السعودية: رؤوس الأموال تتوجه نحو التطوير العقاري

عودة النشاط مع توقع تسارع خطواته.. مع تعزيز الطلب للربحية المتوازنة

تتجه الاستثمارات العقارية في السعودية إلى التطوير العقاري لتلبية الطلب المتنامي ووجود ربحية جيدة في القطاع (تصوير: خالد الخميس)
TT

مع دخول فصل الصيف في السعودية تتجه السوق العقارية إلى حالة من الهدوء والركود، وذلك عطفا على الحالة الاقتصادية السائدة في البلاد، مع تمتع الكثير من أصحاب القرارات في السوق بالإجازة الصيفية، إلا أن ذلك لا يغفل جانب عقد الصفقات، حيث تظهر الفرص العقارية، التي تعقد خلال هذه الفترة للاستفادة من حالة انخفاض الأسعار.

وفي الغالب يعقد القائمون على التطوير العقاري في الشركات الضخمة العقارية، أو المستثمرون صفقات للاستفادة من العروض التي تعد فرصا ثمينة في السوق العقارية السعودية، خاصة أن الكثير من الشركات العقارية تعمل على تعزيز ربحيتها من خلال ضخ أموال خلال الفترة الحالية، والاستفادة من التوقعات التي تطلقها بيوت الخبرة العالمية بانتعاش سوق العقارات السعودية، معززة بالطلب المحلي، الذي ينتظر أن يشهد العرض أكبر من المستوى الحالي، والذي ما زال لا يغطي جميع متطلبات السوق العقارية في مختلف المدن الرئيسية في البلاد.

وبحسب خبراء دوليين ومحليين، فإن السوق العقارية تتجه حاليا نحو التطوير العقاري أكثر من الاستثمار والمضاربة، للاستفادة من الطلب المتنامي الذي يزداد بشكل سريع، خاصة أن الربحية تعتبر أفضل في هذا القطاع، إضافة إلى سرعة بيع المنتجات العقارية، التي يتوقع أن تزداد مع إقرار الرهن العقاري ووجود شركات التمويل، التي ستعمل على استيعاب كافة الطلبات خلال الفترة المقبلة.

وفي هذا الجانب، يؤكد خالد المبيض الرئيس العام والشريك التنفيذي لشركة «بصمة» للتسويق العقاري لـ«الشرق الأوسط»، وجود توجه لدى المستثمرين إلى التطوير العقاري، خاصة في ظل وجود الطلب الكبير على مختلف الوحدات السكنية، وهو ما يفسر تباطؤ حركة المنتجات العقارية الاستثمارية كالأراضي والمباني والعمائر المخصصة للاستثمار، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد حركة كبيرة في الأراضي الخام الكبيرة وهو ما تعكسه بيانات وزارة العدل السعودية.

من جانبها تتوقع شركة «جونز لانغ لاسال»، العالمية للاستشارات وإدارة العقارات تعافي سوق العقارات السكنية في الرياض، مع إمكانية زيادة الأسعار بنسبة 5 إلى 10 في المائة سنويا خلال العامين المقبلين.

وقال جون هاريس، رئيس «جونز لانغ لاسال» في السعودية «مع زيادة عدد السكان في مدينة الرياض والتغير في المؤشرات السكنية، فإن استمرار نمو الوظائف وتحسين القدرة على الشراء سيكون هو التحدي لتحويل هذه الإمكانية إلى طلب حقيقي على الوحدات السكنية».

وأضاف «تشهد سوق الإسكان زيادات معتدلة في الأسعار وفي قيمة الأراضي وذلك بفعل زيادة الثقة والعودة إلى تحقيق النمو الاقتصادي. ويستمر صغار البنائين بقيادة قطاع الإسكان، لكننا نتوقع أن نرى زيادة في مشاريع التطوير الكبيرة، في الوقت الذي بدأ المطورون والمستثمرون في قطاع المجمعات السكنية الخاصة بالوافدين بالنشاط من جديد بعد نحو 10 سنوات لم تقدم فيها أي عروض جديدة».

