خبراء يتوقعون انتعاش سوق العقارات المصرية في 2011 مع ثبات الأسعار

في ظل زيادة الطلب واتجاه البنوك للتخلص من أصولها العقارية

TT

توقع خبراء زيادة النشاط العقاري في مصر خلال العام الجديد، إلا أن هذا النشاط لن يؤثر على أسعار العقارات، خاصة مع اتجاه البنوك المصرية إلى التخلص من أصولها العقارية بعد أن عقدت اتفاقيات مع شركات تسويق وتمويل عقاري تساعدها في التخلص من أصولها العقارية.

وترى شركات الأبحاث وبنوك الاستثمار المصرية أن القطاع العقاري سيشهد نشاطا ملحوظا خلال العام الجديد، ويرى المحللون أن القطاعات الاستهلاكية في مصر (مثل القطاع العقاري) ستقود النمو الاقتصادي خلال العام الجديد، وأرجعوا رؤيتهم تلك إلى تنبؤهم ببطء تحسن الاقتصاد العالمي، ولهذا فإن النمو سيعتمد بشكل أساسي على الاستهلاك المحلي.

ويقول هاني سامي، محلل القطاع العقاري، إن هناك فجوة كبيرة بين العرض والطلب في الوحدات العقارية خاصة المتوسطة والاقتصادية، وهو ما يخلق فرصا كبيرة لهذا القطاع الحيوي للنمو مع تزايد السكان.

ويشير سامي إلى عدة عوامل ستؤثر إيجابيا في سوق العقارات في البلاد خلال العام الجديد، أولها البدء في تنفيذ الكثير من المشروعات، تتزامن مع الاتجاه لإنشاء شركات تمويل عقاري جديدة، وهو ما سينشط الطلب على العقارات، خاصة أن حجم التمويل العقاري ما زال ضعيفا جدا (يمثل 1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي)، وهو ما يعطي مساحة لنمو هذا التمويل العقاري في البلاد.

وأضاف سامي أن الحكومة أعلنت مؤخرا أنها ستصدر تشريعا موحدا يختص بالتصرف في أراضيها، وهو ما سيؤثر إيجابا على المطورين، وسيسهل هذا القانون ويسرع وتيرة الاستثمار العقاري في البلاد.

وأكد سامي أن تطبيق الضرائب العقارية سيكون له تأثير طفيف على القطاع، حيث إن 95% من العقارات معفاة من الضرائب، كما أن معدل الضرائب ضئيل.

من جانبه، يرى حمادة صلاح، عضو الاتحاد العربي للتنمية العقارية، أن عام 2011 سيكون امتدادا للنشاط الذي شهدته السوق العقارية منتصف عام 2010، وتوقع أن يزداد الطلب على الوحدات العقارية، خاصة مع وجود تسهيلات جديدة تتيحها بعض الشركات.

وقال إن برنامج إقراض الموظفين الذي ترغب الحكومة في تفعيله خلال العام الجديد، سيكون له أثر كبير في زيادة الطلب على العقارات، حيث إن هذا البرنامج يمنح الموظفين الحكوميين قروضا بفوائد قليلة (5% تقريبا)، وتلك الفئة هي الأكثر احتياجا للعقارات.

لكنه استبعد أن تؤدي زيادة الطلب على الوحدات العقارية إلى رفع أسعار العقارات، وقال «رغم التوقعات بزيادة الطلب على الوحدات العقارية، فإن هذا لن يدفع الأسعار للارتفاع، حيث إن نمو الطلب ستلازمه أيضا زيادة في المعروض من العقارات، خاصة مع اتجاه البنوك للتخلص من أصولها العقارية، إلى جانب المشاريع العقارية التي تم الإعلان عنها مؤخرا».

ويرى أن اتجاه البنوك للتخلص من أصولها العقارية ظاهرة صحية للسوق كافة، فسيتيح قدرا أكبر من التنافسية بين الشركات العقارية في السوق المصرية، وهو ما سيتيح للمستهلك فرصا جيدة للحصول على وحدات عقارية بأسعار متميزة.

واتجهت البنوك المصرية مؤخرا إلى تبني استراتيجيات جديدة تهدف إلى بيع أصولها العقارية التي آلت إليها من تسوية مديونيات عملائها المتعثرين بعقد شراكات مع شركات تسويق وتمويل عقاري، مستبقة بذلك مطالبات البنك المركزي لها ببيع تلك الأصول، خاصة أنه حدد مدة لا تزيد على 5 سنوات كحد أقصى لاحتفاظها بالعقارات باعتبارها أصولا غير منتجة.

