السعودية: دعوات لزيادة الوعي بالمسكن الاقتصادي للحد من الفجوة بين العرض والطلب

مستثمرون عقاريون: المنتج الاقتصادي أسرع في الإنتاج.. وإطلاق شراكات بين القطاعين العام والخاص سيساهم في تنمية القطاع

مبارك المري وسليمان الرميخاني
TT

دعا متعاملون عقاريون في السعودية إلى ضرورة تأسيس شركة تطوير عقاري ضخمة، يشارك فيها القطاعان الخاص والعام، للمساهمة في بناء وحدات سكنية تساهم في تلبية الطلب المتنامي في البلاد في مختلف المناطق. وجاءت دعوات الخبراء في وقت تترقب فيه السوق السعودية إقرار الرهن العقاري، الذي ينتظر أن يكون قاعدة الحلول لمشاكل تفاقم الفجوة بين العرض والطلب، في سوق يستحوذ فيه الشباب على النسبة الأكبر بين شريحة المجتمع، حيث تقدر نسبتهم بنحو 65 في المائة من شرائح المجتمع، في وقت تحتاج فيه السعودية إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا على مدى 5 سنوات لسد العجز الموجود في عرض الوحدات السكنية.

وأكد مبارك المري رئيس مجلس إدارة مجموعة «أوال» للاستثمار العقاري أن من أهم أولويات الفرد في السعودية تأمين السكن المناسب له ولأسرته، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تشهد ارتفاعا كبيرا في أسعار الأراضي والوحدات السكنية (الفلل والشقق)، بالإضافة إلى مواد البناء مثل الحديد والاسمنت، والأدوات الداخلية للمنزل.

ودعا المري إلى ضرورة تثقيف وحث الشباب السعودي على تملك السكن الاقتصادي، وذلك لمناسبته من حيث التكلفة والمساحة، خاصة أن أكثر من 60 في المائة من السعوديين يسكنون بالإيجار، ويقتطعون أكثر من 15 في المائة من دخلهم الشهري للسكن، مطالبا الجهات المسؤولة والهيئة العامة للإسكان التي أقرها مجلس الوزراء التي تعنى بتوفير السكن المناسب بدعم وزيادة القروض الممنوحة وتأسيس شركة متخصصة في بناء الوحدات السكنية بالمناصفة بين الدولة والقطاع الخاص.

ويصل حجم الاستثمار العقاري في السعودية بحسب تقديرات غير رسمية إلى 1.250 تريليون ريال (334 مليار دولار)، في وقت يتوقع أن ينمو خلال السنوات المقبلة إلى 1.5 تريليون ريال (400 مليار دولار)، ويغلب على الاستثمار في المباني طابع المكاتب التجارية، التي يتوقع أن تتشبع السوق منها قريبا، من جهة أخرى يزداد عمق السوق في الطلب على المساكن كون المنتج العقاري بطيء ولا يمكن أن يلبي رغبات السوق خلال عام أو عامين. وأكد المري أن المملكة بحاجة لأكثر من 200 ألف وحدة سكنية سنويا، نصيب المنطقة الشرقية أكثر من 20 في المائة من إجمالي الوحدات، مضيفا أنه حان الوقت لتأسيس لجنة مكونة من عدة جهات حكومية وخاصة لمراقبة أسعار الإيجارات تعمل تحت مظلة إحدى الجهات الحكومية لحماية المستهلك وحفظ حقوق المستثمر، خاصة بعد أن شهدت المنطقة خلال الثلاث سنوات الماضية ارتفاعا كبيرا في إيجارات الوحدات السكنية وصلت لأكثر من 15 في المائة وهذه النسبة في تزايد مستمر.

وبين رئيس مجلس إدارة شركة «أوال» للاستثمار العقاري أن من أهم العوائق التي تواجه السوق العقارية في السعودية، كثرة المساهمات العقارية المتعثرة، خاصة في المنطقة الشرقية التي بلغ عدد المساهمات المتعثرة فيها أكثر من 20 مساهمة، مبينا أن اللجان المكلفة لدراسة هذه المساهمات توصلت إلى حل 5 مساهمات، في حين تبقى 15 أخرى متعلقة، أغلبها تجاوز عمرها 30 عاما، مطالبا بإيجاد حلول جذرية وسريعة لهذه المساهمات وضخ أموالها بالسوق العقارية.

