«فيكتوريا رود».. الشارع اللندني الذي يبلغ متوسط سعر المنزل فيه 10 ملايين دولار

قفز إلى المرتبة الأولى لأغلى شوارع العاصمة البريطانية بعدما كان عاشرا قبل عام

TT

رغم توقعات تراجع أسعار العقار بنسب هامشية هذا العام في بريطانيا، فإن هناك مناطق محصنة ضد الكساد وضد تراجع الأسعار. هذه المناطق يقع معظمها في لندن وضواحي جنوب شرقي إنجلترا حول العاصمة، وتزداد فيها القيمة عاما بعد عام. إحدى شركات أبحاث أسعار العقار على الإنترنت، واسمها «هاوس برايس»، اكتشفت أن هناك شوارع بعينها في قلب لندن وصلت فيها الأسعار إلى أرقام فلكية، ومع ذلك يزداد عليها الطلب. وكشفت أبحاث الشركة عن أن أغلى شارع في لندن هو «فيكتوريا رود» في منطقة كنسنغتون غرب العاصمة، بمتوسط سعر لكل عقار فيه يبلغ 6.42 مليون إسترليني (10.2 مليون دولار).

والغريب أن هذا السعر المتوسط يمثل قفزة قوية في قيمة العقارات في هذا الشارع، ففي بحث العام الماضي كان هذا الشارع في الموقع العاشر على لائحة أغلى شوارع لندن بمتوسط سعر لا يزيد عن خمسة ملايين إسترليني (ثمانية ملايين دولار). وتحققت القفزة القوية بعد تسجيل بيع عقار في الشارع خلال العام الماضي بمبلغ وصل إلى 11 مليون جنيه إسترليني (17.6 مليون دولار). ويستمد البحث السنوي أرقامه من سجل بيع العقارات الرسمي الذي تسجل فيه كل الصفقات العقارية وأسعارها في إنجلترا.

فما هي مزايا هذا الشارع الارستقراطي الذي ربما لم يسمع به كثيرون من سكان لندن نفسها؟ تقول الشركة إنه قريب من عدة معالم ثقافية مثل قاعة «رويال ألبرت هول» التي تعقد فيها كل الأحداث الغنائية والفنية والموسيقية والرياضية، ومتحف العلوم الطبيعية الذي يعد من معالم لندن السياحية. وهو يقع على الجانب الجنوبي لحدائق هايد بارك، ويسكنه الكثير من المشاهير، كما يملك فيه النجم الأميركي داستن هوفمان منزلا. ويعرض في الوقت الحاضر منزل في هذا الشارع مكون من ثماني غرف نوم بمبلغ 13 مليون جنيه إسترليني (20.8 مليون دولار).

ويتصدر لائحة عام 2011 لأغلى شوارع لندن 20 شارعا بترتيب قيمة العقارات فيها. وتتراوح القيمة بين 6.4 مليون إسترليني (10.2 مليون دولار) في «انغرام افينيو» في منطقة الشمال الغربي إلى 4.8 مليون إسترليني (7.7 مليون دولار) في منطقة حدائق تشيلسي. وتقع بقية الشوارع بين هذين الرقمين، ويتميز كل منها بمجموعة من الأثرياء والمشاهير الذين اختاروا الإقامة فيه، ومنهم مثلا مارغريت ثاتشر ورومان إبراموفيتش وغيرهما. والملاحظ أن 14 من أغلى 20 شارعا في لندن تقع في حي كنسنغتون، مما يجعله الحي الارستقراطي الأول بلا منازع في لندن.

وفي العام الماضي كان الشارع الأغلى في لندن هو ميدان «تشستر» الذي تصدر اللائحة لعامين متتاليين، ولكنه تراجع هذا العام إلى المركز الثالث بعد «انغرام افينيو».

من مزايا الشوارع الارستقراطية أيضا، سواء في لندن أو في مناطق بريطانية أخرى، أن معظمها يتمتع بمواقع جيدة تربطها بوسائل المواصلات المختلفة سواء داخل العاصمة أو بالطرق السريعة التي تصلها بالمدن الأخرى. كما أن بعض هذه المنازل، أو بالأحرى القصور، تقع بالقرب من ملاعب غولف، وهو أمر مرغوب من الأثرياء الذين يقضون وقتا طويلا في ممارسة رياضة الغولف.

