السعودية: ارتفاع إيجار العقارات القريبة من الجامعات بـ25%

تغلب عليها الغرف وتحقق 128 ألف دولار سنويا للمباني المكونة من 3 طوابق

طرح منتجات عقارية في السعودية بالقرب من الجامعة للتأجير للطلبة قد يرفع العوائد الربحية على تلك العقارات بنسب تصل إلى 25% (تصوير: خالد الخميس)
TT

ما إن انطلق الموسم الدراسي الجديد في السعودية إلا وشهدت بعض المنتجات العقارية، وبالخصوص البنايات السكنية القريبة من الجامعات والكليات، والمخصصة لسكن الشباب، وبالتحديد للطلبة الجامعيين، ارتفاعا في الأسعار، وصل إلى مستويات كبيره خلال الفترة الماضية.

وبحسب مسح أجرته «الشرق الأوسط» فإن الأسعار الحالية تفوق قدرة بعض الطلاب على سداد الإيجار في الوقت المحدد، حيث أكد عدد من الطلبة الذين أبدوا استياءهم من الارتفاع الجديد أن الأسعار الجديدة مبالغ فيها ولا تتناسب بشكل كلي مع ميزانياتهم البسيطة.

ويعتمد أغلب الطلاب وبشكل أساسي على المكافأة الجامعية التي لا تتجاوز بأي حال من الأحوال مبلغ 1000 ريال (266 دولارا)، واشتكى هؤلاء الطلبة الذين هجروا مدنهم وانتقلوا إلى العيش في العاصمة الرياض بغرض الدراسة من الارتفاع المنسق الذي شمل جميع البنايات القريبة، ولم يكن حكرا على واحدة دون الأخرى وكأن الأمر تم باتفاق مسبق، مقدرين الارتفاع الحاصل في الأسعار بأنه يتجاوز الـ25 في المائة في أسوأ الأحوال.

وبحسب عقاريين فإن المنتج العقاري القريب من الجامعات يعتبر من المنتجات الحيوية، في الوقت الذي سعى فيه الملاك إلى إيجاد منتج يتناسب مع رغبات الطلاب بعقود تحفظ لهم عوائد مادية في الإجازات المدرسية عبر عقود لمدة 6 شهور.

وأكد عبد الله الزوير، صاحب مكتب عقار في شمال الرياض، أن من يمتلك عقارا قريبا من أي جامعة أو كلية فإنه يمتلك منجما للذهب، في الوقت الذي يشهد فيه الإقبال على سكن الطلبة طلبا كبيرا في ظل العرض الشحيح الذي لا يزال مسيطرا على السوق، لافتا إلى أن بناء سكن للطلبة بالقرب من الجامعات والكليات من أنجح المشاريع العقارية التي يمكن التنبؤ بمستقبلها.

وحول رفع ملاك العقارات الأسعار على الطلاب أكد الزوير أن هناك ارتفاعا حقيقيا في الأسعار، نظرا للإقبال الكبير على الشقق والغرف الطلابية، إلى درجة أصبحت الغرف والشقق تؤجر عن طريق تفريغ الطلبة السكن إلى طلبة آخرين في حال التخرج، مبينا أن الجشع دفع إلى بعض ملاك العقار إلى رفع الأسعار تحت حجج واهية لا تمت إلى الواقع بأي صلة، مقدرا نسبة الارتفاع بأنها تتجاوز الـ25 في المائة على ما كانت عليه العام الماضي.

ويبلغ عدد الجامعات في السعودية نحو 32 جامعة حكومية وأهلية، في حين يصل عددها في العاصمة السعودية الرياض نحو 6 جامعات، في الوقت الذي تشهد فيه الرياض نموا إسكانيا وعمرانيا نتيجة الطلب الكبير على مختلف المنتجات العقارية في البلاد.

وقال محمد الشراري الملتحق في جامعة الملك سعود، إنه يدرس فيها منذ ثلاث سنوات وإنه استأجر في إحدى البنايات الملاصقة للجامعة غرفة صغيرة بمبلغ 8 آلاف ريال (2133 دولارا) في الـ6 أشهر، إلا أنه وعند بدء الدراسة ونيته تجديد عقد الشقة فوجئ بصاحب المكتب يقول له «ارتفع الإيجار إلى 10 آلاف ريال (2666 دولارا)»، ودعاه إلى إفراغ العقار في حال لم يستطع دفع المبلغ خلال ثلاثة أيام حتى يتسنى لطالب آخر السكن فيها.

ولفت الشراري إلى قبول السعر الجديد نظرا إلى محدودية العمائر والمباني السكنية القريبة من الجامعة، إضافة إلى قرب تخرجه هذه السنة، وبالتالي لا يريد الخوض في غمار البحث عن سكن، حتى يتسنى له التفرغ تماما للدراسة.