وخلال الشهر الحالي، وقع «بنك القاهرة» و«المصرف المتحد» اتفاقيتين لتسويق العقارات المملوكة لهما، من خلال عقد شراكات مع شركات تسويق وتمويل عقاري. فيما اعتمد بنكا «مصر» و«الأهلي» استراتيجية مختلفة في إدارة الأصول المملوكة لهما من خلال تأسيس شركة لبيع الأصول المملوكة لهما التي آلت إليهما كتسوية لمديونية العملاء الدائنين.

وقال محمد عشماوي، رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إن هناك تفاؤلا بسوق العقارات خلال العام القادم، وقال «وقعنا اتفاقية مع إحدى شركات التسويق العقاري للتخلص من أصول مملوكة للبنك آلت إليه عن طريق بعض المديونيات التي تمت تسويتها مع عملاء متعثرين، ونحن متفائلون بنتائج تلك الاتفاقية خاصة مع تميز وجودة العقارات التي نملكها، وهو ما سيحفز الطلب عليها سواء للمستثمرين المحليين أو العرب والأجانب».

وأشار عشماوي إلى أن توقيت عملية البيع يعتبر مناسبا في الوقت الحالي، مع توقعه بأن يشهد عام 2011 حالة من الانتعاش بسوق العقارات المصرية، بالإضافة إلى اقتحام كيانات جديدة للسوق.

وقالت بسنت فهمي، مستشار بنك «البركة»، إن مشكلة الأصول العقارية بدأت بسبب شركات قطاع الأعمال العام التي لم تستطع سداد مديونياتها للبنوك، وحصلت البنوك على عقارات مقابل ديونها.

ووصفت عملية التخلص من تلك الأصول في الوقت الحالي «بالأمر الصعب» بسبب ما اعتبرته «أوضاعا اقتصادية غير مستقرة داخليا وخارجيا»، وتابعت بقولها «إن البنوك لا تستطيع إلا عرض الأراضي والعقارات في مزايدات علنية، إلا أن هذا الأمر لم يكن مجديا خلال الفترة الماضية، لذا لجأت البنوك إلى عقد شركات مع شركات متخصصة في التسويق والتمويل العقاري».

ورغم أن البنوك لا تستطيع بيع الأصول العقارية إلا بقيمتها العادلة، فإن بسنت ترى أن عملية البيع أمر ضروري الآن، حتى تستطيع البنوك أن تتوافق مع معايير «بازل 2»، والاستعداد لتطبيق اتفاقية «بازل 3»، التي تحتوي على الكثير من المعايير قد ترهق البنوك في مصر للتوافق معها، وتلك المعايير التي تم الإعلان عنها خلال الأسبوع الماضي، وتتعلق بأساليب أكثر صرامة خاصة بإدارة السيولة والمخاطر وغيرهما، وهو ما يحتم على البنوك تنظيف محفظتها العقارية لكي تتوافق مع تلك المعاير.

وتعتقد بسنت أن زيادة المعروض من تلك الأصول العقارية ستكون فرصة أمام المستثمرين للحصول على عقارات بأسعار جيدة، حيث إن البنوك لا تتاجر في تلك العقارات لكنها تسعى للحصول على قيمة ديونها فقط، لذلك ستكون أسعارها مميزة.

وأضافت فهمي أن الاتجاه لتكوين شركات لإدارة الأصول العقارية المملوكة للبنوك أفضل من عقد شراكات لتسويق وبيع العقارات عن طريق التمويل العقاري، فأسس كل من بنكي «الأهلي» و«مصر» شركة لإدارة الأصول المنقولة من شركات قطاع الأعمال العام والتسويات الأخيرة مع بعض رجال الأعمال المتعثرين برأسمال مدفوع يصل إلى 250 مليون جنيه، والمرخص إلى 2.5 مليار جنيه. وقالت بسنت إن هذا الاتجاه أفضل، حيث إن نقل الأصول إلى شركة منفصلة يقابله وضع سيولة في البنوك بقيمة تلك الأصول، لكن قد لا تجد بعض البنوك شركاء لتأسيس مثل هذا النوع من الشركات.