مصر: آمال المطورين العقاريين تواجه عقبات الضرائب على مواد البناء وشهر رمضان

إجازة الصيف لم ترفع الطلب وتسهيلات كبيرة في السداد لجذب المشترين

جانب من العاصمة المصرية القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

رغم بدء موسم الإجازات في مصر منذ أكثر من شهر تقريبا، لم تظهر أي معالم تشير إلى عودة النشاط العقاري في البلاد، لكن اللوغاريتم ازداد تعقيدا مع استغلال بعض الشركات العقارية العاملة في السوق عودة المصريين العاملين في الخارج، ورفعت الأسعار خلال تلك الفترة، دون أن يقابل ذلك زيادة على الطلب.

وبينما كانت التوقعات تشير إلى أن حركة سوق العقارات في البلاد سوف تنتعش مع توفر السيولة مع عودة العاملين من الخارج، أجمع خبراء العقارات على أن إجازة الصيف لم تؤثر على نشاط السوق العقارية حتى الآن، فجميع المؤشرات تشير إلى ثبات الطلب الطفيف على الوحدات العقارية.

ويواجه المطورون العقاريون تحديات أخرى مع ثبات الطلب الطفيف، أهمها الضريبة التي فرضتها الحكومة المصرية على الحديد بنسبة 8 في المائة، وعلى الإسمنت بنسبة 5 في المائة، وخلال الفترة الماضية صرح مسؤولون بأن الضريبة لن تؤثر إطلاقا على أسعار العقارات، مؤكدين أن الزيادة في أسعار مواد البناء ستكون طفيفة للغاية، بينما نفى المطورون العقاريون ذلك، مشيرين إلى أنهم لا يستطيعون وحدهم دفع فاتورة زيادة أسعار مواد البناء، فهناك الكثير من العوامل الأخرى، بخلاف أسعار مواد البناء، من شأنها أن تؤثر على أرباحهم، مثل قانون البناء الموحد، الذي وضع ضوابط جديدة على المطورين، ستؤدي إلى تراجع ربحيتهم، بالإضافة إلى ارتفاع أجور العاملين في هذا القطاع.

زيادة الأسعار لا يمكن اعتبارها سمة عامة في السوق العقارية بمصر، فهناك شركات كبرى فضلت عدم رفع أسعارها عن مستواها خلال الفترة الحالية، مع توقعاتهم بأن تكون تلك الفترة جاذبة لمستهلكي الوحدات المتوسطة والفاخرة. لكن تلك التوقعات لم تتحقق على أرض الواقع، مما أصاب بعض المطورين بالإحباط، واستعدوا بعروض خاصة لمواجهة الركود الطفيف الذي يعانون منه هذا العام، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد في الغالب تراجعا في الطلب على العقارات.

شريف درويش طبيب مصري يعمل بدولة الإمارات، فور عودته من الخارج قرر شراء وحدة سكنية في القاهرة، ولكنه وصف مستويات الأسعار الحالية بـ«المرتفعة جدا»، قال: «كيف أتملك عقارا يبلغ سعره 500 ألف جنيه (90 ألف دولار) في مدينة أغلب مناطقها غير مأهول بالسكان، ووسائل المواصلات فيها محدودة للغاية، أفكر حاليا في شراء شاليه أو وحدة سكنية في الساحل الشمالي، الأسعار مغرية هناك، كما أن تسهيلات السداد متميزة، أعتقد أن الاستثمار في شقة بتلك المناطق أفضل بكثير من شراء وحدة سكنية داخل القاهرة أو على أطرافها».

ويعتبر الاستثمار في العقارات والأراضي بمصر، الأكثر جذبا للمصريين، لأن العقارات ذات طبيعية خاصة، فأسعارها ترتفع، ولا تتراجع، إلى جانب احتياج مصر إلى 500 ألف وحدة سنويا لكي تفي بالطلب الذي يصفه المطورون العقاريون بأنه ما زال «كامنا حتى الآن».

