1.7 مليون دولار لشقة من القرن الـ17 بسان جيرماين دي بري في باريس

لا توجد قيود على شراء الأجانب للمنازل في فرنسا

TT

نظرا لوقوعها بين البنايات الأثرية على الضفة اليسرى من نهر السين، لا تزال هذه الشقة ذات الغرفة الواحدة التي أعيد ترميمها بسحر القرن السابع عشر بعوارضها الخشبية وأرضياتها من خشب الباركيه، والأبواب المصنوعة من خشب البلوط بأقفالها الأصلية. تقع الشقة في الطابق الأخير من المبنى المكون من خمسة طوابق، وتطل على أسطح بنايات منطقة سان جيرماين دي بري الشهير بتاريخه الفكري والثقافي فضلا عن المقاهي والمكتبات والمعارض الفنية والحانات.

وكما هو الحال مع الكثير من البنايات الباريسية التي تعود إلى هذه الحقبة، استخدم في بناء المبنى الطوب والحجر، وقد تم تصميم المستوى الأرضي منه ليكون مقرا لمتجر أو شركة، أما الشقق السكنية فتقع أعلاه، إلى جانب سقيفة في الدور العلوي، قد تستخدم لتجفيف الفاكهة أو الخضراوات، بحسب كاندا رونديفا دونسيلي، وكيل تسجيل العقارات في كولدويل بانكر بريفيوز، والآن تحول كل دور من أدوار المبنى الواقع على أقصى يمين جادة سان جيرماين عبارة عن شقة واحدة. تضم الشقة التي تبلغ مساحتها 645 قدما مربعا غرفة معيشة بها مدفأة من الرخام الأبيض تعود إلى القرن السابع عشر من لورين في شمال شرقي فرنسا. وإلى جانب المدفأة توجد منحوتة من خشب البلوط تحمل مرآة كبيرة وخزانة للأغراض الأخرى. أما الأرضيات الخشبية فقد صنعت من خشب الباركيه ذي اللون العسلي في خطوط المتعرجة. كما تتميز الغرفة التي تطل على الجنوب الغربي، بأسقف مرتفع ونوافذ واسعة توفر ضوءا غزيرا خلال اليوم.

وبعيدا عن غرفة المعيشة توجد غرفة مستقلة تستخدم في الوقت الحالي كمكتب بمدفأة يعود إلى القرن التاسع عشر من الرخام الأسود، وإلى جانب غرفة النوم توجد غرفة ملابس قريبة بها حمام كامل وبه حوض استحمام وحوضان لغسيل الوجه.

وعلى الرغم من أن المطبخ به أحدث التجهيزات في عالم الطهي، فإنه لا يزال يحمل سمات القرن السابع عشر، مثل خزائن أدوات الطعام المصنوعة من الخشب الزان الأبيض المصقول. أما أسطح طاولة الطهي والمنطقة الواقعة فوق الموقد وحوض غسيل الأطباق فقد غطيت ببلاط السيراميك الذي صممه روجر كابرون. أما أرضية المطبخ والردهة فمغطاة كما هي العادة في فرنسا ببلاطات سداسية الشكل من الصلصال الأحمر، أو التوميت.

يقع المبنى بالقرب من شارع رو دي لانسيوني كوميدي بالقرب من أقدم مطاعم العالم، وهو كافي لو بوركوبي، الذي يقدم الأطباق الفرنسية الشهيرة. وتعود شهرة شارع رو لا دي لانسيوني إلى أنه كان مقصد موليير، كما أنه يبعد عدة دقائق عن حديقة لوكسمبورغ، أو في الاتجاه الآخر، نهر السين وإيل دو لا سيتي، كما أن المبنى أيضا مجاور محطة مترو أوديون ويبعد 30 دقيقة بالسيارة من مطار شارل ديغول.

