تقرير بنكي: حزمة القرارات المتعلقة بالإسكان ستساعد السعودية لبناء مليون وحدة

مدير عام «البنك السعودي الفرنسي»: دعم هيئة الإسكان والصندوق العقاري سيسهم في حل أزمة السكن

تقرير «البنك السعودي الفرنسي» يؤكد أن الرهن العقاري سيحل جزءا كبيرا من أزمة تملك المساكن (تصوير: خالد الخميس)
TT

توقع تقرير بنكي في السعودية أن حزمة القرارات التي تختص بالقطاع الإسكاني ستعمل على إيفاء الحكومة في خططها لبناء مليون وحدة سكنية خلال خطة التنمية التاسعة، في الوقت الذي تم دعم هيئة الإسكان وصندوق التنمية العقاري.

وقال تقرير «البنك السعودي - الفرنسي» إن تخصيص الحكومة 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) سيمهد الطريق أمام الحكومة لتفي بعهدها في تنفيذ خطط بناء مليون وحدة سكنية.

وقال التقرير إنه كما يحدث في الكثير من دول الشرق الأوسط أيضا، دأب المواطنون عموما على شراء البيوت بواسطة أموالهم الشخصية ومدخرات العائلة، حيث لا تقدم البنوك في العادة إلا القليل من القروض السكنية لكن بعض المؤسسات والشركات العامة والخاصة تساعد موظفيها في بناء وشراء مساكن من خلال برامج تمويلية خاصة بها.

وأشار التقرير الذي أعده «البنك السعودي - الفرنسي» إلى أن البنوك السعودية لا تقدم قروضا سكنية إلا إلى المواطنين الميسورين؛ لذا لم تسهم في تعزيز القدرة التمويلية للمواطنين ذوي الدخل المحدود والمتوسط، في الوقت الذي زادت البنوك مؤخرا القروض العقارية الممنوحة إلى شركات البناء الكبيرة القادرة على ضمان سداد القروض، وللحد من مخاطر تعثر القروض السكنية الممنوحة إلى المواطنين، قلصت البنوك هذه القروض مؤخرا، مع أنها مطلوبة بشدة.

وأضاف التقرير، الذي أعده الدكتور جون اسفيكياناكيس، مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في «البنك السعودي - الفرنسي»، أن السعوديين ذوي الدخل المحدود يستطيعون تقديم طلبات للحصول على قروض سكنية من صندوق التنمية العقارية العام، الذي أنشئ في السبعينات بهدف تقديم قروض معفية من الفوائد إلى المواطنين الراغبين في بناء وشراء مساكن.

وحيث سيطر صندوق التنمية العقارية على سوق الائتمان العقاري في المملكة لأنه قدم 81 في المائة من إجمالي القروض السكنية، مشيرا إلى أنه منذ تاريخ تأسيسه حتى الربع الثالث من عام 2009، كان صندوق التنمية العقارية قد منح ما مجموعه 145.5 مليار ريال (38.8 مليار دولار) على شكل قروض سكنية مستحقة السداد في 25 عاما.

وتوسع نشاط صندوق التنمية العقارية خلال السنوات الأخيرة بوتيرة عالية؛ وتضاعف حجم قروضه السكنية بين عامي 2005 و2009، بالمقارنة مع السنوات الـ5 السابقة، وفي عام 2009، بلغ مجموع القروض التي منحها صندوق التنمية العقارية إلى المواطنين 5.28 مليار ريال (1.4 مليار دولار)، بينما بلغ 4.99 مليار ريال (1.33 مليار دولار) في عام 2008، وزاد على 3 مليارات ريال (800 مليون دولار) في كل من عامي 2006 و2007.

إلا أن التقرير أشار إلى أن المملكة شهدت في السنوات الأخيرة أعلى معدلات التضخم في تاريخها، الأمر الذي دفع الحكومة السعودية إلى زيادة دعمها المالي للمواطنين، وبلغ حجم القروض التي قدمها صندوق التنمية العقارية في عام 2009، نحو مجموع القروض التي قدمها هذا الصندوق بين عامي 2000 و2004.

