مسؤول مصرفي ينتقد بطء الإجراءات الإدارية لمشاريع العقار في المغرب

قال إنها تجمد أكثر من 4 مليارات دولار بسبب تمديد فترة القروض

TT

انتقد محمد رحو، رئيس مصرف القرض العقاري والسياحي المغربي، بطء الإجراءات الإدارية والآجال الطويلة التي تستغرقها عملية منح التراخيص للمشاريع العقارية. وقال رحو إن هذا البطء يؤدي إلى تمديد آجال إنهاء المشاريع إلى خمس سنوات في المتوسط بدل ثلاث سنوات، وينتج عن ذلك ارتفاع آجال تسديد القروض المصرفية، الأمر الذي يؤدي حسب تقديرات البنك إلى تجميد زهاء 40 مليار درهم (4.5 مليار دولار). وأضاف رحو، في سياق حديثه عن أزمة السيولة التي يجتازها النظام المصرفي المغربي خلال تقديم نتائج البنك أول من أمس في الدار البيضاء، أن الأمر لا يقتصر فقط على الرخص العقارية وإنما يشمل أيضا عدة مجالات أخرى، ذكر منها على الخصوص إجراءات الزيادة في رأسمال الشركات التي تتطلب تجميد الرساميل في حسابات مجمدة في البنوك خلال المدة التي تستغرقها الإجراءات الدارية، التي غالبا ما تطول وتمتد إلى عدة أشهر بسبب الثقل الإداري. وقال رحو إن إصلاح الإجراءات الإدارية المتعلقة بالعمال وتسريعها من شأنه أن يحرر أموالا مهمة بدل سحبها من الرواج وتجميدها على ذمة انتظار استكمال الإجراءات، وبالتالي المساهمة في التخفيف من حدة أزمة السيولة المالية للنظام المصرفي.

وأشار رحو إلى أن الوضع الحالي للسيولة المصرفية في المغرب لم يصل بعد لمستوى يبعث على القلق، وقال إن البنك المركزي المغربي يسيطر على الوضع عبر تدخلاته في السوق النقدية من خلال التسبيقات للأجل القصير وعمليات شراء السندات من البنوك. وقال رحو «ما زلنا في وضع يمكن التحكم فيه. كما أن المصارف أصبحت تعتمد سياسة حذرة في مجال توزيع القروض. وأصبحت تفرض على الزبائن التعامل بعقلانية وترشيد أكبر للتمويلات مع تفادي المخاطر والمجازفات غير المحسوبة».

وتوقع رحو ارتفاعا قويا للقروض العقارية بالمغرب خلال العام الحالي مع انطلاق المخطط الجديد للسكن الاجتماعي المدعوم من طرف الحكومة. وقال «هناك أزمة في الفرع العقاري الفاخر والموجه للطلب الأجنبي بسبب تداعيات الأزمة المالية الدولية. وهذه الأزمة متمركزة بشكل خاص في مراكش. لكن هناك تحولا من طرف الشركات العقارية المغربية نحو توجيه إنتاجها بشكل أكبر نحو السوق الداخلية التي تعرف طلبا قويا». وأشار إلى أن القرض العقاري والسياحي قد وزع خلال العام الماضي 6 مليارات درهم (667 مليون دولار) جديدة من القروض العقارية، وأنه يتوقع توزيع مبالغ أكبر خلال العام الحالي. وقال إن جاري القروض العقارية للمصارف المغربية يقدر بنحو 75 مليار درهم (8.4 مليار دولار)، ويعرف نموا قويا بفضل قروض السكن الاجتماعي التي تضمنها صناديق حكومية. وبخصوص القطاع السياحي، قال رحو إنه يعرف أزمة بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية في الدول المصدرة للسياح، وإن أحداث الربيع العربي قد زادت من حدة هذه الأزمة خلال العام الماضي. غير أنه أشار إلى أن المغرب بدأ في الأشهر الأخيرة يسترجع أنفاسه. وحول مدى تأثر القرض العقاري والسياحي بالأزمة، أشار رحو إلى أن المصرف أصبح موجها بشكل أساسي للتمويل العقاري في سياق إعادة هيكلته وإعادة توجيهه الاستراتيجي خلال السنوات الأخيرة.

وكان القرض العقاري والسياحي يلعب دور مؤسسة حكومية موجهة لتمويل تنمية القطاع السياحي قبل تحويله إلى مصرف تجاري خلال التسعينات. وعرف البنك أزمة كبيرة كادت تعصف به بسبب عجز المشاريع السياحية الضخمة التي مولها خلال التسعينات عن تسديد ديونها. وخضع البنك لعدة عمليات إعادة هيكلة مند أواخر التسعينات انتهت إلى خصخصة البنك وعزل أصوله الموبوءة عن النشاط العادي للبنك. ويقول رحو إن البنك لا يزال يبذل مجهودا لحل الملفات الموروثة عن العهد السابق، إما عن طريق المفاوضات من أجل التوصل إلى حلول حبية مع أصحاب المشاريع أو عن طريق القضاء. وأشار رحو إلى وجود الكثير من الصعوبات في حل بعض الملفات الكبرى. وقال «أحيانا نفاجأ بكون قيمة الضرائب المتأخرة على بعض المشاريع تفوق قيمة أصول هذه المشاريع. ونحن ندرك أن هناك أموالا لن نستطيع استرجاعها أبدا. لكننا استطعنا أن نتجاوز مرحلة الخطر، وأصبح القرض العقاري والسياحي اليوم في وضع صحي وسليم وقابل للمقارنة مع نظرائه في السوق المصرفية المغربية».