إيجار الشقة الفاخرة في نيويورك يصل إلى 200 ألف دولار شهريا

تباطؤ مبيعات العقارات يدفع الأثرياء نحو الإيجار

الحي القريب من مانهاتن يحتضن جواهر القارات الأميركية (أ.ف.ب)
TT

في حين يصل إيجار الشقة وسط جزيرة مانهاتن وفي الجزء الغربي منها إلى 200 ألف دولار شهريا، يزداد الطلب من الأثرياء على هذه المنطقة الفارهة التي تعج بمحلات التسوق والمتاجر والمطاعم الشهيرة. ويزداد الطلب على الإيجار بين الأثرياء، ويرجع ذلك - على الأقل - بصورة جزئية إلى مبيعات لا يمكن التنبؤ بها داخل سوق الوحدات الفاخرة بمدينة نيويورك، وهي المنطقة الأبطأ في التعافي من أزمة الإسكان. ويحصل بعض البائعين على أسعار تقترب من الأسعار المطلوبة، بينما يقبل آخرون خصومات كبيرة. ولكن، تبقي مجموعة ثالثة تتوقع ارتفاع سعر العقارات التي لديهم، ويترقبون تعافيا كاملا في السوق.

ونتيجة لذلك نجد البائعين والمشترين مترددين في القفز إلى هذه السوق الصعبة ويتحولون إلى خيار الإيجار، وقد ارتفع الطلب بدرجة كبيرة على شقق سكنية كبيرة وفاخرة، مما جعل الوحدات الموجودة عاجزة عن تلبية هذا الطلب، وذلك بحسب إفادات سماسرة وشركات بناء، وطبقا لبيانات حول سوق الإيجار.

وفي أعلى قمة سوق الإيجار يقف سوق الشقق التي تؤجر مقابل 10 آلاف دولار في الشهر أو أكثر. وبلغت عقود الإيجار الجديدة الموقعة خلال الربع الثالث أكثر من ضعف العدد خلال نفس الفترة من 2009، وهو عام تراجعت فيه المبيعات والإيجارات داخل سوق الوحدات الفاخرة بدرجة كبيرة، وفقا لما ذكره جوناثان ميلر، رئيس شركة التقييم «ميلر صامويل» وشريك في «كوندومينيام ريكافري» التي تستثمر في العقارات.

وعلى الرغم من أن وتيرة مبيعات الشقق التي تتكلف 10 ملايين دولار أو أكثر تظل ضعيفة على نطاق واسع، تظهر بيانات ميلر قفزة كبيرة وزيادة مطردة في عدد عمليات الإيجارات ذات الصلة بوحدات تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار و15 ألف دولار، ولا سيما خلال الأرباع الثلاثة الأولى، ويقوم ملاك العقارات بالحصول على إيجارات تقترب كثيرا مما يطلبونه، وتتراوح الخصومات حول 4 في المائة حاليا، بالمقارنة مع مستواها البالغ نحو 20 في المائة قبل عام، حسبما أشار ميلر. وهذا يعني تحسنا في سوق الإيجارات في هذا الحي الأكثر رقيا في أميركا.

ويقول شون أوشر، الرئيس التنفيذي لشركة سمسرة العقارات «كور ماركتينغ غروب»، إنه بالنسبة للبائعين فإن قرار تأجير عقاراتهم «يعتمد على السوق»، وأضاف أوشر: «عندما يحين الوقت لقياس قيمة العقار لفترة طويلة وانتظار انتعاشة في السوق.. فإن لذلك مغزى بالنسبة لعدد كبير من الناس ممن لا يحتاجون إلى السيولة ويدفعهم إلى أن يقوموا بالإبقاء على العقار وتأجيره».

إذن ما الذي تحصل عليه في سوق الإيجار مقابل 100 ألف دولار في الشهر؟ هذه السوق هي النسبة قليلة من الأثرياء لا تتجاوز نسبتهم 0.0013 في المائة من المؤجرين في نيويورك؟ (يقول ميلر إن هذه النسبة المئوية هي التي تدفع إيجارا لشقة بثمن يبلغ 100 ألف دولار في الشهر، وسط معدلات الإيجارات الحالية).

وداخل برج «ترامب بارك أفينيو» وشارع «بارك أفينيو»، غرب مانهاتن و«59 ستريت»، يمكن أن تحصل على شقة مزدوجة بها أربع غرف نوم على مساحة 6200 قدم مربع، وتبلغ مساحة الحمام فيها 400 قدم مربع. وتوجد أيضا بها ردهات مساحة 1600 قدم مربع، وهذه المنطقة الراقية بالقرب من المتاجر الشهيرة مثل «بلومينغ ديل» و«ساكس فيفث أفنيو»، ولا تبعد كثيرا عن مبنى الأمم المتحدة. طرحت هذه الشقة للبيع عام 2008 مقابل 51 مليون دولار، وعرضت للإيجار مقابل 200 ألف دولار في الشهر. وذلك في أوقات الأزمة المالية، وكادت أن تباع بهذا السعر لولا القدر.

