ملاك عقارات في مكة المكرمة يوقفون بيع أراضيهم للحصول على أعلى قيمة

يعولون على ارتفاع السيولة لإحداث طفرة اقتصادية

تشهد مكة المكرمة ارتفاعا في الأسعار بسبب عمليات التطوير الكبيرة في المنطقة المركزية («الشرق الأوسط»)
TT

شدد عقاريون في مدينة مكة المكرمة على أن أسعار العقارات وقطاع الإيواء ستواصل الارتفاع في ظل محدودية العرض وتنامي الطلب في ظل صرف مليارات الدولارات على مشاريع الإزالة في المنطقة المركزية للحرم المكي.

وعلق سعد الشريف، الخبير العقاري بالمنطقة المركزية، بأن نزع ملكية 1000 عقار لتوسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام بتكلفة 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار) يعتبر سيولة كبيرة، قفزت بأسعار العقار في مكة المكرمة إلى أسعار خيالية، حيث ارتفع سعر بيع الأراضي من 300 ألف ريال (80 ألف دولار) إلى 450 ألف ريال (120 ألف دولار)، مشيرا إلى أن بعض أصحاب العقارات المعروضة أوقف عرضه والبعض الآخر قام بتغيير سعر العرض إلى أضعاف مضاعفة بحجة أن هناك سيولة سوف تحدث طفرة اقتصادية في العاصمة المقدسة.

وأضاف الشريف أن الكثير من أصحاب العقارات المنزوعة بدأوا التوجه إلى المناطق القريبة من الحرم والمخططات السكنية الجديدة واستثمار تلك السيولة الكبيرة التي قد تحول بعض المخططات إلى مناطق سكنية راقية.

وتابع: «يتم تعويض العقارات الحكومية التي شملتها التوسعة، إما بقطع أراض بديلة وإما بمبالغ مالية، كما أن هناك عقارات لم يتقدم أصحابها للجنة حتى تاريخه لإثبات ملكيتهم»، موضحا أن الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات هي تسجيلها تحت أملاك الدولة، وعند ظهور ملكية لاحقة يتم استكمال إجراءات صرف التعويض لأصحابها وفق الإجراءات المتبعة. وأكد أن تقدير قيمة العقارات من اختصاص لجنة مشكّلة من عدة جهات لا تتدخل اللجنة في أعمالها.

يشار إلى أن العقارات المشمولة بفصل الخدمات كانت مجاورة للمرحلة الأولى، كما أن العقارات التي ستتم إزالتها ضمن أعمال المرحلة الثانية للساحات الشمالية 386 عقارا، سيزال لصالح الأنفاق 341 عقارا، أما العقارات المزالة لصالح محطة الخدمات المركزية فتبلغ 235 عقارا.

من جهته ضرب عطا الله الحجاجي، الخبير العقاري، مثلا بأن الإزالات كانت بمثابة المقص الذي أغلقت به الحكومة السعودية ملف العشوائيات، كان عن طريق خلخلة العشوائيات بواسطة طريق الملك عبد الله الموازي، ليكتب السطر الأخير في ملف العشوائيات في الذاكرة المكية التي عجت بكثير من العبثية في التنظيم، لتحولها بالكامل من مدن عشوائية إلى مدن عصرية مخططة ستقرب النظرة الشمولية والواسعة للجهات الرسمية السعودية التي أومأت في كثير من المحافل الرسمية لتكون مكة على أعتاب فترات زمنية قصيرة نحو التوثب للعالم الأول.

وكأي مدينة في الأرض، كانت مكة المكرمة في تاريخها المضيء تُبعد عن نفسها أخطار المغيرين بمعاصم مسورة جبلية آمنة عن طريق مصدات تقيها هجمات المعتدين، حيث دافعت على امتداد تاريخها منذ سنين طويلة بأسوار باب المعلاة من جهة الشرق، وسور باب الشبيكة من جهة الغرب، وسور باب اليمن من جهة الجنوب، متأنقة كذلك بقلاع حصينة تحمي المدينة المقدسة التي شرفها الخالق سبحانه بقدسية المكان والزمان، حيث لعبت كذلك جبالها العتية وطيبوغرافيتها الجامحة في مأسسة الدور الأمني والمدني إبان لحظات النشوء والانطلاق.

وليس ذلك عن الموروث الإلهي ببعيد، فلقد عرفت مكة بحرمة مكانها وزمانها، وبموقعها الاستراتيجي، ومحاورها المهمة، حيث شكلت نقطة الالتقاء لتكون مركز الإشعاع الكوني الأعطر، متخذة صفة كرمها بها الخالق سبحانه بأن جعلها قلب العالم أجمع، وتوطدت أركانها بأن حوت نقطة الانطلاق في الإشعاعات الإيمانية التي غيرت مجرى التاريخ بكل تجلياته على ظهر البسيطة.

من جانبه أشار فواز عسيري، صاحب إحدى المؤسسات العقارية في منطقة الحسينية، إلى أن تلك الارتفاعات بدأت قوية، ولم تتأثر بالعوامل الطبيعية، مثل كوارث السيول التي ضربت منطقة جدة المجاورة للعاصمة المقدسة، بل على العكس واصلت الارتفاع في الأسعار حتى هذا الوقت.

وطالب الكثير من الأهالي بالسماح لهم ببناء أدوار علوية، وذلك بهدف الاستثمار، أو استيعاب التوسع العائلي لديهم، لضمان البقاء داخل الأمتار المقدسة، لكونهم لا يستطيعون تحمل تبعات بناء مساكن جديدة وعلى أراض جديدة أخرى، وذلك للارتفاع الكبير في أسعار الأراضي.

ويفضل العائلات في مكة المكرمة بناء أدوار إضافية في سكناهم، لا تكلفهم سوى اليسير من المال، تعينهم في احتوائهم، أو الاستثمار الأمثل، خصوصا في وجود هجرة كبيرة من قبل مواطني مكة المكرمة الذين كانوا يقطنون داخل المنطقة المركزية للمسجد الحرام.