السعودية: الأسعار ترجح كفة الطلب للشقق السكنية على حساب الفلل في الرياض

دراسة «أولات» تتوقع أن تلبي المشاريع الإسكانية الصغيرة حاجة السوق في الفترة المقبلة

توقعت «أولات» أن تبدأ الحالة الاقتصادية لمنحنيات العرض والطلب للوحدات السكنية في التحسن (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشفت دراسة عقارية حديثة في السعودية عن أن الطلب على الفلل السكنية انخفض في العاصمة الرياض خلال العام الحالي من نسبة 79 في المائة من إجمالي الطلب إلى 64 في المائة، وذلك بسبب نمو الطلب على إسكان الشقق.

وأشارت الدراسة التي أعدتها شركة «أولات لإدارة وتنمية الأملاك» إلى أنه لوحظ منذ عام 2007 أن حصة الطلب على وحدات الفلل السكنية في مدينة الرياض بدأت بالتناقص وذلك بسبب نمو نسبة الطلب على وحدات الشقق السكنية من إجمالي الطلب العام في مدينة الرياض، حيث أصبح هناك زيادة ملحوظة في الطلب على وحدات الشقق السكنية، وذلك بسبب تناسب أسعارها مع القدرة الشرائية لفئات الدخل المتوسط الذين يشكلون النسبة الأعلى في تعداد سكان العاصمة. وذكرت الدراسة أن مستوى الطلب عال على الوحدات السكنية في الرياض، إضافة إلى نقص في المعروض للمجمعات السكنية المغلقة، في الوقت الذي تزيد فيه الأسعار بتبرير الشح في كمية الوحدات السكنية المعروضة، مما يؤدي إلى تضخم نوعي في سوق العقار السكني. ولفتت «أولات» إلى أنه لتقليص الفجوة القائمة بين ميزاني العرض والطلب لا بد من ضخ كميات إضافية من الوحدات السكنية، التي تؤدي إلى تصحيح الحركة السعرية لهذه الوحدات، في الوقت الذي لا يقتصر فيه الطلب على الوحدات السكنية على منتج الوحدة - فيلا أو شقة سكنية - بل يتعدى ذلك إلى تفاصيل مكونات الوحدة نفسها.

وأوضحت الدراسة التي عنونت بـ«مؤشرات الطلب في سوق الرياض» أنه نتيجة البحث الميداني فإن مؤشرات الطلب تتضمن نسبا متعددة في أنواع الوحدات السكنية، حيث يشكل نسبة 68 في المائة كحجم الطلب على شراء الوحدات السكنية المشطبة بالاختيار، في حين تبلغ نسبة 94 في المائة على الطلب لشراء الوحدات السكنية التي تحتوي على غرف خادمات، و81 في المائة كحجم الطلب على شراء الوحدات السكنية المجهزة بأنظمة تكييف، و68 في المائة حجم الطلب على شراء الوحدات السكنية المجهزة بالمطابخ، إضافة إلى الكثير من الطلبات والمحفزات الأخرى مثل غرف السائقين ومواقف السيارات الخاصة وغيرها. وتتوقع الدراسة التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» أن يكون للمشاريع السكنية الصغيرة ما بين 20 إلى 50 وحدة سكنية، الحصة الأكبر في تلبية معدلات الطلب في السوق المحلية وخاصة الشقق السكنية، حيث إن تلك المشاريع ما زالت لم تشبع رغبات المواطنين من حيث المثالية في التشطيب أو التنظيم أو الخدمات الإدارية للسكان.

وأوضحت «أولات لإدارة وتنمية الأملاك» أن مستويات عرض الوحدات السكنية في مدينة الرياض في تزايد بطيء نسبيا، وذلك لمحاولة اللحاق بمستويات الطلب المتنامي في السوق المحلية، وفي عام 2008 كان العرض من إجمالي الوحدات السكنية في الرياض 24.5 ألف وحدة سكنية الذي زاد بنسبة 6 في المائة عام 2009. وأفادت بأنه بحسب دراسة وإحصاء كمية المشاريع المستقبلية فإنه من المتوقع أن تزداد كمية العرض 19 في المائة في عام 2010، في الوقت الذي تشير إليه الإحصاءات المستقبلية لسوق العقار السكني في مدينة الرياض، سيتم طرح مشاريع سكنية جديدة وهي موزعة بنسبة تقريبية على نوعين من المستثمرين 75 في المائة شركات تطوير عقاري و25 في المائة مستثمرين أفراد.

