بريطانيا توفر فرص استثمار عقارية ثمينة للمستثمر العربي

عوامل مالية وضريبية كثيرة في صالحه

TT

انتهت هيئة الخدمات المالية البريطانية، المكلفة بتنظيم سوق الائتمان البريطاني، من إعداد مراجعتها لسوق الإقراض العقاري، واقترحت عدة قواعد جديدة للتخلص من تراكمات أزمة العقار التي وقعت قبل ثلاث سنوات، وما زالت الأسواق تعاني منها.

ولكن خبراء في السوق يرون في القواعد الجديدة بعض التشدد، ويحذرون من أنها قد تؤثر سلبا على أسعار العقار. وظهرت مؤشرات أخرى تعزز هذا الرأي، وترجح تراجع أسعار الشقق في لندن بنسبة 10 في المائة من الآن وحتى نهاية العام الحالي، بسبب تراجع الطلب عن مستويات العرض السائدة، وصعوبة الاقتراض.

وتقترح الهيئة أن تلتزم كل البنوك البريطانية بمراجعة الدخل الإجمالي لطالب القرض، والتأكد من قدرته على السداد قبل الموافقة على القرض العقاري. وسوف ينهي هذا الشرط نوعا من القروض التي نشأت في السنوات الأخيرة لا تشترط معرفة أجر المقترض، على أساس أن القرض مضمون بالعقار نفسه. وكانت البنوك ترى في هذا النوع من القروض تسهيلا في الإجراءات، وتسريعا لها، ولكن هذا القطاع كان أكثر قطاعات السوق تأثرا بالأزمة، لعدم قدرة مقترضيه على الدفع المنتظم لأقساط القروض. وكانت نسبة 47.6 في المائة من جميع المقترضين في بريطانيا بين عام 2007 والربع الأول من هذا العام هي لفئة لم تثبت قيمة الدخل الإجمالي أو القدرة على السداد لها. وفي الإحصاء المالي قالت نسبة 46 في المائة من إجمالي المقترضين إن كل دخلها يستهلك في دفع القرض العقاري وبعض المشتريات الأساسية الأخرى للمعيشة، ومن دون أي فائض.

وتعترض جمعية مقترضي العقار على الشروط الجديدة، لأنها «قد تستبعد من السوق مقترضين من ذوي الملاءة، لعدم قدرتهم على إثبات الدخل السنوي، كما قد تسجن بعض المقترضين داخل عقاراتهم الحالية، لعدم قدرتهم على التقدم للحصول على قرض جديد للاستبدال بالعقار آخر أكبر حجما أو أعلى قيمة». كما أن اشتراط القدرة على الدفع بـ25 عاما قد يمنع صغار السن من الحصول على القروض العالية التي يطلبونها، التي قد تناسب السداد على فترات أطول.

وتخشى شركات العقار من أن تشديد شروط القروض في مدخل السوق قد يعرقل استقرار سوق العقار، وقد يؤدي إلى تدهور الأسعار. ولن تؤثر الشروط الجديدة على الأثرياء من المقترضين في قمة السوق وبأحجام قروض كبيرة، لأنهم في الغالب يقترضون نسبة أقل من قيمة عقاراتهم، ولديهم من الأصول ما يكفي لتغطية مطالب البنوك، وشروط هيئات الرقابة. وتشترط هيئة الخدمات المالية إلغاء القروض التي تكتفي بدفع الفوائد فقط، مع الإبقاء على أصل الدين، إلا للأثرياء فقط الذين يملكون أصولا تزيد عن قيمة القروض.

وكان هذا النوع من القروض سائدا في زمن الطفرة (بين عامي 2005 و2007)، على أساس أن المقترض يمكنه أن يسدد أصل القرض من ارتفاع قيمة العقار، أو من الانتقال إلى عقار أصغر حجما وأرخص في المستقبل، ولم تعد هذه الافتراضات كافية من أجل سداد أصل القروض في الوقت الحاضر، وتصل نسبة القروض الحالية المقدمة من البنوك على أساس دفع قيمة الفائدة فقط إلى نحو 30 في المائة من إجمالي قيمة القروض العقارية في بريطانيا. ومن الممكن القول إن تغير قواعد الاستثمار العقاري في بريطانيا على المدى المنظور، يمكنه أن يفيد المستثمر الأجنبي لكي يدخل السوق في فترة صعبة، ويحصل على أفضل الشروط. ويتميز المستثمر الأجنبي بعدم الحاجة إلى الاقتراض في أغلب الأحيان.