ولفت أن شرائح اجتماعية عدة تنتظر حل مشكلات المساهمات العقارية المتعثرة، خاصة وأن الكثير من صغار المستثمرين يعلقون آمالهم على نجاح اللجان في حل هذه المشكلات، وتسوية أوضاع المساهمات العقارية المتعثرة، الذين ضخوا أموالهم فيها، مضيفا أن من الأسباب أيضا ما يتمثل في مضاربات الأراضي البيضاء، خاصة تلك التي تقع خارج المدن الرئيسية، التي أغلبها ينقصها الكثير من الخدمات الأساسية المهمة كالكهرباء والماء والاتصالات، مما أدى إلى ارتفاع هذه الأراضي خلال الفترة الماضية وعدم وجود جهة لمراقبة السوق.

وأكد أن السوق العقارية بحاجة لجمعية أو هيئة متخصصة تتابع مشكلات العقار مع الجهات الحكومية والمشاكل التي قد تنشأ بين العقاريين أنفسهم، الهدف منها متابعة التخطيط ومشاكل البناء وتعدد الأدوار والأسواق وجميع ما يتعلق بتطوير المنطقة.

من جانبه دعا سليمان الرميخاني رئيس مجلس إدارة «عقار نت» للاستثمار العقاري إلى سن تشريعات وأنظمة جديدة لخدمة السوق العقارية السعودية تساعد بالحصول على سكن مناسب، ومن هذه التشريعات تأسيس هيئة للعقاريين وتطبيق الرهن والتثمين العقاري بشكل عاجل للحد من المبالغات والتلاعب في أسعار العقار، حيث وصلت الأسعار إلى أرقام خيالية، مضيفا أن للبنوك وشركات التمويل دورا كبيرا للمساعدة في توفير السكن، وذلك من خلال القروض بفائدة رمزية.

وأكد أن المسكن الاقتصادي هو أبرز الحلول التي قد تساعد على تنمية العرض ليواجه الطلب، خاصة أن السكن الاقتصادي معمول به حول العالم، وأن تكلفة البناء ومدته تساعد على طرح منتجات عقارية في السوق وتختصر الزمن لمنع تزايد الطلب المستمر.

وبين أن عددا من الشركات العقارية السعودية قامت مؤخرا بإبرام تحالفات بهدف طرح مشاريع إسكان اقتصادية في السعودية، تعتمد بالدرجة الأولى على تغيير ثقافة الفرد في التعامل مع المعطيات الجديدة للحياة، وذلك من خلال التخلي عن بعض العادات في البناء واستغلال المساحات في بناء مسكن وفق الأطر الاقتصادية والاقتناع بالحلول المقترحة للقضاء على الأزمة السكانية، مطالبا بضرورة الاستفادة من تجارب الدول التي تطبق نظام المباني منخفضة التكلفة لعمل مبان مماثلة في المملكة.

وبين الرميخاني أنه ينبغي عدم التوسع في المنزل والمبالغة في المساحة، ومن هذا المنطلق فإن البناء الاقتصادي هو الحصول على السكن المناسب دون الدخول في التكاليف العالية والمبالغ فيها، مشيرا إلى وجود نماذج عالمية من الممكن تطبيقها في السعودية، خاصة أن الثقافة بدأت تتحول في كيفية الاستفادة من المساحات المختلفة في المنزل.

وأكد أن كثيرا من المستثمرين لاحظوا ضعف الإقبال على شراء المنازل عالية التكاليف، وأنه من الضروري التكيف مع الواقع وحال السوق، والاتجاه للبناء الاقتصادي، مشددا على أن ذلك مطلب ملح اليوم، نظرا لواقع الحال والمعيشة ومتطلبات الحياة التي فرضها العصر الحديث، موضحا أن تطبيق مفهوم البناء الاقتصادي يأتي من خلال الابتعاد عن زيادة المساحات التي قد لا يحتاجها الساكن كتخفيض مساحات المجالس والغرف الأخرى. وأوضح الرميخاني أن تأثير تطبيق مفهوم البناء الاقتصادي سيسهم في حل مشكلة الإسكان في السعودية بشكل كبير، حيث إن انخفاض التكاليف سيؤدي إلى إقبال شريحة كبيرة من الراغبين في امتلاك مساكن منخفضة التكلفة.

وأكد أنه حان الوقت لتطبيق نظام الرهن العقاري كونه نظاما دوليا معتمدا وهو إيجابي للمواطن لأن الرهن العقاري عندما يتم تطبيقه يشجع المستثمر والممول ويضمن حقوقهما ويزداد عدد بناء الوحدات السكنية والتجارية، كما تضمن البنوك حقوقها وتدعم المستثمر، بالإضافة إلى أنه سيساهم في تقليل تكاليف بناء الوحدات السكنية.