السعودية: ركود يخيم على سوق حائل العقارية بعد قرار بإيقاف تجزئة الأراضي الزراعية

خبراء: تجزئة الأراضي الزراعية جذبت استثمارات تصل إلى 26.6 مليون دولار

أسهمت مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في جذب المزيد من الاستثمارات العقارية إلى حائل («الشرق الأوسط»)
TT

تباين أداء السوق العقارية بحائل (شمال السعودية)، التي تحتضن ثاني المدن الاقتصادية، والمحطة الرئيسية لقطار النقل والركاب التي يتم العمل على إنشائها، بعد ارتفاعات متواصلة تم تسجيلها منذ عامين في القطاعين الزراعي والتجاري، في الوقت الذي شكلت فيه الاستثمارات العقارية في القطاعين الزراعي والسياحي أحد أبرز الأنشطة التجارية خلال الفترة الماضية.

وشهدت السوق العقارية في المدينة التي تتوسط شمال السعودية نموا ملحوظا في المجال السياحي، حيث يتم تحويل جزء كبير من المزارع للاستثمار السياحي، وخصوصا النزل والاستراحات الريفية الزراعية.

وأبدى عقاريون ومتعاملون تخوفا من قرار صدر مؤخرا بعدم فرز أو تخطيط أي صكوك لأراض زراعية أو حجج استحكام، مرجعين سبب المنع إلى ظهور أحياء عشوائية غير منظمة، وهو ما قد يتسبب في تراجع تدفق الاستثمارات العقارية، وفي تأثير سلبي على السوق العقارية.

وكانت الأراضي الزراعية محور الاستثمارات والصفقات خلال الفترة الماضية، وذلك بعد تجزئة مساحة شاسعة من المشاريع الزراعية، قدَّرها عاملون في القطاع الزراعي بما نسبته 60 في المائة من الأراضي الزراعية.

وشهدت تلك الأراضي تسويقا داخل وخارج المنطقة باستثمارات تجاوزت 100 مليون ريال (26.6 مليون دولار)، وتجاوز سعر المتر الواحد 30 ريالا (8 دولارات)، وتبلغ المساحة الزراعية في حائل نحو 1.3 مليون هكتار، تعادل 36 في المائة من المساحة الزراعية في السعودية.

وقابل ذلك زيادة في المعروض، مع إحجام بعض المستثمرين عن الشراء، وأسهم في ركود السوق وانخفاض حاد في الأسعار للعقارات الزراعية، ويتوقع أن ينسحب ذلك على مجمل السوق العقارية.

وأوضح خالد علي السيف، نائب رئيس مجلس الغرف السعودية ورئيس الغرفة التجارية الصناعية بحائل، أن اقتصاد منطقة حائل يشهد حاليا حركة نشطة في قطاعاته كافة، ويأتي في مقدمتها قطاع العقار للطلب المتزايد على الأراضي والوحدات السكنية من فيلات وشقق سكنية، بالإضافة إلى مشاريع البنى التحتية ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية، ودخول مستثمرين في الكثير من المشاريع الاقتصادية في مجالات متنوعة بالمنطقة.

وبين السيف أن سوق العقارات في المنطقة شهدت في العامين الماضيين نموا كبيرا في عدد من الاتجاهات، وقد تمثل هذا النمو في كمية وسعر السلعة، نتيجة عدة عوامل، يأتي في مقدمتها زيادة الطلب نتيجة البدء في تنفيذ الكثير من المرافق الحكومية المهمة والمشاريع الاقتصادية، كمدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية، وجامعة حائل، وشبكة الطرق البرية، والسكة الحديدية، والمطار الدولي.

وأكد أن النمو السكاني أحد هذه العوامل الرئيسية، التي أسهمت في زيادة هذه الأسعار، موضحا أن المشاريع الاقتصادية التي تُنفّذ في حائل اجتذبت عددا من المستثمرين العقاريين للمنطقة، عملوا على تنفيذ مشاريع تطوير عقارية أسهمت هي الأخرى في تحريك قطاع المقاولات والتشييد في المنطقة.

وقال السيف: «هناك عوامل تدخل في تحديد أسعار الأراضي، كموقعها ومساحتها ومدى قربها من المناطق السكنية أو المشروعات الاستراتيجية، ومدى اكتمال البنية التحتية لما يجاورها من أحياء، كما يدخل في التأثير على سعر الأراضي ما تخططه أمانة المنطقة من أراض سكنية للمنح».

