الحكومة الأردنية تخفض رسوم التسجيل وتعفي الشقق من رسوم نقل الملكية

تشدد البنوك في منح التسهيلات يبقي الوضع على حاله

TT

تباينت وجهات النظر حول مدى استفادة المطورين العقاريين والشركات العاملة في الإسكان من حزمة الإجراءات الحكومية التي اتخذتها الحكومة الأردنية أخيرا، والمتضمنة تخفيض رسوم تسجيل الأراضي من 10 في المائة إلى 5 في المائة، وإعفاء الشقق التي تقل مساحتها عن 150 مترا مربعا من رسوم نقل الملكية.

وأرجع عاملون في القطاع الإنشائي ضعف النشاط العقاري, الذي سجل مستويات متدنية لم يشهدها حتى في ذروة تداعيات الأزمة المالية, إلى تشدد البنوك في إقراض المواطنين والمستثمرين على حد سواء.

وقد اعتبر مستثمرون ومالكو شركات عقارية أن جوهر المشكلة في سوق العقارات يكمن في تشدد المصارف تجاه عمليات الإقراض، التي أدت إلى تقليل السيولة بأيدي الراغبين في الشراء، والتعامل بالعقار.

وشدد هؤلاء على أن التحفظ في سياسة الإقراض لدى البنوك يعود غالبا إلى تبني هذه البنوك سياسات حذرة, بسبب التزاماتها الكبيرة المترتبة عليها, نظرا لأن الأوضاع اختلفت في الأسواق العالمية, حيث لم يعد بإمكانها توفير تمويل سهل وسريع للبنوك.

وطالب مدير عام شركة «الاتحاد لتطوير الأراضي»، المهندس رمزي السلفيتي، الحكومة الأردنية بتمديد فترة الاستفادة من القرارات الحكومية المتعلقة بالقطاع العقاري حتى نهاية عام 2011 على أقل تقدير، حتى تتمكن شركات التطوير العقاري من إنشاء مشاريع جديدة، والاستفادة من حزمة التحفيز، مبينا أن أقل مشروع يحتاج من 12 إلى 18 شهرا لاكتماله.

وأكد نائب الرئيس التنفيذي لشؤون التسويق والمبيعات في شركة «تعمير»، رامي العدوان، إيجابية حزمة التحفيز العقاري على السوق، وآثارها المحفزة في خلق حالة من النشاط العقاري، حيث إن نشاط القطاع يحرك أكثر من 32 مهنة مرتبطة بالقطاع الإسكاني، وهو بدوره يسهم في الحد من عمليات البطالة، وإيجاد فرص العمل للكثير من أبناء الوطن، من خلال تشغيل المهن المرتبطة بالقطاع الإسكاني.

إلا أن العدوان يرى أنه لا بد من تعزيز تلك الإجراءات بحزمة من الإجراءات المساندة، من خلال تخفيض أسعار الفائدة من قبل البنوك، وإبداء مرونة من قبل قطاع البنوك في منح التسهيلات المالية للشركات والأفراد على حد سواء.

ويقول إن بنوكا كثيرة تقوم بطرح وتسويق برامج تمويلية، إلا أنها عند محاولة الاستفادة من هذه العروض والبرامج تصدم بمتطلبات مرهقة، إضافة إلى أن نسبة تغطية ثمن العقار تكون منخفضة ولا تصل في أحسن الأحول إلى 55 في المائة من قيمة العقار، في الوقت الذي كانت تصل في السابق إلى 80 في المائة من كلفة العقار.

وأشار إلى عدالة الأسعار المطروحة حاليا، مبينا أنها تناسب كثيرا من الفئات، إذ يتراوح سعر المتر المربع من 400 - 750 دينارا داخل حدود العاصمة عمان.

وأكد نائب رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان، ماجد غوشة، أن تأخر البنوك في منح التسهيلات البنكية السكنية للمواطنين عزز المخاوف من أن سوق العقار غير آمن, مشيرا أن استمرار التشدد في منح التسهيلات البنكية سيؤدي حتما إلى زيادة التباطؤ في سوق العقار في المملكة.

وأضاف أن هذا التباطؤ سبب فائضا بالشقق المعروضة للبيع أو الإيجار, مبينا أن الكثير من المستثمرين في القطاع العقاري أجلوا الكثير من مشاريعهم, وذلك لعدم توفر السيولة النقدية ولتشدد البنوك، إضافة إلى عجز بعض الشركات عن سداد التزاماتها تجاه البنوك.

