السعودية: 4 عوامل ترفع أسعار العقارات في المدينة المنورة

خبراء يقدرون زيادتها بما يصل إلى 30%

تشهد المدينة المنورة ارتفاعا ملحوظا في أسعار العقارات خلال الفترة الحالية («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي تشهد فيه توسعا في قطاع العقارات، ونموا في معدلات الهجرة، تشهد عقارات المدينة المنورة ارتفاعا في الأسعار بنسب مختلفة حسب الموقع والمنطقة والقرب من المنطقة المركزية التي تحتضن الحرم النبوي الشريف.

ويعود ارتفاع الأسعار بحسب عقاريين في المدينة المنورة إلى 4 عوامل، تتمثل في التوسع العمراني، الهجرة وزيادة ضخ الأموال، بالإضافة إلى تطوير مدينة المعرفة الاقتصادية، التي ينتظر أن تكون منبرا للاقتصاد المعرفي خلال الفترة المقبلة.

والسعودية – عضو مجموعة العشرين – تنتظر أن تشهد حراكا واسعا خلال الفترة المقبلة في سوق العقارات، والتي تتضمن جهودا بإنشاء وزارة إسكان، ودعم القطاع بمبالغ تصل إلى 265 مليار ريال (70 مليار دولار)، من خلال عدد من الأوامر الملكية، التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وتعتبر المدينة المنورة واحدة من أكثر أسواق البلاد حركة في بيع وشراء الأراضي، نظرا لقداستها بوجود الحرم النبوي الشريف، وحركة التداول في عقاراتها التي لا تقع في ضمن موسم محدد في السنة.

وفي ظل الارتفاعات التي تشهدها عقارات المدينة المنورة، طالب عدد من العقاريين في المدينة المنورة بوضع سقف محدد في قيمة أسعار الأراضي والشقق والمباني السكنية، وتصنيفها إلى فئات معينة من جهات مختصة، لتحدد كل فئة سعر محدد فيها الزيادة والانخفاض، كما يتضمن ذلك السقف زيادة سنوية نسبية لقيمة الأرض تضاف إلى قيمتها الأصلية.

وأكد هشام عبد العزيز زاكور، الخبير العقاري رئيس اللجنة العقارية سابقا، وجود مباحثات سابقة، لوضع آلية ونظام محدد ومعين لتفادي ارتفاع أسعار العقار، والتي كان من المفترض تطبيقها منذ زمن بعيد على حد وصفه، مشيرا إلى أن تطبيقها لم يتم لعدم وجود نظام.

وتابع زاكور: «هناك تغليب في المصلحة الشخصية على المصلحة العامة في اللجنة العقارية في غرفة المدينة، خاصة أن ملاك رؤوس الأموال ليس لديهم مشكلة ممن لا يملك السيولة الكافية في الشراء، فمن لم يستطع الشراء سيأتي غيره ويشتري».

وتتراوح الارتفاعات التي تشهدها سوق العقارات في المدينة المنورة ما بين 10 إلى 30% في بعض المناطق وفق تقديرات عقارية، رغم عدم وجود بيانات رسمية في الارتفاعات.

وأضاف زاكور «لا نستطيع حصر ارتفاع الأسعار، وذلك يعود إلى أن ملاك العقار يقيمون الأسعار بشكل عام وبحسب رغبتهم، رغم أن المخططات محصورة في أماكن معينة، والأسعار تزداد ارتفاعا يوما بعد يوم»، مشيرا إلى أن أسعار الأراضي ارتفعت وتجاوزت 200 ألف ريال (53.3 ألف دولار)، مستبعدا وجود أراض مفردة سواء كانت في شمال المدينة أو شرقها بأقل من هذا المبلغ.

وذكر «لا نستطيع أن نقدر حجم العقار في المدينة بنسبة لأسعاره، لعدم وجود نظام معين متماش عليه في العقار وأسعاره، وقد توجد مواقع لا تشهد تضخما كبيرا في الأراضي، في الوقت الذي لا يملك المشترون أي خيار للمساومة على الأسعار.

