السعودية: توجهات سوق العقارات تتغير في 2011 مع التطورات الجديدة في قطاع الإسكان

الحكومة تحدث نقلة نوعية في القطاع العقاري.. وتوقعات بالتركيز على الوحدات المتوسطة

يتوقع أن تتغير اتجاهات السوق العقارية في السعودية خلال الفترة المقبلة مع النقلة النوعية التي أحدثتها الحكومة (تصوير: خالد الخميس)
TT

ينتظر أن تشهد سوق العقارات السعودية توجهات جديدة خلال العام الحالي 2011، وذلك بعد التطورات التي شهدتها السوق، وبخاصة تلك التي كانت ضمن الأوامر الملكية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مؤخرا، والتي تتضمن إنشاء وزارة إسكان وضخ 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) في القطاع الإسكاني. ويرجع خبراء التحولات في سوق العقارات السعودية نتيجة النقلة النوعية التي كانت السوق في حاجة إليها خلال الفترة الماضية، إلى حالة الركود التي كان يعيشها القطاع، والمتمثلة في ضعف الإعلان عن مشاريع عقارية جديدة كما كان عليه الوضع قبل الأزمة المالية العالمية.

وقال خالد الضبعان، الخبير العقاري، إن سوق العقارات السعودية عاشت دورات مختلفة على مدى تاريخها، إلا أن الأهم في الوقت الحالي هو تطويع القطاع لخدمة القطاع الإسكاني بشكل أكبر عن ما كان عليه في السنوات الماضية، مبينا أن القطاع العقاري في حاجة إلى أن يكون مواكبا لما عليه الاقتصاد الكلي في المملكة، من خلال ربط القطاع بأسواق المال.

وأضاف: «ذلك سيتحقق على مدى 15 إلى 20 عاما مقبلة، حتى يتضح التأثير على القطاع، وإيجاد وسائل تساعد على مواكبة ما يحدث من تطورات في الاقتصاديات العالمية».

والمملكة العربية السعودية - أكبر اقتصاد عربي - يُعتبر قطاع العقارات فيها ملاذا آمنا للاستثمارات، حيث تتجه إليه رؤوس الأموال بشكل كبير، خصوصا في حال انخفاض الأسواق المالية، الأمر الذي تسبب في الوقت الحالي في ارتفاع في الأسعار بشكل كبير وغير مبرر.

وكانت «جونز لانغ لاسال» للاستشارات العقارية قد حددت التوجهات العقارية في 7 محاور، حيث تحدد شكل الخريطة العقارية في المملكة العربية السعودية خلال العامين المقبلين.

وقال سراقة الخطيب، المدير المشترك لـ«جونز لانغ لاسال» في المملكة العربية السعودية: «تظهر المبادرات الأخيرة المتعلقة بالسوق العقارية السعودية حجم الدور القوي الذي تلعبه الحكومة والذي يعد عاملا محفزا لقطاع العقارات، كما توفر هذه المبادرات فرصة ممتازة لتحقيق أهداف اجتماعية حيوية مثل نمو الوظائف وبناء المجتمعات».

وأضاف: «يؤدي المزيد من التكامل في المملكة من خلال المشاريع المدنية واستثمارات البنية التحتية إلى زيادة الاستقرار الاقتصادي ونمو الوظائف، وبالتالي استفادة أسواق العقارات في المملكة، مما ينعكس على انتعاش القطاع العقاري بالتوازي مع توقعات بالنمو الطويل الأمد للاقتصاد السعودي، كما أن الاتجاه في تطوير أنظمة النقل ومشاريع البنية التحتية سوف يخلق فرصا استثمارية وتزيد من جاذبية الأسواق العقارية».

وتابع: «يعزز الوضع السياسي الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من هذه الفرص، حيث تواجه أسواق العقارات حاليا الكثير من التحديات، بينما يتيح الاستقرار في المملكة والمؤشرات الاقتصادية القوية في هذا البلد على المدى الطويل من تقوية دور المملكة كموقع تجاري استراتيجي في المنطقة».

وتشمل توقعات «جونز لانغ لاسال» الجديدة، خطة التحفيز التي تساعد على بناء مجتمعات، حيث أعلنت السعودية عن أكبر ميزانية في تاريخها لعام 2011، وبلغت 580 مليار ريال (154.6 مليار دولار)، وقد تمت زيادتها مؤخرا إلى تريليون ريال (266.6 مليار دولار)، وتوفر هذه الميزانية دعما كبيرا للقطاع العقاري على جانبي العرض والطلب.

