عروض الإيجار تتزايد في السعودية مع انتهاء أعمال التطوير في عدد من المشاريع

توقعات بانخفاض إيجارات المكاتب والوحدات السكنية خلال الأعوام المقبلة

دخول مشاريع جديدة في السوق العقارية السعودية سيؤدي إلى زيادة العرض وبالتالي انخفاض الأسعار (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي ينتظر فيه أن ينمو الطلب على العقارات الجديدة بهدف التملك، شهد العرض في الوحدات السكنية والتجارية المخصصة للإيجار نموا مع انتهاء إنشاء كثير من الوحدات السكنية والأبراج المكتبية، وأعمال المقاولات والبناء.

وتوقع متعاملون في سوق العقارات السعودية، أن يشهد النصف الثاني من العام الجاري انخفاضا في معدل الإيجارات، خاصة مع طرح المزيد من المنتجات العقارية الجديدة، مما قد يتسبب في تصحيح أسعار الإيجارات التي شهدت ارتفاعا خلال الأعوام الثلاث الماضية، خاصة أن الكثير من رؤوس الأموال عادت إلى السوق العقاري بعد هبوط سوق الأسهم في عام 2006، واستثمرت في عمليات البناء، والتي يتوقع أن تسجل عائدات بداية من نهاية العام الجاري 2010.

وقال بدر بن محمد المدير العام لمكتب «المزروعية» العقاري إن ضخ وحدات جديدة في سوق العقارات السعودية للإيجار سيكون له الدافع الأكبر لعملية توازن الأسعار، على الرغم من أن أكثر الاستثمارات العقارية في الوقت الحالي تتوجه نحو الأراضي البيضاء، مشيرا إلى أن عدد من الوحدات السكنية كالشقق كانت مخصصة لأن تكون للبيع، إلا أن صعوبة التمويلات وركودها لفترة طويلة مع ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية، دفعت عددا من الملاك إلى التأجير لضمان استثمارها وتسجيل عوائد بدلا من بقائها دون تأجير أو بيع.

وبات من الملاحظ مشاهدة لافتات الإيجار بشكل كبير سواء على الوحدات السكنية أو على الأبراج التجارية، والتي يتوقع أن تزداد في المدن الرئيسية في الرياض وجدة والدمام، خاصة أن المدن الثلاث شهدت خلال الأعوام الثلاثة الماضية عمليات بناء ضخمة لأبراج تجارية، كونها تعتبر من أسهل الاستثمارات التي تحقق عوائد ربحية دون عناء للتعامل مع الشركات بشكل عام.

وفي هذا الجانب يشير المدير العام لمكتب «المزروعية» العقاري إلى أن تأجير المكاتب يعتبر من الاستثمارات السهلة، والتي من الممكن تحقيق عوائد جيدة، خاصة أن التعامل مع الشركات والتي في الغالب تكون منضبطة في السداد، إلا أنه أوضح أن ما يصعب عملية تأجير المكاتب هو ازدياد طرح الوحدات التجارية في الأسواق خلال الفترة الحالية.

وكانت «شركة جونز لانغ لاسال للاستشارات وإدارة العقارات» قد توقعت زيادة في العرض، حيث اكتمل بناء 50 ألف متر مربع من مساحات المكاتب الجديدة عام 2010، كما بدأت المؤسسات العامة للتقاعد في عمليات البناء في عدد من المشروعات الجديدة، والذي يتوقع أن يدخل السوق مليون متر مربع من مساحات المكاتب الجديدة خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأوضحت أن العدد الكبير من المباني التي دخلت السوق أدى إلى توفر مساحات شاغرة كثيرة، وهو ما منح المستأجرين قوة متزايدة مقابل المالكين، وأصبح بإمكان المستأجرين الكبار بشكل خاص التفاوض لتخفيض الأجور إلى حدها الأدنى.

وقال جون هاريس جونز لانغ لاسال: «ينبغي أن تظل سوق المكاتب مستقرة نسبيا بين 2010 و2011، لكن هذا سيكون عندما يكتمل إنشاء مركز الملك عبد الله المالي وأبراج العليا وحديقة غرناطة للأعمال».