من العوامل الأخرى شهرة مناطق بعينها أو شوارع بين طبقات الأثرياء لجنسيات معينة. فالعرب يعشقون مايفير ومناطق محيطة بهايد بارك، بينما يفضل الهنود مثلا شارعا اسمه «استونز رود»، وهو تقريبا يقتصر عليهم وتزداد فيه الأسعار عاما بعد عام.

ولكن السبب الأهم في احتفاظ هذه العقارات السوبر بقيمتها هو وجودها في بريطانيا. وتقول مطبوعة «فوربس» المتخصصة إن بريطانيا بها أكبر نسبة من القصور والعقارات الفاخرة بالنسبة للمساحة وعدد السكان من أي مكان في العالم. والسبب هو أنها مستقرة اقتصاديا وسياسيا، مع وجود رغبة عارمة لدى أثرياء العالم في ملكية عقار فاخر في لندن أو قصر في الريف الإنجليزي.

وهناك الكثير من الخيارات بين المنازل الحديثة في قلب لندن مثل عقارات «وان هايد بارك» المكونة من شقق ارستقراطية تتراوح الأسعار فيها ما بين خمسة و20 مليون جنيه إسترليني، وبين القصور التقليدية التي تتيح مساحات شاسعة من الأراضي حولها ومبانٍ تشبه القلاع القديمة.

وتلاحظ شركات العقار في لندن أن معظم هذه العقارات التي تصل إلى السوق تباع لأثرياء أجانب. فالارستقراطيون الإنجليز عادة ما يعجزون عن تحمل تكاليف إدارة وصيانة عقاراتهم العتيقة التي ورثوها، الأمر الذي يدفع البعض منهم إلى فتحها لزيارات سياحية مقابل رسوم زيارة.

وهناك بعض الصفقات العقارية التي تلفت الأنظار الإعلامية في داخل بريطانيا نظرا لحجمها الهائل، ولأنها لا تعبر عن مستوى الأسعار السائد وإنما عن حالات خاصة. من هذه الصفقات قصر في حدائق كنسنغتون بالاس اشتراه الثري الهندي لاكشمي ميتال، صاحب شركة «ميتال» للصلب، بمبلغ 70 مليون جنيه إسترليني، وكان البائع في هذه الحالة هو بيرني ايكلستون صاحب امتياز سباقات فورميولا - 1. وتقلدت هذه الصفقة لقب اغلى صفقة عقار بريطاني لعدة سنوات. وفي الشارع نفسه جرت صفقة أخرى بمبلغ 41 مليون جنيه إسترليني فاز بها الثري الروسي ليونارد بلافاتنيك بعد حرب مضاربة أسعار مع رومان إبراموفيتش وميتال. ويتميز هذا العقار بوجود عشر غرف نوم وتسعة حمامات.

ويقول تريفور ابرامسون من شركة «جينتري ايستيت» العقارية في لندن إن العرب والروس يسيطرون على القطاع الفاخر في لندن في الوقت الحاضر في منافسة شرسة بينهما. وهو يعتقد أن هناك مجتمعات عربية وروسية متكاملة داخل لندن ترحب بقدوم الأثرياء الجدد وتقدم لهم كل الخدمات التي يحتاجون إليها حتى لا يشعروا بالغربة. وهو يعتقد أن الموجة التالية من مستثمري العقار الأجانب سوف تأتي من الصين.

ولا تعتقد شركات العقار اللندنية أن الوضع الاقتصادي المتأزم ونسب البطالة العالية يمكنها أن تؤثر على أسعار العقار الفاخر في بريطانيا. ويؤكد جوناثان هيوليت من شركة «سافيل» العقارية الدولية أن القطاع الفاخر في لندن يتبع قانونا مغايرا لبقية قطاعات سوق العقار. فالطلب العقاري في لندن هو طلب عالمي وليس طلبا بريطانيا. ومع ذلك فعدد المشترين في هذا القطاع قليلون، وينصح هيوليت البائعين بعدم توقع البيع السريع حيث تتم الصفقات في قطاع ما فوق عشرة ملايين إسترليني بعد عامين في المتوسط من وقت عرض العقارات الفاخرة للبيع. وخلال العام الأخير تم بيع نحو 30 عقارا بسعر يزيد عن عشرة ملايين إسترليني، وحققت كلها زيادة في القيمة لبائعيها.

