مكة المكرمة: توقعات عقارية بتحقيق قطاع الإيواء ملياري دولار في موسم الحج

«الربيع العربي» يقلص الإيرادات 20%

تشهد مكة المكرمة على الصعيد العقاري تحولات ومشاهد تنموية جعلت من القطاع العقاري ترمومترا اقتصاديا في العاصمة المقدسة (تصوير: خضر الزهراني)
TT

تضاربت آراء عقاريين حول حجم الإيرادات المتوقع لقطاع الإيواء في العاصمة المقدسة، مؤكدين أن الثورات العربية سجلت تراجعا في نسب الإشغال في معظم فنادق العاصمة المقدسة بتراجع قدر بـ20 في المائة.

وتوقع عقاريون أن يسجل قطاع الإيواء إيرادات قدر حجمها بنحو ملياري دولار، شابها تأثر طفيف جراء الأحداث السياسية التي مرت بها بعض البلدان العربية، مما أسهم بشكل سلبي على الإيرادات المتوقعة في معظم قطاع الإيواء في مكة، التي شكلت الفنادق فيها ما نسبته 10 في المائة.

وكان موسم الفنادق لحج هذا العام قد شهد بعض الإشكالات غير المتوقعة، حيث كانت نسبة الإشغال في تلك الفنادق منخفضة جدا، وهذا يعود إلى زيادة أعداد الفنادق الجديدة في مكة المكرمة، في المنطقة المركزية للمسجد الحرام، أو في المناطق التي تعد لإسكان الحجاج، على الرغم من أن عدد الحجاج مرتفع عن السنوات الماضية، بالإضافة إلى أن نسبة الإشغال في موسم العمرة كان جيدا قياسا بموسم الحج.

وحول أبرز معالم تدعيم هذا النقص الذي تسبب فيه «الربيع العربي»، وهل هناك استراتيجيات بديلة تعالجه، خصوصا وأن مواسم العمرة والحج مرت بظروف مشابهة مثل معضلة إنفلونزا الخنازير والطيور، قال وليد أبو سبعة رئيس لجنة السياحة والفنادق في غرفة مكة المكرمة: «نسعى في المستقبل إلى دراسة أوضاع الفنادق من حيث عمل برامج تسويقية، على الرغم من الظروف التي نجبر على مواجهتها مثل الربيع العربي الذي بسببه أصبح هناك زعزعة في مدخولات الفنادق في مكة المكرمة».

وأبان أبو سبعة أن الفراغات التي وجدت في إسكان بعض الفنادق في مكة المكرمة تسببت وبشكل رئيسي في إقدام ملاكها على تخفيض الأسعار وبشكل ملحوظ، في خطوة قد تعد بديلة أو معالجة الهدف، منها إشغال الحيز الخالي في أبراجهم السكنية».

وفي المقابل خالف المستشار والخبير في قطاع الفنادق عبد الوهاب الجندي ما قيل حول تأثر قطاع الفنادق في مكة بالظروف المحيطة بها، وقال: «مكة المكرمة استثناها الله من بين مدن المعمورة كافة، فقد مرت ولا تزال تمر بظروف عاصفة لو حدثت في أي مدينة أخرى في العالم لأصبح هناك مشكلة حقيقية في مدخولات الفنادق المالية، بمعنى أن مكة المكرمة ومنذ سنوات كثيرة بداية بأحداث حرب الخليج، ومرورا بمعضلة إنفلونزا الطيور والخنازير، وانتهاء بالربيع العربي، تأثر قطاع الفندق فيها بنسبة قليلة في مدخولاته المالية».

وأضاف الجندي: «إن تحول الإشراف على قطاع الفندقة من وزارة التجارة إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار كان له أثر إيجابي في تحسن البنية التحتية للخدمات التي تقدمها فنادق العاصمة المقدسة».

وأبان أن قطاع الإيواء نشيط جدا بحكم أن هناك أكثر من سبعة آلاف من الدور السكنية في مكة، يحوز قطاع الفنادق منها على 20 في المائة، وهناك دور سكنية تعتمد في مدخولاتها على موسم الحج فقط، وبالتالي الحكم على قطاع الفندقة يجب أن يتضمن إحصائيات وأرقاما لكي نقول إن قطاع الفندقة قد تأثر ماديا نتيجة عدم الإقبال على إسكانه».

وأشار المستشار في قطاع الفندقة إلى أن «نسبة الحصص المفروضة على قطاع الفندقة والمقدرة بنسبة 1 من 1000 سوف ترتفع في المستقبل القريب تماشيا مع المشاريع التنموية المنفذة في المشاعر المقدسة والتي سوف تستوعب إعدادا مضاعفة عما هو عليه الآن، وهناك نظرة مستقبلية لزيادة إعداد الحجاج ليصل إلى خمسة ملايين، الأمر الذي سيعود بالنفع على قطاع الفنادق في العاصمة المقدسة، وسوف ترتفع نسبة الكوتا عما هو معمول به الآن».