وتمت زيادة رأسمال صندوق التنمية العقارية إلى 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار)، كما تم رفع الحد الأعلى للقروض المقدمة من 300 ألف ريال (80 ألف دولار) إلى 500 ألف ريال (133 ألف دولار)، وأعلن عن مشروع 500 ألف وحدة سكنية بقيمة 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، وكل هذه القرارات، بحسب «جونز لانغ لاسال»، من شأنها تحفيز نشاطات البناء وزيادة العرض، وقد يؤدي ذلك إلى ضغط تضخمي على المدى القصير، إلا أنه يخلق فرص عمل على المدى البعيد ويرفع مستوى المعيشة ويقوي النسيج الاجتماعي.

وقال جون هاريس، المدير المشترك لـ«جونز لانغ لاسال» في السعودية: «تتوفر للمواطنين في المملكة حاليا فرص أفضل من قبل لتملك منازلهم الخاصة نتيجة للتوجيهات الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والخاصة ببناء 500 ألف وحدة سكنية في مناطق مختلفة، حيث تسهم في سد النقص الحالي في المنازل ذات السعر المناسب، كما توفر المبادرات الواسعة فرصة رائعة لعملية بناء مجتمع شاملة».

وتابع تقرير «جونز لانغ لاسال» أن الخطط الحكومية عامل مساعد للقطاع العقاري، حيث ستترك الخطط الحكومية والقرارات الأخيرة آثارا مباشرة وغير مباشرة على جميع القطاعات العقارية.

وقد يتأثر القطاع السكني مباشرة من خلال عمليات بناء مساكن واسعة تقوم بها الهيئة العامة للإسكان 500 ألف وحدة، والحرس الوطني 17 ألف وحدة، وهيئة الضمان الاجتماعي 691 وحدة، حيث يخلق بناء مجتمعات سكنية جديدة فرصا لقطاع التجزئة الذي سوف يحظى أيضا بمزيد من الدعم من خلال زيادة الإنفاق الاستهلاكي بفعل الزيادات الأخيرة في الرواتب. وبشكل عام فإن خطة التحفيز تعزز النشاط الاقتصادي وتخلق فرص عمل وتزيد من الطلب على المكاتب التجارية. كما أقرت الحكومة أيضا إضافة منشآت مدنية جديدة عبر بناء 610 مدارس جديدة و12 مستشفى ومرافق طبية أخرى، ويتطلب لتحقيق هذه المبادرات بنجاح وجود خطط فعالة للتنفيذ من خلال شراكات استراتيجية متنوعة مع القطاع الخاص لضمان تحقيق الأهداف الاجتماعية.

وقال الخطيب: «تخلق المبادرات الجديدة إمكانيات ضخمة للنمو في القطاع العقاري، ومن المتوقع مواجهة بعض التحديات المتعلقة بالتنفيذ، كما يعتبر تحقيق الأهداف الاجتماعية مثل بناء المجتمع من خلال عمليات تطوير استراتيجية للتجمعات السكنية فرصة مثالية لإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص لمواجهة هذه التحديات».

ويأتي المحور الثالث في الاستثمار في البنية التحتية كمحور مهم جدا لتحقيق الأهداف العقارية، حيث يسهم الاستثمار في بنية تحتية للنقل على مستوى عالمي في خلق فرص استثمارية، ويعزز الطلب على العقارات في السعودية، كما تدفع الاستثمارات طويلة الأمد في البنى التحتية للمطارات - 6 مشاريع بقيمة 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار) - والموانئ - مشروعان بقيمة 12 مليار ريال (3.2 مليار دولار) - والسكك الحديدية - 23 مشروعا بقيمة 96 مليار ريال (25.6 مليار دولار) - من القدرات التنافسية وتجذب الاستثمار.

وقد تساعد على التواصل بين السعودية والدول المجاورة لها مما يعزز من موقعها الرئيسي في المنطقة، أما استثمارات البنية التحتية فلها أثر كبير ومباشر على القطاع العقاري، حيث تعيد التوازن على مستوى المملكة من خلال دمج المدن البعيدة وخلق مراكز قيمة جديدة وفرص نمو في الوظائف مما يعزز الطلب ويدعم بشكل عام نمو جميع القطاعات العقارية، وبخاصة قطاع العقارات الصناعية، وفقا لـ«جونز لانغ لاسال».

أما المحور الرابع فيتمثل في: إدارة العقارات تقرر من هم الرابحون ومن هم الخاسرون. إن نوعية إدارة العقارات والمرافق هي التي تحدد حجم الاستثمارات على المدى البعيد، وبينما تشهد الكثير من القطاعات زيادة كبيرة في العرض فإن الأصول الجديدة ذات القيمة العالية تحتاج إلى إدارة عقارات أكثر جودة لزيادة العائدات إلى حدها الأقصى وإدارة التكاليف وتقليص قيمة الانخفاض في السعر إلى الحد الأدنى. وسوف تصب الزيادة في العرض في بعض القطاعات في مصلحة المستأجرين، وهو ما يحتاج إلى تطوير استراتيجيات وآليات تأجير تضمن إشغال العقارات.

