أسعار الإيجارات في المدينة المنورة تسجل ارتفاعات تصل إلى 100%

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: حلول أزمة السكن تبدأ بتغيير أنظمة البلديات

جانب من المدينة المنورة («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد أسعار الشقق السكنية في المدينة المنورة تناميا في الأسعار، وذلك بشكل غير مسبوق، الأمر الذي دفع الكثير من المستأجرين للخروج إلى أحياء بعيدة عن منطقة حدود الحرم أو السكن في منازل قديمة في أحياء تعد عشوائية.

ويجد الكثير من المستأجرين صعوبات عند انتهاء عقد الإيجار وطلب التجديد، حيث إنه وبحسب شريحة من المستأجرين، أكدوا أن مالك العقار يرفع سعر الإيجار مع كل تجديد عقد، في الوقت الذي رفع فيه بعض ملاك العقار إيجار عقارهم بنحو 100 في المائة على المستأجرين خلال السنوات الأربع الأخيرة.

وقال عبد الغني المشيقح، أحد مستثمري العقار، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن مشكلة الإسكان في السعودية لا يمكن أن تحل إلا بعد أن تغير البلديات بعض أنظمتها في إنشاء المباني، مشيرا إلى أن بعض المستثمرين يشترون أراضي بأسعار مرتفعة تفوق المليون ريال (266 ألف دولار)، ويرغبون في أن يستثمروا ذلك في بناء عدد من الأدوار، لكن الأنظمة تعوقهم، معتبرا أن ذلك من الأسباب الرئيسية في شح الشقق السكنية وارتفاع لإيجارات في منطقة الرياض وغيرها من المناطق السعودية، داعيا البلدية إلى السماح للموطنين أو المستثمرين ببناء أدوار متعددة.

وأضاف «الدولة لا تستطيع أن تسيطر أو تضبط ارتفاع أسعار الشقق السكنية ولا تستطيع أيضا أن تصنفها، ولكن الحل في أن تكون عقود الإيجار محددة بنحو 5 سنوات وللمستأجر الحق في التجديد أو الخروج وألا يكون العقد إجباريا على المستأجر».

وتابع «شح السكن في السعودية أصبح قضية واضحة، كما أن فرض رسوم على ملاك الأراضي البيضاء سوف يتسبب في مشكلة كبيرة، لأن هذا القرار سيعكس بالسالب على المشترين»، مشيرا إلى أن الأراضي الكبيرة يملكها تجار كبار، ولا يضر التاجر عندما يدفع رسوما على أرضه مليونا أو أكثر، ولكن التاجر يخرج هذا المبلغ من المشتري، إضافة إلى أن السعي أو الدلالة ترتفع على المشتري.

وتعتبر المدينة المنورة من أنشط الأسواق العقارية في المملكة، حيث يطلب ود شراء الأراضي الكثير من المستثمرين، سواء من داخل المدينة أو من خارجها، في الوقت الذي تعتبر فيه ضمن 5 أسواق نشيطة على مدار الموسم في المملكة.

وبالعودة إلى المشيقح، الذي أشار إلى أن انخفاض العقار يحتاج إلى تخفيض الرسوم من البلدية للمستثمر، وألا تأخذ البلدية نسبة كبيرة من التاجر، لأن البلدية تأخذ نسبة تخطيط نحو 40 في المائة، وهذه مشكلة، وبالتالي فإن النسبة ذاتها يأخذها التاجر من المستهلك، كونه لا يخسر في ذلك ويعوض ما يأخذ من المواطن.

وأكد على أهمية مساعدة البلديات عبر تطوير بعض أنظمتها، وأن تشارك في المخططات الكبيرة بتوفير الخدمات، وعلى التاجر يساعد المواطن.

من جانبها، قالت أم محمد، التي تسكن في أحد الأحياء الخارجة عن حدود الحرم في المدينة المنورة، «فوجئت عندما أخبرني مالك الشقة التي أقطنها عزمه برفع قيمة الإيجار إلى 15 ألف ريال (4 آلاف دولار)، بدلا من 12 ألف ريال (3200 دولار)، ولكني وافقت على الفور، لعلمي بوجود أزمة سكن، لكنه لم يكتف بذلك ليعود بعد 5 أشهر لرفع سعر الإيجار مرة أخرى إلى 18 ألفا».

واعتبر عبد الغني الأنصاري، رئيس شركة «بيت الإدارة» أن ارتفاع الإيجارات تأتي بانعكاسات سيئة على القطاع، في ظل النظر إلى المبالغ المهولة التي ضخها الصندوق العقاري، ولم يتم استغلالها استغلالا جيدا - بحسب قوله.

وأضاف «عندما يفرضون رسوما على ملاك الأراضي البيضاء فهذه مشكلة تعود بالضرر على المواطنين، ومن حلول السكن ضخ سيولة كبيرة لشراء شقق سكنية، وتشجيع المواطن على شراء العمارات، جميعها ستساعد في نزول بورصة إيجارات الشقق».

واستطرد الأنصاري «من المعرف أن هناك مبالغ رصدت بنحو 250 مليار ريال (66 مليار دولار) لإنشاء 500 ألف وحدة عقارية، وهناك مواطنون لا يملكون سكنا ومسجلون في الصندوق العقاري، وعلى الصندوق أن يفرز المحتاجين إلى شرائح حسب الأسرة». وقال «لا بد من تشجيع الشركات العقارية السعودية على بناء وحدات سكنية بقيمة 300 ألف ريال (80 ألف دولار) مقابل تقديم تسهيلات بنكية تقدم لهم، واعتماد الرهن العقاري بأسرع وقت»، مشيرا إلى أن العلاقة بين المواطن والحكومة في بناء مسكن وتسليمه له بحاجة إلى إعادة نظر، كونها تأخذ وقتا طويلا حتى يتسلم المواطن مسكنه على حد وصفه.

وبين الأنصاري أن الشباب يشكلون الشريحة الأكبر في المجتمع، وهم بحاجة إلى شقق سكنية لا يزيد حجمها عن 3 غرف، والتي يفترض أن يكون سعرها في حدود 15 ألف ريال (4 آلاف دولار) في السنة، إلا أنها تسعر الآن بقيم عالية، ومن المفترض أن تغير البلدية من أنظمتها الخاصة بالبناء لتغطي احتياج السوق من الشقق.