«النخيل» المغربية تتحول إلى «السكن الاقتصادي» بسبب أزمة العقار الفاخر في المغرب

تستثمر 278 مليون دولار في مشروع سكني ضخم بمدينة فاس

TT

استثمرت شركة «النخيل» القابضة 2.5 مليار درهم (278 مليون دولار) في مشروع سكني ضخم في مدينة فاس (وسط المغرب) وذلك عبر فرعها «فضاءات السعادة» المتخصص في «السكن الاقتصادي والمتوسط». ويهدف المشروع إلى تشييد سبعة آلاف شقة، منها 3300 شقة اقتصادية، بالإضافة إلى إعداد 3700 بقعة أرضية مجهزة لبناء دور من طابقين إلى ثلاثة طوابق. وعرفت مجموعة «النخيل» القابضة تحولا استراتيجيا خلال السنوات الأخيرة، من خلال إعادة توجيه استثماراتها العقارية نحو شقق منخفضة التكلفة بعد أن كانت متخصصة في السكن الراقي والفاخر، وذلك بسبب الأزمة التي يمر بها هذا القطاع في المغرب. وفي هذا السياق فتحت الشركة رأسمال شركتها المتخصصة في الشقق المنخفضة التكلفة لمستثمرين جدد من المغرب ومن دول الخليج العربي، من بينهم المجموعة الإماراتية «آبار للاستثمارات» ومجموعة «ميتانديس» المغربية القابضة التي يملكها عادل الدويري، وزير السياحة السابق، والمجموعة المالية لرجل الأعمال المغربي عثمان بنجلون.

وقال أمين كنون، مدير عام «فضاءات السعادة»، خلال تقديم المشروع الجديد، أمس، في الدار البيضاء، إن الشقق الاقتصادية تعرف طلبا قويا في المغرب بسبب النقص الكبير الذي تعرفه البلاد في مجال السكن. ويتوقع كنون ألا يتأثر قطاع السكن الاقتصادي في المغرب كثيرا بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تعرفها البلاد في سياق تداعيات الأزمة المالية العالمية. وأشار كنون إلى أن خطط الشركة للشقق الاقتصادية تشتمل على بناء 15 ألف شقة اجتماعية في مدن الدار البيضاء وفاس ومراكش وأكادير وطنجة. وقال كنون إن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن النقص في هذا النوع من السكن في مدينة فاس يقدر بنحو 45 ألف شقة، وتوقع ارتفاع حجم النقص بسبب تداعي البنايات القديمة في المدينة. وبخصوص المشروع الجديد، أوضح كنون أنه يقع على مساحة 124 هكتارا في موقع جميل حول بحيرة، لذلك أطلقت عليه الشركة اسم مشروع «بحيرة سايس». وقال: «المشروع عبارة عن مدينة صغيرة مندمجة، تضم مساجد، وفضاءات للتسوق، ومراكز صحية، ودورا للشباب، ومراكز نسوية، ومؤسسات تعليمية، وكل المرافق الترفيهية والاجتماعية التي تجعل منها فضاء رائقا للعيش». وبخصوص البقع الأرضية المخصصة لبناء دور من طابقين إلى ثلاثة طوابق، أوضح كنون أنها موجهة للطبقة الوسطى، وأشار إلى أنها ستباع بثمن 2500 درهم للمتر المربع (278 دولارا). وأضاف أن الشركة جهزت هذه القطع وتركت لمقتنيها الحرية في بنائها حسب رغبتهم.

تعتبر مدينة فاس المركز الثقافي والروحاني في المغرب. وتوجد بها جامعة القرويين التي تعود إلى القرن التاسع، والتي يعتقد أنها أقدم الجامعات في العالم، وتعمل الآن كمركز لتدريس التعاليم الدينية. وقد وقع اختيار منظمة اليونيسكو على المدينة لتكون أحد مواقع التراث العالمي في عام 1981. وتضم مدينة فاس أيضا جزءا حديثا ضخما، لكن النقطة المحورية فيها هي تاريخها المعماري والثقافي والديني.