وبحسب التقرير، فإن هذا النمو الكبير في النشاط الائتماني لصندوق التنمية العقارية تزامن مع اتجاهين: ارتفاعات كبيرة ومتتالية في أسعار النفط بين عام 2003 ومنتصف عام 2008، مما زاد إيرادات المملكة وصافي الأصول الأجنبية بشكل كبير، وعزز مرونتها وقدرتها على تمويل برامجها الاجتماعية؛ والارتفاع الحاد في أسعار المساكن الذي ترافق مع ارتفاع معدلات تضخم الإيجارات من 4.5 في المائة في مطلع عام 2007، إلى نحو 24 في المائة في منتصف عام 2008.

وعلى خلفية معدلات التضخم العام المرتفعة بسبب تضخم أسعار العقارات السكنية، بالدرجة الأولى، أصبحت الحاجة إلى قروض صندوق التنمية العقارية أكثر إلحاحا، بحسب الدكتور جون اسفيكياناكيس.

واشتملت المكرمة التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الشهر الماضي لدعم المواطنين، التي قدرت قيمتها الكلية بنحو 135 مليار ريال (36 مليار دولار)، اشتملت على دعم صندوق التنمية العقارية بنحو 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار) إضافية، وذلك لكي يتمكن من منح المواطنين مزيدا من القروض السكنية.

وأضاف خادم الحرمين الشريفين 15 مليار ريال (4 مليارات دولار) إلى ميزانية الهيئة العامة للإسكان، لكي تبني مساكن أرخص بحيث يسهل شراؤها على موظفي القطاع العام، مع ذلك، قُدرت فترة انتظار السعوديين، الذين يتقدمون بطلبات جديدة للحصول على قروض من صندوق التنمية العقارية، بنحو 18 عاما، وذلك بسبب تزايد الطلب على هذه القروض.

وتابع التقرير: «من شأن الدعم المالي الإضافي الأخير أن يقلص فترة الانتظار هذه، ولكن ليس بالقدر الكافي لتحقيق هدف الدولة المتمثل في جعلها 8 سنوات فقط»، وطبقا لوزارة الاقتصاد والتخطيط، يتمثل أحد الأسباب الأخرى لطول فترة الانتظار الطويلة بتخلف الكثير من المواطنين عن سداد القروض التي حصلوا عليها من صندوق التنمية العقارية.

وقال وزير المالية السعودي، الشهر الماضي، إن صندوق التنمية العقارية سيستخدم الأموال الجديدة لتوفير 133 ألف قرض إضافي، إلى جانب 600 ألف قرض التي قدمها منذ عام 1975، وفي هذا السياق، وافق صندوق التنمية العقارية حتى الأسبوع الأول من شهر فبراير (شباط) على منح قروض جديدة لبناء 54 ألف وحدة سكنية، قدرت قيمتها الكلية بنحو 13.5 مليار ريال (3.6 مليار دولار).

وأضاف مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في «البنك السعودي - الفرنسي»: «حتى في حال تنفيذ هذه الخطة الرسمية للتمويل العقاري بسلاسة، فإن التحدي المتمثل في تعزيز قدرة المواطنين على شراء مساكن سيظل قائما»، إذ يبلغ القرض الذي يحصل عليه المواطن من صندوق التنمية العقارية 300 ألف ريال (80 ألف دولار) فقط؛ مما يعني أن هذا المبلغ لا يكفي لتغطية تكاليف قطعة الأرض والبيت الذي سيبنى عليها.

وأشار خلال دراسة أجريت لإعداد التقرير حول السوق العقارية السعودية في النصف الثاني من العام الماضي، إلى أن متوسط سعر الشقق الكبيرة في 12 حيا من أحياء الرياض وجدة والخبر والدمام والظهران بلغ 485.833 ريالا (129.5 ألف دولار)، بينما بلغ متوسط سعر الفيلات الصغيرة في هذه المناطق 1.06 مليون ريال (282 ألف دولار)، وبموجب النظام الجديد الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، سيتم رفع الحد الأقصى إلى 500 ألف ريال مما سوف يقلل من فجوة التكاليف.

