السعودية: تطوير الطرق يساهم في انتشار المجمعات العمرانية وتسويق المخططات السكنية

خبراء يؤكدون أن تأثيرها مباشر على الأسعار.. وتفسح المجال لطرح المزيد من المشاريع العقارية

تسهم الطرق بشكل كبير في إحياء بعض المخططات والمشاريع العقارية من خلال انتشارها وتسويقها (تصوير: خالد الخميس)
TT

تعتبر مشاريع الطرق من أهم المشاريع المغذية للحركة العقارية في السعودية، فهي تساهم في تحديد أنماط استعمالات الأراضي وتقسيماتها ومواقع الخدمات والمرافق العامة، كما أنها تعمل على إحياء أراضي الأحياء والمخططات، وذلك بتسهيل الوصول إليها. ويجمع خبراء عقاريون على أهمية امتداد شبكات الطرق باعتبارها من أهم العناصر الأساسية في مخطط تقسيمات الأراضي؛ مشيرين أن للطرق الرئيسية والمخططات السكنية التي تنتشر في كل الاتجاهات، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، تأثيرات متبادلة لكل منهما على الآخر، وأنها تساهم بشكل مباشر في انتشار المجمعات العمرانية وطرح المزيد من المخططات السكنية.

وقال عمر القاضي العضو المنتدب لشركة «إنجاز للتطوير العمراني» إن للطرق آثارها الإيجابية في سرعة إنجاز هذه المخططات من مراحلها الأولى، وذلك من خلال توفير وسيلة نقل المعدات والمواد والأشخاص إلى موقع المخطط، كما أنها ميزة من ناحية سرعة الوصول إلى تلك المخططات التي تقع على امتداداتها؛ وبالتالي تسهيل الوقوف عليها ومعاينتها، وتشجيع الشراء والاستثمار فيها.

ولفت إلى أن الطرق والشوارع لها تأثير مباشر على تخطيط المشاريع العقارية، وهي أيضا تؤثر على الأسعار، فالأراضي التجارية تتأثر بشكل كبير عندما تكون على طريق رئيسي، كما تعطي المخططات قيمة إضافية لأي مشروع عقاري. وكانت ميزانية السعودية للعام الحالي قد اعتمدت نحو 10.8 مليار ريال (2.88 مليار دولار) لتنفيذ طرق سريعة ومزدوجة ومفردة مجموع أطوالها يبلغ 6400 كيلومتر مربع.

إضافة إلى تضمن الميزانية أيضا مبالغ بنحو 21.7 مليار ريال (5.7 مليار دولار)، لمشاريع بلدية جديدة وإضافات لبعض المشاريع البلدية القائمة تشمل تنفيذ تقاطعات وأنفاق وجسور جديدة لبعض الطرق والشوارع داخل المدن وتحسين وتطوير لما هو قائم بهدف فك الاختناقات المرورية، إضافة لاستكمال تنفيذ مشاريع السفلتة والإنارة للشوارع وتصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول وتوفير المعدات والآليات، ومشاريع للتخلص من النفايات وردم المستنقعات وتطوير وتحسين الشواطئ البحرية، والمباني الإدارية والحدائق والمتنزهات.

