دبي على موعد مع انخفاض جديد في أسعار وحداتها السكنية قد يصل إلى 10%

2010 عام تسليم الوحدات السكنية في دبي والتحسن البطيء في أبوظبي

TT

يبدو أن القطاع العقاري في دبي لا يزال على موعد مع انخفاض جديد في أسعار الوحدات السكنية لعدة أسباب قد يكون على رأسها أن العام الحالي يمكن وصفه إذا صح التعبير بـ«عام تسليم الوحدات السكنية الجاهزة»، حيث تستعد شركات كثيرة لتسليم مشاريع عقارية كانت قد بدأت بتطويرها قبل الأزمة المالية العالمية بداية 2008،حيث سيشهد عام 2010 أعلى نسبة تسليم لوحدات سكنية ومبان جاهزة وفيلات خلال السنوات الماضية. وتتوقع مؤسسة «شعاع كابيتال» في آخر تقرير لها عن القطاعات المختلفة في الإمارات أن يصل تسليم الوحدات العقارية إلى قمته في 2010 بحيث ستكون كمية التسليم أكبر من السنوات الماضية بشكل واضح. ويقول روي شري من قسم الأبحاث في الشركة إن عدد الوحدات التي سيتم تسلمها خلال عام 2010 سيصل إلى 26 ألف وحدة سكنية سيتم تسليمها في دبي، تتنوع بين فيلات وشقق سكنية فيما ستكون الأكثرية الكاسحة من الوحدات المسلمة أي بما يعادل 80 في المائة من الشقق السكنية و20 في المائة من الوحدات المسلمة ستكون فيلات.

ويرى شري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المضاربات في القطاع العقاري التي هي أحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع الأسعار القياسي في السنوات الماضية غابت تماما «واليوم التداول في القطاع العقاري انخفض جدا نسبة إلى 2009 وأواخر 2008 فالمضاربة ليست موجودة».

إذن القطاع العقاري أمام زيادة كبيرة في مستوى المعروض كنتيجة للوحدات التي سيتم تسليمها وهو أيضا أمام غياب المضاربات السعرية في السوق لذلك يرى روي شري أن معدل أسعار العقارات في دبي سينخفض بحدود 10 في المائة خلال هذا العام «أما قطاع الإيجار فيواكب بطبيعة الحال قطاع البيع ومن المؤكد أن نشهد انخفاضا في أسعار الإيجار فزيادة العرض تؤثر ولكن هناك مناطق يمكن أن لا تتأثر أسعارها بسبب زيادة الوحدات المسلّمة في السوق ومعطيات الانخفاض الأخرى «فبعض المناطق العرض فيها محدود والطلب عليها مرتفع كمنطقة برج خليفة وهذه المنطقة أقوى من مناطق أخرى قد تحافظ على المستويات السعرية الحالية أو قد تنخفض أقل من غيرها بكثير.. أيضا الفيلات حول شارع الشيخ زايد مثال آخر على الوحدات التي قد تحافظ على أسعارها الحالية.

ومعنى ذلك أن القطاع العقاري يعاني من الركود وليس الجمود حيث بلغت قيمة تصرفات العقارات في دبي خلال الأسبوع الماضي نحو 1.5 مليار درهم منها نحو 550.6 مليون درهم تصرفات لأراض.

وأفاد التقرير الأسبوعي للتصرفات الذي تصدره دائرة الأراضي والأملاك في دبي بأن الدائرة سجلت في الفترة من السابع إلى الحادي عشر من الشهر الحالي 45 مبايعة كان أهمها مبايعة بقيمة 18 مليون درهم في منطقة تلال الإمارات الثالثة وأخرى بقيمة 17.9 مليون درهم في منطقة الجداف ومبايعة ثالثة بقيمة 16.5 مليون درهم في منطقة البرشاء الأولى.

ووفقا لتقرير دائرة الأراضي والأملاك بدبي فقد تصدرت «قرية جميرا الثانية» المناطق من حيث عدد المبايعات إذ سجلت ثماني مبايعات تلتها منطقة تلال الإمارات الثالثة بثماني مبايعات، فمنطقة نخلة جميرا بست مبايعات.

وشهدت منطقة «البرشاء أكبر مبايعة من حيث المساحة بنحو 37 ألف قدم مربع بيعت بمبلغ 9.7 مليون درهم تلتها مساحة في منطقة تلال الإمارات الثالثة بنحو 35 ألف قدم مربع وبيعت بمبلغ 10.6 مليون درهم، وبشأن مبايعات الشقق والفيلات في مناطق التملك الحر فتم تسجيل 496 مبايعة منها 467 لشقق و29 مبايعة لفيلات. ويؤكد روي شري من «شعاع كابيتا» أن إعادة الحياة للقطاع العقاري لا بد أن تأتي من توفير القروض بفوائد ذات مستوى معقول وهو أقل من المستوى الحالي 8.5 في المائة بحيث يكون 5 في المائة على سبيل المثال.. حيث إن هناك فرقا كبيرا بين التمويل وتكلفة الدين وهذا الأمر لا بد أن يحل لإعادة النشاط كما يجب على البنوك أن تلعب دورا أكبر مع شركات التمويل العقاري.