وافق مالكها الملياردير دونالد ترامب في مرحلة ما على العرض الذي قدم له ويتناسب مع السعر الذي طلبه ثمنا للشقة، ولكن للأسف مات المشتري قبل إتمام الصفقة، بحسب ما يقوله مايكل كوهين، المحامي الخاص لترامب في مؤسسة «ترامب». ويقول كوهين، الذي يقيم في المبنى نفسه في العمارة رقم 502 بارك أفينيو، إن الممثل توم كروز وكاتي هولمز والمغنية فيكتوريا بيكام، زوجة نجم كرة القدم البريطاني ديفيد بيكام، كانوا من بين المهتمين بتأجير الشقة، ولكنهم كانوا يرغبون في إيجار الشقة لمدة قصيرة وأقل فترة إيجار هي عام.

ويقول كوهين إنه منذ أن قام بتعديل الأسعار بسبب أزمة الإسكان، لا يوجد سعر محدد مطلوب مقابل الشقة، ويرفض ترامب بصورة عامة قبول أي شيء أقل من السعر الذي يطلبه للبيع أو الإيجار فيما يتعلق بهذا العقار أو أي عقار آخر يملكه. وقال إنه لا توجد قائمة انتظار لعمارات «ترامب».

ويخطط ترامب إلى إجراء بعض عمليات الترميم في شقة «بنتهاوس دبلوكس» من أجل إضافة بعض غرف النوم، في الوقت الذي يرتفع فيه الطلب على إيجار الشقق الفاخرة التي تحتوي على غرف نوم أكثر من غرف النوم الموجودة في هذه الشقة. ويقول كوهين إن نحو 25 وحدة من الـ100 وحدة في العقار مؤجرة حاليا مقابل ما بين 40 ألف دولار إلى 100 ألف دولار في الشهر.

وقد كانت هذه الشقة أغلى شقة مطروحة للإيجار في السوق حتى قبل أسبوع، عندما طلبت شقة في بارك إمبريال داخل كلينتون، في 250 ويست 56 ستريت 120 ألف دولار في الشهر، بحسب ما يفيد به موقع «Streeteasy.com»، الذي يضم معروضات من كبرى شركات السمسرة، وسماسرة مستقلين داخل المدينة.

ويطرح بائعون آخرون وشركات بناء عقارات تابعة لهم للإيجار، بعد الحصول على عروض أقل من السعر المطلوب، أو في ظل غياب أي عروض شراء.

وبدأت «ورلد وايد غروب» تبيع شققا في مبنى مكون من 81 وحدة في 255 إيست 74 ستريت عام 2007. وحدثت عمليات إغلاق في الفترة ما بين خريف 2008 وربيع 2009 - وهي أسوأ فترة للسوق - وكانت الشركة تشاهد سوق الإيجار الفاخر تتراجع، وقررت أن تؤجر خمسا من الشقق.

ويقول ريتشارد ليبو، مدير المبيعات والتسويق داخل «ورلد وايد»: «كانت السوق تقول لنا إن علينا تأجير هذه الشقق», وتم تأجير الوحدات الخمس بسعر 13 ألف دولار في الشهر للوحدة التي يوجد بها ثلاث غرف نوم، وبسعر 18 ألف دولار في الشهر للوحدة التي يوجد بها أربع غرف نوم.

ويقول بعض السمسارة إنه في النهاية ما يحدث في سوق الإيجار الفاخر ربما يكون مرده إلى الخوف من الالتزام بشيء، وربما لا يرى المقيمون الأثرياء في نيويورك حاليا سوق العقارات على أنها استثمار مناسب، أو يريدون أن يضعوا مقدما نسبته 35 في المائة في شقة، في وقت تبقى لديهم شكوك بشأن قيمة إعادة البيع.

وتقول فرانسيس كاتزن، وهي سمسارة لدى «برودنشيال دوغلاس إليمان» التي تقوم بتسويق شقق للإيجار مقابل 20 ألف دولار أو أكثر، إن لديها عميلا جديدا يؤجر شقة مقابل 60 ألف دولار في الشهر، وقررت أن تقضي ما يصل إلى 18 شهرا في البحث عن شيء آخر يحبه في حدود 10 ملايين دولار إلى 12 مليون دولار.

وتقول: «تعود عمليات الإيجار من جديد، لأن الناس لا يمكنهم العثور على المنتج الذي يحتاجون على ضوء السعر الذي لديهم. وإذا علم البائعون بأنهم لن يحصلوا على قسط معين، ويعرفون أن لديهم عقارات فائقة الروعة، حينئذ تصبح الإيجارات شيئا مغريا».

* خدمة «نيويورك تايمز»