وقال الدكتور اسفيكياناكيس إن الأسر السعودية تميل إلى تفضيل العيش في الفيلات على العيش في الشقق، لكن أسعار الفيلات أصبحت بعيدة عن متناول الكثير من السعوديين، ففي الرياض، ارتفع متوسط سعر الفيلات الصغيرة بنسبة 19 في المائة في النصف الثاني من العام الماضي بالمقارنة مع نصفه الأول، وبلغ 1.23 مليون ريال (328 مليون دولار)، بينما ارتفع هذا المتوسط في جدة بنسبة 17 في المائة، وبلغ 1.54 مليون ريال (410.6 ألف دولار). وفي المنطقة الشرقية، ارتفع هذا المتوسط السعري إلى 768 ألف ريال (204.8 ألف دولار)، وتشير هذه الزيادات الكبيرة في الأسعار إلى ثقافة تفضيل المساكن الكبيرة؛ وهو ما ينبغي على شركات البناء أن تأخذه بعين الاعتبار، علما بأن أسعار الأراضي تمثل تحديا حقيقيا بالنسبة لقدرة المستهلك على تحمل تكاليف هذه العقارات.

وأوضح التقرير أنه في عام 2004، تعذر بيع ما بين 12 في المائة و15 في المائة من هذه العقارات، أي نحو 4 أضعاف النسب الاعتيادية، وذلك طبقا لبيانات وزارة الاقتصاد والتخطيط، ويعتقد أن نسبة الفيلات الصغيرة والشقق الكبيرة الشاغرة حافظت على مستوياتها المرتفعة خلال ما مضى من العام الحالي، بسبب عدم قدرة الكثير من المواطنين على شراء مثل هذه العقارات.

معروض المساكن ينمو لكن ليس بالوتيرة الكافية ونظرا إلى المنحى التصاعدي لأسعار المساكن، بات من الضروري الإسراع في اتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة النقص في معروضها.

وطبقا لـ«البنك السعودي - الفرنسي»، فتحتاج المملكة إلى بناء 275 ألف وحدة سكنية جديدة سنويا على مدى السنوات الـ6 الممتدة حتى عام 2015، لتلبية إجمالي الطلب المحلي الذي سيبلغ خلال هذه الفترة نحو 1.65 مليون وحدة سكنية جديدة.

لكن الخطة التنموية الرسمية التاسعة 2010 - 2014، قدرت حجم الطلب السنوي بنحو 250 ألف وحدة سكنية فقط - قدرت مجموع هذا الطلب على مدى سنوات الخطة الخمسية التاسعة بنحو 1.25 مليون وحدة سكنية - ويشار هنا، إلى أن الخطة الخمسية التاسعة تمثل برنامجا واسعا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تقدر تكلفته الكلية بنحو 400 مليار دولار، بحسب التقرير.

وتوقعت الخطة أن يبلغ المتوسط السنوي لمعدلات النمو السكاني 2.23 في المائة خلال الفترة الممتدة حتى عام 2014، لذا؛ توقعت المملكة العربية السعودية أن ينمو عدد الأسر السعودية بنحو 750 ألف أسرة، مما يتطلب بناء 800 ألف وحدة سكنية جديدة.

كما ينبغي بناء 200 ألف وحدة سكنية أخرى لتلبية طلب السكان غير السعوديين، طبقا للخطة الخمسية التاسعة التي تدعو أيضا إلى بناء 110 آلاف وحدة سكنية احتياطية لتخفيف معدل نمو تضخم الإيجارات، كما تؤكد هذه الخطة ضرورة بناء 140 ألف وحدة سكنية إضافية لاستبدال الوحدات القديمة وتلك التي «تهالكت قبل الأوان»، نتيجة لنوعيتها الرديئة.

ولا يزيد متوسط عمر معظم مباني المملكة على 30 سنة، الأمر الذي يحد من نمو سوق حيوية مثل سوق العقارات المستعملة، وترفض البنوك عموما منح قروض سكنية لشراء مساكن يزيد عمرها على 10 سنوات أو 15 سنة، وقد تخفف هذه القيود عندما تتحسن نوعية الوحدات السكنية، وفقا للتقرير.

وبحسب المناطق، فقد يأتي الطلب الأكبر من منطقة مكة المكرمة التي تشتمل على مدينة جدة ذات الميناء المهم على البحر الأحمر، وذلك بواقع 370 ألف وحدة، تليها العاصمة، الرياض، بواقع 325 ألف وحدة، طبقا للتقديرات الرسمية.