ويقول بعض المعلقين في السوق إن «الاستثمار العقاري في بريطانيا انتهى»، لأن أكبر البنوك والشركات المقرضة في قطاع المدخل توقفت عن الإقراض، بينما تتشدد بقية البنوك في قواعد إقراضها. من ناحية أخرى لم يعد قطاع الاستثمار العقاري في بريطانيا مغريا للمستثمر الجديد من حيث حجم العوائد لقيمة العقارات؛ فبعد سنوات الطفرة التي كانت ترتفع خلالها القيمة بنسب كبيرة، وتحقق عوائد أكبر من 10 في المائة سنويا، تراجعت العوائد حاليا إلى ما يكاد يوازي أسعار الفائدة العقارية السائدة. وفي لندن، التي ترتفع فيها نسب الإيجار نسبيا عن بقية المدن البريطانية، ما زالت هذه العوائد حاليا تقل عن نسبة خمسة في المائة.

من ناحية أخرى، ترى بعض الشركات المقرضة أن وضع السوق الحالي مشجع، لوجود عدد كبير من المستأجرين الذين كانوا يودون شراء العقار، ولكنهم لا يستطيعون ذلك بسبب غلاء أسعار العقار. كما تواجه بريطانيا الآن حملة هجرة واسعة إليها من شرق أوروبا، وهو ما تعتبره أسواق العقار علامة إيجابية على تزايد الطلب في السوق، وارتفاع معدل الإيجارات. ولكن حتى لو استمرت معدلات الإيجار مستقرة، فإن تفاعلات الأزمة على قطاع العقار البريطاني لم تنته بعد. وإذا استمرت الصعوبات، فإن قطاعات مثل شركات البناء والخدمات قد تستغني عن آلاف العاملين فيها، بسبب خفض الإنفاق العام، وفي مناخ كهذا سوف يكون من الصعب توقع مستقبل جيد على المدى المنظور لسوق العقار في بريطانيا. وقد يحتاج الأمر لعدة سنوات أخرى حتى تستعيد الأسواق وضعها الطبيعي.

في أوضاع السوق الحالية، توجد الكثير من الفرص المتاحة للمستثمر الأجنبي الذي يدخل السوق بتمويل جيد من مصادر محلية، بحيث لا يحتاج إلى التعامل بقروض كبيرة مع البنوك البريطانية. ويمكن للمستثمر العربي أن يستفيد من بعض العوامل التي تعتبر في صالحه الآن، مثل:

> ارتفاع السيولة: لا يحتاج المستثمر العربي إلى الاقتراض من البنوك البريطانية، وإذا اقترض، فبنسب متدنية من ثمن العقار.

ويتيح هذا الوضع له مرونة في الاختيار، وخفضا للتكاليف، وانتهازا لفرص العقار السانحة، سواء كانت في السوق المفتوحة أو عن طريق المزاد. وهناك بعض الصفقات المتاحة بشروط مغرية للمشتري نقدا من مستثمرين آخرين يتعرضون لضغوط مالية أو يرغبون في الخروج من السوق.

> الاستثمار في القطاع الراقي: يتوجه المستثمر العربي عادة إلى قطاع العقار المتوسط أو الأعلى، وهي عقارات تحافظ على قيمتها أكثر من غيرها، كما تجتذب إيجارات عالية ومستقرة.

ويتفوق المستثمر العربي على منافسيه في هذا القطاع باستعداده للشراء النقدي الفوري، وعدم حاجته للتعامل مع البنوك البريطانية.

> الاستثمار للمدى البعيد: يدخل المستثمر العربي إلى أسواق العقار عادة للمدى البعيد، ويتيح له هذا التوجه عدم التأثر بالمتغيرات اليومية التي تجري على الأسواق؛ من تذبذبات العرض والطلب وأسعار الفائدة ومعدلات الإيجارات.

> فوائد ضريبية: يستفيد المستثمر العربي من حوافز ضريبية لغير المقيمين في بريطانيا عن استثماره العقاري، حيث لا تدفع ضرائب إلا بنسبة صغيرة على عوائد إيجارات العقار السنوية، كما أن ضريبة ارتفاع القيمة العقارية المضافة انخفضت بنسبة كبيرة في الميزانية الأخيرة المطبقة منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي، وإن كان هذا قد يتغير في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حين تعلن الحكومة الائتلافية الجديدة خطط ميزانية التقشف التي تنوي تطبيقها.