السعودية: دعوات لإيجاد أسواق مساندة في القطاع العقاري لاستيعاب نتائج قرار الرهن

المنطقة الشرقية تشهد حركة تداولات واسعة وسط توقعات بنمو 20% خلال الفترة المقبلة

العملية العقارية في حاجة إلى قطاعات مساندة كشركات التسويق والتثمين والصيانة («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي ينتظر فيه أن يقر الرهن العقاري خلال الفترة المقبلة، مع وجود مبادرات من الحكومة السعودية لإيجاد وسيلة مناسبة لتمويل المساكن، دعا خبراء عقاريون إلى دعم شركات التطوير العقاري لبناء المشاريع، وذلك بهدف استيعاب الطلب الناتج عن إقرار الرهن العقاري.

وبحسب العقاريين، فإن دراسة الرهن العقاري من قبل مجلس الشورى في الوقت الحالي فرصة مناسبة لإعداد فكر جديد في تطوير مشاريع عقارية قد تساهم في توفير منتجات عقارية مختلفة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الشقق السكنية تصدرت الطلبات خلال الفترة الماضية، مما يعكس حالة تغير الثقافة الإسكانية لدى المستهلك السعودي.

وتحتاج السعودية إلى ما يقارب مليون وحدة سكنية على مدار السنوات الخمس المقبلة، وهو ما حرك الجهات المختصة في البلاد إلى بحث سبل توفير تلك الوحدات لمواجهة النمو السكاني المتنامي خاصة في المدن الرئيسية، التي ترتفع فيها نسبة الهجرة لتوفر الفرص الوظيفية، وهو ما حدا إلى أن يكون توفر الإسكان والمساكن ضمن أحد أهداف خطة التنمية التاسعة في البلاد.

وقال خالد الضبعان الخبير العقاري إن السوق العقارية في حاجة إلى عملية تدوير للاستعداد لمفرزات الرهن العقاري، وذلك من خلال إيجاد منتجات عقارية جاهزة، خاصة في ظل تحول الثقافة العقارية من بناء المنازل إلى شراء المساكن بشكلها الجاهز، خاصة مع تسارع وتيرة الحياة من خلال الأعمال، التي لن تسعف من يرغب في بناء منزله لكي ينتهي منه في وقت قريب.

وأضاف الضبعان أن العملية العقارية في حاجة إلى قطاعات مساندة كشركات التسويق والتثمين والصيانة وغيرها من الشركات التي ستكون فرصة لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهو قد يحرك سوق ضخمة قد تدفع إلى إيجاد مردود مادي ومعنوي على قطاع العقارات السعودي.

والإسكان هو أحد المغذيات الرئيسية لمؤشرات التضخم في السعودية، وساهم بشكل كبير في ارتفاع مؤشر التضخم خلال الفترة الماضية، نتيجة ارتفاع الإيجارات، إلا أن انخفاض الإيجارات السكنية وثبات أسعار مواد البناء والأيدي العاملة ساهم في تخفيف حدة الارتفاع خلال العام الحالي 2010، في الوقت الذي يتوقع فيه أن يتصاعد مع ارتفاع الإيجارات السكنية التي هي في حاجة إلى عملية طرح وحدات جديدة في السوق لسحب ذلك التضخم.

من جهته، قال بدر بن محمد المدير العام لمكتب «المزروعية» العقاري إن المشكلة في المنتج العقاري أنه في حاجة إلى وقت كبير حتى يطرح، وبالتالي يتمكن من سحب الطلب المرتفع عليه، خاصة أن السوق العقارية شهدت ركودا بعد توجه رؤوس الأموال خلال فترة ماضية إلى أسواق الأسهم، وعلى الرغم من أن أسواق الأسهم لم تجذب رؤوس أموال جديدة على حساب السوق العقارية، فإن المنتج العقاري لا يزال في طور البناء وذلك لعدة أسباب.

ولخص بن محمد الأسباب في أن كثيرا من المقاولين يعملون في إنشاء مشاريع حكومية، وهي التي تجذب المقاولين، في الوقت الذي تشهد فيه السعودية حركة تنمية واسعة في بناء الجامعات والمنشآت الحكومية وبناء الطرق وغيرها من مشروعات البنى التحتية.

ولفت إلى أن القطاعات المساندة في حاجة إلى التفعيل بشكل أكبر للقيام بدورها، وهي الأخرى بحاجة إلى آلية عمل تضمن لها قيام بالدور المنوط بها بشكل كامل.

من جهة أخرى، بين تقرير حديث أن أسواق المنطقة الشرقية في السعودية بدأت في جذب استثمارات خليجية جديدة، في الوقت الذي تشهد فيه أسواق منطقة الشرق الأوسط بوادر عودة لوضعها الطبيعي قبل الأزمة العقارية، التي عانت منها خلال العامين الحالي والماضي، الأمر الذي أثار تساؤلات عن وضع الاستثمار العقاري، خاصة بعد انسحاب كثير من الاستثمارات والمستثمرين نحو الولايات المتحدة وأوروبا، بحسب ما جاء في التقرير.

