السعودية: المحفظة التمويلية العقارية تكسر حاجز الـ229 مليار دولار.. ومعدلات النمو تتعدى الـ20%

اقتصاديون ينفون تدخل العقاريين في سياسة رسم التمويل البنكي

ارتفاع معدلات تمويل البنوك السعودية للعقارات رغم الأزمة الأوروبية الأخيرة (تصوير: خالد الخميس)
TT

دحض اقتصاديون واختصاصيون تأثير شريحة العقاريين على السياسات البنكية التمويلية، مؤكدين أن البنوك السعودية تتمتع بسياسة تنوع المخاطر، حيث استطاعت الوصول إلى 20 في المائة من معدلات النمو في الإقراض البنكي، خاصة في أوج الأزمة العالمية.

وأكد الاقتصاديون أن بنوك السعودية كسرت حاجز الـ229 مليار دولار كقروض بنكية من محفظتها التمويلية، وهو دليل على رصانة البنوك وتعدد خياراتها ومخاطرها المصرفية، موضحين أن عدد البنوك في السعودية يزيد اتساقا مع حجم ومتطلبات التنمية في السعودية. وأكد طلعت حافظ، الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن محفظة التمويل في البنوك السعودية، محفظة متنوعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى وهي لا تركز على نشاط اقتصادي من نوع آخر، أو تمول نشاطا ما على حساب الآخر.

وأفاد حافظ بأن محفظة البنوك لديها المرونة الكاملة لتتعامل مع ما تتطلبه أنشطة التنمية الخمسية في السعودي، وبالتالي هي تمضي بخط متواز مع متطلبات التنمية الشاملة المستديمة في البلاد، وبالتالي فكل ما يشاع أن البنوك السعودية تركز على طبقة معينة من التجار على حساب إهمال تجار آخرين هو كلامه يجانبه الصواب وليس فيه من العقلانية شيء. وقال حافظ إنه بالنظر إلى النمو الذي طرأ على محفظة البنوك فإنها عكست نموا ملحوظا في أعنف الأزمات العالمية التي أطاحت باقتصاديات الدول خاصة من الأزمة العالمية في 2007 وحتى أوجها في 2008، حينما بدأت جهات اقتصادية أميركية كبيرة بالإفلاس، مؤكدا أن معدلات النمو إلى العام الماضي قد ارتفعت إلى أكثر من 20 في المائة.

وأكد أنه نمو كبير خاصة أنه واكب الأزمة الأوروبية وأزمة الدين الأميركية، مبرهنا أن حجم التمويل الذي تقدمه البنوك في السعودية للقطاع الخاص هو 229 مليار دولار، بينما كان التمويل في أوج الأزمة العالمية 194 مليار دولار، وهو ما يعكس القفزة الهائلة التي طرأت على حجم المحفظ التمويلية. وأفاد بأن هذا التمويل لا يذهب بأي حال من الأحوال أو يوجه أو يحتكر، لأي من القطاعات الاقتصادية بحجة أنه ليس من صالح الشأن الاقتصادي في عمومه، ومن مصلحة التنمية الاقتصادية في السعودية، أو من باب تحمل المخاطر التي تأتي على البنوك بحكم أن أحد سلوكيات البنوك المحمودة هو تنويع المخاطر.

ودحض أمين عام التوعية المصرفية فكرة أن تكون السعودية تعيش على ما يعرف بالاحتكار المصرفي، موضحا أن السعودية حبلى بـ23 بنكا، وقيمة أصول تتجاوز 1.5 تريليون ريال (860 مليار دولار)، وبها أكثر من 1600 فرع بنكي، نافيا في ذات السياق ما يعرف بـ«احتكار القلة»، الذي لا يتعدى مصرفين أو ثلاثة على حد أعلى.

وقال طلعت حافظ: «من المعروف أن السعودية انضمت لمنظمة التجارة العالمية، وتحرير الخدمات العالمية، أفضى إلى منح 11 ترخيصا لبنوك أجنبية، إضافة إلى 12 بنك السعودية، وهو ما فتح لدى السعودية نافذة أوسع للتلاقح مع المنظمات التجارية العالمية».

وحول وقوف البنوك السعودية تحت سقف الـ12 بنكا فقط، أجاب حافظ بأن العبرة ليست في كثرة البنوك لأنها مرهونة بمدى حاجة السعودية للتنمية وبالتالي فإن الولايات المتحدة الأميركية في فترة من الفترات تعدى عدد البنوك فيها 14 ألف بنك، وفي عز الأزمة العالمية وتجاذباتها نقص هذا العدد بشكل ملحوظ، والعبرة ليست في الكثرة، إنما في القوة والدعم وتنويع جيد للمخاطر ومدى وجود رقابة في تلك البنوك تكون ناجعة لا تتفادى المخاطر، بل تتعامل معها بحكمة وثبات وبأسلوب متنوع يقلل من حدة التأثرات والتغيرات.

وأضاف حافظ أن ما قامت به البنوك من قروض تمويلية يتعدى ما قامت به الصناديق التنموية الحكومية منذ إنشائها، وهو ما يدل على أن البنوك تقوم بدورها الكامل في تحريك عجلة التنمية ومساندة الصناديق الحكومية، وتساند خطط التنمية الخمسية، مؤكدا أن زيادة عدد البنوك قد يشكل أحيانا أعباء على الاقتصاد الوطني.

من جانبه، قال عبد الله الأحمري، الخبير والمستشار العقاري لـ«الشرق الأوسط»، إن من أكبر مسببات الانهيار في الاقتصاد الأميركي قبل سنوات قلائل كان الرهن العقاري من قبل البنوك لأنها أفرطت في عملية الإقراض بمقابل رهونات عقارية، لم يستطع إثرها المواطنون السداد وبالتالي استولت البنوك على أعداد كبيرة من العقارات.

وأشار الأحمري، إلى أن البنوك في حين الأزمة العالمية بسبب إفراطها في عمليات التمويل أصبح لديها فائض وهو ما عكس الحالة الاقتصادية سلبا فلا المصارف استطاعة استرداد أموالها، ولا المصارف التي أمنت على عمليات الإقراض، موضحا أن العقاريين لم يستحوذوا ألبتة على سياسات البنوك المصرفية، ومتمسكين بالأسعار بغية تصريف العقارات التي بحوزتهم دونما تكدس تلك العقارات في أيديهم.

وأبان المستشار العقاري أن العقاريين أنفسهم في السعودية يبحثون عن مخرج بعد أن دخلت الحكومة لسعودية على الخط في عمليات إنشاء مساكن متعددة للمواطنين، واتجهت لبناء وحدات سكنية وأنشئت وزارة للإسكان بالإضافة إلى ما ضخته في صندوق التنمية العقاري، ناهيك عن التسهيلات في الإقراض الحكومية وتجدد السياسات التمويلية الحكومية، كل تلك الأمور تنفي تهمة سيطرة العقاريين، بل إنهم أصبحوا يبحثون عن مخرج آمن لذلك.

وأضاف أنه لو كان لدى العقاريين سيولة مرتفعة لحدا بهم الوضع نحو التوجه إلى إنشاء وحدات سكنية بأنفسهم، وضخوا تلك السيولة في شركات عقارية مساهمة في ذلك.