وأكد غوشة أنه في ظل الإعفاءات والمزايا التي اكتسبها القطاع العقاري من خلال خطة التحفيز الحكومي للقطاع، التي اشتملت على الكثير من المزايا، كزيادة مساحة الشقة المعفاة من الرسوم إلى 150 مترا مربعا، بدلا من 120 مترا مربعا, وإلغاء شرط شراء الشقة من شركة «إسكان», وتخفيض رسوم نقل الملكية بما نسبته 50 في المائة, سيُمنَح القطاع العقاري دفعة قوية باتجاه تحقيق مزيد من النمو، الذي سينعكس على عدد كبير من القطاعات الاقتصادية المساندة أو الرديفة الأخرى.

وقال الناطق الإعلامي باسم دائرة الأراضي، خالد عبيدات، إن هذه القرارات من المتوقع أن يكون لها أثر مباشر في تنشيط سوق العقارات في المملكة، وزيادة حجم التداول في هذا القطاع الحيوي والمهم، والمساهمة في تحسين فعالية سوق الأراضي، بحيث لا تشكل الأرض عائقا أمام امتلاك المواطن للمسكن، من خلال تخفيض الرسوم والضرائب، وتسهم أيضا في تشجيع حركة العقار، وخاصة استغلال الأراضي الخلاء المخدومة، والموجودة داخل حدود التنظيم في المدن الرئيسية.

وقال أصحاب مكاتب عقارية إنه من المؤمل أن تعمل حزمة الإجراءات الحكومية على تنشيط علم المكاتب العقارية، خصوصا بعد حالة الركود التي تعاني منها منذ بداية الأزمة المالية العالمية، التي ألقت بظلالها على القطاع.

وتوقعوا أن يشهد النصف الثاني من العام الحالي حالة من النشاط الملحوظ، بعد حزمة الإجراءات المتمثلة في تخفيض رسوم تسجيل الأراضي وضريبة البيع للأراضي، إلى 5 في المائة، بدلا من 10 في المائة، إضافة إلى إعفاء العقار لغايات السكن من الرسوم لأول 150 مترا مربعا، وتثبيت ضريبة المبيعات على الحديد عند حد 8 في المائة.

إلى ذلك أكد صاحب مكتب مقاولات، المهندس علي خريسات، أن انخفاض أسعار مواد البناء أثر مباشرة على أسعار البناء، التي زادت من حجم التبادل العقاري, مشيرا إلى أنه لو توازنت المعادلة بحيث أصبحت البنوك تمنح التسهيلات البنكية بشروط ميسرة، مع التحفيز الحكومي الأخير، لأصبح الوضع أجدى بكثير من الآن.

وأضاف أن بنوكا كثيرة تتنافس بشكل كبير في ما بينها لتقديم التسهيلات البنكية, ليتبين عكس ذلك لدى من يريد أخذ قرض، حيث يصطدم بالشروط التي يفرضها البنك، فيرجع صفر اليدين، من دون أخذ التمويل الذي يحتاج, وذلك لعدم قدرته على تنفيذ الشروط المطلوبة منه لتمويل حاجته.

وشدد خريسات على ضرورة إيجاد آلية، يستطيع من خلالها المواطن الحصول على التسهيلات البنكية بصورة ميسرة, مبينا أن كثيرا من البنوك في دول العالم تقدم تسهيلات على شكل قروض طويلة الأجل، قد تصل إلى أكثر من 15 عاما، مما يجعل القسط الشهري يوازي إيجار البيت، وذلك لتوفير التحفيز الكافي للمواطنين على تملك العقار.

وترى الحكومة الأردنية أن الغاية من حزمة التحفيزات العقارية التخفيف على المواطنين من الأعباء الناتجة عن ارتفاع الأسعار وتآكل الأجور، لتمكين شرائح المجتمع من ذوي الدخل المحدود والمتدني من الحصول على السكن الملائم، لا سيما أن الحكومة قدمت دعما للمبادرة «سكن كريم لعيش كريم» بواقع 42 مليون دينار، الذي انعكس بدوره على تخفيض تكلفة الشقق بواقع 15 في المائة.

ويشار إلى أن حجم التداول في سوق العقار في المملكة الأردنية خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي، بلغ نحو 1.88 مليار دينار، قياسا بـ1.6 مليار دينار للفترة ذاتها من العام الماضي، بنسبة ارتفاع بلغت نحو 16 في المائة، بينما بلغت إيرادات الدائرة خلال الخمسة شهور الأولى من العام الحالي نحو 104.7 مليون دينار، بارتفاع بلغت نسبته 2 في المائة، مقارنة بـ103 ملايين دينار للفترة ذاتها من العام الماضي.