بدء موسم اقتناص عقارات العطلات الفاخرة

المستثمرون يتجنبون المواقع التقليدية ويبحثون عن القيمة

العقارات الساحلية على البحر المتوسط مثل سانت تروبي على الريفييرا الفرنسية حافظت على قيمتها
TT

ما زالت مواقع العطلات التقليدية للعقار الفاخر تحتفظ بقيمتها العالية التي لا تعكس حالة السوق، ففي أسواق موناكو وكوت دازور وماربيا ما زالت العقارات نادرة، وما زال الحصول عليها صعبا. ولكن كل مواقع السوق الأخرى تراجعت فيها الأسعار بنسب مغرية شجعت المستثمرين على العودة إلى الأسواق بحثا عن الفرص. وتقول مصادر شركات العقار، إن العقارات الفاخرة التي لم تتراجع في قيمتها لا تعكس تحولات السوق بقدر ما تعكس عدم رغبة ملاكها الأثرياء في البيع، أو بالأحرى عدم حاجتهم للبيع.

ولتوضيح وضع السوق تقول جوانا ليفريت، رئيسة العقارات الدولية في شركة «سافيل» إن جزيرة مايوركا أضحت مقصدا لأصحاب الملايين في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ولكنها ما زالت تحتفظ بقيمة عقارية عالية، على الرغم من الأزمة التي خصمت نحو 40 في المائة من قيمة العقارات الإسبانية بوجه عام. ومع ذلك فإن جزيرة إيبيثا القريبة تقدم عقارات من المستوى نفسه من الفخامة، ولكن بأسعار منخفضة كثيرا عن تلك المتاحة في مايوركا.

وتوضح الأهمية المتزايدة لجزيرة إيبيثا في مجال العقار السياحي التحولات التي جرت على أسواق العقار في السنوات الأخيرة، حيث إن المشترين تغيروا من أثرياء كبار في السن إلى شباب يبحث عن الصفقات الجيدة في كل القطاعات ومستعد للذهاب إلى أبعد من المناطق التقليدية. وتصف شركات العقار هذه الاستثمارات الجديدة بأنها «أموال ذكية» تبحث عن أفضل الفرص في الأسواق وأفضل قيمة بين العقارات.

ويعرض مارك هارفي من شركة «نايت فرانك» فيللا تطل على البحر في موقع بانورامي في جزيرة إيبيثا متاحة بسعر يبلغ 2.6 مليون يورو، وهو يؤكد أن الفيللات المشابهة لها في الموقع والمساحة في مايوركا تبلغ ضعف هذا الثمن. ومع ذلك فحتى الأسعار السائدة في مايوركا تأثرت هي الأخرى بالأزمة العقارية التي ضربت إسبانيا بشدة، حيث تقل معدلات الأسعار السائدة فيها الآن عن تلك التي كانت سائدة في عام 2007.

كما تقدم شركة «سافيل» فيللا مكونة من ست غرف مطلة على البحر مباشرة في منطقة فورمنتور باي بتخفيض كبير في الثمن من 17.5 مليون يورو إلى 10.75 مليون يورو. وهي بواجهة زجاجية تقدم مشاهد خلابة وشبه لا نهائية للبحر المتوسط وتفتح غرفة المعيشة على حمام سباحة يبدو وكأنه مرتبط بالبحر مباشرة ويمكن تسخينه، بالإضافة إلى جاكوزي وصالون لتناول الطعام.

وفي منطقة سانتا بونسا في مايوركا أيضا تقدم شركة «تشسترتون» العقارية فيللا بمبلغ 4.5 مليون يورو بتخفيض قدره مليون يورو وبها كافة المزايا المذكورة في الفيللات الساحلية، بالإضافة إلى ميزة أخرى مهمة وهي قربها من ميناء فويرتو أدريانو الذي يمكن أن ترسو به اليخوت من الحجم السوبر.

ولهؤلاء الذين يهمهم الشراء في السوق الإيطالية تتألق منطقة لونيجيانا من توسكاني. وتقول ليفريت إن المنطقة غير معروفة في أوساط شركات العقار غير الإيطالية وهي لا تبعد كثيرا عن مناطق أخرى معروفة وباهظة الثمن مثل منطقة شيانتي. وهي منطقة تحتوي على كافة الثروات الطبيعية التي تتمتع بها توسكاني بالقرب من شواطئ البحر وسلاسل الجبال المحيطة بالمنطقة.

ويمكن للمستثمرين شراء قلعة في المنطقة بأسعار تبدأ من 2.5 مليون يورو. وهي قلاع تاريخية تقام على الأنهار ويتم الوصول إليها عبر جسور خاصة بها يمكن رفعها لعزل المكان تماما عن العالم الخارجي. إحدى هذه القلاع اسمها بودريتو، وهي قريبة من عدة مطارات في المنطقة، بالإضافة إلى الساحل الإيطالي. وعلى مقربة نصف الساعة بالسيارة يمكن التوجه إلى الجبال، حيث رياضة التزلج على الجليد.

