المستثمرون الأجانب يعودون مجددا لشراء العقارات في بودابست

شهد وسط المدينة تجديدات وإنشاء مجمعات شقق حديثة وفيلات فخمة

جانب من مدينة بودابست ونهر الدانوب
TT

كان على هيرفي مورين، مستشار تجاري فرنسي – أميركي، البحث لبعض الوقت في بودابست قبل أن يعثر على صفقته الاستثمارية في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2011. وقال إنه كان يعلم أن الوقت قد حان لاستثمار المال في العقارات المجرية، لكنه لم يستطيع أن يحدد نوعية الوحدات في سوق العقارات المجرية التي يمكنه الاستثمار فيها، بدءا من المنازل العائلية الفخمة إلى منزل ثانوي في وسط المدينة.

انتهى مورين إلى اختيار شقة بمساحة تبلغ 87 مترا مربعا، أو 963 قدما مربعا، بالقرب من ميدان ديك، في وسط مدينة بودابست، ودفع أقل من 100.000 يورو أو حوالي 134.000 دولار مقابل العقار الذي اشتراه، وكلف ما سماه تجديد الشقة من الأرضية إلى السقف لفصلها إلى شقتين صغيرتين. وهو الآن يؤجرهما ويأمل في الحصول على عائد سنوي من استثماره يتراوح بين 6 إلى 8 في المائة. هذه تعتبر بداية لنهوض العقارات المجرية بعد فترة طويلة من التباطؤ. عاد المشترون الدوليون من أمثال مورين ببطء إلى بودابست، بعد التواري عن السوق المجرية منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، بحسب وكلاء العقارات المحليين.

وأهم ما يجذب المستثمرين، الذين يأتي غالبيتهم من أوروبا الغربية، للعودة إلى مدينة بودابست، أنها تقدم بعض الأسعار الأرخص في وسط أوروبا، وتعد بعوائد كبيرة على الاستثمار، كما تتوفر فيها بعض الصفقات الجيدة التي لا تزال متاحة مقارنة بعواصم أوروبا الأخرى. كما تصنف العاصمة المجرية، المقامة على ضفاف نهر الدانوب، من قبل مؤشر «ميرسر» لجودة الحياة ومستوى الرفاه، ثاني أكثر المدن جاذبية في منطقة أوروبا الوسطى، يسبقها في ذلك فقط براغ.

يقول تيبور كوفاكس، المدير التنفيذي الذي يعمل مع مؤسسة «إيمو 1»، وهي الوكالة التي ساعدت مورين في الحصول على الشقة: «كان هناك تحول واضح في سوق أسعار عقارات بودابست خلال السنوات الأربع الماضية». وقال مكتب الإحصاء الوطني في بودابست، إن سعر المتر المربع للعقارات السكنية التي أعيد بيعها في عام 2011 وصل إلى 239.000 فورينتس أو حوالي 100 دولار للقدم المربع، في الوقت الذي وصل فيه في عام 2008 إلى 265.000 فورينتس (تباع العقارات في المجر بالفورينتس أو اليورو).

ويقول زلتان سزيميس، مدير شركة «كابيتال ريال ستيت» إن هنالك الكثير من الميزات التي توفرها بودابست، مثل انخفاض تكاليف المعيشة، والفرصة الثقافية، والآثار التاريخية، والطبيعة الجذابة. فعلى سبيل المثال، حافظت المناطق 5 و6 و7 من أحياء بودابست على وحدتها المعمارية، بما في ذلك دار الأوبرا على جادة أندراسي الراقية، التي تعتبر جزءا من مواقع التراث العالمي في اليونيسكو.

ويدافع سزيميس، التاجر المتخصص في العقارات الواقعة ضمن نطاق «الطريق الدائري في بودابست»، عن البنايات الكلاسيكية، التي يقول إنها تحمل سمات خاصة، مثل الأسقف التي يبلغ ارتفاعها 3 إلى 4 أمتار، 9.8 إلى 13 قدما، وتفاصيل الزخرفة، وتحافظ على القيم المعمارية الراقية. وقال: «لقد نهبت بودابست عدة مرات، لكن ناهبيها لم يتمكنوا من انتزاع الطابع المعماري للمدينة».

