنحة السكنية في هذا البرج أعلى من ذلك.

وبعد أن لاقت المشروعات الإسكانية الممتازة التي تشيدها مؤسسة «أوربت»، وهي شركة أخرى تعمل في مجال التنمية العقارية في مومباي، القبول من جانب العملاء، تقول الشركة إنها ستطلق مشروعا للإسكان الفاخر في المدينة كل ثلاثة أشهر. وباعت شركة «أوربت» الدفعة الأولى من الشقق والتي بلغ عددها 18 شقة في مشروع «أوربت تراس» في غضون 17 يوما من إطلاق المشروع، وهو مشروع سكني فاخر في منطقة لور باريل تراوحت فيه الأسعار بين 30 مليون و70 مليون روبية.

ويرجع هذا الارتفاع في المبيعات إلى الكثير من العوامل، بجانب الانتعاش الاقتصادي بصفة عامة. يقول راجيف تالوار، المدير التنفيذي في شركة «دي إل إف»: «لقد ساعدت مجموعة من العوامل في الارتفاع الحاصل في مبيعات العقارات. تشمل هذه العوامل تدني أسعار الفائدة وانخفاض أسعار العقارات بواقع 30 في المائة مقارنة بفترة الذروة، وتحسن الأداء في الأسواق بصفة عامة. وكل هذه العوامل تعطي الثقة للمشترين لشراء منازل فاخرة».

ويقول سودير سايلوال، المدير العام للتسويق في شركة «آر إن إيه كورب»، إحدى الشركات الرائدة في مجال التنمية العقارية في الهند «لقد وصلت السوق في الوقت الحالي إلى مرحلة النضوج، حيث كانت شركات التشييد معتادة في السابق على توجيه المساحات نفسها من الشقق لجميع الأفراد، لكن هناك فهما واضحا الآن لحاجة الأفراد إلى أنواع معينة من الشقق. وبالتالي ازدادت المبيعات». وهناك ندرة في المنازل الفاخرة في السوق.

وعلى الجانب الآخر، يعد مشروع برجي «إمبريال» في مومباي، وهو المشروع الذي تبلغ تكلفته 120 مليار روبية، أكبر مشروع سكني في الهند من حيث التكلفة. وهذا المشروع، الذي لا يزال قيد الإنشاء وسيبلغ ارتفاعه 827 قدما، يعد أعلى ناطحة سحاب في الهند. ويتكون المشروع من برجين، يبلغ ارتفاع كل منهما 60 طابقا، ويحتوي على 228 شقة تصل المساحات في بعضها إلى 10 آلاف قدم مربعة، ويطل البرجان على بحر العرب ومضمار سباق ماهالاكسمي. وتتراوح أسعار الشقق بين 80 مليون و100 مليون روبية تقريبا.

ويقول كيتان شيث، مدير شركة «غولدمان بروجيكت كونسالتانتس» للتصميمات الداخلية «إن الأشخاص الذين يريدون شراء منازل فاخرة هم الأشخاص الذين سافروا كثيرا. وبالتالي، يريد هؤلاء الأشخاص أن يمروا بالتجربة نفسها داخل الهند. لقد تطورت السوق الهندية، ولم تعد هناك ندرة في المواد الخام للوفاء بالطلب». ويعد مشروع «غلين إيغل»، وهو مشروع إسكان ممتاز تقيمه شركة «تاتا للإسكان» في قلب مومباي، أحد المشروعات التي تم تصميمها من أجل الأشخاص الذين وصلوا إلى مكانة عالية في المجتمع.

وفي إشارة واضحة إلى أن هناك طلبا على مشروعات الإسكان الممتاز أيضا، تم بيع 750 قطعة أرض تابعة لشركة «جابي غرينز» للتنمية العقارية خلال يوم الافتتاح للعرض العام، حسبما يقول كريشما كومار مانغالام.

ليس طبيعيا بالنسبة لأي شركة تنمية عقارية أن يتم بيع مشروع بالكامل في يوم الافتتاح للعرض العام. لكن ذلك هو ما حدث حينما بيعت جميع قطع الأراضي في مشروع «كينسينغتون بارك» الذي تقيمه شركة «جابي غرينز» في نويدا بضواحي دلهي. اشترى العملاء جميع قطع الأراضي في المشروع الإسكاني الجديد للشركة في يوم واحد. ويجري إنشاء مشروع «كينسينغتون بارك»، الذي ينظر إليه على أنه مجتمع مغلق ويعرض المعيشة الراقية بالقرب من دلهي، على مساحة 70 فدانا في أجواء خلابة تحيطها الطرق المحفوفة بالأشجار والحدائق الجميلة.

وعلق مانو غوسوامي، رئيس قسم التطوير التجاري والتخطيط الاستراتيجي بشركة «جابي غرينز»، على الإقبال الساحق قائلا «لقد فوجئنا بهذا الإقبال المذهل. يحتوي مشروع كينسينغتون بارك على مميزات جديدة من المحتمل أن تجعل العملاء متمسكين بالأراضي التي استحوذوا عليها بدلا من التعامل معها على أنها فرصة استثمارية. وتشمل هذه المميزات وجود أفدنة من المساحات الخضراء وسلسلة من الحدائق المتشابكة داخل المجتمع بالكامل، إلى جانب عدد من الملاعب الرياضية المفتوحة لألعاب الكريكت والتنس وتنس الريشة والاسكواش وتنس الطاولة وغيرها من الألعاب. كما يوجد الكثير من أماكن التأمل والأندية الاجتماعية ومنشآت للخدمات الصحية والترفيه مثل حمامات السباحة وصالات الجمباز والمكتبات، إضافة إلى مناطق للتسوق والمحلات والبوتيكات وأسواق التجزئة، ومناطق مخصصة لألعاب الأطفال. وبالإضافة إلى ذلك، توجد منشآت احتياطية لخدمات المياه والكهرباء».

ويقول دارميش جين، العضو المنتدب بشركة «نيرمال لايف ستايل»: «توجد أموال في الأسواق. أثناء فترة الكساد، كان الناس حذرين بشأن إنفاق هذه الأموال. لكن الأمور تحسنت في الوقت الحالي، لذا عاد الإقبال من جديد على المنازل الفاخرة». كما أشار راميندر غروفر، الرئيس التنفيذي لشركة العقارات «هوم بي ريزيدينشيال» التابعة لشركة «جونز لانغ لاسالي ميغراج»، إلى أنه لا يزال هناك وقت طويل أمام الطلب كي ينتعش.