توجه هندي إلى «استيراد» المهندسين المعماريين العالميين البارزين

من بينهم أحد مصممي برج خليفة في دبي

الاسعانة بالمهندسين المعماريين الاجانب يثير جدلا في الهند
TT

مع سعي الهند إلى امتلاك بنية تحتية تتماشى مع المعايير العالمية، يتجه الكثير من مطوري العقارات في الهند إلى التعاقد مع شركات هندسية أجنبية لتصميم وحتى بناء عقاراتهم.

وعندما قررت شركة «غودريج» للعقارات العام الماضي بناء مدينة سكنية ضخمة بها أبراج ذات 50 طابقا على مساحة تسعة أفدنة في منطقة ماهالامكسي بوسط مدينة مومباي، تعاقدت الشركة مع مهندس معماري من سنغافورة.

وقد تعاقدت مجموعة «لودها» العقارية، التي أطلقت مشروع بناء أطول مبنى سكني في العالم في مومباي مع شركة «بي كوب فريد أند برتنرز»، التي مقرها مدينة نيويورك، لتصميم مشروعها الضخم «وولرد وان بروجيكت» وشركة «بي كوب فريد أند برتنرز» هي التي صممت الهرم الموجود بمتحف اللوفر في باريس وبرج جون هانكوك في بوسطن، بالولايات المتحدة.

وتسعى المجموعة إلى التعاقد مع شركة التصميمات الداخلية التي مقرها الولايات المتحدة من أجل تنفيذ مشروع آخر، كما تعاقدت مع شركة «سيتتيكتونيكس بتي» التي مقرها سنغافورة، لوضع التصميم المعماري لمشروعها الثالث.

وتعاقدت شركة «شري رام ميلز» للتطوير العقاري مع جوزيف فيليب كولاكو، وهو مهندس معماري شارك في تصميم برج هانكوك في الولايات المتحدة وبرج خليفة في دبي، لتصميم برج بلايس رويال الذي يبلغ ارتفاعه نحو 300 متر وسيكون مقره منطقة رلي في مدينة مومباي.

وهناك عدد كبير من المهندسين المعماريين العالميين الذين يسعون إلى ترك بصماتهم على مشاريع عقارية في الهند. وبدءا من مراكز التسوق ومنتجعات الغابات المطيرة ومباني الشركات وملاعب الغولف وأطول مبنى في العالم مرورا بمحطة دلهي القديمة للسكة الحديد وحتى البنية التحتية الخاصة بدورة ألعاب الكومنولث التي تنظم في نيودلهي، فإن القطاع التشييد الهندي يدين بجزء من نجاحاته للمهندسين الأجانب.

أما بالنسبة لسبب لجوء الشركات الهندية إلى المهندسين المعماريين الأجانب، فإن الجواب ببساطة هو أن الشركات الهندية تبحث عن أفضل التقنيات المتوفرة عالميا.

ويقول سونيل مانتري، رئيس مجلس إدارة شركة «مانتري ريالتي المحدودة» التي تقوم بتطوير العقارات في مومباي وحيدر أباد وبيون: «إن الشركات الأجنبية تقدم تصاميم جديدة تتميز بحسن استغلالها للمساحات وباحتوائها على أفضل وسائل الراحة وبتخطيطها المتميز». وقد قامت شركة «دي بي» للتصميم المعماري التي مقرها سنغافورة بتصميم أحد مشاريع شركة مانتري في مدينة بيون وهو مشروع كازبيلا.

ولدى شركة «أوبروي» للعقارات، مجلس مستشارين يضم مكتب «كون بيدرسون فوكس وشركاه»، الذي مقره الولايات المتحدة، والذي شارك في تصميم مشروع المركز المالي في شنغهاي، كما يضم مستشارا للبناء وهو مكتب «ليزلي إي روبرتسون وشركاه»، الذي مقره الولايات المتحدة، ومكتب الخدمات «إم إي بي» ومجموعة «إيه كيه إف» ومكتب «كيو إس» للخدمات الاستشارية ومكتب «ديفيس لانغدون وسيه الدولي». وتساعد هذه المكاتب والشركات، شركة «أوبروي» على تنفيذ مشروعها الخاص ببناء أطول برج سكني في العالم، والذي يبلغ طوله 300 متر، في مومباي وقد أعلنت الشركة عن فتح باء العطاءات للمقاولين الأجانب للتنفيذ أو المشاركة في تنفيذ المشروع.

إنها الخبرة والدراية بالتقنيات الحديثة فهما اللذان يدفعان الشركات الهندسية للتعاون مع المهندسين الأجانب. وعادة ما يقوم المهندسون الأجانب بالتصميم الرئيسي للمشروع بعد إجراء اختبارات التربة واختبار صلاحية المكان وغيرها من التجارب ثم يقوم المهندسون المعماريين الهنود بالإشراف على تنفيذ المشروع.

