خبراء: مكة المكرمة تتصدر مدن العالم في التوسع الفندقي

توقعات بكسرها حاجز 1200 فندق بحلول 2020

دعوات لرسم منهجية واضحة لمستقبل الصناعة الفندقية في مكة
TT

أوضح متخصصون في مجال الفندقة والسياحة، أن مكة المكرمة تقود مدن العالم من حيث التوسع الفندقي، حيث يرتفع عدد الفنادق بما يعادل 15 في المائة سنويا. وقدر خبراء عالميون أن العاصمة المقدسة ستكسر حاجز 1200 فندق بحلول عام 2020.

وبحسب المراقبين فإن الصناعة الفندقية في العاصمة المقدسة تعترضها أزمة حقيقية في صنع تصور كامل لما ينبغي أن يكون عليه حال الفندقة والسياحة وفق منظومة وروزنامة ممنهجة، خاصة أنها تتعامل مع مساحات ضيقة وسبقها تصنيف لم تعد تحديات الفندقة العالمية تتسق معه.

«فندق داخل فندق»، لجأت إليه بعض الفنادق في العاصمة المقدسة لإيجاد تعبيرات عقارية وفندقية للثقافة الفندقية، لإيجاد مساحات استراتيجية داخلية بخدمات فندقية متفردة، حيث يقف فندق ساعة مكة – فيرمونت ليقدم خدمات متميزة تتناسب مع احتياجات ضيوف الرحمن وذوي الذوق الرفيع من الحجاج والمعتمرين ورجال الأعمال، حيث أعلن الفندق إطلاق خدمة «فيرمونت الذهبي» العلامة المتميزة والحصرية لفنادق ومنتجعات «فيرمونت» حول العالم، التي تتيح لضيوفها تجربة أسلوب الحياة العصرية والتي تقدم امتيازات غير مسبوقة في مكة المكرمة.

وتشكل الخدمة - التي أوجدت لخلق رؤية مطلة وفندقية جديدة لم تكن تعرفها العاصمة المقدسة من قبل لكسر ضعف المساحات التي تعاني منها الفنادق المطلة على الحرم المكي الشريف - العلامة الفاخرة باستقبال متميز تحفه خبرات عالمية من التقدير والرقي في مكتب الاستقبال الخاص بكبار الشخصيات، ومن هنا تسهل عملية دخول الضيف إلى غرفته أو جناحه الخاص ضمن طوابق «فيرمونت الذهبي» الحصرية التي تتميز بإطلالات بانورامية ساحرة على الحرم المكي والكعبة المشرفة ومعالم العاصمة المقدسة، لتحول اللحظات إلى ذكريات تبقى في الذاكرة.

وراعت خدمة «فيرمونت الذهبي» بشكلها الفندقي الجديد أدق التفاصيل المتعلقة بالخدمة الشخصية التي تلبي احتياجات المعتادين على التميز، حيث يستمتع ضيوفه بمجموعة فريدة من الخدمات الحصرية، مثل خدمة الخادم الشخصي المتوفرة على مدار الساعة، وخدمة التذكير بأهم المواعيد الشخصية، وتقديم الصحف المجانية، كما يمكنهم استخدام صالون «فيرمونت الذهبي» لتناول وجبات الفطور بأجواء عصرية وهادئة تتسم بالخصوصية، كما يوفر لهم فريق «فيرمونت الذهبي» المتخصص مقبلات «الكنبيه» لتناولها خلال فترة الظهيرة، إضافة إلى المرطبات المسائية التي تمتزج معا لتضفي المزيد من الخيارات التي تجعل من الإقامة في الفندق تجربة أكثر متعة.

ولرجال الأعمال، فإن الطوابق التنفيذية في «فيرمونت الذهبي» التي توفر الدخول الحصري إلى غرفة الاجتماعات المجانية المجهزة بأحدث التقنيات، إضافة إلى خدمات الإنترنت السريعة داخل الغرف والأجنحة وصالون «فيرمونت الذهبي»، وخدمات السكرتارية المتكاملة، تجعل من الفندق المكان الأمثل لإنجاز الأعمال بكل راحة على مدار الساعة.