تشير رودنيفا - دونتشيلي إلى أن سعر الشقة يعتبر قريبا من المتوسط بالنسبة للشقق الصغيرة في حي سان جيرماين دي بري، وهي أرخص من نظيراتها في مناطق أخرى من العاصمة الفرنسية؛ مثل حي المثلث الذهبي الواقع في ضاحية قصر الإليزيه، المنطقة الأكثر رقيا في باريس والأكثر شهرة لدى السائحين الأجانب.

من ناحية أخرى يرى إيف رافالين، الوكيل العقاري لدى شركة بيل دومري دي فرانس للسكن الفاخر والتابعة لشرطة كريتستيز إنترناشيول ريال استيت، أن أسعار الشقق في باريس لم تشهد ارتفاعا على الإطلاق نتيجة النقص في عدد المساكن الذي عززه ارتفاع الطلب عليها. وقال: «خسر الكثير من الفرنسيين المال في أزمة عام 2008 و2009 في سوق الأسهم، لكن سوق العقارات في باريس ظلت قوية، لذا لا يرغب أحد في البيع، فقبل عامين كانت الشركة تمتلك ألف عقار ما بين منزل وشقة، واليوم لا تملك الشركة سوى 500 فقط».

ويتوقع رافالين أن يتواصل هذا الاتجاه خلال عام 2011. ويقول باسكال كونستان، المدير المشارك في شركة «بروبيريتي باربيسيان سوذبيز إنترناشيونال ريالتي» إن الموقع الجيد للشقة في وسط باريس، يزيد من سعر الشقة، فشقة كهذه في شارع رو دي لا نسيني كوميدي، تجبر المشترين على دفع 15000 إلى 25000 يورو مقابل المتر المربع الواحد (أو ما بين نحو 1.980 إلى 3.300 دولار للقدم المربع الواحد), ومعروف أن غالبية المشترين الأميركيين يدفعهم حبهم لسحر القرية التاريخية في باريس إلى اقتناء عقارات في أحياء مثل سان جيرماين دي بري، أو لو ماراي، أو مونتمارت، أو إل سان لوي.

ومع ارتفاع أسعار الشقق في باريس إلى مستويات خرافية تراجع الدولار مقابل اليورو. وقد أسهمت هذه الطفرة إلى جانب الركود الاقتصادي في اختفاء المشترين الأميركيين من باريس قبل أربع سنوات، بحسب فرانسوا زافير دي فيال، مدير شركة «هوم هانتس لوكشري بروبرتي إسبشياليستس».

في الوقت ذاته، شهدت السوق أعداد متزايدة من المشترين من إيطاليا وروسيا والصين والشرق الأوسط إلى جانب التدفق المستمر من البريطانيين والدول الأوروبية الأخرى الساعين إلى امتلاك عقارات في فرنسا.

وقال: «تعززت قيمة الدولار مؤخرا، وبات الأميركيون يشكلون نسبة 5 في المائة من المشترين الأجانب، وهذا رقم مميز».

تشير «كونستانس» من شركة «سوذبيز» إلى أنه لا توجد قيود على شراء الأجانب للمنازل في فرنسا، لكن كل المشترين يجب عليهم أن يستأجروا موثقا ويدفعوا رسوم الموثق إلى جانب ضريبة نقل الملكية - التي تبلغ 7 إلى 8 في المائة من قيمة العقار - بصورة مباشرة إلى الموثق العقاري. يقوم الموثق العقاري بكل الأعمال الورقية التي تتضمن العقود الأولية وعملية البيع لكل من المشتري والبائع. ويشرف الموثق على تنفيذ كل الشروط الواردة في اتفاقية الشراء. وبحسب دوفال، فقد يطلب من المشترين عدم الحديث عن 20 إلى 30 في المائة من سعر العقار حتى يتمكن السمسار العقاري من مساعدة المشتري على خفض الضرائب التي تفرضها الدولة على الثروة، والتي تجمعها الحكومة الفرنسية من جميع السكان الفرنسيين.

* خدمة «نيويورك تايمز»