وقالت إن هذا الطرح سيؤدي بالتالي إلى دعم مستويات العرض في السنوات القليلة القادمة لتقليص الفجوة الحاصلة في مستويات العرض والطلب في القطاع السكني في مدينة الرياض، حيث إن هذا النقص في مستويات العرض للقطاع السكني أدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية ووضع تحديات أمام باب التملك للوحدات السكنية، وذلك في ظل بطء توريد الحلول الاقتصادية الرسمية والأنظمة المتعلقة بها.

وتوقعت «أولات» أن تبدأ الحالة الاقتصادية لمنحنيات العرض والطلب للوحدات السكنية في التحسن، حيث بدأت شركات التطوير العقاري بضخ كميات أكبر من الوحدات السكنية في السوق المحلية، بابتكارات وأدوات بناء سريعة مثل تنفيذ أنظمة البناء النمطية الجديدة «بير كاست» وغيرها لوحدات الفلل الصغيرة، التي ستؤدي إلى خفض تكاليف إنشاء الوحدات السكنية، إضافة إلى سرعة التنفيذ وبالتالي خفض القيمة الفعلية للوحدة نفسها مما يجعلها سلعة قوية واقتصادية ومنافسة وفي متناول جميع طبقات المجتمع.

ولفتت إلى أن ذلك سيكون أسرع في حال تفاعل الجهات الحكومية في تسريع عملية إصدار التصاريح والإجراءات وتشجيع المشاريع الكبيرة والمتوسطة لأن الزمن - سرعة الإنجاز - عامل رئيسي ومؤثر في التكاليف، الذي بالتالي ينعكس على سعر الوحدة السكنية.

وأكدت أن معدلات أسعار وحدات الفلل السكنية قد ارتفع خلال السنوات الماضية ما عدا خلال عام 2009، نظرا لمواجهة بعض الصعوبات الاقتصادية العالمية، وتوقعت في الوقت نفسه أن تكون هناك زيادة في 2010، في معدلات الأسعار بنسبة 10 في المائة.

وذهبت الدراسة إلى أن فكرة بيع وحدات الشقق السكنية في مدينة الرياض أصبحت متداولة بشكل أكبر بدءا من عام 2005، حيث إن أسعار هذه الوحدات بدأت في الزيادة ترابطا مع مستويات الطلب خلال الأعوام الماضية ما عدا في عام 2009.

من جهة أخرى أوضحت «أولات» أن التطور الحاصل في سوق عقار المكاتب التجارية في مدينة الرياض يعد عاملا أساسيا ومؤثرا في الاقتصاد المحلي، ونظرا لتوسع هيكلية الأعمال والنشاطات التجارية في مدينة الرياض، خاصة بعد فتح باب الاستثمار الأجنبي، حيث لوحظ خلال الثلاث أعوام الماضية زيادة في الطلب على المباني ذات التصنيف العالي، وخصوصا في الوسط التجاري للعاصمة، على الرغم من التأثيرات الاقتصادية العالمية التي مرت بها سوق العقار المكتبي خلال العام المنصرم.

وأفادت بأن معدل الأسعار التأجيرية للمكاتب التجارية على جميع فئاتها في مدينة الرياض عام 2008 بلغ 520 ريالا (139 دولار) للمتر المربع الواحد، بينما حققت 465 ريالا (124 دولارا) للمتر المربع الواحد لعام 2009 بنسبة انخفاض 11 في المائة، التي يتوقع ارتفاعها بنسبة 5 في المائة عام 2010، مشيرة إلى أنه على الرغم من النشاطات والحركة التأجيرية للمكاتب التجارية فإنها سجلت انخفاضا بنسبة 5 في المائة إلى 10 في المائة، متوقعة أن تستعيد هذه النشاطات عافيتها ابتداء من عام 2010 مع دوام استقرارها خلال الثلاث أعوام القادمة التي سيليها ضخ عدد كبير من الأمتار المكتبية في حينها لعدد من المشاريع العملاقة.

