السعودية: عوامل اقتصادية واجتماعية ترفع أسعار العقارات في مدينة نجران

متعاملون عقاريون يؤكدون أهمية وجود جهة رسمية تنظم وتثمن العقارات

تشهد مدينة نجران ارتفاعا في أسعار العقارات بسبب عدد من العوامل المختلفة («الشرق الأوسط»)
TT

توقع عقاريون في مدينة نجران (جنوب غربي السعودية) أن تشهد المدينة المتنامية ارتفاعا في أسعار العقارات نتيجة عدد من العوامل قد لا تكون منها دخول الخدمات كالسفلتة والإنارة والكهرباء، وذلك خلال فترة زمنية بسيطة.

وبحسب العقاريين، فإن سعر المتر في نجران من المتوقع أن ينافس سعر المتر في مكة المكرمة، التي تعتبر الأغلى في العالم ولها أسبابها فهي وجهة الحجاج والمعتمرين، ولكن يبقى السؤال ما هي الأسباب التي تدفع إلى الارتفاع، مشيرين إلى وجود أسباب واضحة وأسباب غامضة في ارتفاع أسعار الأراضي.

وتقع منطقة نجران في الجزء الجنوبي الغربي من الأطراف الشرقية لمنطقة الدرع العربي، التي تمتد عبر المنطقة الواسعة حتى أقصى جنوب الجزيرة، وتبلغ مساحتها نحو 360 ألف كيلومتر.

ويحيط بمنطقة نجران جبال من الشمال ومن الجنوب بارتفاعات شاهقة تقل كلما اتجه شرقا إلى أن تغور في رمال الربع الخالي، وتقع نجران في أرض منبسطة يتوسطها وادي نجران الذي يخترق المنطقة من غربها إلى شرقها.

وقال علي صالح قعيمان رجل أعمال ومستثمر عقاري إن أسعار الأراضي في أحد مخططات المدينة كان قبل 5 سنوات في حدود 10 آلاف ريال (2666 دولارا)، في الوقت الذي تجاوز سعرها في الوقت الحالي نحو 200 ألف ريال (53.3 ألف دولار)، في حين بلغ سعر الأراضي في المخططات الجديدة في شرق مطار نجران وبالقرب من حدود جامعة نجران التي كانت في حدود 30 ألف ريال (8 آلاف دولار) وحاليا 300 ألف ريال (80 ألف دولار).

وبيّن أن هذا الارتفاع السريع جدا يشجع أي مستثمر للدخول في مجال العقار، بدلا من الدخول في مشروع تجاري قد ينجح وقد يخسر ولن يحقق الأرباح التي سيجنيها من العقار دون عناء أو تعب بالإضافة إلى تسهيلات البنوك للقروض التمويلية.

وأرجع نايف فريح مستثمر في مجال العقار سبب ارتفاع العقار إلى قلة قنوات الاستثمار في المنطقة بعد تدهور أسواق الأسهم وعشوائية المكاتب العقارية وعدم المراقبة وقلة إصدار المنح البلدية للمواطنين، مطالبا بالسرعة في تطبيق الرهن العقاري وتطبيق فرض نظام الزكاة على الأراضي البيضاء ووضع تنظيم عقاري رسمي للمكاتب العقارية لتنظيم العرض والطلب.

وساهمت رغبة بعض السكان في الخروج من الأحياء القديمة والبناء في الأحياء الجديدة في ارتفاع الأسعار، وإصرار من يرغب في بناء سكن على شراء أرض والبناء عليها والإشراف على التنفيذ خوفا من الغش التجاري في المواد المستخدمة بالمباني الجاهزة والمعروضة للبيع كالفلل والوحدات السكنية.

كما أن النمو السكاني في المنطقة ارتفع خلال الفترة الماضية وساهم هو الآخر في ارتفاع أسعار العقارات، وفي نفس الوقت فإن غالبية ملاك العقار هم أفراد من المجتمع النجراني، وهذا يوضح أن المشكلة تكمن في ارتفاع الطلب مقابل توفر العرض، وليست مشكلة مضاربات أو ضخ سيولة في السوق من قبل التجار أو الوسطاء العقاريين.

من جهته، قال الدكتور ذيب بن سعد بن عامر مدير عام مؤسسة العامر للعقار ورئيس لجنة شباب الأعمال بمنطقة نجران إن 70 في المائة من الأراضي بمنطقة نجران زراعية، يواجه 50 في المائة من أصحاب تلك الأراضي مشكلة في غاية الصعوبة ما بين إصرار بعض القطاعات على وجود صك شرعي للبناء أو لإتمام معاملة أو خدمة، وما بين المعاناة التي يجدها المواطن في الحصول على حجج الاستحكام.