وبين القاضي أن تأثير المخططات على الطرق كبير؛ كونها سببا في مد هذه الطرق وتوصيلها إلى تلك المخططات، التي لا تكتمل إلا بوصول الطرق إليها، كما أن هذه المخططات تسهم في تكامل وتوافر كل التجهيزات اللازمة لهذه الطرق؛ لتأمين سلامة الحركة المرورية فيها من اللافتات الإرشادية والتنظيمية الضرورية لتوجيه حركة السير في المسارات المختلفة، إلى جانب أعمال الرصف والتبليط وتركيب أبراج وأعمدة الإنارة وأعمال الزراعة والتشجير وأنظمة الري وتصريف مياه الأمطار والسيول والتحكم في حركة السير المرورية. وضرب العضو المنتدب لشركة «إنجاز للتطوير العمراني» مثلا في أن توافر شبكة الطرق المحورية التي تخدم شمال مدينة الرياض سيسهم في جذب الاستثمارات إلى هذه الضاحية، وتحويلها إلى منطقة سكنية راقية وحديثة، متوقعا أن تشهد المزيد من الاستثمارات العقارية في المستقبل، خصوصا من المستثمرين والمطورين العقاريين؛ عطفا على عدد من العوامل التي تتمتع بها المنطقة. وأوضح أن توافر البنى التحتية الحديثة والمؤهلة لاستقطاب السكان، إضافة إلى قرب الضاحية الشمالية من المراكز الحيوية في العاصمة، كمركز الملك عبد الله المالي، وجامعة الأميرة نورة، والمطار، سيزيد من جاذبيتها، مؤكدا أن هذه المغريات دفعت «إنجاز» إلى طرح مشروع عقاري، في شمال الرياض. ولفت القاضي إلى أن الطرق والشوارع ساهمت في إحياء مشروع القمرا التابع للشركة، وذلك من خلال سهولة الوصول عبر شبكة طرق حيوية، ومنها طريق الملك عبد العزيز، وطريق الأمير سلمان، وطريق أبو بكر الصديق، وطريق عثمان بن عفان، الأمر الذي ساعد على تسويق المشروع بشكل جيد.

وتوقع القاضي في ضوء هذه المعطيات أن تشهد الحركة العقارية في المملكة نشاطا أكثر مما هي عليه الآن، وذلك للحاجة الكبيرة إلى تلبية احتياجات السكان المتنامية، لافتا إلى أن المخططات المطروحة في المملكة حاليا لا تتناسب مع حجم الاحتياجات السكانية.

كما أشار إلى أن خطة شبكات الطرق في المدن الرئيسية ينتظر منها أن تحقق عددا من الفوائد على المدينة، من بينها الحد من مشاكل الازدحام التي تشهدها المدن الرئيسية، وتيسير الحركة والتنقل بين أجزاء المدن المختلفة، وتعزيز الأنشطة الاقتصادية، فضلا عن تشجيع التطوير العمراني داخل الكتلة العمرانية القائمة، وربط المناطق الجديدة.

من جهته، قال خالد الضبعان خبير عقاري، إن الطرق تؤثر بشكل رئيسي على الأحياء أو المخططات أو المشاريع من الناحية السعرية، مستشهدا بما يحدث في العاصمة السعودية الرياض، وذلك من خلال طريق الملك فهد الذي ساهم في رفع أسعار الأراضي المحيطة، كونه شارعا رئيسيا وتعبره مليون سيارة يوميا بحسب الإحصائيات الأخيرة، مما يعطي بعدا آخر لطريق الملك فهد.

وأضاف أن «حركة الاستثمارات العقارية مرتبطة بتنفيذ أي مشروع جديد للطرق، وهو الأمر الذي سيساهم في طرح المزيد من المشاريع العقارية، مما سيدفع إلى توازن الأسعار، التي تعيش حالة من التذبذبات بسبب الأنباء الواردة في انخفاض وارتفاع الأسعار. ومن جانبه، نوه الباحث والخبير العقاري الدكتور عبد الله المغلوث إلى أهمية الطرق في نجاح المخططات العمرانية، واعتبر أن مستقبل المناطق والمدن والمحافظات والقرى والمراكز يرتبط ارتباطا وثيقا بالطرق المعبدة، موضحا أنه «لأي توسع حضري لا بد من توفر الطرق التي قد تحدث طفرة في أسعار الأراضي، وهو ما ينعكس نجاحا للسوق العقارية في تلك الأماكن». وشدد المغلوث على أن نجاح المخططات السكنية والعمرانية بمختلف أنواعها مرتبط بمستوى جاهزية الطرق الموجودة. وأضاف: «عندما يفكر المطورون والقائمون على مدينة مثل الرياض، في مشروع طريق جديد، وعلم بذلك العقاريون؛ فسترتفع وتيرة أسعار العقار. وهذا يدل على أن الطرق سبب في نجاح المخططات العمرانية».