السعودية: بناء مليون وحدة سكنية.. وخبراء يتوقعون طفرة مقبلة

تكامل القطاعين العام والخاص ضمن استراتيجية التطوير العقاري في خطة التنمية التاسعة

خطة التنمية التاسعة تسعى إلى سد 80 في المائة من الفجوة بين الطلب والعرض في قطاع الإسكان (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشفت السعودية مؤخرا عن الاستراتيجية الجديدة لقطاع التطوير العقاري بشكل عام، والتطوير الإسكاني بشكل خاص، من خلال خطتها التنموية التاسعة التي تعتزم فيها إنشاء مليون وحدة سكنية بواسطة القطاعين العام والخاص وتوفير 266 مليون متر مربع من الأراضي لإقامة المشاريع السكنية المتوقع تنفيذها خلال مدة الخطة.

وجاءت تلك الخطوة لتعزيز قطاع التطوير العقاري وللمساهمة في إيجاد توازن بين العرض والطلب، في قطاع الإسكان بالتحديد، حيث شددت الخطة على أن تلك الخطوة تأتي لمواكبة 80 في المائة من حجم الطلب المتوقع على الإسكان خلال الفترة المقبلة.

والسعودية تعتبر أكبر سوق عقارية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال استثمارات تصل إلى 1.250 تريليون ريال (334 مليار دولار)، ويصل فيها الطلب السنوي على الوحدات السكنية إلى نحو 200 ألف وحدة سكنية في العام الواحد.

وكانت وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية، قد كشفت مؤخرا عن أن قيمة خطتها التنموية التاسعة تبلغ 1.4 تريليون ريال (374 مليار دولار) للقطاعات التنموية، مفصحة عن أن ذلك يمثل نموا قوامه 67 في المائة، على ما رصد خلال خطة التنمية الثامنة.

ووفقا لـ«الاقتصاد والتخطيط» فقد يشكل قطاع الإسكان 7 في المائة من إجمالي المخصصات المعتمدة في خطة التنمية التاسعة، وقد استأثر قطاع تنمية الموارد البشرية بالنصيب الأكبر بنحو 50.6 في المائة من إجمالي المخصصات المعتمدة، بينما جاء قطاع التنمية الاجتماعية والصحة في المرتبة الثانية حيث حظي بنحو 19 في المائة من إجمالي المخصصات، بينما بلغت مخصصات كل من قطاع تنمية الموارد الاقتصادية، وقطاع النقل، وقطاع الاتصالات، نحو 15.7 في المائة و7.7 في المائة و7.0 في المائة على التوالي من إجمالي مخصصات الخطة.

ويرى عقاريون أن ذلك التوجه سيدعم التطور الحاصل في قطاع التطوير العقاري، وأن توفير 266 مليون متر مربع من الأراضي سيسهم في توازن الأسعار، كما أن إنشاء مليون وحدة سكنية سيعمل على إيجاد حركة واسعة لسوق العقارات في المملكة خلال الخمس سنوات المقبلة.

من جهته قال الدكتور عبد الله المغلوث، الخبير والباحث في الشؤون العقارية، إلى أن الخطة جاءت لتتوج اهتمام الدولة بأهمية احتياجات المواطن من خلال تملك المساكن، مشيرا إلى أن الخطة أوضحت وجود تحالف استراتيجي بين القطاع العام والخاص، في الوقت الذي لا يمكن فيه لأي خطة في العالم أن تنجح من دون وجود أطرافها من القطاعين.

وذكر المغلوث الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» أن الخطة ستساعد المواطن في تملك المسكن وبالتالي إطفاء أحد أهم احتياجاته ليكون عنصرا فعالا في المجتمع، ويسهم في انخفاض الطلب مقابل العرض الذي تزايد خلال الفترة الماضية.

وتسهم الحكومة السعودية في دعم قطاع الإسكان بأشكال مختلفة، وذلك من خلال تقديم قروض من «صندوق التنمية العقاري»، و«هيئة الإسكان»، و«المؤسسة العامة للتقاعد»، وغيرها من الجهات التي تقدم تمويلات أو مساكن للإفراد.

من جهته قال خالد الضبعان، الخبير العقاري، إن ذلك التوجه سيدعم قطاع العقارات، خاصة مع بلوغ القطاع مرحلة النضج في جميع مراحله، وأن ذلك سيسهم في مواصلة تحول قطاع العقارات من عرف إلى صناعة، وهو الأمر الذي يدعو إلى حاجة السوق إلى شركات ضخمة وعملاقة للعمل على التطوير العقاري، والتحول من سوق أفراد إلى سوق منشآت، والابتعاد عن العشوائية في التطوير. وبين أن ملامح الخطة أن يتم تطوير مليون وحدة سكنية من قبل القطاعين العام والخاص هي رسالة واضحة لعزم الدولة في تخفيض الفجوة بين العرض والطلب، بالإضافة إلى إيجاد توازن الأسعار في ظل الارتفاعات التي تشهدها الإيجارات وأسعار المباني والفلات وغيرها من المنتجات العقارية.

وتتركز أغلب الاستثمارات العقارية الجديدة في المدن الرئيسية، في ظل ارتفاع أسعار المباني والفلات خلال الأعوام الخمسة الماضية، وركزت شركات التطوير العاملة على الشريحة الفخمة في إنشاء الوحدات السكنية، مما دفع إلى اتساع الفجوة بين العرض والطلب خاصة في الفئات المتوسطة التي تمثل شريحة واسعة من المجتمع، ومحدودة الدخل.

وبالعودة إلى الدكتور المغلوث، فإنه أكد على أن قطاع التطوير العقاري في السعودية في حاجة إلى ضخ مبالغ لإنشاء المخططات والمشاريع، وهو ما سيسهم في انتعاش صناعة العقار بشكل كبير خلال الخمس سنوات المقبلة، مبينا أن التطوير العقاري في حاجة إلى إيجاد مختلف المنتجات السكنية لاستيعاب الطلب الكبير على الوحدات السكنية في المملكة.

ودعا المغلوث إلى أهمية إيجاد التشريعات لمواكبة خطة التنمية التاسعة، وذلك من خلال تسهيل الإجراءات وتطوير القوانين لتواكب العصر وتدفع بالقطاع إلى تكامل الأطراف، مشيرا إلى أن ذلك سيساعد على تنفيذ الخطط الخاصة بقطاع الإسكان بشكل أكبر. وقال الباحث العقاري: «يجب أن يعرف كل الأطراف المعنية بالقطاع العقاري ما لهم وما عليهم، خاصة أن السعودية على موعد مع إطلاق منظومة عقارية تتمثل في مشاريع الرهن والتمويل العقاري، وما تلحقه تلك التنظيمات من تثمين عقاري وغيره من الخدمات التي تحتاج إليها السوق خلال الفترة المقبلة». وتشهد السعودية خلال الفترة المقبلة إنشاء عدد كبير من شركات التطوير والتمويل العقاري، في الوقت الذي توجه فيه عدد من الجهات الحكومية إلى بناء أذرع عقارية كالصناديق العقارية والجامعات، وذلك للاستفادة من الفرص التي يوفرها القطاع خلال الفترة المقبلة، وما حملته خطة التنمية التاسعة من استراتيجية واضحة للقطاع خلال الخمس سنوات المقبلة.