وتابع «قبل 5 أعوام كنا نشتري أراض في بعض المخططات بأسعار تتراوح ما بين 30 ألف ريال (8 آلاف دولار) و40 ألف ريال (10.6 ألف دولار) وذلك بحسب موقعها في المخطط، في حين وصل سعر الأرض أكثر من 300 ألف ريال (80 ألف دولار)»، مشيرا إلى أنه من المفترض أن توضع نسبة معينة في سعر البيع، تقدر مثلا 10% لكل عام، والحد من رفع الأسعار العشوائية في البيع.

وتابع الخبير العقاري رئيس اللجنة العقارية سابقا «في المدينة المنورة توسع كبير وملحوظ، لأسباب عدة أغلبها أن الموظفين من أهل المدينة غادروا المدينة لأعمالهم قبل فترات من الزمن، وتقاعدوا من أعمالهم ورجعوا إلى المدينة، إضافة إلى أن أكثر القرى القريبة من المدينة نقلت واستوطنت في المدينة المنورة». وأضاف «الزحف السكاني إلى مواقع المخططات لسبب ارتفاع أسعار العقار في المناطق المركزية، إضافة إلى الزحمة والتكدس في البلد، وأن أهالي المدينة لا يفضلون الزحام، وفي تطور لبعض العائلات التي كانت تسكن في شقة سكنية الآن تسكن في فيلا مستقلة، لأن في السابق كان المنزل الواحد يسكن فيه نحو 4 عائلات ومع التطور كل عائلة الآن تسكن لوحدها والناس تحب أن تتغير إلى الأفضل». وزاد «بعض الراغبين في شراء أراض بمبالغ تقل عن 100 ألف ريال (26.6 ألف دولار) لا يستطيع أن يشتري داخل حدود المدينة، ويجبر أن يشتري قطعة أرض تبعد عن المدينة بنحو 80 كيلومترا، ويحدد مستقبل هذه الأرض ستكون كاستثمار مستقبلي لأبنائه».

من جانبه قال نادر السهلي متعامل عقاري في المدينة المنورة، إن المدينة تشهد زحفا سكانيا كبيرا جدا، وبدأ كثير من السكان في الخروج من المناطق المزدحمة والسكن في المخططات الجديدة الواسعة والمنظمة التخطيط، بالإضافة أن كثيرا من السكان خارج المدينة قاموا بشراء عقار وأراض لهم في المدينة المنورة للاستقرار، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار العقار في المدينة سببه التوسع والكثافة السكانية.

وأضاف «بين ليلة وضحاها ترتفع قيمة العقار إلى أكثر من 30% من قيمته، دون أي سبب يذكر»، مضيفا أن هناك عدم تنظيم في البيع والشراء بشكل عام.

وبين السهلي أن الجيل الجديد من الشباب يواجه صعوبات كبيرة، في حال رغب في شراء قطعة أرض أو بيت له، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار الضخمة وهو لا يملك السيولة الكافية للشراء، مؤكدا وجود معوقات صعبة لإمكانية شراء الجيل الجديد للعقارات التي تشهد أسعارها نموا واسعا.

وبالعودة إلى زاكور أشار إلى أن أسعار بعض المخططات في المدينة المنورة كان معقولا جدا بحسب موقع الأرض المعروضة للبيع وذلك قبل 5 شهور، وكان يتراوح أسعارها ما بين 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار) إلى 280 ألف ريال (74.6 ألف دولار)، وفي الفترة الأخيرة زاد الإقبال والتوطين على المدينة المنورة من قبل مستثمرين ضخوا رؤوس أموال بشكل مكثف، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى الضعف، وهو ما ساهم في ارتفاع الأسعار بشكل كبير بين عقارات المدينة المنورة.

ولفت رئيس اللجنة العقارية سابقا إلى وجود منطقة يسمح فيها البناء بطابقين وفي نفس المنطقة يسمح لبناء 4 طوابق، وهو ما يعمل على تشويه تلك المنطقة، بالإضافة إلى اختلال التوازن بين الأسعار، مشددا إلى أن انتشار شقق التمليك يدل على الكثافة السكانية الكبيرة والتوسع بشكل كبير.