المساكن الفاخرة في دبي تحظى بإقبال لأول مرة منذ 4 سنوات

منها منازل يفوق سعرها 5 ملايين درهم

جانب من المخططات السكنية الفاخرة في دبي («الشرق الأوسط»)
TT

عند الحديث عن القطاع العقاري في دبي لا بد من التمييز بين عدة مستويات من حيث مستوى رفاهية المنطقة وتمتعها بالبنى التحتية ذات الجودة العالية، وعندما يجري الحديث عن تراجع الطلب على العقارات المباعة على المخطط نجد في الوقت ذاته أن إقبالا قد يعتبر الأول من نوعه تشهده سوق العقارات الفاخرة في الإمارة منذ اندلاع أزمة المال العالمية التي عصفت بالقطاع العقاري في إمارة دبي بعد أن كان هذا القطاع شريان الحياة الرئيسي للقطاع العقاري في الإمارة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن 1700 فيلا في منطقة «واحة السليكون» الحديثة في دبي بيعت بشكل شبه كامل خلال العام الماضي، مما يؤشر على جاذبية السوق الفاخرة في إمارة دبي التي عادت إلى مستويات قياسية اشتاقت إليها السوق بعد الركود المزمن الذي تبع عام الأزمة المؤلم 2008.

ويرى عقاريون أن ثلاثة قطاعات يتوزع عليها النشاط العقاري في دبي؛ وهي: البيع/ الشراء، والإيجار، والإنشاء. أما بالنسبة لقطاع الشراء فيشير الخبير العقاري محمد نمر رئيس مجلس إدارة شرك «ماك» العقارية إلى أن طلبا وحماسا واسعين تشهدهما سوق الشراء في دبي، فيما يتركز هذا الحماس على العقارات الجاهزة «فعمليات البيع على الجاهز عادت إلى وضعها الطبيعي الذي كانت عليه عام 2004، أي قبل بدء الطفرة العقارية التي أطاحت بها أزمة المال العالمية».

وتقول شركة «داماك العقارية»، أكبر مطور خاص للعقارات الفاخرة في منطقة الشرق الأوسط، إن هناك تزايدا ملحوظا في حجم الطلب على محفظتها من المشاريع المكتملة أو التي شارفت على الاكتمال والمتوزعة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وبحسب الشركة العقارية، فإن منطقة الشرق الأوسط تعاني من نقص حاد في العقارات السكنية ذات الجودة العالية والتي يتزايد الطلب عليها سواء بهدف الاستثمار أو السكن، ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع لسنوات عديدة قادمة.

وفي الربع الأخير من العام الماضي قالت إحدى الوكالات العقارية العاملة في دبي، إن هناك ارتفاعا واضحا في أسعار الفيلات في جزيرة نخلة جميرا، بينما ارتفعت أسعار الفيلات في تلال الإمارات بنسب تصل إلى 20 في المائة، وذلك خلال النصف الأول من العام الحالي.

وقال ديفيد تيري، مدير مبيعات العقارات الفاخرة في وكالة «لوكس هابيتات» العقارية «إننا لاحظنا ارتفاعا ملحوظا في العام الحالي في مبيعات العقارات التي تزيد على 5 ملايين درهم، خاصة عندما يصل سعر العقار إلى 15 مليون درهم». وأضاف أن هناك عقارات كثيرة في أنحاء دبي خاصة في جزيرة نخلة جميرا وتلال الإمارات ومركز دبي المالي والبراري ودبي مارينا قد بيعت بأسعار أعلى مما كانت عليه من ستة أشهر. وقال تيري إن عدد الصفقات في النصف الأول من العام الحالي قد يكون بلغ ثلاثة أضعاف المبيعات في الفترة نفسها من العام الماضي.

وفي الإطار ذاته، قال نيال مكلوغلين، النائب الأول لرئيس شركة «داماك العقارية»: «نلمس ارتفاع الطلب على العقارات من خلال نفاد الوحدات المعروضة ضمن مشاريعنا المكتملة، فقد بقي عدد قليل جدا من الشقق في المشاريع التي قامت (داماك العقارية) بتسليمها، ونشهد حاليا انتقال تركيز المستثمرين إلى المشاريع التي اكتملت بنسبة تفوق 60 في المائة».

وازداد اهتمام المستثمرين بمنطقة الشرق الأوسط خلال عام 2011، وفقا لشركة الاستشارات العقارية «جونز لانغ لاسال»، إلا أن الاهتمام لا يزال منصبا في معظمه على نطاق ضيق من العقارات المكتملة التي تتمتع بمزايا تمكنها من زيادة دخل المستثمرين. وقالت الشركة في تقريرها الفصلي الأخير إن هناك نقصا كبيرا في المشاريع العقارية الجديدة المناسبة للاستثمار.

وأضاف مكلوغلين «تشهد منطقة الشرق الأوسط ارتفاعا في الطلب على العقارات السكنية الجيدة، يفوق العدد الحالي المعروض منها، فيما تتغير المعايير المعيشية في المنطقة، ويسعى الناس للحصول على قيمة أكبر مقابل ما يدفعونه من نقود، مشيرا إلى أن هذا التغيير في سلوك المستهلكين يدفع شركات التطوير العقاري، ومنها «داماك العقارية»، إلى زيادة الاهتمام بجودة التشطيبات ومواصفات المباني في المشاريع التي تمر في طور الإنشاء حاليا.

