برج «جون هانكوك» الزجاجي في بوسطن يبدأ موسم صفقات العقارات التجارية الكبرى في أميركا

بيع بقرابة المليار وربحت الصفقة 270 مليون دولار في 18 شهرا

TT

كان برج «جون هانكوك»، ناطحة السحاب الزجاجية المكونة من 62 طابقا في حي باك باي في بوسطن، واحدا من أول العقارات التي واجهت المشكلات بعدما انتهت الطفرة العقارية بشكل مفاجئ قبل عامين.

ومع دخول السوق منطقة السقوط الحر، اشترت شركتا «نورماندي رويال استيت بارتنرز» و«فايف مايل كابيتال بارتنرز» المبنى في مزاد نزع ملكية قبل 18 شهرا مقابل 660.6 مليون دولار، أو ما يقرب من نصف سعر عام 2006. وفي الساعة الرابعة من مساء يوم الأربعاء باعت شركتا «نورماندي» و«فايف مايل» رسميا البرج لشركة «بوسطن بروبرتيز» مقابل 930 مليون دولار. وقد صرح فين ونتورث المشارك المؤسس في شركة «نورماندي»، شركة عقارات مقرها موريستاون في نيوجيرسي قائلا: «إنها نتيجة ملحمية لمعلم بارز، فهي نتيجة لمزيج من الذكاء العقاري وذكاء رأس المال».

وتعكس صفقة الأربعاء موجة التفاؤل التي تشهدها الصناعة حاليا، فقد استعادت المباني التجارية بعضا من قيمتها وبدأ المستثمرون يتطلعون لشراء البنايات التجارية ويحدث ذلك تدفقا جيدا للسيولة، أضف إلى ذلك تحسن سندات الرهن العقاري التجاري أيضا على الرغم من تحذير الكثير من الخبراء من أن مليارات الدولارات من القروض سيتوجب سدادها خلال الأعوام القليلة القادمة.

وبدأ التحول في حظوظ «برج هانكوك» بخطة عام 2008 التي حملت قدرا من المجازفة عبر شراء أجزاء من الدين الثانوي، وهو دين صغير لا يتوقع أن يتم رده، وكان هدف «نورماندي» و«فايف مايل» الاستحواذ على البرج عبر الرهن إذا عجز مالك البرج عن سداد القروض. في تلك الفترة لم يكن أحد يعلم ما إذا كان ذلك ممكنا أن يحدث، أو حتى القيمة الحقيقية للمبنى. والآن تقدم هذه الاستراتيجية معيارا لصفقات العقارات التجارية.

ففي عام 2009 فشلت شركة «برودواي بارتنرز» في سداد قرض ثانوي قيمته 472.1 مليون دولار، لكن قرض الرهن العقاري الرئيسي ظل ساريا. واشترت «نورماندي» و«فايف مايل» أكثر من 200 مليون دولار من القروض من مصارف «ليمان براذرز» و«رويال بنك أوف اسكوتلاند» وشركة «غرينويتش كابيتال» بنحو 30 سنتا للدولار. وخلال مزاد نزع الملكية الذي جرى في 31 مارس (آذار) 2009 كانت شركتا «نورماندي» و«فايف مايل» صاحبي العطاء الوحيدين اللذين عرضا 20 مليون دولار مقابل تحمل الرهن العقاري الرئيسي.

ويقول كيفن أوتشيا، الشريك في «ألين آند أوفري»، الذي مثل شركة «نورماندي»، عن ذلك: «كانت حركة جريئة فعلا، كانت المخاطرة محسوبة فيها بدقة. وقد نالوا الجائزة بعدما استقرت قيمة المبنى واستعادت المباني الرئيسية مثل (هانكوك) قيمتها».

لكن ذلك لا يعني أن كل من اتبع هذه الاستراتيجية صادفه الحظ، فقد فشل وليام أكمان من شركة «بيرشنغ سكوير كابيتال ماندجمنت» ومايكل إل آشنار من شركة «وينثروب رويالتي تراست» في الاستحواذ على أبراج «ستايفيسنت تاون» و«بيتر كوبر فيلدج» الضخمة هذا العام، حيث اشترى الشريكان 300 مليون دولار من القروض الثانوية على مجمعات مانهاتن السكنية مقابل 45 مليون دولار. لكن خطتهم فشلت عندما أصدرت المحكمة قرارا بأن على أكمان دفع 3 مليارات دولار قيمة الرهن العقاري الرئيسي قبل تمكنه من الاستحواذ على المبنى. وتخضع الأبراج السكنية التي تضم 11200 شقة إلى سيطرة شركة «سي دبليو كابيتال» التي تمثل المقرضين الرئيسيين.

