«لاجئون عقاريون» ينافسون الأثرياء العرب على عقارات لندن الفاخرة

اختاروا «اللجوء العقاري» إلى لندن هربا من «ترصد» مصالح الضرائب في بلدانهم

TT

برز إلى الواجهة مؤخرا مصطلح مثير للجدل في بريطانيا، ومثيرا للتعليقات الساخرة، في أغلب الأحيان، في الصحافة البريطانية. المصطلح هو «اللجوء العقاري» واشتق منه مصطلح «اللاجئين العقاريين»، ويخص الأثرياء الأوروبيين من منطقة اليورو، وبشكل أخص من اليونان وإيطاليا، و«الفارين» بأموالهم من ترصد مصالح الضرائب في بلدانهم، لاستثمارها في قطاع العقارات البريطاني، وخاصة في القطاع الفاخر في العاصمة لندن.

ومع أزمة الديون السيادية، اضطرت الحكومات الأوروبية، وخاصة في إيطاليا، واليونان، التي كانت على شفا الإفلاس أكثر من مرة، إلى التشدد في موضوع الضرائب، لتحسين مداخيل الدولة. وليس سرا أن التهرب الضريبي في دولة مثل اليونان منتشر بشكل كبير، وعلى مستويات عدة، ويبلغ درجة كبيرة في ما يخص طبقة الأثرياء، الذين لهم عمليات كبيرة منطلقها اليونان، وخاصة في مجال الشحن البحري.

ويسجل قطاع العقارات الفاخر في إنجلترا، وخصوصا في العاصمة لندن، معدلات نمو قياسية بلغت 102 في المائة خلال السنوات العشر الماضية، خصوصا مع الإقبال القياسي من الأجانب، وتواصل لندن جذب المستثمرين الأجانب الذين يبحثون عن ملاذات آمنة فيها، وتزايد بشكل واضح في الفترة الأخيرة عدد المستثمرين القادمين من أوروبا «الهاربين» من أزمة منطقة اليورو، خاصة من منطقة اليورو وبشكل خاص من إيطاليا واليونان، مؤخرا، الذين يرون في لندن خاصة «ملاذا آمنا»، وأصبحوا ينافسون الأثرياء الروس، والهنود، والعرب والصينيين على «خطف» العقارات الفاخرة خاصة.

ويرى ريتشارد دونيل، المحلل العقاري بشركة «هاوم تريك»، أن «إقبال المستثمرين الأجانب هو (مفتاح) سوق العقارات في لندن، ومع إقبالهم فإن أداء سوق لندن يختلف. وبالنسبة للمستثمرين الأجانب، فإن عقارات لندن (ملاذات آمنة)، كما أن لندن كعاصمة عالمية مفتوحة لها جاذبيتها».

وتعرف السوق العقارية في لندن، وخصوصا في قطاع العقار الفاخر، شحا في العقارات المعروضة، خصوصا مع تزايد الإقبال عليه من قبل المستثمرين الأجانب.

وفي هذا السياق، أظهرت تقارير لوكالات عقارية أن رقما قياسيا من المشترين بلغ في معدله 18 مشتريا، يتزاحمون ويتسابقون على كل منزل معروض للبيع وسط العاصمة البريطانية لندن، مما يعني أن من يتمكن من شراء المنزل المتنافس عليه مضطر إلى دفع مبلغ أحيانا أعلى حتى من القيمة التي عرض بها المنزل.

وتتركز المنافسة على القطاعات الفاخرة التي يتجاوز سعر المنازل فيها مليون جنيه إسترليني (1.5 مليون دولار). وذكرت التقارير أن في منطقة بروك غرين بغرب لندن، حيث تصل قيمة منزل من أربع غرف إلى 1.5 مليون جنيه إسترليني، فإن نحو 35 مشتريا يتسابقون لشراء كل منزل معروض في المنطقة المعروفة بجودة مدارسها.

أما في منطقة نوتينغ هيل المشهورة أيضا في وسط لندن، فإن 22 مشتريا يتنافسون على منزل معروض للبيع، أما في منطقة تشيلسي، وهي من المناطق الفاخرة أيضا، فإن 19 مشتريا يتسابقون على كل منزل معروض للبيع.

وتبدي لندن مناعة خاصة أمام تقلبات السوق العقارية، بينما تعاني مناطق أخرى في بريطانيا وخاصة في الشمال، وإن أظهرت تقارير أخيرة أن السوق العقارية في بريطانيا تظهر بعض الانتعاش مؤخرا مع تحسن إقراض البنوك للقروض العقارية، خصوصا للمشترين لأول مرة، الذين سارع الكثير منهم إلى شراء منازل قبل نهاية فترة ما سمي «العطلة الضريبية» الحكومية بحلول شهر مارس (آذار) المقبل على العقارات التي يقل سعرها عن 250 ألف جنيه إسترليني، وهي الضريبة التي تبلغ قيمتها 1 في المائة على العقارات التي تفوق قيمتها 125 ألف جنيه إسترليني وتصل قيمتها إلى 250 ألف جنيه إسترليني.

ولا يقتصر التحسن الملحوظ في سوق العقارات في لندن، على وسطها الغني فقط أو العقارات الفاخرة، إنما حتى في مناطق أخرى محيطة أو حتى بضواحي لندن، فقد سجلت أسعار العقارات في بلدية إيزلنغتون بشمال لندن زيادة قاربت 10 في المائة خلال العام الماضي، بينما سجلت أسعار العقارات في بلدية برانت أعلى معدل ارتفاع خلال السنوات الثلاث الماضية بمعدل بلغ 53 في المائة. وإذا كانت إيزلنغتون منطقة قريبة جدا من وسط لندن، وتضم ملعب «الإمارات» مقر نادي آرسنال، فإن برانت تعتبر من ضواحي لندن وهي تابعة إداريا لمحافظة لندن الكبرى، بينما هي في الحقيقة تقع في مقاطعة «ميدل سيكس»، ومن أشهر معالم «برانت» ملعب ويمبلي الشهير.