وأضاف: «تشهد سوق الإسكان زيادات معتدلة في الأسعار وفي قيمة الأراضي وذلك بفعل زيادة الثقة والعودة إلى تحقيق النمو الاقتصادي. ويستمر صغار البنائين بقيادة قطاع الإسكان، لكن يتوقع زيادة في مشاريع التطوير الكبيرة، إضافة إلى أن قطاع المجمعات السكنية الخاصة بالوافدين حيث بدأ المطورون والمستثمرون في هذا القطاع بالنشاط من جديد بعد نحو عشر سنوات لم تقدم فيها أي عروض جديدة».

ويأتي ذلك التطور في الوقت الذي تشهد فيه السوق العقارية السعودية حركة في البيع والشراء وتحركا في صفقات الأراضي، حيث سجل الأسبوع الأول من شهر يوليو (تموز) الجاري مبيعات في 3 مدن سعودية بلغت 2.765 مليار ريال (737 مليون دولار) بحسب بيانات رسمية من وزارة العدل السعودية.

وسجل المؤشر تراجعا بنسبة تقترب من 32 في المائة عن الأسبوع الأخير في يونيو (حزيران) الماضي، والذي سجلت فيه صفقات الأراضي في 3 مدن رئيسية نحو 4 مليارات ريال (1.1 مليار دولار)، بارتفاع بنسبة بلغت 16.7 في المائة عن الأسبوع الثالث من الشهر نفسه.

وشهدت مبيعات الأراضي البيضاء بحسب وزارة العدل في الأسبوع الأول من يوليو انخفاضا في سجل المؤشر العقاري في الرياض بنسبة 47.78 في المائة، حيث سجل إجمالي مبيعات الأراضي فيه نحو 1.874 مليار ريال (500 مليون دولار)، وانخفاضا في المدينة المنورة نسبته 7.85 في المائة بمبيعات بلغت 190 مليون ريال (51 مليون دولار)، في حين سجل ارتفاعا في مدينة الدمام بنسبة عالية بلغت 95.52 في المائة بقيمة إجمالية تجاوزت 700 مليون ريال (186.8 مليون دولار).

من جهته ذكر تقرير لمجموعة «كابيتاس» الدولية، المتخصصة في إدارة وتطوير خدمات التمويل الإسلامي أن السعودية اختارت التوقيت الأمثل لتطبيق قانون الرهن العقاري، مما يمكنها من الاستفادة من التجارب السابقة للعديد من الدول في هذا المجال، وأوضح التقرير أن تحقيق الغاية المرجوة من هذا القانون، والمتمثلة في زيادة عدد مالكي المساكن، متوقف على دعمه بلوائح تنفيذية فعالة وأن يكون المطورون قادرين على رؤية الجدوى الاقتصادية من وراء بناء المنازل للطبقة المتوسطة.

وبين ناصر نوباني، نائب الرئيس التنفيذي والمستشار العام لمجموعة «كابيتاس» الدولية أن «قانون الرهن العقاري لن يكون العصا السحرية التي تحول المستأجرين إلى مالكين للمنازل بين عشية وضحاها، وزيادة تملك المساكن في المملكة، مرهونة بمدى توفرها لمتوسطي ومنخفضي الدخل. ولفت إلى أنه حاليا لا تزال شركات التطوير العقاري تصب جل اهتمامها على إنشاء مساكن لذوي الدخول المرتفعة، والذين تتوفر لديهم السيولة لشراء المنازل، وذلك مرده إلى إحجام البنوك عن تمويل شراء المنازل في السوق السعودية».

وبين أن الوقت الحالي، يشكل الرهن العقاري 1 في المائة فقط من إجمالي الناتج المحلي، و2 في المائة فقط من أصول البنوك، الأمر الذي دفع المطورين العقاريين إلى الاقتصار على العملاء الذين يملكون السيولة لشراء المنازل.