ويقود هذا الاتجاه مستأجرون عالميون كبار يفضلون استئجار مساحات تديرها شركات إدارة عقارات محترفة، وضمن إدارة المرافق، وهي إحدى مكونات إدارة العقارات، ومن المتوقع ظهور فرص لإعادة وجود أصول المكاتب التجارية ومتاجر التجزئة، وبشكل عام سيولى المعنيون بهذا القطاع أهمية أكبر لخدمات دورة الحياة.

وستحول الأصول الجديدة ذات المستوى العالمي التركيز من عمليات البناء إلى عمليات التشغيل وحماية قيمة الاستثمارات على المدى الطويل، وبسبب طبيعة خط الإمداد سيظهر هذا الاتجاه أولا في قطاعي المكاتب التجارية ومتاجر التجزئة على المدى القصير، وفي القطاع السكني على المدى الطويل.

نمو في قطاعات الصناعات الخفيفة. هو المحور الخامس في تحديد اتجاهات السوق العقارية وفقا لـ«جونز لانغ لاسال»، حيث يؤدي النمو في قطاع الصناعات الخفيفة الذي تقوده شركات حكومية وتدعمه أسعار النفط المرتفعة إلى نمو الاقتصاد وزيادة فرص العمل، وفي عام 2011 يتحول التركيز إلى عقارات أكثر تخصصا وإلى مواقع توفر شبكات لوجيستية متعددة الوسائل تجمع ما بين العقارات والموانئ والسكك الحديدية.

ولا يحظى القطاع العقاري الصناعي القائم حاليا بخدمات ذات جودة عالية، وهو ما يخلق فرصا لعقارات صناعية حديثة ذات جودة عالية، ويدعم الطلب من المستثمرين على الجودة، حيث إن اتجاه العقارات ذات الجودة العالية التي يتم تأجيرها بأمان، وعلى الرغم من أن قطاع المنشآت الصناعية هو اتجاه طويل الأمد، فإنه وجد دعما من خلال ظهور أبحاث جامعية، تسعى إلى دفع القطاع الأكاديمي نحو العمل التجاري لتحقيق مردود إيجابي للملكية الفردية وخلق فرص عمل ودعم النمو الاقتصادي، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى دعم الطلب على العقارات الصناعية.

وأخيرا يتمثل نمو التطوير السكني المتوسط الحجم كمحور سادس في تقرير شركة الاستشارات العقارية، وذلك عندما تسيطر عمليات التطوير الصغيرة (أقل من 5 وحدات) تقليديا على القطاع السكني، ستتحول السوق أكثر نحو تجمعات متوسطة الحجم يقوم بتطويرها مطورون محترفون.

وأضاف تقرير الشركة: «نظرا لأن السوق تحتاج إلى نحو 900 وحدة سكنية جديدة يتم تسليمها يوميا على مدى السنوات الـ5 المقبلة، فإن التخطيط المركزي لبناء مجتمعات متوسطة إلى كبيرة الحجم يصبح أمرا جيدا».

وفي ما يتعلق بتقسيم السوق يتم تلبية الطلب على المساكن الراقية بشكل كبير، تستهدف المبادرات الحكومية قطاع السكن المنخفض التكلفة، ولهذا تتجه السوق إلى مطوري المشاريع المتوسطة للمنازل ذات الأسعار التي تناسب متوسطي الدخل والتي تتراوح من 650 ألف ريال (173.3 ألف دولار) وحتى 800 ألف ريال (213.3 ألف دولار).

وتشير «جونز لانغ لاسال» إلى أنه وبالنظر إلى طبيعة الأسرة السعودية، ومتطلبات المواطنين لمساحات سكنية أكبر، فإن معدل سعر الشراء المستهدف يتراوح بين 200 ريال (53 دولارا) وحتى 250 ريالا (66.6 دولار) للقدم المربع، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال مشاريع متوسطة إلى كبيرة، وبينما تجد سوق الإسكان دعما من خطة التحفيز والاستثمار في البنية التحتية، فإن تسليم منازل للمواطنين وتحقيق الأهداف الاجتماعية يتطلب عمليات استحواذ مبتكرة. وعلى الرغم من أن عمليات البيع على المخطط قد بدأت بالفعل، فإن قوانين القروض العقارية لا تزال تشكل عاملا هاما في توسيع ملكية المنازل بين المواطنين.