وزاد «الغالبية العظمى من أهالي المنطقة آلت إليهم أملاكهم عن طريق التوارث، وما هي إلا أملاك تتناقل من الأجداد وهي متوارثة، في الوقت الذي قل ما يوجد إثباتات من صكوك أراض أو حجة استحكام، على الرغم من وجود الأراضي داخل النطاق العمراني وداخل حدود التنمية وهذا أهم أسباب ارتفاع الأسعار».

وقد يتسبب إيقاف تجزئة تلك الأراضي الزراعية وتحويلها إلى أراض سكنية مملوكة بموجب صكوك شرعية في تأخير التنمية العمرانية وبروز مشكلة زيادة أسعار الأراضي في المنطقة.

وأضاف الدكتور ذيب «هناك أسباب أخرى لزيادة أسعار العقار في المنطقة وهي أن سوق العقار هي السوق الوحيدة القادرة على استيعاب الثروة وحمايتها وتنميتها مما حول الأراضي السكنية من عنصر أساسي لإقامة المساكن إلى وعاء استثماري لحفظ الثروة وتنميتها من غير بذل جهد أو التعرض للمخاطرة».

وزاد «عدم وجود جهة رسمية تنظم وتثمن العقار يسهم في ارتفاع الأسعار، كون التثمين يحتاج إلى خبير محترف يعتمد على أسس علمية وخبرة عقارية وهندسية وقانونية مؤهلة، فعملية التثمين في المنطقة غير علمية وليست عادلة وهناك مبالغ مهدرة في سوق العقار لنتيجة غياب التثمين والتقييم العادل في ظل عدم وجود مؤشر عقاري».

وتحتاج المنطقة إلى الإسراع في تطوير مخططات المنح وتوفير أراض للبناء وتفعيل التسجيل العيني للعقار والسماح بتعدد الأدوار لكبح الأسعار المرتفعة، إضافة إلى أن تأخر الحصول على القروض البنكية للأشخاص الراغبين في تملك السكن تسبب فيه نقص الوحدات السكنية التأجيرية، الأمر الذي قد يحقق الضغط على أسعار الوحدات السكنية في حال طرح المزيد منها مما سيؤدي إلى انخفاض الأسعار.

وبين رئيس لجنة شباب الأعمال أن تأخر الصندوق العقاري في منح القروض ساهم أيضا في ارتفاع الأسعار، ولم يمنحها عندما كانت أسعار الأراضي معقولة، كما أن عدم التوسع في منح القروض وزيادتها بعد الارتفاع الكبير في قيمة الأراضي، تسبب في اختلال ميزان العرض والطلب.

ووفقا للدكتور ذيب فإن مخططات البلدية غير المطورة هي أحد الأسباب في ارتفاع أسعار العقار، فمحدودية الأراضي المهيأة للسكن تسببت في رفع الأسعار، حيث إن إيصال الخدمات لعدد من المخططات قد تساهم في حل الأزمة وانخفاض الأسعار.

وشدد على أن السبب الأخير أيضا في ارتفاع الأسعار عدم وجود مطورين عقاريين في منطقة نجران، رغم أن المنطقة تعتبر من المناطق الجاذبة لوجود مشاريع تنموية ومنطقة جذب سكني وتجاري لتوفر جميع المقومات فيها.

وكان المهندس فارس الشفق أمين منطقة نجران أشار في وقت سابق إلى أن الخطط الحالية والمستقبلية لتطوير البنية التحتية في منطقة نجران تهدف لتعزيز الميزة النسبية لمنطقة نجران كمنطقة حدودية، وتنمية المواقع الحدودية في منطقة نجران، وربطها بالمناطق المأهولة.

وبين أن التوجه أيضا للحد من نزوح السكان، وتأهيل مدينة نجران للقيام بدور فاعل على المستوى الوطني، والتنسيق مع شركاء التنمية في المنطقة، وتحقيق التوازن بين النمو الحضري والريفي، وتوفير قاعدة معلومات دقيقة تعكس واقع المنطقة وتفيد صناع القرار في صياغة ومتابعة خطط التنمية، وتنمية القدرات البشرية باعتبارها الهدف الرئيسي للتنمية وأحد مواردها المهمة، وتنويع القاعدة الاقتصادية عن طريق رفع كفاءة الأنشطة الاقتصادية للمنطقة، ودعم الصناعات المحلية والبيئية.