وتسهم هاتان المنطقتان مع المنطقة الشرقية والمدينة المنورة بنحو ثلاثة أرباع الطلب الجديد المتوقع على المساكن خلال السنوات الـ5 للخطة التنموية التاسعة، طبقا للبيانات الرسمية، وليس من المفاجئ أن يتركز الطلب في جدة لأن نسب الوحدات السكنية المأهولة فيها تزيد على 95 في المائة بسبب الأضرار التي ألحقتها الفيضانات الغامرة بالكثير من الوحدات السكنية هناك. لكن معدل نمو أعداد المواطنين الراغبين في الانتقال من الاستئجار إلى التملك أعلى في باقي مناطق المملكة منه في منطقة جدة.

وتعتزم الحكومة السعودية إضافة مليون وحدة سكنية جديدة إلى السوق بحلول عام 2014، أي أقل من مستوى الطلب الذي توقعته بنسبة 20 في المائة، أو بواقع 250 ألف وحدة. لكن إنجاز 200 ألف وحدة جديدة سنويا يتطلب زيادة هائلة في معدل نمو قطاع البناء قدرها 66 في المائة من معدل النمو الذي سجله هذا القطاع في السنوات الـ5 السابقة.

وخلال سنوات الخطة الخمسية الثامنة (2005 - 2009)، تم بناء 120 ألف وحدة سكنية جديدة سنويا، أي ضِعف المعدل السنوي الذي سجلته الخطتان الخمسيتان السابقتان. وفي الحقيقة، لم تحقق الخطط الخمسية الثلاث الأخيرة الأعداد المستهدفة للوحدات السكنية الجديدة، ويتوقع «البنك السعودي - الفرنسي» أن يسهم الزخم الحكومي الموجود لبناء مليون وحدة سكنية، وأن تخصيص 250 مليار ريال للهيئة العامة للإسكان الذي يدعو إلى بناء 500 ألف وحدة سكنية على الفور سوف يمهد الطريق أمام الحكومة لكي تفي بعهدها.

وأضاف: «حتى إذا تمكنت المملكة من تحقيق هدف المليون وحدة سكنية جديدة، فإننا نقدر النقص في المعروض بنحو 375 ألف وحدة سكنية، ذلك لأن شريحة الشباب الكبيرة في السعودية قادرة على رفع معدلات نمو الطلب على المساكن بوتيرة متسارعة خلال السنوات القادمة، خصوصا في المدن الكبيرة، وطبقا لتقديراتنا، وستشهد الرياض وجدة أكبر نسب النقص في معروض العقارات السكنية».

ولفت الدكتور جون اسفيكياناكيس، مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في «البنك السعودي - الفرنسي»، إلى أن أعدادا كبيرة من السعوديين انتقلوا إلى العيش في المدن الكبيرة خلال العقد الماضي.

فبين عامي 2001 و2007، ازداد عدد المواطنين المستقرين في الرياض بنسبة 23 في المائة وهذه هي أعلى نسبة من نوعها في البلاد، بينما ازداد عدد الوافدين المقيمين في الرياض بنسبة 24 في المائة، وفي المدن الصغيرة مثل الباحة، انخفض عدد المواطنين بأكثر من 22 في المائة، بينما نما عدد سكان كل من عسير وحائل بأقل من 5 في المائة.

وتابع التقرير: «إذا استمر هذا الاتجاه، فستزداد الضغوط المفروضة على معروض العقارات السكنية في المدن الكبيرة، ويسهم ازدياد أعداد الوافدين في رفع الإيجارات، الأمر الذي قد يزيد أعداد السعوديين الراغبين في الانتقال من الاستئجار إلى التملك. ويبلغ معدل تضخم الإيجارات حاليا 10 في المائة، علما بأنه انخفض إلى النصف خلال السنتين الماضيتين».

ويميل متوسط عدد أفراد الأسرة السعودية إلى الانخفاض في المدن الكبيرة. فطبقا لبيانات الإحصاء السكاني الذي أجري في عام 2004، بلغ المتوسط الوطني العام لحجم الأسرة السعودية 6.1 فرد، لكن عدد أفراد الأسر السعودية التي تقطن المدن الصغيرة والقرى أكبر بكثير من المتوسط العام.

