الحكومة الهندية تكثف دعمها للعقارات الموجهة للطبقات المتوسطة والدنيا

خفضت الضرائب بـ100% على مقاولات البناء لتشجيعها على تركيز جهودها في القطاع

جذب تحرير القطاعات الرئيسية من الاقتصاد الهندي في بداية التسعينات تدفقا سريعا للاستثمارات الأجنبية المباشرة
TT

تقدم الميزانية الهندية للعام الحالي فرصا خاصة بتوفير مساكن في متناول الناس في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار العقارات لتفوق بدرجة كبيرة قدرة المشترين من الطبقات المتوسطة والدنيا.

في خطوة كبيرة، قدم وزير المالية الهندي برناب مخرجي أقوى دفعة لقطاع الإسكان، حيث حرر الخطة القائمة، بتقديم دعم للفائدة بنسبة 1 في المائة على القروض العقارية، لتمتد إلى قروض الإسكان التي تصل قيمتها إلى 1.5 مليون روبية، بعد أن كانت مليون روبية، في حين لا تتجاوز قيمة المنزل 2.5 مليون روبية (وكانت في السابق مليوني روبية). وتعتبر خطوة زيادة الحد الأقصى لقرض الإسكان المتميز إيجابية، حيث ستؤدي إلى زيادة قاعدة الحاصلين على قروض، وبذلك تعزز من شراء المنازل.

واقترح وزير المالية أيضا تخفيضا للضرائب بنسبة 100 في المائة على إنفاق رأس المال، من أجل تطوير منازل سعرها في المتناول، مما يشجع شركات المقاولات على التركيز بصورة أكبر على مثل تلك العقارات.

وصرح الوزير قائلا: «نظرا لأهمية الإسكان، أقترح تخفيضا متصلا بالاستثمار، بالنسبة للشركات التي تقدم منازل سعرها في المتناول، في ظل خطة معلنة. وفي الوقت الحالي، تقدم حوافز بإعفاء ضريبي بنسبة 100 في المائة، لمشروع الإسكان الذي يعتني بإعادة تطوير العشوائيات وإعادة التأهيل».

يقول المحللون إن العقارات ذات التكلفة المنخفضة والأسعار المعقولة في مناطق بعيدة عن المدن الكبرى ستحصل على دفعة بعد المحفزات الأخيرة.

قال أنوج بوري، رئيس مجلس إدارة شركة جونز لانغ لاسال إنديا: «إن رفع الحد الأقصى لقرض الإسكان المتميز خبر جيد لمحدودي الدخل، ولكنه لن يساعد على تخفيف الصعوبات في المدن الكبرى، حيث تصل الأسعار والطلب على المساكن معقولة الأسعار، إلى ذورتها». لقد ارتفعت أسعار العقارات في المدن الهندية الكبرى مثل مومباي ونيودلهي إلى أكثر من الضعف على مدار الأعوام الـ18 السابقة، بسبب ارتفاع الدخول وسوق الأوراق المالية القوية. ولكن انخفض حجم المبيعات بمقدار الثلث منذ عام، جراء ارتفاع الأسعار وتكاليف الاقتراض. ورفع مصرف الاحتياطي الهندي أسعار الفائدة سبع مرات منذ مارس (آذار) عام 2010 للحد من معدل التضخم المرتفع بشدة، مما أضر كثيرا بالطلب على الشراء.

وفي رد فعل على مقترحات وزير المالية، صرح براديب جاين رئيس مجلس إدارة شركة بارسفناث للتطوير العقاري، عبر الهاتف بأن مثل تلك الإجراءات ستشجع شركات الإنشاء على منح مزيد من التركيز لبناء مثل تلك المشاريع. ويمتد تخفيض الفائدة على القروض العقارية لمدة عام واحد ليدفع إلى بناء مساكن معقولة الأسعار ومنخفضة التكلفة. ويظل سعر الفائدة على المساكن معقولة الأسعار جذابا، ومن المرجح أن يتراوح ما بين 8 و9 في المائة في العام خلال المستقبل القريب، حتى في ظل الوضع الحالي وسيناريو تزايد سعر الفائدة.

