السعودية: الطلب على الإيجارات يحول العقارات المخصصة للبيع إلى التأجير

خبراء عقاريون: تفعيل عقد الإيجار الموحد يضمن حق المالك والمستأجر ويوقف ارتفاع أسعار الوحدات السكنية

التوجه للاستثمار في إيجار الوحدات السكنية لسد الفجوة يرفع المعروض في ظل الطلب المتزايد («الشرق الأوسط»)
TT

اتجه عدد من المستثمرين العقاريين في السعودية إلى تحويل استثماراتهم العقارية في الوحدات السكنية المعروضة للبيع إلى قطاع التأجير، وذلك انعكاسا لزيادة الطلب في السوق العقارية على قطاع التأجير مع قلة المعروض، بهدف الاستفادة من حجم العوائد الاستثمارية في هذا القطاع.

وأوضح الخبراء العقاريون أن ظاهرة تحول المستثمرين بدأت مؤخرا نتيجة لزيادة الطلب على الشقق مؤخرا وارتفاع أسعار التأجير، مما ينعكس على المستثمرين وملاك الوحدات العقارية بإيرادات مالية أفضل من عمليات التمليك، التي بدأ الأفراد في الابتعاد عنها لعدم كفاءتها من حيث مواد البناء التي قد لا يتجاوز عمرها الافتراضي 5 سنوات، أو لارتفاع أسعارها.

وأوضح فيصل المهنا المدير التنفيذي لمجموعة «إنماء» العقارية أن القطاع العقاري، والإسكاني، خاصة شهد ارتفاعا ملحوظ في إيجار الشقق السكنية، حيث لجأ مستثمرو شقق التمليك السكنية إلى تأجيرها أو البيع بالكامل لمستثمر واحد مع انخفاض جودة التشطيب في الغالب منها، وانعدام بعض الخدمات الضرورية للأحياء المقامة عليها مثل توفر المياه والصرف الصحي، حيث تزيد تكلفة الإيجارات بإضافة بنود خاصة بالعقد تشمل توفير الماء والصرف الصحي كتكلفة، وأضاف المهنا: «دعم الدولة مشروعات الإسكان بـ250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، لبناء 500 ألف وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة وتفاعل صندوق التنمية العقاري وبعض البنوك التجارية في تقديم تمويل إضافي، من المفترض أن تؤدي إلى انخفاض أسعار إيجار الوحدات، ولكن قد يكون على المدى الطويل بحسب النظريات الاقتصادية المعروفة»، وزاد: «وجود أحياء في بعض مناطق السعودية التي لم يكتمل تطويرها ولم يتم توصيل المياه والصرف الصحي إليها، جعل من الملاك يزيدون عقد الإيجار نحو 3 آلاف ريال (800 دولار)»، وأكد على «ضرورة توجيه جزء من هذا الدعم للقطاع المهم والحيوي وتطوير تلك المخططات والأحياء من قبل الجهات المختصة للمساهمة في تيسير السكن على المواطن».

وأشار المدير التنفيذي لمجموعة «إنماء» العقارية إلى أنه «يجب أن يتم دعم مؤسسات المقاولات ومواد البناء لتقليل تكاليف البناء على المطورين لينعكس الأمر في النهاية على المواطن، وأيضا تفعيل دور عقد الإيجار الموحد الذي يضمن حق المالك والمستأجر كما يحمي المواطنين من الارتفاعات المفاجئة والمستمرة في أسعار الإيجارات».

من جهته، أوضح عبد الله الأحمري رئيس اللجنة العقارية في محافظة جدة (غرب السعودية): «لا شك أن تحول المستثمرين إلى هذا المجال يعد في صالح السوق من أجل تكون هناك وفرة في المعروض، خاصة أن السوق بدأت في ركود، وهذا مؤشر قوي في النزول سواء في الإيجارات أو المبيعات العقارية، وهذا مؤشر إيجابي للعقار».

وأضاف الأحمري أن «التوجه للاستثمار في إيجار وحدات سكنية لسد الفجوة الموجودة يأتي في ظل الطلب المتزايد على الإسكان الذي قد ينتهي في غضون 4 سنوات، وسيقل الباحثون عن الإيجارات في المدن الكبيرة؛ حيث اتجهت الدولة مؤخرا إلى دعم الإسكان؛ سواء وزارة الإسكان، أو ما يقدمه صندوق التنمية العقاري، من خلال تملك الوحدة السكنية حتى ولو مضى عليها 20 عاما.. وهذه نقطة إيجابية». وزاد الأحمري: «حينما قام صندوق التنمية بعمل عقد مع البنوك بنظام (ضامن) من أجل ضمان حقوق البنوك والممولين من قبل الصندوق، فمن ضمن الاستراتيجيات التي سعى إليها صندوق التنمية العقاري، ضمانات لأصحاب الدخول المتوسطة، وهذه التوجهات ستحد من المبالغة في الأسعار التي نراها اليوم». واستطرد أن «أصحاب الدخل البسيط لا يستطيعون دفع الإيجارات العالية، التي نعيشها مؤخرا، خاصة أن أصحاب العمائر القديمة التي مضى عليها زمن طويل، يرغمون المستأجر على زيادة قيمة إيجار باقي الوحدات الحديثة التي قد يبررون ارتفاع أسعارها بارتفاع مواد البناء مؤخرا». وأضاف رئيس اللجنة العقارية: «لم يكن للملاك أي دراسات معدة لموازنة أسعار عقاراتهم، حيث إن بعض البلدان تعمل على دراسات مستمرة من حيث رفع القيم الإيجارية حتى لا تتأزم الأمور وتنعكس سلبا على الفرد؛ فالزيادة من 5 إلى 15 في المائة في بعض الدول، ولكن بلغت هنا أكثر من 50 في المائة من القيمة الحقيقية للوحدة العقارية حتى أثرت على معيشة الفرد».

فهد الغامدي، أحد أصحاب المكاتب العقارية في محافظة جدة، قال: «نسبة الشباب تعد الأكثر من المقبلين على إيجار وحدة سكنية، وقد تصل نسبتهم مقارنة بالحالات الأخرى، إلى أكثر من 70 في المائة، لذلك، فإن من الصعب مجاراة التضخم لأكثر ما هو عليه، حيث يبلغ متوسط الإيجار السنوي نحو 20 ألف ريال (5.3 ألف دولار).

ويشهد قطاع الإيجار تناميا واسعا، خاصة مع طفرة الأعمال في المدن الرئيسية، الأمر الذي جعل هذا المنتج مطلوبا في كثير من المدن، والذي ساهم في إنشاء المزيد من المباني التي تحتوي على الشقق السكنية في البلاد.