وعن حجم الإيرادات المتوقع لفنادق مكة أو قطاع الإيواء بمجمل عام قال الجندي: «إن حجم الإيرادات من المتوقع أن يصل إلى سقف 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، وهذا رقم طبيعي ومنصف، خصوصا وأن هناك ارتفاعا مضطردا في أعداد الحجاج، مشيرا إلى أنه لو كان هناك برامج تسويقية مدروسة وممنهجة تنفذها الفنادق لكانت أحد الحلول التي تجعلها تجابه أي ظروف مناخية أو صحية أو سياسية تعتري قطاع الفندق في مكة المكرمة».

وحول ما تشهده معظم الدول العربية من صراعات وثورات، دافع سعد الشريف، خبير المنطقة المركزية، عن البنية الاقتصادية الإسكانية لمكة، مستشهدا بأن ثلثي قطاع الإيواء في السعودية يختزل في العاصمة المقدسة، داعيا في ذات السياق إلى ضرورة تقنين الخطط العقارية لتتواءم مع التطور التي تشهده العاصمة المقدسة على الصعيد التنموي والإسكاني. وتوقع أستاذ الاقتصاد الإسلامي أن لا يهتز حاجز الملياري دولار كقيمة متوقعة للإسكان، وذكر أن الإيجارات تختلف بحسب الموقع والقرب والبعد من الحرم الشريف، وتتراوح بشكل عام الإيجارات ما بين ألف دولار وعشرة آلاف دولار للحاج الواحد، مؤكدا أن زيادة المساحة المخصصة للحاج الواحد أدت إلى استئجار عدد كبير من العمارات في عدد من الأحياء، مضيفا أن العمارات التي تم استئجارها من قبل بعثات الحج والشركات السياحية مرخص لها من قبل لجنة إسكان الحجاج، وتتوفر بها كل اشتراطات السلامة لأن البعثات والشركات السياحية مطالبة بتوثيق عقود الإيجار من مؤسسات الطوافة المعنية.

وكانت مكة المكرمة شهدت على الصعيد العقاري تحولات ومشاهد تموينية جعلت هناك ترمومترا اقتصاديا، ارتفعت فيه نسبة الإشغال الفندقي عاما وانخفضت فيه عاما آخر.

بداية تلك المشاهد هي ما حدث في المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام عندما بدأ هدير الآلات الثقيلة في عمليات هدم واسعة أطاحت بأكثر من ستة آلاف من الدور السكنية كانت تؤوي أعدادا كبيرة من المعتمرين والحجاج، وتزايد عدد الدور السكنية من عام إلى آخر، مما شكل زحفا كبيرا في قطاع إيواء المعتمرين والحجاج، شملت مناطق العزيزية والنسيم، ووصل مداه إلى منطقة الشرائع شرق مكة المكرمة.

هذا التحول الذي كان في مصلحة إنشاء مشاريع تنموية ضخمة تنفذها الحكومة السعودية وعلى مدار سنوات محدد لها سلفا، ساهم في رفع الطاقة الاستيعابية للإيواء في بداية الأمر، مما ساهم في رفع القيمة المادية لسكن الإيواء حتى وصل إلى معدلات قياسية.

ولكن هذا التحول الإيجابي الذي شهده قطاع الفندقة قابله ارتفاع طردي في إنشاء عدد من الدور السكنية الجديدة، وتحولت دور أخرى من إسكان دائم إلى إسكان حج، الأمر الذي ساهم في تزايد أعداد الدور السكنية، قابلها ظروف قاهرة شهدتها بعض الدول المجاورة بداية من انتشار إنفلونزا الطيور والخنازير، وانتهاء بثورات «الربيع العربي»، مما رجح بعض المراقبين والمتعاملين في قطاع الفندقة أنها تسببت في تأرجح المدخولات المادية لهذا القطاع.

قطاع الإيواء الذي يمر بحسب مراقبين لتجاذبات تكتنفها مؤشرات للارتفاع والهبوط في مواسم الحج، كان مثار خلاف لكثير من الاقتصاديين الذين حاول بعضهم تخفيف وطأة الثورات العربية ومدى تأثيرها على قطاع الفندقة في العاصمة المقدسة.

وقال عطا الله الحجاجي، أحد ملاك العقارات، إن قطاع الإيواء في حج هذا العام تأثر بشكل كبير جراء وجود مساحات كبيرة خالية من تدفق الحجاج في معظم فنادق العاصمة المقدسة هذا العام، موضحا أن الثورات العربية استهدفت بشكل مباشر قطاع الإيواء في العاصمة المقدسة، مسجلا تراجعا مباشرا يقدر بحدود 20 في المائة عن إيرادات الحج في المواسم الماضية باستثناء موسم إنفلونزا الخنازير.

ولم يغفل الحجاجي افتقار الاستراتيجيات البديلة إلى تدعيم الخطط البديلة نحو النهوض بالصناعة الفندقية في مكة المكرمة، خصوصا أن العاصمة المقدسة تسجل ثلثي قطاع الإيواء في العاصمة المقدسة بحسب تقديرات رسمية قد أعلنت من الهيئة العامة للسياحة والآثار.