ويقول جاين: «من المؤكد أن تلك دفعة كبيرة لدعم الطلب على العقارات وستساعد بالتأكيد محدودي الدخل من المشترين الذين يريدون شراء منزل عن طريق القروض المصرفية. إنها خطوة رائعة ستعزز بالفعل من حماس شركات التطوير العقاري وتشجعها على إنشاء مزيد من تلك المشاريع».

ويقول سانجاي شاندرا المدير الإداري لشركة «يونيتك» إنه من الجيد اتخاذ إجراءات مثل تخفيض الفائدة وتقديم تخفيضات بنسبة 100 في المائة في ما يتعلق بإنفاق رأس المال الذي تتحمله شركات تطوير العقارات معقولة الأسعار. ومن المتوقع أن تتوسع المؤسسات المالية والمصارف في قطاع الإقراض المتميز، مما يعني «اتباع اتجاه سليم لتلبية احتياجات المستهلكين من قروض الإسكان». وأعلن مخرجي أيضا تعزيز بند صندوق الإسكان الريفي ليصل إلى نحو 30 مليار روبية، بعد أن كان 20 مليار روبية لتقديم التمويل لبناء المنازل في المناطق القروية بأسعار تنافسية.

وصرح آر في فيرما، رئيس مجلس إدارة والمدير الإداري لمصرف الإسكان الوطني قائلا: «سيساعد أهم إجراءين في الميزانية، وهما زيادة الحد الأقصى لإقراض القطاع المتميز وزيادة القروض لما يصل إلى 1.5 مليون روبية، في ظل برنامج تخفيض الفائدة، للمصارف على إقراض المزيد لمن يحتاجون إلى عقارات بأسعار معقولة».

ويساعد رفع الحد الأقصى بموجب خطة تخفيض الفائدة على زيادة الطلب على العقارات وتحسين قدرة المقترضين المستحقين من الطبقات متوسطة ومحدودة الدخل على شرائها. قال برناب داتا، نائب رئيس مجلس إدارة والمدير الإداري لـ«نايت فرانك إنديا» المتخصصة في استشارات السوق: «خلال أثناء العام الماضي ارتفعت أسعار العقارات السكنية بنسبة من 10 إلى 20 في المائة في الكثير من المدن. ويضمن مثل هذا الإجراء استمرار النفع العائد على المشترين من هذه الفئات تحديدا».

ولكن لا يشعر الجميع بالسعادة. يقول روهتاس غويل، رئيس مجلس إدارة شركة «أوماكس العقارية» ومديرها الإداري: «كان من الممكن أن تبتهج صناعة الإسكان إذا توسع وزير المالية في وضع البنية التحتية لقطاع الإسكان».

ومن جانبه، أضاف جاين قائلا: «نتوقع أن تعلن الحكومة برامج خاصة لتوفير منازل معقولة الأسعار لتضفي شعورا بالارتياح. ونتوقع أيضا مزيدا من الوضوح من خلال تعديلات (الضرائب) للمادة 80 IB (الإسكان) والمادة 80 IA».

وعلى الرغم من أن الإجراء سيضمن تدفق القروض بسعر فائدة أقل نسبيا إلى المشترين في القطاعات محدودة الدخل، فإنه لن يساعد مشتري المنازل في المدن الكبرى التي ما زالت أسعار العقارات فيها عند مستويات عامي 2007 و2008، عندما شهدت البلاد ارتفاعا في سوق العقارات.

ارتفعت أسعار المساكن في الهند سريعا من عام 2002 إلى 2007. ودعم النمو الاقتصادي القوي والتحول العمراني أسعار العقارات، في حين شجع على تفاقم فقاعة العقارات في مراكز المدن سوء حالة البنية التحتية وعدم وجود تخطيط وقوانين بالية تتعلق بالانتفاع بالأراضي. من عام 2005 إلى 2007، شهد الاقتصاد الهندي نموا بمعدل 8.9 في المائة، مما جعل الهند إحدى أسرع الدول نموا في العالم، بعد أن كان معدل نموها 7.6 في المائة سنويا في عامي 2003 و2004.

