وزير الإسكان المغربي ينتقد العقارات التي تشوه جمالية المدن المغربية

توفيق حجيرة يعلن إجراءات جديدة من بينها وضع اسم المهندس الذي صمم العقار على مدخله

TT

وجه وزير الإسكان والتعمير المغربي توفيق حجيرة انتقادات لاذعة إلى قطاع الإسكان، وقال خلال افتتاح «المعرض الدولي للبناء» في الدار البيضاء: «يجب الإقرار بأن قطاع الإسكان تسوده العشوائية والفوضى»، وقال أيضا: «العقارات بشكلها الحالي تشوه جمالية المدن المغربية».

وأشار حجيرة إلى أن الحكومة المغربية تسعى حاليا إلى وضع حد مع سلوكيات الماضي. ووصف المسؤول المغربي الذي كان يتحدث في حضور مقاولين عقاريين مهتمين بقطاع الإسكان، الوضعية الحالية لقطاع الإسكان، بأنها لا تتناسب مع التطورات التي تعرفها البلاد، وقال إن الحكومة عازمة على إنشاء مدن جميلة بمقاييس عالمية.

ودعا حجيرة، المقاولات المغربية إلى الانفتاح على السوق الأفريقية، وطمأنهم بأن الدولة ستقدم لهم ضمانات لمدة عشر سنوات، واعتبر حجيرة أنه بفضل مذكرة جديدة حول البناء تستطيع الحكومة تنظيم العلاقة بين جميع الأطراف المتدخلة في قطاع البناء والإسكان، وأضاف أن المغرب وضع قوانين لمراقبة مواد البناء المستخدمة، ودعا إلى استخدام مواد بناء صالحة تحترم المعايير الجاري بها العمل، وقال إن «مدونة البناء ستمكن البلاد من تنظيم ورشات البناء حفاظا على سلامة العاملين وأيضا على جمالية المدن».

وقال حجيرة إن الحكومة تعتزم إلغاء نظام البقع الشخصية (التجزئات وهي أراض تمنح للأفراد لتشييد عمارات) حيث تم إيقاف العمل بهذا النظام في 20 مدينة من بينها الرباط وطنجة، لكنه قال إنه سيتم استثناء مدن الصفيح (الأكواخ) والأراضي المخصصة للفيلات من هذا النظام، وسيتم تطبيق ذلك لاحقا على مدن أخرى.

وأشار حجيرة إلى أنه في كل سنة هناك 70 ألف طلب جديد على وحدات السكن الاجتماعي، أكثر من 15 ألف وحدة في مدينة الدار البيضاء وحدها، وأضاف أن وزارته تقوم بإعداد مشروع 130 ألف سكن بسعر 140 ألف درهم (18 ألف دولار) سيستفيد منها سكان دور الصفيح (السكن العشوائي) وقاطني المنازل الآيلة للسقوط. وعبر حجيرة عن تفاؤله بحدوث منعطف مهم في بناء السكن الاجتماعي، بناء على الإجراءات الجديدة في إطار اتفاقات مع مختلف الأطراف خاصة مع القطاع الخاص من أجل تحسين مستوى هذه المساكن.

وقال إن السنة الماضية شهدت انخفاض التعاملات في قطاع الإسكان بنسبة 30 في المائة؛ إذ تراجع الطلب على العقار في المدن الكبرى، مع ارتفاع مهول لأسعار الشقق المخصصة للإيجار، وتزامن ذلك مع تشوهات لحقت بالمعمار.

وأعلن حجيرة أنهم بصدد تطبيق إجراءات بناء جديدة تلزم أي مقاولة بعدد من الشروط، مثل استعمال مواد بناء ذات جودة عالية، واستعمال وسائل السلامة والأمان بالنسبة للعمال، والاهتمام بالجانب الأخضر، حيث سيفرض زرع أشجار يتجاوز طولها ثلاثة أمتار. وقال إنه في إطار تحفيز المهندسين سيوضع اسم المهندس الذي أشرف على بناء الوحدة السكنية على البوابة الرئيسة للمبنى، وذلك لتشجيعه على الإبداع والابتكار والحفاظ على الهندسة المعمارية ذات الطابع المغربي.