وتنتشر المباني المخصصة لإسكان الطلاب بالقرب من الجامعات، إلا أنها لا تشكل حيزا كبيرا عند المستثمرين، في ظل عدم وجود طلب خلال فترة قد تصل إلى 3 أشهر وهي الإجازة السنوية للطلاب، مما يجعل من تلك الغرف والشقق غير ذات جدوى.

ولفت عبد المجيد الغامدي الذي يدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إلى أنه يقطن في العاصمة الرياض منذ سنتين وهي المدة التي خرج فيها من مدينته التي قدم منها وهي الباحة، وأضاف أن وجود سكن شاغر وقريب من الجامعة ضرب من الخيال في ظل التوسع في القبول الذي تشهده الكليات التابعة لها، مما تسبب في أزمة سكن حقيقية لهم كطلاب مبتعثين من مدن بعيدة عن الرياض.

ويضيف الغامدي أن الطلبة يفضلون السكن خارج المدن السكنية التابعة للجامعات بشكل عام، وذلك للتشديد المبالغ فيه من قبل المسؤولين في سكن الطلبة، وهو الأمر الذي يجعل السكن خارج الجامعة خيارا رئيسيا للطلبة، مما حدا بأصحاب العقارات إلى الاستفادة من ذلك في رفع الأسعار لعلمهم بمدى حاجة الطالب إلى السكن بالقرب من جامعته، في الوقت الذي يشكل وجود السكن بالقرب من المكتبات المعتمدة من الجامعة أمرا مهما، ويحتاجه الطالب بشكل دائم.

وفي نفس الموضوع كشف ياسر الهبدان الذي يدرس في كلية الاقتصاد بجامعة الإمام محمد بن سعود، عن أن جهلهم كطلبة قادمين من خارج الرياض بأسعار الشقق والغرف في العاصمة، قابله استغلال من قبل أصحاب العقارات الذين لا يجدون حرجا في رفع الأسعار على الطلبة بأي حجة كانت، موضحا أن هناك شحا حقيقيا في السكن بالقرب من الجامعات نظرا لارتفاع أسعار الأراضي بحسب قول صاحب العقار وهي نفس الحجة التي رفع بها السعر آخر مرة.

وأوضح الهبدان أنه استأجر شقة مع أحد أقاربه تبتعد قليلا عن الجامعة بمبلغ 17 ألف ريال (4533 دولارا) في السنة، إلا أن السعر قد ارتفع إلى 20 ألف ريال (5333 دولارا) دون مبرر سوى ارتفاع مواد البناء وتكاليف الصيانة، وتساءل الهبدان بأنه مستأجر قديم في نفس البناية ومنذ سنوات وبنفس السعر، وأن الشقة قد تم الفراغ من بنائها قبل ارتفاع الأسعار، مناشدا الجهات المسؤولة وضع حد لهذه المهزلة التي تقضى على مصدر تمويلهم الأساسي وهي المكافئة الجامعية.

وتجري حاليا عمليات بناء واسعة في مختلف المنتجات، الأمر الذي يجعل طرح غرف إضافية أمرا مستبعد على المدى المتوسط، عطفا على عمليات البناء المزدحمة في مشاريع البنى التحتية في السعودية التي تعتبر أكبر اقتصاد عربي.

ويغلب على أكثر العقارات القريبة من الجامعات نظام الغرف، والتي تتوزع على 3 طوابق بمعدل 10 غرف في الدور، تطرح بقيمة متوسطة 8000 ريال (2133 دولارا)، الأمر الذي يحقق عوائد بقيمة 480 ألف ريال (128 ألف دولار) سنويا.

وقال سعد المديهش الذي قدم لدراسة الحاسب في كلية التقنية إن ارتفاع أسعار العقارات بشكل عام، أثر وبشكل كبير على طلبة الجامعات الذين شكلوا اتحادات سكانية، وذلك لتقليل المبالغ المدفوعة لأصحاب العقارات، حيث برز وجود 4 طلاب فأكثر قد اتحدوا في سكن واحد، وذلك لتوفير أكبر مبلغ ممكن، في ظل ارتفاع كبير في الاستهلاكات الأخرى.

وأضاف «عدم وجود إدارات خاصة تابعة للكليات والجامعات لدراسة أوضاع الطلبة القادمين من خارج الرياض لصرف بدل سكن إليهم يسبب مشكلات جمة»، مناشدا أصحاب العقارات أن يكونوا واقعيين في وضع الأسعار دون استغلال لحاجة الطلاب إلى سكن قريب من مقر عملهم.