تقرير عقاري يطالب بتعميم تجارب المباني الملائمة للبيئة في السعودية

د. سلطان السالم: يجب مراعاة الجوانب المناخية والموارد الطبيعية في عمليات البناء

دعوات في السعودية لمراعاة الجوانب البيئية في تصميم المباني (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي يشهد فيه قطاع العقارات نموا في السعودية، مع تزايد الطلب على المباني السكنية، إضافة إلى مختلف المرافق الصناعية والتجارية وحتى الحكومية، باتت هناك مطالبات بوجود معايير لتلك المباني لتطابقها مع الرعاية البيئية خلال الفترة المقبلة.

وأشار خبراء عقاريون إلى وجود مسارات وطرق جديدة تراعي بالدرجة الأساسية العوامل المناخية، فيما تحاول شركات الاقتراب لمفهوم ربط المسارات بحركة المدينة بمختلف أنماطها، وخلص تقرير صادر عن شركات عقارية إلى محاولة الاقتراب من الدراسة البصرية لهذه المسارات وكيفية الإدراك البصري للتكوينات الحضرية والمعمارية المحددة لها، واستندت الشراكات إلى أهمية محاور الاقتراب في تكوين الصورة الذهنية الشاملة للمدينة والتي تعكس طابع المدينة وشخصيتها لدى المتحركين عبر هذه المحاور.

وقال الدكتور المهندس سلطان السالم - مدير المشاريع التنفيذي في شركة «رافال» إن هناك تجارب ودراسات عربية للاستفادة من الأسلوب المناسب مع المناطق السكنية، مع الاستعانة بعدد من التجارب الأجنبية والدروس المستفادة منها.

وتطرق الدكتور السالم إلى أن المعايير يمكن تطبيقها للوصول إلى المبنى الصديق للبيئة تتمحور حول استخدام الطاقات الطبيعية ومواد البناء الصديقة للبيئة وأساليب الحفاظ على الماء داخل المباني وجودة الهواء داخل المباني والإضاءة والمبنى وفلسفة استعمال الألوان والتصميم الصوتي وتجنب الضوضاء والتصميم الآمن للمبنى والطابع المعماري المتوافق مع البيئة.

وتعد مشاريع ثقافة المباني الخضراء والصديقة للبيئة منتشرة في السعودية، وهي تتزامن مع المطالبات العالمية بالحفاظ على البيئة من خلال استخدام التصاميم العمرانية الصديقة للبيئة.

ويجمع خبراء على أن تلك المشاريع تعد سوقا واعدة، وذلك لما يمكن أن تعطيه هذه الأبنية من عناية خاصة بالهوية الثقافية العمرانية للبيئة المحلية واتجاهاتها الفنية التي تتوافق مع العادات والتقاليد في البلاد الخليجية، إلى جانب السبب الرئيسي في وجودها وهو محافظتها على البيئة.

وبالعودة إلى التقرير، عرج الدكتور السالم إلى الطاقات الجديدة والمتجددة التي يمكن استخدامها لتوفير طاقة نظيفة قابلة للاستخدام خاصة بالمباني السكنية وخصوصا بالمناطق القروية وغير الحضرية، وهي طاقة الكتلة الحية والتي يتم إنتاجها من المواد العضوية المتجددة ذات المنشأ النباتي والحيواني، فالمخلفات الزراعية الناتجة من حصاد المحاصيل المختلفة تعتبر مصدرا مهما من مصادر الطاقة الكامنة.

إلى ذلك، فإنه يجب استعمال مواد البناء الصديقة للبيئة، بحد وصف د. السالم، فيلاحظ أن المباني في الحضارات القديمة كانت تستعمل مواد بناء شديدة الاحتمال متوافرة في البيئة كالحجر والطين والخشب والقش، حيث يعتبر الطين والطوب المحروق من أشهر وأقدم مواد البناء المستعملة.

وبين السالم أن أساليب الحفاظ على الماء داخل المباني تعد من عمليات تجميل المبنى وترطيبه، وذلك عن طريق النوافير وأحواض المياه أو الشلالات أو حتى في حمامات السباحة، فالماء بحد وصف السالم له استخدامات جمالية.

أمـّا الإضاءة في المبنى، فذكر السالم أن أي نقص في هذه الإضاءة معناه استنزاف الطاقة من الجسم لتعويض هذا النقص، ويمكن توفير الإضاءة داخل المباني بأساليب مختلفة، مشددا على أن الطابع المعماري يجب أن يتوافق مع البيئة من الناحية التاريخية والاجتماعية بل ومع العادات وتقاليد المجتمع.

وأبان أن التصميم الصوتي وتجنب الضوضاء له تأثيرات ملموسة على الصحة النفسية والجسدية للساكن، فالأصوات المقبولة أو الجميلة لها تأثيرات نفسية جيدة وعلى العكس فإن الأصوات العالية أو الضوضاء تكون لها تأثيرات ضارة.

وأوضح وجود 3 مصادر رئيسية لخلق ووجود الضوضاء داخل المباني، أولها الضوضاء الآتية من خارج المبنى والناتجة عن وسائل النقل والسيارات المختلفة أو الورش والمصانع القريبة للمباني وهذه الضوضاء يحملها الهواء وتدخل المبنى عبر النوافذ والأبواب المفتوحة أو حتى من بعض الشقوق والفتحات الضيقة.

وتابع «المصدر الثاني ناتج عن سقوط أي جسم على الأرض أو نتيجة لاهتزازات بعض الأجهزة الكهربائية - كالثلاجات والغسالات مثلا - أما المصدر الثالث فينتج من انتقال الضوضاء الداخلية أيا كان سببها خلال الحوائط والأرضيات من الشقق والفراغات المجاورة».

ونوه إلى أن كفاءة الحوائط في منع انتقال الأصوات أو الضوضاء يعتمد على كتلتها، فالحوائط الأكثر سمكا والإنشاءات الثقيلة تكون أفضل في منع انتقال الضوضاء، أما تأثير الأرضيات على انتقال الضوضاء فلا يعتمد على كتلتها بل يعتمد على درجة امتصاص أسطح هذه الأرضيات، لذلك يفضل استخدام أرضيات أو تشطيبات أو كسوات ماصة للصوت.

وذكر السالم أنه يجب مراعاة التصميم المعماري للعوامل المناخية، بحيث يوفر حلولا تتفاعل مع موقع الوحدة السكنية وعلاقة المبنى بحركة الشمس والرياح.

وعن موضوع الحلول المستدامة للمباني قال «في الواقع وضعنا نصب أعيننا الحلول المستدامة للاعتبارات البيئية بهدف التقليل من استهلاك الطاقة الكهربائية وجعل المبنى صديقا للإنسان والبيئة، حيث تم توجيه مبنى البرج بحيث يتم تقليل الواجهات باتجاهي الشرق والغرب لتقليل وهج أشعة الشمس وتقليل فقد البرودة الداخلية للمبنى، هذا بالإضافة إلى الواجهتين الشرقية والغربية، حيث تم حجب نصفهما بجدران خراسانية بالإضافة إلى الواجهة الزجاجية».

فيما أوضح السالم أن الاعتبارات البيئية في تقليل استهلاك المياه يجب النظر إليها بعين الاعتبار نظرا للطبيعة الصحراوية الجافة للبلاد ولذلك تم الأخذ بالاعتبار تقليل استهلاك المياه، حيث سيتم إعادة تدوير المياه المتكثفة من أجهزة تكييف الهواء والاستفادة منها.