ومن أهم المناطق التي ارتفعت أسعارها كثيرا في العامين الأخيرين منطقة توسكاني، وإلى حد ما منطقة أمبريا وجزيرة سردينيا. وهناك الآلاف من العقارات الإيطالية المعروضة للبيع في المناطق الريفية ما زالت تعتبر بين الأرخص أوروبيا. ولكن الاستثمار الأجدى قد يكون في المدن النامية في مجالات الصناعات والخدمات الحديثة مثل تورينو وميلانو. وتعتبر المناطق التالية واعدة في الاستثمار العقاري في إيطاليا:

* توسكاني: وهي أهم وأشهر منطقة إيطالية، وأيضا الأغلى ثمنا عقاريا. وينافس توسكاني الكثير من المناطق السياحية الأوروبية في اجتذاب الاستثمار العقاري الأجنبي. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار العقار فيها، فإنها ما زالت تجتذب الكثير من المستثمرين الذين يبحثون عن عقارات ذات مواقع متميزة.

* أمبريا: وهي منطقة جبلية بلا شواطئ تقع في المنتصف تقريبا من شبه الجزيرة الإيطالية. وتنتشر بها الجبال التي تكتسي قمما بيضاء في الشتاء والوديان الخصبة طوال العام. وينبع منها نهر تايبر الذي يتوجه نحو روما. وهي تتسم بشبكة مواصلات ممتازة ومطار دولي قريب في روما.

* كالابريا: وهي منطقة طبيعية تقع فيها مدينة سكاليا التاريخية التي تمتد على مرتفع في وسطها وما زالت تحتفظ بالسور القديم الذي يحيط بها منذ العصور الوسطى. وهي تحتفظ بالطابع التقليدي لحارات ضيقة داخلها يمنع فيها مرور السيارات، ودرجات من السلالم تربط بين أنحائها الجبلية.

* بوغليا: وهي تقع في الجنوب الشرقي من إيطاليا وتشتهر بمساحات زراعية شاسعة تنتج الزيتون والكروم. وهي منطقة ذات تاريخ عريق وبها الكثير من القلاع وتمتاز بالهدوء والسكينة ولكنها منعزلة بعض الشيء عن زخم بقية المناطق الإيطالية.

وعلى شواطئ بحيرة كومو الإيطالية بدأ الاهتمام العقاري يبتعد تدريجيا عن المواقع التقليدية مثل بيلاجيو التي ترتفع فيها الأسعار ولكن بلا مزايا إضافية عن مواقع أخرى على البحيرة نفسها. ويقول بول بيلشر، المدير العقاري المحلي الذي يدبر الكثير من صفقات الشراء، إن الكثير من المشترين يمكنهم الحصول على قيمة أفضل بالذهاب إلى الكثير من المواقع الأخرى حول البحيرة من دون التضحية بالمشاهد الطبيعية أو سهولة المواصلات. وهو يصف فيللا بيدوزي بأنها تطوير حديث لفيللا قديمة من أوائل القرن العشرين تم تقسيمها إلى فيللتين سعر الأولى 4.4 مليون يورو والثانية 3. 8 مليون يورو. وهما على مقربة عشر دقائق مشيا على الأقدام من قرية بيغرا مع تيليفريك للوصول إلى قرية أخرى قريبة تطل على البحيرة مباشرة. وتتاح للمشترين فرصة شراء مرسى خاص على البحيرة للاستخدام الشخصي.

وفي فرنسا، يبتعد المشترون عن مدن ساحل الريفييرا التقليدي مثل كان ونيس وسان تروبيه وكاب فيرات ويتوجهون إلى مناطق جديدة غرب فرنسا أو في الداخل بعيدا عن الساحل، مثل بروفانس ودوردوني. ويقول جوناثان غراي، رئيس شركة العقارات المحلية «بوشومب إيستيت» إن المناطق التقليدية لم تتأثر كثيرا بالأزمة المالية وحافظت على قيمتها العالية بسبب ندرة العقارات المتاحة للبيع. وأسهمت الأزمة المالية في تجميد هذا القطاع من السوق لأن أصحاب العقارات الأثرياء ليست لديهم الرغبة في خفض الأسعار من أجل تحقيق صفقات بيع سريعة.

وتعتقد عدة شركات محلية أن موجة الشراء في مناطق الريفييرا التقليدية انتهت لأن المزايا التي تقدمها هذه المنطقة لم تعد مغرية. فشراء السمعة لم يعد يكفي، خصوصا مع وجود ازدحام شبه دائم طوال العام مع ما يصاحبه من إزعاج وتلوث.

