السعودية: مواسم العمرة تنعش العقارات الفندقية في مكة المكرمة

مؤشرات الأسعار ترتفع في الربع الأول

أسعار العقارات في حالة انتعاش بسبب هيمنة القطاع الفندقي على قطاع الإيواء (تصوير: أحمد حشاد)
TT

ارتفعت نسبة إشغال قطاع الإيواء في أكثر من 500 فندق وشقة سكنية في مكة المكرمة إلى 60 في المائة في الربع الأول من العام الجديد وسط فرض استراتيجيات جديدة للخدمة الفندقية للفنادق الأكثر تباعدا عن المنطقة المركزية.

وبحسب مراقبين ومتخصصين في المنطقة المركزية، فإن قوافل المعتمرين من جميع دول العالم حطت رحالها، وفق حجوزات وأسعار تنافسية سعت شركات العمرة لتأمينها قبل افتتاح موسم العمرة منذ شهرين في طليعة السنة الميلادية الجديدة، ليتوزع المعتمرون في الفنادق المطلة حول الحرم المكي الشريف، والعزيزية، ومحبس الجن.

وأوضح سعد الشريف، خبير المنطقة المركزية في العاصمة المقدسة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن بعض الفنادق المطلة للحرم المكي الشريف، وصلت أسعار الغرف فيها إلى 1000 ريال (375 دولارا)، مقدمة نظرة جديدة للخدمات الفندقية وهي بعيدة عن مواسم الذروة، وهذا يعني أن الأسعار تمضي بشكل اعتيادي ومعقول، في حين تتراوح أسعار الأجنحة الفندقية ما بين 1000 و2000 دولار، وهي أيضا مؤشر جيد، خاصة إذا قورنت الأسعار بالفنادق العالمية.

وأشار خبير المنطقة المركزية، إلى أنه تم بتأمين سيارات وحافلات نقل على مدار الساعة لنزلاء الفنادق المتاخمة والمحيطة لضمان أداء النزلاء لفروضهم الخمسة في المسجد الحرام، وتهيئة المواقع المناسبة لنقلهم من وإلى الحرم المكي الشريف في مواقع خاصة بين الفندق والجهات المعنية بتخصيص المواقف المرورية الخاصة بهذه الحافلات.

وأضاف الشريف أنه مع الدخول الفعلي للربع الأول من السنة الميلادية الجديدة، ستضطر إدارات الفنادق وشركات العمرة إلى إغلاق الحجوزات بسبب ما سماه ارتفاع نسبة الطلب لهذا العام، خاصة في الإجازات القصيرة وعطل نهاية الأسبوع، حيث شهدت الحجوزات إقبالا كبيرا حول المنطقة المركزية كأفضل المناطق التي ينشدها المعتمر، ثم بعد ذلك تقل نسبة الإشغال في بقية الفنادق والشقق المفروشة المحيطة بمنطقة العزيزية والزاهر والمناطق التي تبعد عن المنطقة المركزية.

من جهته، أوضح سعد القرشي، رئيس اللجنة الوطنية للحج والعمرة المكلف في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، أن نسبة الزيادة في عدد المعتمرين في الوقت الحالي تفوق أعداد المعتمرين الذين كانوا موجودين في نفس الفترة من العام الماضي بنسبة تصل إلى نحو 10 - 15 في المائة، مشيرا إلى أن الملاحظ خلال السنوات الماضية ومنذ بدأ نظام العمرة الجديد هو الزيادة في حجم الأعداد بشكل سنوي، والتي من المتوقع أن تفوق في العام الحالي نحو مليون معتمر عن العام الماضي.

وأبان القرشي، أن الأغلبية في أعداد المعتمرين خلال المرحلة الحالية قادمين من تركيا، إيران، باكستان، الهند، الجزائر، المغرب، مصر، لافتا إلى أن هناك نشاطا مرتفعا في نسبة الإشغال في الفنادق في مكة المكرمة لإيواء الأعداد الكبيرة من المعتمرين.

وقدر القرشي، الذي يشغل أيضا عضوية مجلس إدارة غرفة مكة، حجم الإشغال في فنادق المنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي الشريف بنحو 60 - 65 في المائة، وبنحو 30 - 40 في المائة في الفنادق الواقعة في منطقة العزيزية والششة، مبينا أن هناك مناطق أيضا شهدت تحسنا في إشغال دور الإيواء فيها، إلا أنها تأتي بنسب متفاوتة، حيث تعتمد نسب الإشغال في مرتكزها الأساسي على القرب والبعد من المسجد المكي الحرام. وأكد القرشي، أن القطاعات الاقتصادية في مكة المكرمة، تعتمد بشكل جذري على موسمي الحج والعمرة، والتي يستحوذ الأول منها على نسبة تتراوح ما بين 30 و35 في المائة، فيما يستحوذ قطاع العمرة على 50 - 60 في المائة، لافتا إلى أن سوق مكة تستهدف الزوار والمعتمرين والحجاج الذين تفوق أعدادهم عدد سكان مكة المكرمة الدائمين بأكثر من خمسة أضعاف في حال أخذنا في الاعتبار أن عدد الدائمين يصل إلى نحو 1.8 مليون نسمة وفق آخر الإحصائيات.

ولفت القرشي، إلى أن القرارات التي تتقرب صدورها الشركات والمؤسسات العاملة في القطاع متعددة، وأن الجميع يأتي نتيجة لتنسيق متواصل بين كافة الجهات الحكومية والخاصة العاملة في موسم العمرة والحج، إلا أن هناك نحو 35 شركة أوقفت عن العمل لأسباب متعددة خلال فترة الأربعة أعوام الماضية. إلى ذلك، قال هشام عفيفي، مدير فندق جراند كورال لـ«الشرق الأوسط»: «شهدت أسواق ومحيط المنطقة المركزية ازدحاما ملموسا من زوار بيت الله الحرام، خاصة بعد أوقات ومواعيد فروض الصلاة الخمسة في حين شهدت فنادق أخرى نسبة إشغال فيها لأكثر من 82 في المائة من حجم الغرف والأجنحة الفندقية في محيط المنطقة المركزية وبقية أحياء مكة المكرمة القريبة من محيط الحرم المكي الشريف، كأحياء الروضة والعزيزية».