وبدوره أوضح خالد يمق، مدير إدارة الاتصالات وتطوير الأعمال لمجموعة «فيرمونت رافلز للفنادق العالمية»، بقوله: «إن إطلاقنا لـ(فيرمونت الذهبي) يعتبر خطوة جديدة في مجال صناعة الضيافة بالمملكة لضيوفنا الباحثين عن التميز، بما يوفره من خدمة فريدة ومميزة، بالإضافة إلى أجواء الإقامة الروحانية وتوفير بيئة مريحة تتسم بالخصوصية لكل من الحجاج والمعتمرين ورجال الأعمال»، كما أضاف يمق أن «فريق (فيرمونت الذهبي) تم إعداده لتلبية احتياجات الضيوف في أي وقت من الأوقات، حيث تتجاوز الخدمات التي يقدمها كل التوقعات لتصل حد الكمال لتعزز استفادة مطلقة من كل لحظة من لحظات الإقامة لدى ضيوف الرحمن لتبقى راسخة في الذاكرة».

إلى ذلك قال أحمد زقزوق، نائب لجنة السياحة والفنادق لـ«الشرق الأوسط»، عن الانتشار الفندقي بأنه لا يرتكز على رؤية محددة، كل ما عليك أن تفعله هو أن تشتري قطعة أرض وتقدم على البلدية وتحصل على الترخيص ومن ثم تبدأ عملية البناء، بغض النظر عن خطة مدروسة نلحظها في الفنادق العالمية.

وقال إن معظم فنادق العاصمة المقدسة في الأساس هي غرف مفروشة قبل أن تتدخل هيئة السياحة لإحداث تغييرات جوهرية نحو تغييرها للأنظمة الفندقية، واصفا أن طبيعة أرضها وارتفاع العقارات المهول بها، لا ينبغي في ثناياه تطبيق المعايير الدولية عليها بحكم ارتفاع العقارات الكبير فيها.

وأفاد زقزوق بأن المدينتين المقدستين تختلفان عن كل دول العالم في تصنيف فنادقها، ومكة بالتحديد قد لا تجد فيها فنادق من فئة الأربعة نجوم عدا فندقين، وذلك لخلوها من المواصفات العالمية المطلوبة، كالمسابح والمطاعم والكافيهات وأماكن الترفيه ومتطلبات أخرى، لا توجد في العاصمة المقدسة بحكم صغر المساحات المستخدمة للفنادق بجوار الحرم المكي الشريف، وهي تتحرك فيما مساحته 400 - 500م.

ومنح نائب رئيس لجنة السياحة والفندقة ما نسبته 70 في المائة من المتطلبات الضرورية اللازمة في ذلك، مفيدا بوجود صعوبة في تحديد نسب النشوء والارتفاعات السنوية لمدينة صنفتها هيئة السياحة مؤخرا بأن ثلثي الفنادق في السعودية موجودة بها، ومذكرا باقتراح قديم قدمه للأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة السابق، مفاده أن مكة تحتاج لعملية نزع ملكية بنظام «شرائح - شرائح»، وما مساحته كلم في 2 كلم، مبينا أن سعر المتر المربع للمنطقة المطلة على الحرم المكي تجاوز الـ180 ألف دولار.

من جهته أوضح محمد الغامدي، عضو لجنة السياحة والفنادق، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استراتيجيات وخططا مدروسة لوضع الفنادق في العاصمة المقدسة، بيد أنها تصطدم على أرض الواقع بعدة عقبات مضنية، مبينا أن الأرضية التي ينطلق منها نشوء فنادق جديدة هي وضع السوق وماهيته. واعتبر الغامدي أن مسألة العرض والطلب هي التي تتم في عملية النشوء بغض النظر عن الدرجة ومستواها، ودونما النظر للحاجة التخطيطية لإيجاد مواصفات معينة في مناطق بعينها، وذلك الشيء يستند إلى مدى الاستخدام ونوعه من قبل فئة الحجاج والمعتمرين.

وقال الغامدي: «90 في المائة من النزلاء لتلك الفنادق من الحجاج والمعتمرين من خارج السعودية، والبعض منهم لم يسبق له استخدام منشأة فندقية، وهدفه ديني ليس للسياحة، وهو أمر يلقي بظلاله على أن نوعية الخدمات الفندقية المقدمة لا تتطور في كل من مكة والمدينة». وأرجع الغامدي السبب في نقص الخدمات الفندقية ومستواها إلى أن المعتمرين والحجاج يبحثون عن القرب من الحرمين الشريفين وليس الرفاهية، لكنه أمر لا يعفي الفنادق من تقديم أعلى درجات الخدمة الفندقية لإرضائهم، مفيدا بأن عملية النشوء يدخل فيه الكثير من الأمور الارتجالية، والتركيز منصب على الشكل الخارجي للمبنى.

