كيف أصبح التصميم رقما صعبا في معادلة شراء العقارات في السعودية؟

خبراء يؤكدون أن الثقافة العقارية بدأت في أخذ منحى جديد حيال التصاميم

التصاميم المشابهة بدأت تفقد حظوظها عند المشتري الذي بات يفضل الخصوصية في مسكنه (تصوير: خالد الخميس)
TT

يشكل تصميم الوحدات السكنية العقارية سواء من الداخل أو من الخارج جزءا كبيرا من اتخاذ القرار لدى المشترين في السعودية، حيث باتت عملية التصميم وأشكال الوحدات العقارية جزءا مهما في قرار الشراء.

وبدأت تصاميم أشكال الوحدات العقارية تأخذ منحى جديدا في السعودية لمواكبة الذوق العام في السعودية، بعد أن كانت السنوات الماضية تنفذ بتصميم واحد، وهو ما أثار استياء المشترين، في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر عقارية إلى أن مصير تلك الوحدات هو البقاء لفترة طويلة دون مشترين، مع ارتفاع أسعارها، الأمر الذي يشكل عائقا ثانيا أمام متخذ قرار الشراء.

وقال عقاريون إن الأمر بدا مختلفا حاليا، حيث يحرص الكثير من المستثمرين في بناء الفيلات أو الشقق المفردة، الذين يشكلون النسبة الكبرى بين منفذي الوحدات السكنية في السعودية بنسبة تصل إلى 90 في المائة، على بيع وحداتهم قبل إنهاء التشطيبات الأخيرة للخروج من مأزق التصميم المشابه، في حين يضطر البعض إلى تخفيض السعر لبيع وحداته العقارية على المشترين الأفراد.

وبحسب خالد الضبعان المستثمر العقاري فإنه وعلى الرغم من الحاجة الإسكانية الكبيرة التي تتطلب ضخ المزيد من الوحدات العقارية، فإن التصاميم الداخلية باتت أمرا ملحّا لدى صاحب القرار، في الوقت الذي يعمل فيه بعض البائعين على تنفيذ شقق أو فيلات سكنية مشابهة، سعيا وراء تخفيض التكاليف من عمل تصميم مفرد لكل وحدة سكنية، وهو ما قد يضيف إلى تكاليف البناء.

وأكد الضبعان في الوقت ذاته أهمية تنفيذ التشطيبات الأخيرة بجودة عالية، عطفا على ارتفاع الوعي بمواد البناء والابتعاد عن البناء ذي الجودة المنخفضة، وهو ما يجدد الدعوة إلى أهمية وجود مواد بناء ذات جودة عالية، حتى لا يدخل ضمن مرحلة الغش التجاري.

وتحتاج السعودية - أكبر اقتصاد عربي - إلى 200 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي، في حين تسعى الحكومة إلى بناء 500 ألف وحدة سكنية أمر بها خادم الحرمين الشريفين في بداية العام الحالي، لم تحدد لها فترة زمنية، في الوقت الذي تتحرك فيه وزارة الإسكان التي أنشئت مؤخرا إلى إيجاد التشريعات والضوابط لسد هذه الفجوة الكبيرة.

وقال محمد القحطاني، الخبير العقاري، إن ثقافة المسكن بدأت تتغير لدى الفرد السعودي، فبعد المنازل الكبيرة والمساحات الواسعة التي كان يستخدمها الفرد في إيواء الضيوف، تحولت تلك إلى المساحات المتوسطة التي تؤدي الغرض، في حين وجدت بدائل مختلفة كمنتج الاستراحات (عبارة عن مبنى يخصص للضيافة أو قضاء الإجازات أو التجمعات بمختلف أشكالها على حدود المدينة) أو المطاعم وغيرها مما يؤدي غرض الضيافة.

وأضاف القحطاني: «مع وجود مصادر كثيرة لمعرفة التصاميم الداخلية سواء عن طريق الصحف أو المجلات أو المواقع الإلكترونية وقنوات التلفاز، فإن المطالب في التصميم باتت تطلب الأشكال القريبة من التصاميم الحديثة، وبدأ التنافس على تقديم مثل هذه التصاميم في المنتجات العقارية الجديدة».

وتبلغ أسعار الوحدات السكنية في المدن الرئيسية بالنسبة للفيلات من مليون ريال (266 ألف دولار) وحتى 3.5 مليون ريال (933 ألف دولار)، وتختلف باختلاف الموقع والتصميم والتشطيبات وغيرها من العوامل التي يمكن أن تؤثر على السفر، في حين يسعى الكثير من المستثمرين في بناء الوحدات السكنية إلى إيجاد تغيرات بسيطة في التصاميم الحديثة، وذلك للخروج عن التشابه بين الوحدات السكنية.

وبالعودة إلى القحطاني أكد أن الكثير من المشترين يحرص على شراء منازل تابعة لشركة تطوير عقاري، خصوصا وأن الشركات العقارية تحمل ميزة نسبية في وجود خدمات ما بعد البيع، التي تضعف لدى الأفراد، خصوصا أن الطلب بدأ يكثر على المجتمعات السكنية التي تطرحها شركات التطوير العقاري، في حين تبلغ أسعار الشقق السكنية المخصصة للتمليك ما بين 350 ألف ريال (93.3 ألف دولار) وحتى 800 ألف ريال (213 ألف دولار)، وهي التي يتوقع أن تكون الأكثر طلبا نظرا لتغير الفكر في تملك المسكن، بدءا بالشقة السكنية وانتهاء بالفيلات السكنية.

وكان البنك السعودي الفرنسي قد ذكر في وقت سابق أن السوق العقارية في السعودية تفضل بشكل عام الفيلات، حيث ارتفعت أسعار تأجير الفيلات بسرعة أكبر من الشقق في النصف الأول من 2011، وفقا لمسح عقاري أجرى على مستوى المملكة.

في حين ذكرت شركة «سي بي ريتشارد أليس» للاستشارات العقارية أنه مع استمرار اتساع الفجوة بين العرض والطلب على المساكن بسبب النمو السكاني القوي والعرض المحدود، خصوصا للمنازل المخصصة للعائلات المنخفضة والمتوسطة الدخل، لا تزال تواجه السعودية أزمة سكنية.

وكانت النتيجة لذلك زيادة في أسعار العقارات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في النصف الأول من عام 2011، وحاليا يمتلك أقل من 35 في المائة من السعوديين بيتا خاصا بهم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عدم وجود التمويل العقاري المتاح، ولأن الحد الأدنى للراتب المطلوب للحصول على الرهن العقاري لا يزال بعيدا عن متناول معظم السكان.