وقد بنيت الوكالة التي يتبعها سزيميس من بين الوكالات التي تسوق الشقق الفاخرة وشقق العائلات الكلاسيكية في بالازو دوروتيا، في بداية عشرينات القرن التاسع عشر القريبة من ميدان فوروسمارتي الراقي. وشهدت مدينة بودابست عمليات تجديد منذ التحول الديمقراطي وسقوط الحكم الشيوعي، حيث نفذت أعمال تجديد تحولت بموجبها مباني المكاتب السابقة إلى مزيج من المتاجر والمكاتب على الطرز الحديثة. وعلى سبيل المثال في بالازو دوروتيا، كانت الوحدات السكنية في الأدوار الأربعة العليا قد اكتمل تجديدها في عام 2009، وتمت استعادة التفاصيل الأصلية، مثل الأحجار الأنيقة والسلالم الحديدية، كما هو الحال في أحد الأجنحة التي تضيئها الشمس في الباحة، والتي شغلها في السابق مصرف، وهي الآن محل لمتجر فاخر. وبيعت أربعون شقة من بين شقق المبنى البالغة 84 شقة، ولا تزال باقي الشقق معروضة للبيع أو الإيجار، بحسب وكالة «ميداس» للعقارات الأوروبية، التي تبيع شقق مجمع لبالازلو دوروتيا. وبنيت في الدور العلوي الذي يقع على مساحة 154 مترا مربعا، شقة حديثة من دورين بنوافذ كبيرة وشرفة في الدور العلوي، وهي معروضة للبيع بسعر 1.15 مليون دولار، بما في ذلك موقف السيارات، ووحدة تخزين والضرائب. وتظهر النوافذ التي تشبه الأصلية والتوزيع الأكثر كلاسيكية للمساحة بوضوح في الشقة الثانية، التي تبلغ مساحتها 140 مترا مربعا ومعروضة للبيع بسعر 900.000، ويأتي ضمن السعر أيضا مكان لركن السيارة والتخزين والضرائب.

وقد اشترى إيمانويل دي مارتينو، مستثمر إيطالي، شقتين في بناية غوسدوفار، وهي بناية تقع على بعد دقائق قليلة سيرا على الأقدام من مكان الأوبرا. وأعيد تجديد هذا المبنى الذي بني في عام 1901 والذي يشتمل على ست باحات أنيقة متتالية، وفق معايير فائقة، وهو منطقة استثمارية مشهورة بالنسبة للأجانب. وتعرض الشقة التي تبلغ مساحتها 56 مترا مربعا للبيع بسعر يزيد على 80.000 يورو. ويقول سزيميس إن القطع القليلة المتبقية من الأراضي في هذه المنطقة مطروحة للبيع، وإن جميع من يستطيعون إعداد مكان للعيش في المساحات الصغيرة أو على أسطح المباني في وسط المدينة قاموا بذلك بالفعل. واقترحت بعض التطويرات الجديدة الأخرى في منطقة مجاورة للجادة رقم 9، حيث تمتد منطقة فيرنكفاروس أو فرانز تاون جنوبا من السوق المركزية في حي ناغيكسمارنوك. وتضم المنطقة أحواض بناء السفن السابق، حيث بدأ إنشاء مساكن جديدة على تلة في 2009. وتباع الشقق الفاخرة الآن وتقدم مشهدا رائعا لنهر الدانوب على مقربة من المسرح الوطني وقصر الفنون العصري.

ومثل هذه التطورات في بودابست، كتجديد الشقق الفاخرة، كانت من بين المستجدات التي شهدها العقد الأخير، بحسب كزابا أندراس توث، مدير المبيعات الوطني بشركة «دونا هاوس»، إحدى شركات العقارات المعروفة في المجر، ووكيل مبنى غوسدوفار في وسط المدينة. وقال: «حدود العقارات المخصصة لمرتفعي الدخل لا تزال غير محددة»، حيث تعتبر العقارات التي تبلغ 80 مليون فروينتس أو أكثر، في أعلى نقطة من السوق. وأضاف: «لدينا فكرة مختلفة تماما عن الأسعار، على عكس الدول الأوروبية»، مضيفا أن «متوسط سعر المنزل الفاخر في الدول الأخرى يمكن أن يشتري قلعة في المجر».

* خدمة «نيويورك تايمز»