جذب تحرير القطاعات الرئيسية من الاقتصاد الهندي في بداية التسعينات تدفقا سريعا للاستثمارات الأجنبية المباشرة. وأدى ازدهار صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتعهيد الخدمات إلى زيادة سريعة في فرص العمل، مما زاد من حجم الطلب على العقارات، ووصل تأثيره إلى قطاعي الإنشاء والاتصالات.

ولكن على الرغم من أن زيادة أسعار العقارات قامت على تلك الأسس القوية، فإن المضاربات أيضا لعبت دورا. من عام 2000 إلى 2006، أصبحت العقارات السكنية أعلى ثمنا. وبحلول عام 2002، وصلت قيمة منزل في مومباي إلى نحو 85 ضعف متوسط الدخل السنوي. وفي عام 2006، بلغت أسعار العقارات في مومباي نحو 100 ضعف متوسط الدخل السنوي.

في أثناء التراجع الاقتصادي العالمي الذي حل في عام 2008، لجأت شركات التطوير العقاري إلى جولات من تخفيض الأسعار وقدمت صفقات جذابة بأثاث مدعم ووصلات إنترنت. وانخفض الطلب على العقارات الفاخرة بنسبة 50 في المائة، في حين انخفض الطلب على العقارات معقولة الأسعار بنسبة 10 في المائة، وفقا لمسح أجراه اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية في مايو (أيار) عام 2009.

عادة ما يسدد المشترون الهنود ثمن الوحدات السكنية قبل إكمال الإنشاء. ولا يحصل كثير من المشترين على رهون عقارية (وتبلغ نسبة الرهون العقارية في مقابل إجمالي الناتج المحلي أقل من 5 في المائة في الهند).

وهناك خياران أساسيان للسداد: تسديد المشتري ما يصل إلى 95 في المائة من تكلفة الوحدة دفعة واحدة، أو نظام السداد المتصل بالإنشاء، حيث يسدد المشتري ثمن الوحدة على مراحل مختلفة من الإنشاء.

على الرغم من بدء إصلاحات القطاع المالي منذ عام 1991، فإن توسع سوق الرهن العقاري واجه مشكلات منها: تفضيل المصارف لإقراض الطبقات متوسطة وعالية الدخل وترك خيارات تمويل محدودة للأفراد محدودي الدخل.

صرح جاي مافاني، المدير التنفيذي للشركة برايس ووتر هاوس كوبر إنديا للمحاسبة، لـ«الشرق الأوسط»: «سيساعد ذلك المقترضين في المدن من الفئة الثانية والثالثة وفي الضواحي. ولكن مع استمرار أسعار العقارات في مدن مثل نيودلهي ومومباي وبنغالور فوق حدود القرض المتميز، سيستمر مشترو العقارات في هذه المدن في مواجهة المشكلات بسبب ارتفاع الأسعار».

وقال سانجيف باجاج، المدير الإداري لشركة التخطيط المالي «باجاج كابيتال المحدودة»: «كانت المصارف والمؤسسات المالية مترددة في تقديم قروض للفئات محدودة الدخل، على أساس القدرة على إعادة السداد. ولكن سيساعد هذا البند المشترين محدودي الدخل على الاقتراض».

يقول المحللون إنه على الرغم من مساعدة هذه الإجراءات للمقترضين، فإن ارتفاع أسعار الفائدة سيظل يشكل تحديا. وقال شوبيت أغاروال، مدير شركة «بروتيفيتي للاستشارات»: «مع ارتفاع أسعار الفائدة، سيستغرق الأمر بعض الوقت للاستفادة الحقيقية من هذه الفرص. وإذا استمرت أسعار الفائدة في الارتفاع في الشهور المقبلة، ربما يتأثر الإقراض». وفي حين تتوقع صناعة العقارات توفر بعض الفرص المتعلقة بالإعفاءات الضريبية بموجب المادة 80 IB، تشجع الحكومة على تطوير عقارات معقولة الأسعار بالإعلان عن تخفيض متعلق بالاستثمار للشركات التي تعمل على تطوير عقارات سعرها في المتناول.