وقد تعاون مكتب «هيلموث وأوباتا + كاسابوم»، وهو أكبر مكتب للتصميمات المعمارية في العالم، بالفعل مع شركات العقارات الهندية مثل مجموعة «هيرانانداني» و«يونيتك» المحدودة ومجموعة «بريدج غروب» في تصميم أكثر من 15 مشروعا. ويقوم مكتب «هيلموث وأوباتا + كاسابوم» أيضا بتصميم مدينة جديدة في الهند، تسمى لافازا، وهي مدينة جبلية يقال إنها ستكون متكاملة بيئيا، وتمتد على مساحة 8000 فدان في وادي موس على طول ضفاف بحيرة ورارسغون شرقي مومباي وبالقرب من مدينة بيون.

وتقوم مكاتب وشركات التصميم العقاري السنغافورية مثل «بي تي إي المحدودة 61» و«آر إس بي أركتيكتس بلانيرز أند أمب إنجنيرز» أيضا بتصميم مشاريع في الهند وكلاهما جاد في سعيهما إلى الفوز بالمزيد من العقود في الهند.

وقد فتحت شركة «آر إس بي» مكاتب لها في بنغالور وتشيناي وحيدر أباد لتقديم خدماتها لسوق العقارات المزدهرة في هذه المدن. وقد صممت الشركة وادي التكنولوجيا الدولية في بنغالور، وهو الأول من نوعه في شبه القارة الهندية. وقد صممت أيضا مكاتب في الهند لشركات تكنولوجيا المعلومات العالمية مثل «مايكروسوفت» و«ساتيام» و«يبرو» و«ساب» وشركة صناعة الهاتف الجوال «موتورولا».

وقد غزت شركة «آر إم جيه إم» التي مقرها أدنبرة، والتي صممت مبنى البرلمان الاسكوتلندي الرائع، السوق الهندية منذ خمس سنوات وتمكنت من ترجمة ذلك الغزو إلى أعمال بلغ حجمها مليار جنيه إسترليني، وهذا رقم، كما تقول الشركة، لم يسبق أن حققته أي شركة بريطانية تعمل في الهند. وتقوم شركة «آر إم جيه إم» بتنفيذ 38 مشروعا في الهند حاليا.

وقد سعى الكثير من الشركات الأخرى بالفوز بعقود في الهند. وقد دخل المهندس البريطاني اللورد نورمان فوستر، الذي شكل الأفق في لندن بمبان مثل غيركين وصمم الرايخستاغ في برلين، الهند في تحالف مع إحدى الشركات العقارية العاملة في مدينة مومباي، وهي مجموعة «نبتون». ومن الشركات البريطانية الكبرى التي تعمل في الهند «لينج أورورك» و«ديفيس لانغدون» و«موت ماكدونالد». وقد دخلت السوق الهندية شركات من كندا مثل «أركوب» وأستراليا مثل «أوميروس».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، عندما كان المهندس الأسترالي أندرو سكوت، يناقش بعض المشاريع مع أصدقائه، اقترح عليه أحدهم السفر إلى الهند. وقد فاجأته الهند بعد ذلك. ولكن اليوم، فإن المنازل الموفرة التي صممها سكوت تزين ولايات البنغاب وأوتار براديش وغرب البنغال وأوريسا. وهو ليس وحده الذي يقوم بذلك في الهند.

ويقوم المهندس المعماري الماليزي ليم جيمي ببناء منتجع الغابات المطيرة في بنغالور بينما يقوم مكتب «فورريك أركيتكتس» الكندي ببناء المركز التجاري الضخم والفاره في باندوب، وقد صممت شركة «بانتيل أسوشيتس إنترناشونال»، التي مقرها سنغافورة، المركز التجاري في مدينة مومباي، وتقوم الشركة الأسترالية «أوميروس وان إنترناشونال»، بتصميم مقر المجموعة العقارية «أوماكس» وأبراج سكنية وتسعى شركة «لودفيغ ميس فان دير روه» الألمانية إلى الحصول على عقد البنية التحتية الخاص بدورة ألعاب الكومنولث.

وعندما جاء توماس رينو إلى الهند في يناير (كانون الثاني) 2006، لم يكن يعلم أن الهند ستجذبه، لكن المهندس المعماري الفرنسي (27 عاما) كان يرغب في قضاء بضعة أسابيع في تنفيذ مشروع خاص ولكنه تفاجأ بوضع القطاع المعماري في الهند. يقول: «أدركت أن القطاع المعماري في الهند سوف يكون له سمعه عالمية. وكان هناك مجال كبير للنمو أكثر من ذلك بكثير، خاصة بالنسبة لمهندس معماري شاب، أكثر من الفرصة التي أمامي في الغرب، لذلك عدت إلى العمل هنا».

ورينو ليس وحيدا في ذلك، فقد سافر الكثير من المهندسين المعماريين الأجانب إلى الهند بهدف ترجمة أحلامهم إلى واقع. وكان البعض يظن أن قطاع تكنولوجيا المعلومات الهندي هو فقط الذي يجذب الخبرات الأجنبية.

وقالت مانيت راستوجي، مديرة استوديو مورفوجينسس للعمارة: «إن فرص عمل الشركات والمهندسين المعماريين في الهند هي أكبر بكثير اليوم مقارنة بالكثير من البلدان الأخرى، حيث إن الدول المتقدمة أضحت مليئة بالعقارات وهناك مجال أقل للإبداع وعدد أقل من المشاريع، أما الهند فتشهد ثورة بناء».