إلى ذلك، قال مفتاح مصطفى مدير «جمعية البناء والأشغال» التي تنظم المعرض لـ«الشرق الأوسط» إن «قطاع البناء والأشغال في المغرب لم يتأثر بالأزمة العالمية وإن نسبة التأثر لا تكاد تذكر، بل العكس بالعكس؛ شهدت البلاد نموا في جميع المؤشرات بما فيها تلك المرتبطة بالأرقام الكبرى كالناتج الداخلي الخام»، وأضاف: «أعتقد أن القطاع عرف نموا مطردا، وسيعرف في هذه السنة نموا ملحوظا». وفي موضوع آخر، قال مصطفى إن «المعرض يضم هذه السنة مشاركين نوعيين بالإضافة إلى مشاركة عدد من الدول تشارك لأول مرة مثل اليابان والصين» وأضاف: «هذه السنة تشارك رافعات بناء متطورة تعمل بالرقاقات الإلكترونية ربما ستساهم بشكل من الأشكال في تحسين عمل ورشات البناء».

وفي السياق نفسه، قال المهندس محمد بن جلون عضو جمعية الهندسة الصناعية لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من كل ما تحقق في قطاع البناء في المغرب، فإننا ما زلنا نعاني مشكلة جودة مواد البناء» وأضاف: «عدد من المباني تم بناؤه بمواد تفتقد للمعايير والمواصفات التي تنص عليها القوانين» وقال أيضا: «هناك بنايات يتم بناؤها برمال الشواطئ التي تؤثر على الخرسانة، مما يتسبب في ظهور التشققات في هذه المباني». وأضاف بن جلون أن هناك قانونا مغربيا حول مقالع الأحجار، ينص على ضرورة إيقاف البناء برمال الشواطئ، وعوضا عن ذلك يمكن الاستعانة بما يسمى الرمال المفتتة التي يتم سحقها وتكون ذات جودة عالية عكس رمال الشواطئ. ودعا بن جلون إلى الحفاظ على الطابع العربي الإسلامي للمعمار المغربي، وقال: «بسبب العولمة يستقبل المغرب المئات من المقاولين العقاريين الأجانب، نحن لا نرفض الاستثمار الأجنبي أو حتى استخدام التكنولوجيا والأساليب الحديثة ولكن نطالب أن يحترم هؤلاء الأجانب هويتنا المغربية، وأعتبر أن أشكال البناء الحالية لا تتلاءم مع الهوية الثقافية للمغرب».

يشار إلى أن عددا من الشركات العربية والأجنبية يشارك في معرض هذه السنة، وفي هذا الصدد يقول محمد فاروق فهمي مسوؤل شركة «يونيفرسال للأجهزة المنزلية والكهربائية» في الجناح المصري، إن شركته درست السوق المغربية ووجدت أنها تستوعب منتجاتها، وأضاف: «شركتنا تصدر سخانات المياه الكهربائية والغازية للمغرب، هذه أول مشاركة لنا في المعرض لكن نحن نصدر له منذ مدة السخانات»، مشيرا إلى أن شركته تتجه لأن يكون المغرب ثاني دولة عربية تستورد السخانات المصرية بعد ليبيا. وقال غيوم تشانغ مسؤول في الجناح الصيني، إن السوق المغربية في توسع وتطور ملحوظ، مضيفا أنه «مع الأسف هناك اضطرار بسبب الأزمة العالمية. هناك مشكلات في ما يخص الأسعار والحواجز الجمركية»، وأضاف: «على الرغم من هذا، فإن السوق المغربية تظل مهمة بالنسبة لنا وتستقطب بشكل متزايد الاستثمارات الأجنبية، والموردين الأجانب». وقال تشانغ إن شركته بصدد البحث عن محلات، بعد أن قرر فتح فرع لشركته والاستقرار في المغرب، وأضاف تشانغ أن طموحه هو أن «ننال نصيبنا من السوق المغربية» وحسب تشانغ، فإن شركته تستورد مواد وآليات تناسب القدرة الشرائية للسوق من دون إهمال جانب الجودة وهذا كله، يضيف «تشانغ»، بعد «أن قمنا بدراسة السوق المغربية. الدورة الرابعة للمعرض الدولي للبناء والأشغال العمومية لهذه السنة نظمت بتعاون بين وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، ووزارة التجهيز والنقل، والجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية. ويشارك فيها 350 عارضا من عشرين بلدا، منها بلدان تشارك لأول مرة كالصين واليابان بالإضافة إلى مصر وتركيا. المعرض نظم على مساحة 35.000 متر مربع. يذكر أنه سيضم أروقة تضم الأجهزة والآليات والمنتجات والخدمات الجديدة في قطاع الإسكان، وسيعرف تنظيم كثير من اللقاءات والموائد المستديرة مع المنعشين العقاريين والمهتمين بقطاع البناء.