وبالعودة إلى المبيض الذي أشار إلى أن الاستثمارات العقارية المالية لم يعد لها توجه واضح خلال الفترة الماضية، وأن جميع المستثمرين بدأوا يفكرون مليا في الاستثمار في التطوير العقاري، خاصة مع تحقيق عوائد ربحية متوازنة خلال عامين، وأن التطوير العقاري يعتبر حاليا فرصة لكون الطلب مرتفعا بشكل كبير مع الإحصائيات التي تشير إلى حاجة البلاد إلى 200 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي.

من جهتها قالت «الأهلي كابيتال»، الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي في السعودية، بأن الأسواق العقارية بالمنطقة جاهزة للنمو من جديد بفضل استقرار أسعار النفط، وارتفاع معدلات الثقة بالسوق، واستعادة الإقراض البنكي لنشاطه تدريجيا، ولكن وتيرة التعافي ستكون محصورة في كل مدينة أو منطقة بعينها.

وقال الدكتور يارمو كوتيلين، كبير الاقتصاديين بشركة «الأهلي كابيتال»: «السوق العقارية أصبحت أكثر نضوجا ولو بوتيرة بطيئة، خصوصا مع وجود مشترين يطمحون إلى الاستفادة من مشاريع عقارية جديدة تتيح خدمات ذات جودة أعلى. ولا تزال المواءمة بين وتيرة تطوير العقار السكني وتحديث البنية التحتية تشكل أحد التحديات الرئيسية التي تعاني منها دول المنطقة، وإنشاء سوق رهن عقارية قوية وملائمة هو شرط تتوجب تلبيته لتوسيع نطاق الاستفادة من العقارات السكنية، وتجنب تجزئة السوق بين عقارات فاخرة وأخرى اعتيادية، كما أنه ضروري لتحفيزها اجتماعيا، وجغرافيا، أو مع مرور الوقت واستمرار نمو عدد السكان».

من جانبه قال حسن الجابري، العضو المنتدب ورئيس إدارة المصرفية الاستثمارية بـ«الأهلي كابيتال» في وقت سابق، إن «التوقعات الخاصة بالسوق السعودية متفائلة، خصوصا أن النشاط الاقتصادي يستمد قوته حاليا من انتعاش أسعار النفط، وتواصل برامج التحفيز الحكومي، وارتفاع الطلب على العقار السكني، والتدفق التدريجي للقروض المصرفية».

وأضاف «سيستفيد الاقتصاد السعودي من تفعيل قانون الرهن العقاري، ومن المزيد من شركات التطوير العقاري الخاصة التي تملك الخبرة في هذا المجال، ناهيك عن حماس المستثمرين تجاه السوق العقارية كفئة أصول ذات عائدات واعدة».

وبين الجابري أن «التقدم الحاصل في بعض مشاريع المدن الاقتصادية بالمملكة من شأنه دفع عجلة النمو، وأن قطاع العقارات السعودي يختلف بطبيعته عن القطاعات العقارية في بقية دول الخليج، وذلك بفضل عوامل الطلب القوية، لا سيما فيما يتعلق بالإسكان الموجه لذوي الدخل المتوسط والمحدود».

وأكد «وجود اهتمام متزايد بالاستثمار في العقارات كفئة أصول، وبدأ المستثمرون يعودون إلى الأساسيات مع التركيز على الدخل المستدام بدلا من مكاسب رأس المال قصيرة الأمد».

وعن التمويل، لفت الجابري إلى أن «التقديرات لدى البنك الأهلي تشير إلى أن إجمالي التمويل العقاري السكني في المملكة يشكل بالكاد 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، مقارنة بنسبة 66 في المائة في الولايات المتحدة الأميركية، ونسبة 71 في المائة في المملكة المتحدة».

ودعا العضو المنتدب ورئيس إدارة المصرفية الاستثمارية بـ«الأهلي كابيتال» إلى تطوير سوق ثانوية، معتبرا ذلك أمرا في غاية الأهمية، في الوقت الذي تحتاج السوق إلى توحيد المنتجات والمعايير، وإبقائها ضمن إطار محافظ لتجنب مواجهة التحديات التي طالت الأسواق في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.