مشروع «ثوري» لإعادة التوزيع العمراني بمصر

يستهدف القضاء على المناطق العشوائية والحفاظ على الرقعة الزراعية

جانب من مدينة القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

تبعت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) فترة ركود لا تزال تلقي بظلالها على الاقتصاد المصري، في وقت ينتظر فيه المواطنون طفرة اقتصادية توازي في شدتها قوة الثورة التي أطاحت بالنظام القديم، إلا أن نواة للطفرة المنتظرة بدأت تظهر بوادرها بمشروع تعده الحكومة وتضعه على رأس أولوياتها، ليكون بمثابة ثورة على تقيد المصريين بمنطقة الوادي الخصيب.

ويهدف المشروع الجديد الذي يدرسه مجلس الوزراء الآن ويضعه على رأس أولوياته إلى إعادة التوزيع الجغرافي في مصر، فهذا هو المنظور الأوسع للمشروع، وذلك بهدف حل أزمة تكدس معظم سكان مصر في منطقة وادي النيل الذي يمثل أقل من 4 في المائة من مساحة مصر الكلية، ولمواجهة الزيادة المتوقعة للسكان من 130 إلى 140 مليون نسمة بحلول عام 2050.

وتسعى الحكومة من خلال هذا المشروع إلى امتصاص الكثافة السكانية من مساحة وادي النيل الصغيرة (33 ألف كيلومتر مربع) المأهولة بالسكان، وبالذات من المناطق العشوائية التي انتشرت بشكل كثيف في القاهرة والإسكندرية، وذلك لتوفير حياة أفضل لقاطني تلك المناطق، وللارتقاء بالمستوى المعيشي لهم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

وسيسهم المشروع أيضا بحسب ما أعلنته رئاسة مجلس الوزراء المصري مساء أول من أمس، في الحفاظ على الأراضي الزراعية والقضاء على العشوائيات، ورفع مستوى المعيشة للمواطن وتحقيق التنمية الاقتصادية.

ووقع اختيار الحكومة على عدة مناطق نائية ذات إمكانيات طموحة لإقامة المشروع، مثل شبه جزيرة سيناء والساحل الشمالي الغربي وساحل البحر الأحمر، وعدم قصر نشاط هذه المناطق على السياحة. وتسعى الحكومة لتوطين أكثر من مليون نسمة في منطقة الساحل الشمالي الغربي، وتحقيق تنمية زراعية بالمنطقة بسبب توافر مياه الأمطار والمياه الجوفية، بالإضافة إلى منطقة منخفض القطارة التي تقع في الصحراء الغربية ويقترب طرفها الشرقي من البحر المتوسط عند منطقة العلمين، وتزيد مساحتها على 19 ألف كيلومتر، وطالما كانت تسعى مصر في العهد السابق لإقامة مشروعات ضخمة بمنطقة القطارة من دون أي تقدم.

ومن المقرر أن تدعم الدولة تمويل المشروع، لكنها ستعتمد بشكل أكبر على في تمويلها على منظمات المجتمع المدني وغرف الصناعة والتجارة الخارجية ورجال الأعمال والشركات والجمعيات الخيرية.

وتقرر تشكيل مجموعة عمل رسمية تضم ممثلين لكل الوزارات والجهات المعنية، والجمعيات والمستثمرين، على أن تمنح المجموعة صلاحيات وحرية بحيث تتمكن من إنجاز مشروع نموذجي تطبيقي للتجمعات السكنية الجديدة كبداية للتوسع في المشروع.

وتدرس الحكومة الإمكانيات المائية والزراعية والصناعة والسياحية للمناطق محل الدراسة، وذلك لتوفير الخدمات المطلوبة لها من بنية تحتية وتعليم وصحة، وسيكون من بين أعمال مجموعة العمل المشكلة دراسة وبحث كل الأفكار التي طرحت خلال اجتماع شرف بخبراء من هيئة التخطيط العمراني ووزارة التعاون الدولي والسياحة والنقل والري والاتصالات، وذلك لبحث سبل تطبيقها، وذلك إلى جانب دراسة ما طرح حول إعادة تخطيط المحافظات بما يضمن لكل محافظة منفذا بحريا وجزءا من موارد التعدين من مناجم ومحاجر، وتوزيع الإمكانيات والطاقات بين المحافظات للنهوض بتكتلاتها السكانية المتوازنة.