ولجأت بعض الشركات العقارية إلى استغلال الفترة الحالية في الترويج لمشاريعها السكنية، من خلال تسهيلات جديدة في السداد، وصلت إلى تقسيط سعر الوحدة على عشر سنوات، مع إمكانية تسلم الوحدات السكنية خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الأربعة أشهر تقريبا.

محمد العريبي، صاحب شركة عقارات تقيم مشاريعها في القاهرة والإسكندرية، يقول إنه يقدم تسهيلات في السداد، لكي يجذب المشترين، ويؤكد أن الطلب على وحداته السكنية يرتفع بعكس الكثير من الشركات الأخرى، وتابع: «الفرق بين الشركات العقارية الآن هو السيولة المتوافرة لديها، فإذا توافرت لدى المطور سيولة، يستطيع استكمال مشاريعه، دون الحاجة إلى قروض تلزمه بمواعيد محددة للوفاء بأقساط القروض، ويستطيع أن يجذب عملاء، ويوفر لهم تسهيلات في السداد من دون فوائد»، لافتا إلى أنه على هذا النحو لا يكون المشتري مضطرا للجوء إلى التمويل العقاري، ويصبح التعامل مع شركته مباشرة.

أما الشركات العقارية الكبرى التي تنفذ مشاريعها على أطراف القاهرة، فأغلبها لم يغير من أسعار وحداته السكنية، وحافظ على مستوياتها، التي تتراوح تقريبا ما بين 2500 جنيه، و3500 جنيه للمتر (شرق القاهرة)، و3500 جنيه و8000 جنيه للمتر (غرب القاهرة)، وفضلوا أن يحافظوا على مستوياتها الحالية، أملا في اجتذاب مشترين جادين خلال الفترة الحالية، مثل مجموعة «الفطيم» التي تنفذ مشروع سكني إداري بالقاهرة الجديدة، وشركة «آي جي آي» العقارية.

تقول لبنى القاسم، العضو المنتدب بشركة «آي جي آي» العقارية، التي تنفذ مشروعا سكنيا وإداريا على مساحة 500 فدان بمحافظة السادس من أكتوبر، بتكلفة استثمارية تقدر بنحو 6 مليارات جنيه، تنفذ على أربع مراحل، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمرحلة الأولي نحو 1.2 مليار جنيه، إن شركتها تسير بشكل جاد وسريع في تنفيذ المشروع، ووصفت الإقبال على مشروعها خلال الفترة الحالية بالمعقول.

وأشارت إلى أن شركتها أجلت رفع أسعار وحدتها السكنية بنسبة 10 في المائة خلال الفترة الحالية، على أن تبدأ تلك الزيادة بعد شهر رمضان، وقالت إن الزيادة المقررة تأتي ضمن خطة لرفع أسعار وحداتها، وتابعت: «تبدأ الشركات العقارية في بداية الترويج عن مشاريعها بأسعار معينة، ثم تقوم برفع تلك الأسعار تدريجيا مع بداية تنفيذ المشروع».

ويقترن حلول شهر رمضان بهدوء سوق العقارات، في مصر، ولكن لبنى القاسم تأمل في أن يتحرك الطلب على العقارات خلال هذا الشهر، وقالت: «سنحاول أن نكثف مجهودنا الترويجي، مع العمل لفترتين، صباحية ومسائية، حتى تتوافر سبل أكثر للوصول لعملائنا، نأمل أن تكون فرصة جيدة لإنعاش السوق العقارية».

أما بالنسبة للضريبة التي فرضتها الحكومة على الإسمنت والحديد، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الإسمنت إلى (525 و585 جنيها للطن)، مع ثبات أسعار الحديد (بسبب ركود مبيعاته)، تؤكد لبنى أن تلك الزيادة سترفع أسعار العقارات، ونسبه تلك الزيادة سيتم تحديدها بعد الانتهاء من دراسة تأثير تلك الضريبة على سعر الوحدة العقارية، وسيتم رفع الأسعار بعد الانتهاء من تلك الدراسة.