وتتسم مدينة فاس بالطابع المتحفظ؛ فمعظم سكانها يرتدون الزي الإسلامي التقليدي. لكن عادة ما يشاهد فيها أيضا بعض المتأثرين بالغرب، خاصة في فصل الربيع أثناء مهرجان فاس للموسيقى العريقة، الذي يجذب نطاقا واسعا من الجمهور.

وشهدت سوق الإسكان تباطؤا في النمو منذ عام 2008، بحسب تيم ماكتيغ، أحد الشركاء في شركة «فاس بروبرتيز»، التي تبيع وتدير العقارات في مدينة فاس. وقال ماكتيغ «يمكنني أن أقول إن أيام المجد كانت في الفترة ما بين 2004 و2007». ويعزو هو ووسطاء آخرون ذلك بالأساس إلى الانكماش الاقتصادي العالمي، مع أنهم يقرون بأن موجة الاضطراب السياسي الإقليمي التي أتى بها الربيع العربي لم تمد يد العون إلى عقارات المدينة التي كانت منطقة جذب للاستثمارات العربية. وقال في هذا الصدد «لسوء الحظ، يضع البعض المغرب في السلة نفسها»، مع ليبيا ومصر وتونس وغيرها من الدول التي مزقتها النزاعات في المنطقة، مشيرا إلى أن «ثمة مستثمرين محتملين ربما يراقبون وينتظرون. غير أن المغرب دولة مسالمة جدا ليلا ونهارا مقارنة مع دولة مثل ليبيا».

ومع ذلك، فعلى الرغم من ركود السوق فإن أسعار العقارات لم تنخفض بشكل حاد، نظرا لأن عدد العقارات المعروضة في السوق قل. وقال سيدريك إلسنر، صاحب شركة «ماروك إموبيليير كابيتال» في مدينة فاس لصحيفة «نيويورك تايمز»: «أبرمت بعض الصفقات الجيدة من قبل أجانب، لكن تعين عليهم إعادة البيع بشكل سريع». وأضاف إلسنر «إنه وقت مناسب للشراء، خاصة بالنظر إلى التحسينات في إمكانية الوصول إلى فاس، حيث زاد عدد الرحلات المباشرة المتجهة إلى أوروبا». واستكمل قائلا «كما أنهم في فاس يعملون من أجل مضاعفة حجم سعة المطار. ويوجد بالمدينة أيضا طريق سريع جديد افتتح في يونيو (حزيران) الماضي، حيث يمكنك القيادة من فاس إلى البحر المتوسط في ساعتين ونصف الساعة».

من يشتري في فاس؟

تشتمل المدينة على سوقي عقارات متميزتين: سوق عقارات المدينة وسوق العقارات في الأحياء الأخرى. ويتجه المغاربة الأثرياء إلى الشراء في الجزء الجديد من فاس، وجميع العقارات في المدينة يمتلكها مغاربة، والتي عادة ما يتم تناقلها عبر الأسر. لكن حينما يشتري أجنبي عقارا في فاس، يكون هذا على الأرجح في سوق المدينة. ويشكل الفرنسيون أكبر مجموعة من الأجانب المتملكين لعقارات في فاس، يليهم البلجيكيون، مع قدر محدود من الإيطاليين والبريطانيين. ويشتري كثير من الأجانب عقارات بهدف فتح دور ضيافة.

ويشكل الفرنسيون أكبر مجموعة من أصحاب المنازل الأجانب، يليهم البلجيكيون، مع قدر محدود من الإيطاليين والبريطانيين. ويشتري كثير من الأجانب عقارات بهدف فتح دور ضيافة. وتقدر تكلفة ضريبة نقل الملكية العقارية ورسوم الموثق العام والتوثيق بنسبة 6 في المائة من السعر الرسمي لبيع العقار. ويدفع المشتري أيضا نسبة 5 في المائة من سعر الشراء للوكالة العقارية. وتعتبر الضريبة العقارية محدودة، إذ تبلغ قيمتها نحو 127 دولارا سنويا، وتتراوح تكلفة الكهرباء والتدفئة ما بين 64 و255 دولارا شهريا.