وتعتبر دبي هي الموقع المفضل لنجوم السينما والمشاهير، فقد اختار الكثيرون من نجوم بوليوود وهوليوود دبي لشراء قصر أو فيلا فاخرة في إحدى جنباتها. فمثلا كان سوبر ستار بوليوود شاه روخان، أول نجم بوليوودي شهير لم يكتف بشراء منزل في جزر النخيل في الإمارات العربية المتحدة في عام 2008، وإنما استثمر أيضا في شركة تطوير عقاري تحمل اسمه وهي «شاه روخان بوليفارد» بجزيرة دانا في إمارة رأس الخيمة. وعلى خطى شاه روخان، اشترى زوجان آخران من مشاهير بوليوود وهما أبهيشيك وأيشواريا راي باتشان فيلا في «سانكتواري فولز»، مجموعة فيلات على طراز المنتجعات داخل ولايات خليج جميرا.. إضافة إلى آخرين.

ويعلق مكلوغلين على هذا الجانب بقوله «أسهمت مشاريعنا العقارية في الإمارات العربية المتحدة في رفع معايير الجودة في مجال التطوير العقاري، في الوقت الذي يطمح فيه العملاء في أسواق المنطقة الأخرى، كالسعودية وقطر ولبنان والأردن، إلى المستوى ذاته من الجودة والفخامة».

وفي المملكة العربية السعودية تقوم «داماك العقارية» ببناء برج «الجوهرة» السكني بارتفاع 47 طابقا، حيث يشهد الطلب على الشقق السكنية الراقية ازديادا هائلا بسبب التركيبة السكانية في المملكة. ويشار إلى أن غالبية سكان المملكة العربية السعودية هم من الشباب، إذ يشكل السكان في سن 20 عاما فما دون نحو 45 في المائة من إجمالي عدد السكان.

وقد أسهم ارتفاع أعداد الشباب والتوجه المستمر نحو الإقامة في المدن، في دعم سوق العقارات السعودية، حيث يبحث العديد من الشباب العاملين في مختلف المجالات عن شقق سكنية للإقامة خارج منزل العائلة. ويتابع مكلوغلين «تتسم توقعات النمو الاقتصادي السعودي بكونها إيجابية للغاية، الأمر الذي يعزز الطلب على العقارات من قبل الأفراد الراغبين في السكن فيها أو المستثمرين الذين يتطلعون إلى سوق تقدم لهم عائدات مرتفعة وإمكانات هائلة لتنمية رأس المال».

وتعتبر شركة «داماك» من الشركات المهتمة بشكل واضح بسوق العقارات ذات الجودة العالية، فقد سلمت ما مجموعه 21 مبنى ونجحت في إطلاق مشروعها السكني الذي يحمل علامة «فيرساتشي هوم» في المملكة العربية السعودية، إلى جانب إطلاق مشروع «داماك سويتس آند سبا» للشقق الفندقية المميزة. كما فازت الشركة بالعديد من الجوائز العالمية والإقليمية المرموقة، ومنها الحصول على لقب «أفضل مطور عقاري خلال العام» ضمن جوائز «بيغ بروجكت بي غرين».

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قدرت شركة «داماك العقارية» أن قيمة عائدات تأجير العقارات الفاخرة في الإمارات توازي ثلاثة أضعاف عائدات إيداع النقد في البنوك على الأقل.

ووفقا لشركة الاستشارات العقارية «سي بي ريتشارد إيليس» فإن نسبة الفائدة على الودائع ثابتة الأجل لمدة ستة أشهر تبلغ 2.1 في المائة في بنك «إتش إس بي سي»، مقارنة مع عائدات التأجير التي تتراوح بين 7 و12 في المائة في الإمارات.

وتشترك في تلك النظرة الإيجابية لقطاع القارات الفاخرة شركة الاستشارات العقارية «كلاتونز»، والتي تتوقع أن تستمر العقارات ذات الجودة والمكانة المميزة في تحقيق عائدات جيدة على حساب المناطق السكنية الأحدث. كما تتوقع الشركة أن تواصل سوق العقارات السكنية تحقيق الأرباح مع توافر المزيد من خيارات تمويل الرهن بأسعار منافسة.

ومن شبه المؤكد للمراقبين المشتغلين في القطاع أن عودة الروح لقطاع العقارات الفاخرة في دبي ستضخ دما جديدا وغزيرا في روح الجسد الاقتصادي في إمارة دبي، على اعتبار أن مشاريع القارات الفاخرة في دبي تمتد من أعماق بحرها في جزر النخلتين والعالم إلى أقصى صحرائها في دبي لاند، لعل كل تلك المشاريع ومطوريها كانت بانتظار ذلك.

وللعلم فإن جزر النخيل هي ثلاث جزر صناعية بنيت علي ساحل دبي. وتعد أكبر ثلاث جزر صناعية في العالم، وهي من إنشاء شركة «نخيل»، والجزر الثلاث هي نخلة الجميرة، نخلة جبل علي، نخلة الديرة، وجميع الوحدات المبنية عليها تصنف في إطار «السوبر فاخر»، فيما تعد تلك الوحدات الفاخرة في إمارة دبي بالآلاف.