السعودية: هيئة السوق المالية تسعى لنشر صناديق الاستثمار العقاري لتعزيز دورها التنموي

التويجري رئيس الهيئة: نهتم بالاستثمار المؤسسي في العقارات

كان للمساهمات العقارية دور في تطوير مشروعات سكنية وتجارية في حين تسعى هيئة السوق إلى نشر ثقافة صناديق الاستثمار العقاري («الشرق الأوسط»)
TT

شكلت المساهمات العقارية جزءا من تطوير القطاع العقاري في المملكة، وذلك خلال عقود مضت، وساهمت في تطوير مخططات وأراض واسعة في مختلف أرجاء السعودية، في حين تركزت المساهمات بشكل أكبر في المنطقة الشرقية.

وفي منتصف الألفية وضعت الحكومة السعودية ضوابط معينة للمساهمات العقارية، شددت عبرها من الرقابة المالية على تلك المساهمات، الأمر الذي جعلها صعبة التنفيذ في رأي البعض، في حين تم طرح 15 صندوقا عقاريا في السعودية، بعد تلك الضوابط باستثمارات تصل إلى 3.5 مليار ريال (933.3 مليون دولار).

وخلال الفترة المقبلة تسعى هيئة السوق المالية إلى نشر ثقافة صناديق الاستثمار العقاري، عبر ندوات وورش عمل، كانت بدايتها مع الندوة الأولى للصناديق العقارية في المنطقة الشرقية، التي كانت منبع فكرة المساهمات العقارية، حيث شهدت الندوة على مدى جلستين نقاشات العقاريين في المنطقة الشرقية حول أبرز المعوقات التي تواجه الصناديق العقارية.

وجاء تنظيم تلك الندوة في الوقت الذي يسود فيه القطاع العقاري جدل حول الصعوبات التي تواجه تمويل القطاع، التي قدرت بـ2 في المائة فقط من الناتج المحلي في الفترة الحالية، في حين يحتاج القطاع إلى نحو 30 في المائة بحسب محلل مالي، وتواجه الصناديق العقارية بصرامة في الإجراءات حدت من قدراتها التمويلية، إضافة إلى محدودية رأس المال الذي تديره.

أمام ذلك، يلجأ العقاريون إلى الصناديق ذات الإصدار الخاص لسهولة إجراءات تشكيلها وسهولة تسويقها، بينما لم يخف عبد الرحمن التويجري رئيس هيئة السوق المالية توجس المشرعين السعوديين تجاه قطاع العقار، حيث قال إن المساهمات العقارية التي كانت مصدرا لتمويل القطاع في الفترة السابقة خدعت كثيرا من المستثمرين، خاصة المستثمرين الصغار. وتشترط وزارة التجارة والصناعة السعودية التقدم للحصول على رخصة طرح مساهمة عقارية أن يتقدم من صدر في شأن مساهمته موافقة من وزارة التجارة والصناعة (قبل الإعلان عنها) إلى هيئة السوق المالية بطلب فتح صندوق استثماري باسم المساهمة وفقا لنظام السوق المالية ولوائحها.

وبين إبراهيم بن سعيدان الخبير العقاري أن المساهمات كان لها دور كبير في تطوير المشروعات العقارية، وهي كانت إحدى السبل التي تحافظ على توازن الأسعار، وهي التي ساهمت بشكل كبير في طرح مزيد من المشروعات العقارية التي تخفض التضخم الحاصل في الأسعار. وقال التويجري إن الهيئة بادرت إلى تطوير لائحة لصناديق الاستثمار العقاري وتم تطبيقها وإنشاء صناديق استثمار عقارية ارتفع عددها إلى 15 صندوقا بإجمالي أصول يبلغ 3.5 مليار ريال (933.3 مليون دولار)، مشيرا إلى أن الهيئة تتفهم جاذبية القطاع العقاري للمستثمرين السعوديين حيث يمثل أهم قنوات الاستثمار لديهم. وأوضح التويجري أنه تم طرح 5 صناديق استثمار عقاري طرحا عاما وبإجمالي أصول يبلغ 2.4 مليار ريال (640 مليون دولار)، و10 صناديق استثمار عقاري مطروحة طرحا خاصا بحجم أصول يبلغ 1.1 مليار ريال (293.3 مليون دولار. وأوضح التويجري أن هيئة السوق المالية ماضية قدما في تعزيز ثقة المستثمرين، وهي تتعامل مع أكبر سوق في الشرق الأوسط يبلغ حجمها أكثر من 360 مليار دولار وفيها 140 شركة مدرجة ويوجد فيها 245 صندوقا مطروحا طرحا عاما و87 صندوقا مطروحا طرحا خاصا.