ففي الجوف والأجزاء الشمالية للمملكة، بلغ متوسط عدد أفراد الأسرة 8.4 فرد و8 أفراد على التوالي، بالمقارنة مع 6.2 فرد في الرياض و5.1 فرد في منطقة مكة المكرمة و5.8 فرد في المدينة المنورة، وتتوقع الهيئة العليا لتطوير الرياض أن ينخفض متوسط حجم الأسرة في الرياض إلى 5.7 فردا خلال العقد المقبل. ولم يُكشف بعد عن جميع تفاصيل بيانات الإحصاء السكاني الذي أجرته المملكة في عام 2010.

الدور الحاسم للقطاع الخاص في توفير الوحدات السكنية الجديدة: يعد تحقيق الأهداف المتعلقة بأعداد الوحدات السكنية الجديدة عنصرا حاسما للحد من ارتفاع أسعار العقارات السكنية خلال السنوات المقبلة، ومن المتوقع أن يتحمل القطاع الخاص أعباء تحقيق هذه الأهداف، بحسب ما ذكر الدكتور جون اسفيكياناكيس، مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في «البنك السعودي - الفرنسي».

وطبقا للخطة التاسعة، ستبني شركات القطاع الخاص معظم الوحدات السكنية الجديدة، بما في ذلك 61 في المائة من الوحدات الجديدة التي ستبنى في العاصمة، الرياض، و62 في المائة من الوحدات الجديدة التي ستبنى في منطقة مكة المكرمة.

وتتبنى الخطة الخمسية الرسمية التاسعة الأهداف التالية: أن تبني الهيئة العامة للإسكان 66 ألف وحدة سكنية، وأن يمول صندوق التنمية العقارية بناء 109 آلاف وحدة سكنية عبر تقديم 90 ألف قرض، وأن تبني المؤسسات العامة المعنية 50 ألف وحدة لموظفيها، وأن يمول ويبني القطاع الخاص 775 ألف وحدة سكنية، ويتم تخصيص نحو 266 مليون متر مكعب من الأراضي لتنفيذ مشاريع سكنية.

وأشار «البنك السعودية - الفرنسي» إلى أنه ينبغي على المساكن الجديدة أن تكون رخيصة وكبيرة نسبيا وأكثر راحة، حيث إنه في عام 2004 اتضح أن عدد الأفراد الذين يشغلون غرفة واحدة كان أعلى من متوسط المعدل الوطني بالنسبة لنحو 56 في المائة من الأسر السعودية، مما يعني أن غرف نومهم كانت مكتظة أكثر مما ينبغي.

ودعا إلى التركيز على توفير فيلات ودبلوكسات رخيصة وتشتمل على غرفتي نوم أو 3 غرف، حيث أظهرت إحدى الدراسات السكانية التي أجريت في عام 2007، أن ثلث السعوديين فقط يعيش في شقق، وأن ثلث هؤلاء فقط يمتلك الشقق التي يقطنها، بينما بلغت نسبة تملك الفيلات 85 في المائة والبيوت التقليدية 79 في المائة.

وفي جدة، حيث أسعار العقارات السكنية هي الأعلى في البلاد، أصبح شراء مسكن بعيدا عن متناول معظم المواطنين، وتبلغ نسبة مالكي المساكن في مدينة جدة حاليا 41 في المائة فقط، بينما تبلغ نسبة المستأجرين فيها 52 في المائة، طبقا لبيانات المرصد الحضري لمحافظة جدة.

وتابع التقرير: «يتطلب تشجيع القطاع الخاص على تمويل مشاريع سكنية ضخمة في إطار قانوني أكثر فاعلية ودعما لهذا القطاع في مجال البناء، وقد بدأت المملكة، للمرة الأولى في تاريخها، بمنح بعض شركات البناء رخصا لبيع عقارات قيد الإنجاز (على الورق)، وأثارت مبيعات العقارات على الورق في العقد الماضي موجة من المضاربات وفقاعة عقارية في عدد من المدن الخليجية، خصوصا دبي التي تلقت سوقها العقارية ضربة قوية».