وقال أكمان عن الصفقة في خطابه الاستثماري عن الربع الثالث: «تعلمت من تجاربي السابقة أن الشجاعة في بعض الأحيان هي المضي قدما في أخذ المخاطرة». ويعتبر «برج هانكوك» أحد أشهر معالم بوسطن، فقد بني في عام 1975، وكان مقياسا لازدهار سوق العقارات في المدينة.

وخلال الشهور التي سبقت اندماج «جون هانكوك» و«مانيولايف فينانشيال أوف كندا»، باعت شركة التأمين الأميركية «برج هانكوك» وثلاثة عقارات أخرى تابعة له في عام 2003 مقابل 926.8 مليون دولار إلى ألان ليفنثال مؤسس شركة «بيكون كابيتال بارتنرز».

وفي صفقة نمطية لتلك الفترة دفع ليفنثال مبلغ 304 ملايين دولار وحصل على قرض رهن عقاري بـ623 مليون دولار على المباني الأربعة. وقدرت شركة «بيكوك برج هانكوك» والمرأب القريب منه بنحو 639 مليون دولار، بحسب المسؤولين التنفيذيين المطلعين على هذه الصفقة. وبعد مرور 3 سنوات على الصفقة ازدهرت سوق العقارات التجارية بفضل مليارات الدولارات التي صبها مستثمرون أجانب وصناديق التقاعد وشركات التأمين والديون الرخيصة من مصارف وول ستريت وصناديق التحوط. وفي المقابل ارتبطت الرهون العقارية بالقروض الأخرى لتتحول إلى سندات تباع للمستثمرين - وهو ما أسهم في الدفع بالمزيد من المال لعقد الصفقات.

ومع تدفق المزيد من المال تمكنت شركة التطوير العقاري وشركات الأسهم الخاصة وصناديق التحوط من شراء العقارات بقدر أقل من الأموال على نحو متزايد، فقد استدان الكثيرون بما يقرب من قيمة أسعار الشراء، مضيفين بذلك رهونا عقارية ثانوية ضخمة إلى محافظهم الاستثمارية.

ومع بلوغ السوق ذروتها دفع سكوت لاولور، مؤسس شركة «برودواي بارتنرز» 3.4 مليار دولار مقابل «برج هانكوك» و9 عقارات أخرى ملحقة به في ديسمبر (كانون الأول) 2006.

وقدرت قيمة «برج هانكوك» والمرأب المجاور له بنحو 1.35 مليار دولار، أي ما يعادل ضعف سعره في عام 2003، بحسب تصريحات المطلعين على الصفقة. لكن الصفقة أثقلت العقار بالدين عبر الرهن العقاري والقروض الثانوية التي غطت ما يقرب من 82 في المائة من سعر الشراء.

وقال لاولور في ذلك الوقت: «هذه مجموعة مميزة من العقارات في سوق مرغوبة للغاية تجعلنا على ثقة بأنها ستوفر عائدات قوية محدودة المخاطر لمستثمرينا».

غير أنه في أعقاب انهيار مصرف «ليمان براذرز» في سبتمبر (أيلول) 2008 انخفضت قيمة العقارات بمقدار الثلث في بوسطن والأماكن الأخرى، بحسب المحللين. ووقف مستأجرو الشركة مثل وكالة «هيل هوليداي» للإعلان في «برج هانكوك» عاجزين أمام ارتفاع أسعار الإيجارات المتواصل، مما دفعهم إلى ترك البرج.

واستحوذت شركة «نورماندي آند فايف مايل» على البرج في ربيع عام 2009، وخلال تلك الفترة قاموا بتجديد البهو وقاموا بإنشاء مرأب أسفل المبنى لكبار المديرين التنفيذيين وتكلفت هذه التطويرات في المبنى أكثر من 40 مليون دولار. كما عرضوا أيضا أسعار إيجار أكثر انخفاضا عن المالكين السابقين. وتمكنوا من إحراز تقدم كبير في مايو (أيار) عندما وقعت شركة «باين كابيتال» عقد إيجار لسبعة أدوار من المبنى، الذي استقطبوه من مبنى مملوك لشركة «بوسطن بروبرتيز». وقال وينتورث: «إضافة إلى مواجهة عائق الدين تمكنا من تحقيق قيمة عقارية بالطريقة التقليدية القديمة».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي طرحت الشركتان المبنى للبيع، وكانت شركة «بوسطن بروبرتيز» الفائز في هذا السباق عندما وافقت على دفع 289.5 مليون دولار وتحمل رهن عقاري بقيمة 640.5 مليون دولار.

خدمة: «نيويورك تايمز»