وزاد عفيفي بالقول «الفنادق قدمت برامجها وعروضها الترويجية منذ فترة ليست بالقصيرة في ظل الإقبال الكبير على موسم العمرة، حيث يتنافس أكثر من نصف مليون معتمر على أكثر من مائة ألف غرفة في 54 فندقا بمكة في الأيام المتبقية من رمضان».

وقال: «إن الكثير من فنادق المنطقة المركزية لا تحتاج إلى مواصلات لقربها من الحرم المكي الشريف، كما أن بعض الفنادق الضخمة ذات الـ5 نجوم، التي تبعد مسافة كيلومتر تقريبا عن الحرم قضت على مشكلة المواصلات بتوفير حافلات نقل من الفندق للحرم والعكس وعلى مدار الساعة وذلك لتوفير سبل الراحة للمعتمرين».

بينما قال رئيس لجنة السياحة والفنادق بالغرفة التجارية والصناعية بمكة المكرمة وليد أبو سبعة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن أكثر من أربعمائة وخمسين فندقا تقدم خدماتها للمعتمرين من خلال أكثر من مائة ألف غرفة؛ تتنافس فيما بينها لتقديم الخدمة للمعتمرين الذين يتزايد عددهم في كل موسم»، مشيرا إلى عقد الكثير من اللقاءات التنسيقية مع الهيئة العامة للسياحة والآثار وأصحاب الفنادق بمكة المكرمة إلى تذليل بعض العقبات التي تواجه قطاع السياحة، لا سيما فيما يتعلق بتصاريح الأمن والسلامة. وأضاف «إنه تم تصنيف عدد كبير من الفنادق في العاصمة المقدسة، من فئة الـ5 نجوم إلى فئة النجمتين، وهو ما عكس ارتفاعا في مستوى الخدمة، وبات لكل فئة من الفئات تصنيفاتها الخاصة بها في شكل متميز، وبدأ المؤشر التشغيلي في الارتفاع المتزايد نظير ما سماه التغيير الجذري للتصنيفات التي أقرت من هيئة السياحة في الآونة الأخيرة». وأضاف أبو سبعة «إن الخدمات والتصنيف رفعت هذا العام مستوى الخدمات الفندقية، بحجة أن كل مواصفات تتطلب خدمات معينة؛ ففئة الـ4 نجوم تتطلب وجود (البيزنس سنتر)، وخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة، وأصبحت المنافسة بين قطاعات الإيواء نفسها واضحة جدا، بعد أن وضحت الصورة بشكل كبير لكل فندق ما هو وما الذي ينبغي أن يتحرك من خلاله». وأبان رئيس لجنة الفنادق، أنه منذ فتح باب العمرة والدخول الفعلي لشهر رمضان المبارك، وقطاع الفندقة في العاصمة المقدسة عليه طلب جيد، من جميع الأسواق، وفي كل عام يتحسن الوضع بشكل أفضل عن ذي قبل في كمية الطلب من الخارج، متوقعا عدم اختلال الأعداد المعتادة من القادمين للعمرة خاصة في الدول التي تشهد نزاعات سياسية، وأن الطلب لهذا العام سجل أرقاما مميزة وسيتحسن بدوره في الأشهر المقبلة.

إلى ذلك، علق خالد المالكي، صاحب أحد فنادق العزيزية، بأن كثرة أعداد القادمين لمواسم العمرة، دفعت بكثير من مالكي قطاع الإيواء للنظر مرة أخرى في إعطاء تشغيل حقيقي وفاعل، والسبب يكمن في أن تكوين سمعة حقيقية وريادية لتلك الفنادق أصبح أمرا حتميا ولا رجعة فيه، والسبب الأرجح في ذلك هو صيرورة موسمي الحج والعمرة؛ فالفنادق التي تخل بالتزاماتها ستخسر بضاعتها في السوق، ولن تجد عليها طلبا من قبل شركات الحج والعمرة الخارجية والداخلية.

وحول وجود أكثر من ثلثي فنادق السعودية في مكة، ذهب المالكي إلى القول: «أمر محفز بشكل كبير، لا سيما أن أرقام التشغيل المرتفعة واضحة وجلية، وهذا التشغيل المرتفع يدخل مكة حالة تقييم حقيقية تتوثب فيها لتقديم خدماتها بأسلوب عصري واحترافي، والزائر لمكة لا يحتاج لخدمة فندقية فقط، بل لخدمات أخرى، وبالتالي فوجود الأسواق والمطاعم، تجعل من الخدمة الفندقية خدمة متميزة جدا».

وقال المالكي، إن قوة الاستثمار الفندقي، تتمركز في مكة المكرمة من بين جميع مدن العالم، وهو عائد ممتاز لأي مستثمر يرغب في الاستثمار الفندقي، بحكم الاستمرارية والطلب المستمر على العمرة والحج من جميع مسلمي العالم، وهي قضية لا تحتاج إلى تسويق بحسب المالكي، بحكم أنها صناعة ثابتة بمنأى عن التوقعات، والعوامل الجوية وما إلى ذلك، فهي صناعة ثابتة إلى أمد بعيد وهي دائما في تزايد من ناحية عدد الفنادق ومن حيث قيمة العقارات والمستثمرين في مكة المكرمة وبزيادة ملحوظة دائما.