وذكر التويجري أن الهيئة أصدرت حتى الآن 11 لائحة بغرض تنظيم وتطوير السوق المالية بما في ذلك لائحة صناديق الاستثمار العقاري. من جهته، أكد عبد الرحمن الراشد رئيس غرفة الشرقية ونائب رئيس مجلس الغرف السعودية أن القطاع العقاري في السعودية في حاجة إلى تنظيم أكثر ومن خلال عدد من الجهات الحكومية، مبينا أن هيئة سوق المال نجحت في وضع آلية الصناديق العقارية التي تمثل وسيلة آمنة لجميع الأطراف في الحصول على تمويل عقاري لكن ذلك لا يكفي. وفصل الراشد بأن على عدد من الجهات الحكومية (وزارة العدل ووزارة التجارة والبلديات) وضع آليات واضحة لتكتمل الأنظمة العقارية في السعودية، وأضاف أن القطاع العقاري في السعودية يعاني من قلة الشفافية وغياب المعلومات عن الأسعار ومعدلات العرض والطلب، إضافة إلى عدم وجود آلية للتسعير.

واعتبر الراشد هذه المطالب ملحة ليس فقط للعقاريين في السعودية وإنما للاقتصاد السعودي ككل، حيث أشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد إقرار نظام الرهن العقاري، وإذا لم تكن الأنظمة التي يعمل من خلالها القطاع العقاري مكتملة قبل صدور نظام الرهن العقاري سيتسبب ذلك في ضرر كبير للمواطنين. من جانبه، قال عايض القحطاني رئيس مجلس إدارة شركة «سمو» العقارية، إن حجم السوق العقارية في السعودية يصل في الفترة الحالية إلى تريليون ريال (266 مليار دولار) متوقعا أن يبلغ حجم القطاع العقاري بحلول عام 2012 نحو 1.5 تريليون ريال (400 مليار دولار(.

وتابع القحطاني قائلا إن وجود المساهمات العقارية سابقا كان نتيجة عدم وجود نظام واضح لقطاع العقار، في حين أكد أن دراسة تمت على الأحياء السكنية في المدن السعودية كشفت عن دور التمويل العقاري عبر المساهمات العقارية في إنشاء ثلث هذه الأحياء.

وبالعودة إلى ابن سعيدان، فإن توقف المساهمات ساهم في ازدياد الأسعار الحاصل في الوقت الحالي، وهو ما يحتاج إلى وقفه لإعادة النظر في آليات طرح المساهمات العقارية، التي هي في حاجة إلى تعزيز حضورها للمساهمة في عمليات التنمية وسد الفجوة السكانية التي تزداد يوما بعد يوم.

في حين توقع هاني باعثمان الرئيس التنفيذي لشركة «سدرة المالية» أن ترفع الصناديق العقارية مستوى تمويل المشروعات العقارية حتى عام 2012 إلى نحو 20 في المائة، من حجم الناتج المحلي السعودي، مضيفا أن القطاع العقاري يحتاج إلى تمويل في حدود 30 في المائة من الناتج المحلي لأي بلد في العالم بينما في السعودية لا يتجاوز حجم التمويل ما نسبته 2 في المائة من الناتج المحلي للسعودية.

وبين باعثمان أن الصعوبات التي تواجه الصناديق العقارية السعودية هي غياب كثير من المنتجات العقارية التي يمكن أن تكون مصدرا مهما للتمويل مثل نظام «الريتس»، الذي يمكن بموجبه تحويل العقارات إلى محافظ أو شركات ذات مسؤولية محدودة ويصدر بموجبها أسهم يمكن تداولها في السوق المالية.

وبين باعثمان أن الصعوبات التي تواجه العقاريين في فتح الصناديق العقارية المخصصة للإصدار العام، تضطرهم إلى فتح صناديق عقارية بإصدار خاص وذلك نظرا لسهولة إجراءات الموافقة عليها وإجراءات تسويقها.