وبينما بقي هيكل الأسعار في المناطق التقليدية ثابتا، إلا أن معدل الأسعار في فرنسا تراجع بشكل عام. وفي المناطق التي انخفضت فيها الأسعار يمكن الحصول على صفقات جيدة في الوقت الحاضر. وبالمقارنة بعام 2008، تراجعت الأسعار في فرنسا بنسبة 30 في المائة. وأدى هذا التراجع إلى توجه بعض سكان الريفييرا إلى البيع وشراء عقارات أخرى أكبر حجما وأكثر فخامة بالثمن نفسه. ويمكن شراء «شاتو» بمبلغ مليون يورو في بروفانس، بينما المبلغ نفسه لا يكاد يكفي لشراء شقة صغيرة في مدن الريفييرا.

وتعرض شركة «سافيل» في الوقت الحاضر مزرعة يعود تاريخها إلى القرن 15 بمبلغ 3.5 مليون يورو، وهي تقع على 40 فدانا وتوفر مزارع ومشاهد خلابة في قلب الريف الفرنسي. ومثل هذه المزرعة بالقرب من الريفييرا يمكن أن يصل ثمنها إلى ثمانية ملايين يورو.

وشهدت منطقة بروفانس إقبالا متزايدا من الأجانب بعد أن كانت تقتصر فقط على الفرنسيين الأثرياء. وهي تقدم للزائر أصالة الريف الفرنسي وأسلوب معيشة هادئا بعيدا عن ضوضاء الريفييرا. ويقول خبير عقاري فرنسي إن الطلب على هذه المواقع الجديدة لا يدفعه مشترون يبحثون عن مواقع أرخص وإنما جيل جديد من المشترين الذين يبحثون عن عقارات ثانية لهم تقدم لهم قيمة أفضل.

من المواقع الأخرى التي تقدم قيمة متميزة، بعض المواقع السويسرية. وتقدم شركة عقار اسمها «إيلزفورد» عقارا بالقرب من مدينة غشتاد، مكون من شاليه ومساحة من الأرض حوله تم تخفيض ثمنه من عشرة ملايين فرنك سويسري إلى 7.9 مليون فرنك فقط.

وفي خارج أوروبا، تمثل بربادوس في البحر الكاريبي فرصة نادرة في بعض المواقع فيها التي تراجعت فيها الأسعار بنسب وصلت إلى 30 في المائة. وتعرض شركة «سافيل» فيللا تطل على ملعب غولف في منطقة رويال ويستمورلاند بمبلغ 2.9 مليون دولار بعد أن كان ثمنها منذ عامين 4.5 مليون دولار. وهي تحتوي على حمام سباحة خاص وجاكوزي يطل على بحيرة وشلالات اصطناعية.

ولا تعتقد شركات العقار أن الأسعار المنخفضة سوف تستمر طويلا في الأسواق وهي ترى أن الوقت الحالي هو أفضل أوقات الشراء في أنحاء أوروبا، خصوصا أنها بدأت ترى ملامح ارتفاعات في مستوى الأسعار في الكثير من المناطق.

الوقت مناسب للتمويل قبل رفع تكاليف الاقتراض

* اتفق أكثر من خبير تمويل أوروبي على أن الوقت الحالي يعد فرصة جيدة لتمويل العقار لأن تكاليف الاقتراض متدنية ولأنها في طريقها إلى الارتفاع السريع في الشهور المقبلة. ولاحظ شون أدامز، رئيس قطاع التمويل في شركة «سافيل» أن تكاليف التمويل عبر أوروبا تتصاعد وأن عدة بنوك إسبانية وفرنسية أخذت تسحب عروض التمويل بفوائد ثابتة من السوق لمراجعة تكاليف الإقراض ورفعها.

ومع ذلك يوجد بعض فرص التمويل الجيدة التي تمثل قيمة جيدة للمشترين هذا العام. وما زالت البنوك الفرنسية تقدم تمويلا بنسبة 100 في المائة من قيمة العقارات لفترات تصل إلى 30 عاما وأسعار فائدة متغيرة تبدأ من 4.1 في المائة، ولكنها لا تزيد على 5.1 في المائة طوال فترة القرض.

ويفضل أثرياء المشترين في القطاع السياحي الاقتراض بنفس عملة البلد الذي يقع فيه العقار لإلغاء مخاطر تذبذب أسعار العملة. وفي إسبانيا تبدأ أسعار الفائدة من 3.25 في المائة، ولكنها لا تغطي إلا نسبة 80 في المائة من سعر العقار بحد أقصى. ولا تمانع البنوك الإسبانية في الإقراض لغير المقيمين بقيمة 70 في المائة من ثمن العقار وبضمان العقار نفسه.

وفي بعض المواقع الأخرى ترتفع تكاليف التمويل ويصعب الحصول عليه. من أمثلة ذلك البرتغال التي تقدم بنوكها قروضا عقارية بأسعار ثابتة تبدأ من 6 في المائة، وجزر البحر الكاريبي التي لا تزيد فيها نسبة التمويل على 60 في المائة من قيمة العقار.