ويشرح نويل فلينت من شركة «نايت فرانك» أن العقارات التي يزيد ثمنها عن 20 مليون جنيه إسترليني ولا تقدم مزايا مرموقة يكون بيعها صعبا. أما العقارات التي تقدم كل المزايا المطلوبة في هذا القطاع فهي تباع بسهولة مهما كان ثمنها.

وعلى نقيض أغلى مناطق العاصمة تظهر الإحصاءات نفسها أن مقاطعة ويلز ما زالت هي الأرخص حتى في القطاع الفاخر حيث يصل متوسط القيمة في أغلى شوارعها إلى 648 ألف جنيه إسترليني.

ومن أغلى شارع في لندن إلى أغلى عقار فيها وهو قصر «فرانشوك فيلا» في حي كنسنغتون الذي بيع قبل عامين بمبلغ 80 مليون جنيه إسترليني (128 مليون دولار)، لكي يحطم الرقم السابق الذي كان يحمله منزل لاكشمي ميتال. وقالت الشركة البائعة إن العقار يمكن أن يكون أيضا هو الأغلى في العالم كعقار منفرد وليس كقصر مكون من عدة مبانٍ. ولم تعلن الشركة عن اسم المشتري ولكن الإعلام البريطاني توصل إلى هويته واكتشف أنها ثرية من أوكرانيا متزوجة من رجل أعمال وأنها ابنة الرئيس الأوكراني. ولا تقع الفيلا بعيدا عن شارع «هاي ستريت كنسنغتون» وقد تم إعادة بنائها حديثا بمبلغ عشرة ملايين إسترليني. وهي تضم حمام سباحة وقاعة رياضية وسينما وسونا تحت أرض الفيلا، ولم تلفت الصفقة الأنظار إلا بعد أن شكا الجيران من الإزعاج الدائم لعملية البناء التي تجري في الحي.

ومن العقارات الأخرى المتميزة في لندن:

* «وان هايد بارك»: الشقة الرئيسية التي تقع على قمة عنوان «وان هايد بارك» اسمها «بنتهاوس»، وهي أغلى موقع في المبنى وتتميز بمشاهد بانورامية لحدائق هايد بارك وحي نايتسبردجز، وهي مجهزة بنوافذ ذات زجاج مضاد للرصاص، وحارس خاص مدرب مع القوات البريطانية الخاصة، ونظام حماية للدخول يعتمد على فحص العين، وغرف حماية خاصة، ونفق سري خاص إلى فندق «ماندارين» المجاور، وخدمة كونسييرج 24 ساعة يوميا. وتشارك الشقة في مزايا مشتركة مثل ملاعب اسكواش وقاعات رياضية. وهناك تقديرات مختلفة للقيمة، ولكن موقع «بروبرتي مول» يقيم الشقة بنحو 200 مليون دولار.

* «أبداون كورت»: وهو قصر يقع في مقاطعة ساري القريبة من لندن وتبلغ قيمته 139 مليون دولار. في عام 2008 كان هذا العقار هو ثالث أغلى عقار في العالم، وكانت قيمته حينذاك تبلغ 110 ملايين دولار، أي أنه زاد في قيمته بنسبة كبيرة رغم مرحلة الكساد. ويتكون العقار من 103 غرف، ويحتوي على خمسة حمامات سباحة، وسينما تضم 50 مقعدا، وشاشة عريضة، ونقوش ذهبية على الأرضية من الذهب الخالص. وهو يوفر ملاعب رياضية متعددة، منها ملاعب اسكواش وتنس مغطاة وبأضواء صناعية، كما تحيط بالقصر مساحة 58 فدانا بها مزارع وإسطبلات ومرأب تحت الأرض يتسع لثماني سيارات ليموزين. وتتصل غرفة النوم الرئيسية بحمام سباحة خاص عبر مصعد زجاجي، كما يوجد حمام سباحة آخر على سطح القصر.