ويتوقع شري أن تكون أسعار الوحدات السكنية في دبي بحاجة إلى سنة أو سنتين لإعادة الاستقرار كما أن الموضوع متعلق بالنمو الاقتصادي الذي تشهده دبي.

لكن تقريرا لشركة «نومورا» العقارية العالمية صدر الشهر الماضي لتقييم الوضع العقاري في دبي قال إن إعلان حكومة دبي عن أن شركة «دبي العالمية» ستقوم بإعادة هيكلتها وتجميد ديونها وضع حدا لأي احتمال لحدوث انتعاش للعقارات عام 2010. فيما أبدى التقرير مخاوفه من نقص السيولة أو أن لا تكفي السيولة التي تم ضخها لتعيد القطاع إلى مساره الصحيح. وحسب رأي «نومورا» وهو ما يبدو أن الكثير من المشتغلين في القطاع يتفقون معه في هذه المرحلة، فإن القطاع المصرفي يملك مفتاح الحل لقطاع العقارات وبإمكانه إنقاذه من الجمود الحالي. ولكن حتى يتم إصلاح ميزانيات البنوك بالكامل فهذا يحتاج إلى وقت، وخلال هذا الوقت سيبقى القطاع بحاجة ماسة إلى السيولة لتمويل المشاريع على مستوى التطوير والتمويل العقاري للأفراد.

وتوقع التقرير أيضا أن الصفقات قد تتوقف حتى يكون هناك مزيد من الوضوح على عملية تسوية هذا الجمود خصوصا أن ثقة المستثمر قد ضعفت بسبب الأحداث الأخيرة، و«ترميم هذه الثقة أمر حاسم في الحصول على رؤوس الأموال ومشاهدتها تتدفق مرة أخرى الأمر الذي قد يستغرق بعض الوقت».

ورأى التقرير أن نقطة الانعطاف في العام الحالي في قطاع العقارات ستتمثل في طرح حزمة موثوق بها من أجل إعادة هيكلة «دبي العالمية» والجهات ذات العلاقة بها، لكنه خلص إلى توقع المزيد من الضغط السلبي لأسعار العقارات في دبي، التي تبقى ثابتة إلى حد كبير في أبوظبي فيما تبقى القيود على التمويل أحد أبرز المعوقات.

إلا أن الحال في العاصمة أبوظبي قد لا يختلف كثيرا، ففي معرض تعليقها على الموضوع، قالت جيسي داونز، مديرة الأبحاث والخدمات الاستشارية لدى شركة «لاندمارك» الاستشارية: أن سوق العقار في أبوظبي «وصلت إلى حالة من الركود التام جراء التأجيل المتواصل في مواعيد التسليم، وخصوصا في مشاريع محددة».

وقد شهدت أسعار التعاملات العقارية في العاصمة انخفاضات هامشية تصل إلى 4 في المائة نظرا لانخفاض مستويات الطلب وزيادة السمات التنافسية لدى البائعين.

وتفيد «لاندمارك» الاستشارية أن غالبية المشترين في أبوظبي (70 - 80 في المائة) يشترون وحداتهم العقارية عبر قروض التمويل العقاري. وفي تعليقه على الإعلان الأخير عن خطط الحكومة لخفض تكاليف القروض السكنية في العاصمة، قال هشام إخوان، مدير فرع «لاندمارك» العقارية في أبوظبي «نظرا للتخفيضات الأخيرة بتكاليف القروض السكنية، من المتوقع أن تشهد المشاريع الممولة من قبل شركة أبوظبي للتمويل المزيد من الطلب. وقد قامت أبوظبي للتمويل حاليا بتمويل ستة أبراج من أصل أربعة عشر برجا ضمن مشروع مارينا سكوير، ونتوقع أن تحظى هذه الأبراج بالاهتمام الأكبر».

وتابعت داونز حديثها قائلة «إن توفر معدلات التمويل المنخفضة والانتهاء المبدئي لمشاريع التملك الحر سيشجع المزيد من المشترين على اتخاذ القرار بشراء وحداتهم العقارية عوضا عن استئجارها».

واختتمت داونز حديثها بالقول «تتسم السوق حاليا بحالة من الركود، إلا أن هذه التغيرات يتوقع لها أن تدفع نحو المزيد من الطلب، كما أن التحسن سيكون متوسطا. وإننا لا نتوقع زيادة حجم التعاملات بشكل كبير في المستقبل القريب، حتى فيما يتعلق بالمشاريع وشيكة التسليم، إذ ينتظر المشترون حاليا لاقتناص المبيعات المضطربة التي يتوقع أن تتحقق مع اقتراب التسليم، وفي فترات استحقاق الدفعات المالية الكبيرة».

إذا ووفقا لما تراه الشركة فإنه من غير المرجح أن ترتفع أسعار العقارات والتعاملات بشكل كبير في العاصمة على الرغم من تحفيز الطلب في أعقاب التخفيضات التي شهدتها نسب الرهن العقاري والتسليم المتوقع للوحدات الجديدة في نهاية الربع الثاني. وأشار التقرير إلى أن التعاملات العقارية المحدودة التي لوحظت في نهاية الربع الرابع من عام 2009 قد استمرت خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2010، مع استمرار ارتكاز الطلب الحالي على المشاريع العقارية وشيكة التسليم.