وكان الطلب المتزايد في المنطقة على الأراضي الزراعية شمال حائل، والواقعة بالقرب من المشاريع الاقتصادية، قد أسهم في إغراء المزارعين بتخطيط مزارعهم وتجزئتها، بعد الارتفاعات المتتالية للأسعار، التي تجاوزت 30 ريالا (8 دولارات) للمتر الواحد، إثر مشكلات مالية وتسويقية تكبدها المزارعون، قابل ذلك دخول مستثمرين من خارج المنطقة مدفوعين لشراء هذه الأراضي، لقربها من المدينة الاقتصادية وشبكة الطرق البرية وسكة القطار والمدينة الجامعية، ومن المتوقع أن يتسبب ذلك في تغيير الخارطة الزراعية للسعودية، في ظل الانخفاض المتوقع للإنتاج، حيث تعد منطقة حائل من أكبر المناطق الزراعية فيها ومصدرا مهما للمناطق الأخرى.

وفي هذا الصدد أكد خالد الباتع، رئيس جمعية مزارعي حائل، أن المدخولات العالية في هذا الجانب أغرت المزارعين الذين يعانون من مشكلات مالية بسبب تراكم القروض عليهم للبنك الزراعي، مع مشكلات تسويقية تسببت في توقفهم عن الزراعة للاستثمار في المجال الزراعي، وخصوصا في أرياف حائل الشمالية، التي تشهد هذا التحول اللافت بين المزارعين.

وطالب مستثمرون عقاريون الجهات المعنية، في قرار إيقاف التجزئة الخاص بوزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة العدل، بالعدول عن القرار، والسماح بتجزئة الأراضي الزراعية لإنعاش السوق مجددا وضمان تدفق المستثمرين.

وقدر علي الغالب، عضو مجلس الإدارة ورئيس لجنة شباب الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية بحائل، الاستثمارات التي ضخت في السوق العقارية بأكثر من 100 مليون ريال (26.6 مليون دولار) تم ضخها في السوق خلال السنوات الثلاث الماضية، مع قيام المزارعين بتجزئة أراضيهم الزراعية على قطع بمساحة 10 آلاف متر مربع، وتمت تجزئة مساحة شاسعة من المزارع الموجودة في شمال حائل.

وانتقد الغالب تطبيق القرار في حائل دون إعطاء فرصة للمستثمرين بتحويل مزارعهم، على الرغم من أن مناطق مثل منطقة القصيم - 300 كيلومتر عن العاصمة الرياض - لا تزال التجزئة قائمة فيها، مؤكدا أن أسعار الأراضي في منطقة حائل مناسبة، مقارنة بمناطق أخرى، مما دفع المستثمرين للتوافد على المنطقة.

وأوضح أن أهمية المنطقة على المستوى المحلي تكمن في وقوعها في وسط البلاد، تحيط بها خمس مناطق إدارية، بالإضافة إلى موقعها المتميز ذي البعد الاستراتيجي، الذي يجعلها على بعد ساعتين جوا لأكثر من 250 مليون نسمة في منطقة الشرق الأوسط.

وذكر رئيس لجنة شباب الأعمال أن مدخولات السياحة أسهمت أيضا في تعزيز الإقبال على تجزئة الأراضي الزراعية، وتحويلها لاستراحات ريفية، خصوصا بعد الإقبال الكبير من قبل السياح والزوار على المنطقة، وطلبهم المتزايد على الاستراحات الزراعية، وأسهم ذلك في تغيير الخارطة الزراعية لحائل. وأبان الغالب أن ذلك خلق فرص عمل، مع توجه عدد من الشباب لافتتاح مكاتب عقارية، وقد انتشرت بشكل لافت في حائل، متوقعا أن يتجاوز عددها 300 مكتب عقاري، في الوقت الذي عمد فيه البعض لتسويق الأراضي الزراعية والمخططات السكنية على مستثمرين من خارج المنطقة، مستغلين الحراك الاقتصادي الذي تعيشه، مشددا على أن تلك المكاتب تعيش حالة من الركود، ولم تسجل خلال الأسابيع الماضية أي صفقة لافتة.