وأوضحت الدراسة أن أهم العوامل المؤثرة في تحريك السوق للسنة الماضية والعامل الرئيسي والأقوى كان تحرك الجهات الحكومية لاستئجار مبان إدارية ومكتبية للجهات المعنية بها، إضافة إلى ملاحظة ارتفاع في الطلب على المباني المكتبية المدعمة بالأنظمة الذكية والمواصفات العالية، وارتفاع في الطلب على المباني التجارية المنفردة، التي تستأجر من قبل عميل واحد.

وتتوقع «أولات لإدارة وتنمية الأملاك» جفافا في بعض أنواع المكاتب وإغراقا في النوع الآخر، مما يؤدي حسب التوقعات إلى نظرة ضبابية لمستقبل المكاتب على المدى القريب، وخصوصا بعد تدشين المناطق الإدارية الجديدة مثل مركز الملك عبد الله المالي وغيرها من المكاتب الراقية والمتميزة تقنيا، التي ستؤدي منذ اللحظة إلى إحجام المستثمرين عن توجيه طاقاتهم المالية واللوجيستية للمباني المكتبية واستبدالها باستثمارات أخرى. وأكدت أنه على أثر ذلك يتضح أن الأولوية في الوقت الحاضر والقريب هو ذكاء المستثمرين في اختيار المواقع المجففة من الخدمات ذات النوع المتوسط من المكاتب الإدارية سواء على صعيد المساحة أو السعر أو المكان أو الخدمات. وشددت دراسة «أولات» على أن النشاط الحاصل على الأراضي التجارية والاستثمارية يستحوذ على حصة جيدة من إجمالي النشاط الحاصل على السوق العقارية لدى المملكة، حيث يأتي النشاط في المرتبة الثانية من حيث إجمالي قيمة السيولة المستثمرة، ويأتي النشاط الحاصل على قطاع الأراضي التجارية مدعوما بالتوجه العام لدى المملكة لإقامة المدن الاقتصادية والصناعية والسياحية، بالإضافة إلى اتساع النشاط التجاري لدى كافة مدن المملكة عند ارتفاع مستويات الطلب على الخدمات التجارية عالية الجودة مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات التصحيحية التي تنوي الحكومة القيام بها للوصول إلى بيئة استثمارية متكاملة لكافة الراغبين بالاستثمار داخل القطاع العقاري السعودي. وتوقعت الدراسة أن ترتفع وتيرة النشاط الحاصل على قطاع الأراضي التجارية والاستثمارية خلال العام المقبل، ونظرا لاتساع النشاط العقاري في السعودية عموما والنشاط الحاصل على قطاع الأراضي التجارية والاستثمارية، خصوصا لدرجة يصعب معها فهم كافة التغيرات الحاصلة من فترة إلى أخرى، فإن أحجام المبايعات من الأراضي التجارية ارتفعت خلال عام 2008. وفيما يتعلق بالعام الماضي 2009، سجلت أحجام المبايعات للأراضي التجارية نزولا في مدينة الرياض، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت على القدرة الشرائية الاستثمارية بشكل عام، ويتوقع أن تنشط حركة الصفقات العقارية لأراضي العاصمة بزيادة من 5 في المائة إلى 10 في المائة عام 2010، خاصة عند نهاية الربع الثالث، وابتداء من نفس العام.

فيما يتعلق بالأراضي الصناعية في شرق وجنوب مدينة الرياض، فقد سجلت الإحصاءات نسبة طلب وتزايد على المدن الصناعية، التي ستتم تلبيتها عن طريق إنشاء 7 مدن صناعية خلال السنوات القليلة المقبلة.