الحافز المتمثل في القانون ونظام الرهن العقاري: سيؤدي تمرير قانون ونظام الرهن العقاري السعودي، الذي طال انتظاره، إلى تحفيز القطاع العقاري المحلي، ويتوقع التقرير أن يعزز هذا القانون العناصر الأساسية للسوق العقارية المحلية، وأن يوفر المزيد من فرص التمويل لذوي الدخل المتوسط والمحدود في حال إقراره وفرض تطبيقه. وفي وقت سابق من الشهر الحالي.

وقال رئيس مجلس الشورى: «إن تمرير قانون الرهن العقاري أعطي الأولوية على جدول أعمال المجلس بناء على توصية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. لذا؛ يتوقع أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في العام المقبل بعد عدة تأخيرات».

وحتى الآن، بحسب التقرير، يُضطر المواطن الذي يريد شراء مسكن إلى الاعتماد على مدخرات عائلته أو إلى الاقتراض من البنوك بأسعار فائدة مرتفعة، علما بأن هذا الخيار متاح فقط لأولئك القادرين على تأمين دفعات أولى كبيرة وسداد القروض خلال 15 سنة أو أقل.

وبالتالي، لا تمنح البنوك قروضا سكنية إلا إلى الذين يصنفون ضمن الفئة ذات المخاطر المحدودة نسبيا، ويستطيع نظام الرهن العقاري أن يغير هذه المعادلة تماما لكن على حساب بعض الحماية الاجتماعية التي تضمن عدم مصادرة بيوت المقترضين وإخراجهم منها، وبعبارة أخرى بحسب الدكتور اسفيكياناكيس يستطيع القانون تغيير المعايير السائدة حاليا من خلال السماح للبنوك باستعادة العقارات من المالكين الذين يتخلفون عن سداد القروض السكنية.

وعالميا، تجيز قواعد الائتمان العقاري للبنوك طلب سداد كامل القرض إذا تخلف المقترض عن دفع الأقساط المستحقة. وفي حالة عجز المقترض عن سداد القرض، يعين القاضي وكيلا لكي يبيع العقار في مزاد علني لكي يسترد البنك قرضه، وتعتبر هذه الممارسة، في الغالب، متناقضة مع الشريعة الإسلامية. لذا؛ من الحاسم مراقبة كيف سيعالج القانون الرهن العقاري الجديد هذه المسألة. مع ذلك؛ تم تطبيق قواعد الرهن العقاري بنجاح في دول إسلامية أخرى، مثل مصر وماليزيا.

ويشتمل مشروع القانون ونظام الرهن العقاري السعودي الجديد على 5 عناصر أهمها: ضوابط تسجيل العقارات، وآليات فرض تنفيذ القانون والنظام، وقواعد عمل شركات الرهن، والمؤسسات المالية الخاصة والعامة الناشطة في مجال التمويل العقاري. ومن الحاسم أن ينشئ هذا النظام دائرة عامة لتسجيل سندات الملكية يتم من خلالها استبدال النظام الحالي القائم على خدمات كاتبي العدل العامين، لأنهم يطبقون معايير معيبة.

وبموجب نظام الرهن العقاري الإسلامي، تشتري البنوك المسكن نيابة عن المشتري ثم تبيعه إليه بربح محدد وتسمح له بسداد ثمن العقار على أقساط. وهناك طريقة أخرى هي «الاستئجار المنتهي بالتمليك» وتقضي بأن يشتري البنك المسكن ويؤجره إلى «المقترض» الذي يدفع الإيجار وأقساطا ثمنا للمسكن مع الحصول على حصة فيه.

وبسبب غياب قانون واضح للرهن العقاري يحكم امتلاك العقارات وإعادة امتلاكها ويفرض مصادرة العقارات وطرد مالكيها منها في حال تجاوزهم القانون، أحجمت البنوك عن توسيع نشاطها في مجال الائتمان العقاري. وإذا توافرت الحماية الكافية للبنوك، ستوسع تمويلها العقاري حتما في المدى البعيد وستكون أقل تلافيا للمخاطر، الأمر الذي سيعزز قدرة المواطنين ذوي الدخل المحدود على شراء مساكن. وعندما يدخل القانون الرهن العقاري الجديد حيز التنفيذ، ستتمكن المؤسسات الائتمانية أيضا من خفض أسعار فائدة القروض السكنية، في النهاية، لأن هذا القانون سيدعم التمويل العقاري.