وأفاد عضو لجنة السياحة والفنادق بأنه «بدأ الطلب على غرفة بدورة مياه فانتقلت معظم الفنادق نحو إنشاء طلبات من هذا القبيل، فتحولت الفنادق إلى ما أشبه الغرف والشقق المفروشة بعيدا عن التصنيفات الفندقية»، مسترجعا أنه في وقت مضى كان من الصعوبة بمكان تصنيف تلك الوضعية من الخدمة.

وقال الغامدي إن ثمة فنادق متهالكة وقديمة بيد أن الطلب عليها بشكل كبير في العاصمة المقدسة، وذلك بسبب قربها من المسجد الحرام، بغض النظر عن نوعية الخدمة المقدمة، في الوقت نفسه الذي ترى فيه فندقا آخر يبتعد عنه على سبيل المثال بـ300م مكتمل الخدمات وتصنيفه من الفئة «أ» لكن سعره أقل بكثير.

وأفاد الغامدي بأن المساحات المخصصة للفنادق بجوار المسجد الحرام صغيرة جدا وغير مخططة في أصلها، ولذلك فالمساحة الصغيرة تكلفتها عالية جدا، بحيث سيكون لديك ما يقارب أربع غرف فندقية في كل طابق بمساحة 25 مترا، وهو ما يفرض على المستثمر أن يمد سمعه لمتطلبات السوق دونما الالتفات إلى مواصفات الفنادق السعودية التي هي في الأساس جزء من المواصفات العالمية.

وأوضح الغامدي أن نسبة النشوء في استحداث فنادق جديدة في العاصمة المقدسة من 10 في المائة إلى 15 في المائة، وهي نسبة ترتفع وتيرتها في السنوات الأخيرة بشكل أكبر، لأن المستثمرين يقومون بتجهيزها على أساس أنها فندق وهي في الأصل غرفة بدورة مياه بعيدة عن التصنيف الفندقي، ولدينا في مكة ما يقارب 500 فندق ينزل العدد قليلا ويرتفع، استنادا إلى أعمال الإزالة والهدد، وإذا سلمنا بالنسبة في النشوء فإننا سننتظر 1200 فندق في مكة المكرمة بحلول عام 2020.

مقولة تلعب الدور الأكبر في التحكم بميزان الأسعار العقارية في المدينتين المقدستين، اللتين تكتنفان أغلى الأمتار عقاريا على مستوى العالم، إذ أكدت مصادر عقارية لـ«الشرق الأوسط»، أن التعويضات التي صرفتها الدولة السعودية لوأد الأحياء العشوائية، وسن المشاريع التطويرية، أحدثت ارتفاعا كبيرا في الخارطة العقارية، نتيجة قلة العرض وزيادة الطلب، خاصة داخل المناطق التي اتفق على تسميتها شرعا بـ«حدود الحرمين المكي والنبوي».

أسامة فيلالي، خبير اقتصادي، وصف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فنادق مكة بأنها لا تفتقر للتخطيط بيد أنها بعيدة عن الواقع الذي من المفترض أن تكون عليه، والتركيز الشديد لإنشاء فنادق ملاصقة للحرم وترك بقية المناطق الأخرى دونما خلق بيئة فندقية متوازنة، يخلق نوعا من «الارتباك».

وقال فيلالي إن مكة تشهد تخطيطا قديما ويلزمها إعادة التخطيط الفندقي ورسمه بشكل أكثر ديناميكية، واصفا الانتشار الفندقي بـ«خبط عشواء»، مفيدا بأن في مكة أربعة مشاريع ضخمة، كجبل عمر والشامية وجبل الكعبة ومشروع آخر خلف أبراج البيت، وهي جميعها ملاصقة للحرم المكي الشريف، تعد أكبر المشاريع في تاريخ مكة وهي في منطقة لصيقة ومكتظة.