وقال خالد المبيض الرئيس التنفيذي لشركة «بصمة» لإدارة العقارات (معدة التقرير) إنه وبالاعتماد على نتائج تعداد السكان والمساكن، فإن ارتفاع عدد المساكن الجديدة التي تم البدء في إنشائها بالمنطقة الشرقية سواء كملكيات فردية أو مشاريع لشركات تطوير عقاري لم يصل إلى حد المطلوب، لوجود نقص في عدد الوحدات السكنية، وبالتالي يتطلب هذا الأمر تدخل الجهات المعنية لسد هذه الثغرة سواء بتصدي الحكومة لبناء مجمعات سكنية كما كانت تفعل سابقا، أو بإعطاء شركات التطوير العقاري تسهيلات أكثر لتغطية هذا النقص الحاصل.

في الوقت ذاته، أوضحت دراسة مسحية ميدانية نفذتها شركة «بصمة» أن عدد المساكن التي تم البدء في بنائها ارتفع بنسبة تصل إلى 20 في المائة، وكما هو معروف، فإن زيادة عدد تصاريح البناء الجديدة تعتبر مؤشرا حيويا على حركة إنشاء المساكن مستقبلا، وأضاف المبيض أن «التدخلات الحكومية من حيث تسهيل إعطاء رخص البناء والفسوحات سينعكس إيجابا على وضع السوق بالمنطقة، وبالتالي على سوق المملكة بشكل عام، حيث إن هيئات تطوير المدن، خاصة في المنطقة الشرقية يجب أن لا تدخر جهدا على منح تسهيلات لإنشاء تجمعات سكنية حسب التوجه في التوسع المدني»، وتابع: «هذا بدوره سيؤدي إلى تسابق كل من الشركات والمطورين العقاريين لتسريع عجلة إنشاء تلك المجمعات وذلك عبر أفكار خلاقة تسد حاجة المواطن الرابح بالتملك أو السكن وتشبع حاجته من خلال تقديم منتج سكني متميز».

وقال التقرير إن مؤشر كتابة العدل يشهد تذبذبا في عدد الصفقات العقارية للمنطقة الشرقية، لكنها تعتبر بشكل عام إيجابية، خاصة في ما يتعلق بالقطاع السكني.

ويبلغ عدد المساكن نحو 606 آلاف مسكن ومنزل من مختلف المنتجات العقارية، وتصدرت محافظة الأحساء مدن ومحافظات المنطقة الشرقية من حيث عدد المساكن، حيث بلغ عدد المساكن فيها نحو 136.2 ألف مسكن من مختلف المنتجات العقارية، في الوقت الذي جاءت فيه مدينة الدمام بالمنطقة الشرقية، في المرتبة الثانية من حيث عدد المساكن، حيث بلغ فيها عدد المساكن نحو 125 ألفا من المنتجات العقارية من منزل شعبي وفيلات وشقق سكنية وغيرها، ثم مدينة الخبر بعدد مساكن وصل إلى 82.2 ألف منزل ومسكن، فالقطيف التي احتلت المرتبة الرابعة بعدد من المنازل تجاوز 70 ألف مسكن.

إلى ذلك، تشهد المنطقة الشرقية إنشاء مشاريع عقارية ضخمة يتبناها عدد من شركات التطوير العقاري كمشروع «بحيرات الخبر» التابع لشركة «إعمار الشرق الأوسط»، الذي يقام على مساحة تصل إلى 2.6 مليون متر مربع، ويشمل المشروع إقامة 2300 وحدة سكنية، بالإضافة إلى مجمعات تجارية وخدمية متنوعة، بالإضافة إلى مشروع «المارينا» التابع لشركة «إنجاز للتطوير العمراني» الذي تعمل عليه الشركة ليكون مشروعا ضخما على ساحل الخليج العربي، ويغطي المشروع مساحة تتجاوز 3.3 مليون متر مربع، تضم مناطق تجارية تتألف من مبان تجارية وفيلات وقصور فخمة وفنادق ومراكز تجارية ملحق بها خدمات متكاملة، كما تحتوي المدينة على مرافق متنوعة مثل المطاعم والمقاهي والمتنزهات والشوارع التجارية المعدة للمشي والتنزه والترفيه.

وقال محمد القحطاني الخبير العقاري في المنطقة الشرقية إن المنطقة شهدت حراكا واسعا خلال الفترة الماضية والحالية، ويتوقع أن تتم إقامة عدد من المزادات خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي سيجعلها من أنشط المدن السعودية عقاريا حتى نهاية العام الحالي، وأضاف القحطاني أن المنطقة الشرقية عرفت بالحركة العقارية منذ زمن، حيث يعتبر العقار فيها من الاستثمارات المتحركة عبر المشاريع الجديدة، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة نموا في تعداد السكان عطفا على حجم الأعمال، الذي ينمو من خلال توافر الفرص الوظيفية في شركات الطاقة التي بدأت تشهد حركة كبيرة.