وأشار فيلالي إلى الحاجة الماسة نحو إعادة تنظيم وإعادة النظر في إنشاء مجمعات سكنية وفندقية تختص بالحجاج والمعتمرين في المرحلة المقبلة، بما يتواءم والمرحلة الجديدة المقبلة التي تخلق أنموذجا متفردا للصناعة الفندقية في العاصمة المقدسة.

وفي هذا السياق قال سعد الشريف، خبير المنطقة المركزية، لـ«الشرق الأوسط»، إن التحدي الأكبر الذي تواجهه العاصمة المقدسة هو ملف النقل، وبفضله ستستطيع فنادق العاصمة المقدسة الانتشار بشكل متوازن ومنهجي، وهو أمر يأتي على رأس أولويات الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، وهو الرجل الذي ما انفك محاولا العبور بمكة نحو العالم الأول، معتبرا أن مكة بالفعل تحولت لورشة عمل.

وأفاد الشريف بأن عامل الوقت مهم جدا في مكة المكرمة وذلك لسببين مهمين؛ أولهما أن العاصمة المقدسة طبيعتها الطبوغرافية معقدة جدا، وهو ما يعتبر أمرا معيقا فندقيا بشكل كبير، والمشروع الذي يقام في مدينة أخرى يعتبر أسهل بكثير مما يقام في مكة المكرمة، حيث صعوبة التحرك والعقبات الديناميكية الأخرى في نقل المواد الخام وإيصالها بالمعدات الثقيلة في بؤرة جغرافية ضيقة ومسورة بالجبال.

واعتقد الشريف أن السبب الثاني يكمن في أن مكة المكرمة تتعرض لموسمين دينيين متلازمين وغير منفكين، هما موسما الحج والعمرة، في ظل توافد مليوني للأراضي المقدسة، معتبرا أن السعودية بلد نذر نفسه لخدمة الحجاج والمعتمرين، وإن كلف ذلك المليارات، لذا تتوقف كل المشاريع أثناء موسم الحج، وفي بعض الأماكن التي تعاني من ازدحام وتهافت كثير من الحجاج والمعتمرين نحوها، وبالتالي فإن الخدمة الفندقية يجب أن تكون متميزة بتميز مكة أولا وأخيرا.

من جهته، قال منصور السعيد، عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة: «الحدود الشرعية داخل الحرم لا تقدر بثمن، والسبب ديني بحت، كون الصلاة فيها بأكثر من 100 ألف صلاة، وهذا ما ميزها عن غيرها من المناطق الأخرى، وتسبب بالتالي في ارتفاع أسعار المتر الواحد فيها. أما في ما يتعلق بالمنطقة المركزية للحرم فهذه تعتمد فيها العقارات بحسب قربها وبعدها عن الطرق الرئيسية في المنطقة المركزية، بالإضافة إلى نسب البناء فيها، فكلما كانت نسب البناء عالية تصبح أسعارها عالية جدا».

وأضاف أن الحدود الشرعية لمكة المكرمة تتمثل في مدخل نجد من ناحية الشرق من مكة، ومدخل الشميسي من ناحية الغرب، والجهة الجنوبية من مدخل الحسينية، وجهة الجنوب الشرقي من جهة الطائف، ومنطقة التنعيم من جهة المدينة.

الجدير بالذكر أن فندق ساعة مكة - فيرمونت قد توج بلقب «أفضل معلم فندقي في العالم» من جوائز السفر العالمية، حيث تم كشف النقاب عن هذا الإنجاز الكبير في الاحتفال الذي أقيم مؤخرا في قرية كتارا الثقافية بمدينة الدوحة في قطر مؤخرا. يقع فندق ساعة مكة - فيرمونت في قلب أكبر مركز إسلامي في العالم ضمن مجمع أبراج البيت، ويوفر الفندق إطلالة لا تضاهى على الحرم المكي الشريف والكعبة المشرفة. ويضم الفندق الذي يبلغ ارتفاعه 601 متر ويتألف من 76 طابقا، 858 غرفة وجناحا ترسي معايير جديدة في قطاع الضيافة العالمي. وتعتبر ساعته كبرى ساعات العالم قاطبة، ومن أبرز معالم الفندق الخارجية أنه يوفر 76 مصعدا فائق السرعة لراحة ضيوف الرحمن لأداء الصلوات في الحرم، كما يضم الفندق مصليين كبيرين أحدهما للرجال والآخر للنساء، وذلك لراحة ضيوفه خلال مواسم الحج والعمرة.