تونس: الاستثمار يعود إلى العقارات السياحية.. وإقبال على الجاهز منها

سعر الفيلا الفاخرة في الحمامات وصل إلى مليون دولار

TT

عرفت أسعار الأراضي السياحية ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة الماضية بعد تراجع الضغوط السياسية التي كانت تسلطها عائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في مختلف عمليات البيع والشراء، خاصة للأراضي ذات المواقع الاستراتيجية.

وساهم انتهاء التسلط على الأملاك بعد سقوط نظام بن علي وعودة الديمقراطية في ظهور حركة كبيرة على مستوى البيع والشراء في العقارات بالمناطق السياحية ذائعة الصيت في تونس، خاصة تلك التي لديها جاذبية، على غرار عقارات المناطق السياحية في نابل والحمامات وسوسة وجربة. ولا تقتصر حركة الانتعاش فقط على المناطق السياحية القريبة من المدن، ولكن كذلك شهدت بعض المناطق السياحية الجديدة البعيدة عن ضوضاء العمران بعض الانتعاش، وبدأت بدورها تخطف بعض الأضواء على غرار منطقة طبرقة وجزيرة قرقنة وياسمين الحمامات و«مارينا بنزرت» ومنطقة جرجيس المحاذية للحدود التونسية - الليبية.

ويغري منتجع «ياسمين الحمامات» بالاستثمار هناك فهو يقع بين 20 هكتارا من المياه ويوفر مرفأ للسفن والزوارق الشراعية يتسع لـ740 منها، وفي المنتجع 500 شقة جاهزة للسكن وواقعة قبالة البحر و55 فيلا و18 ألف متر مربع من المحلات التجارية و30 ألف متر مربع من الحدائق المهيأة، كلها تغري بالاستقرار في المنطقة. ولا يقل المتر المربع من الأراضي في محيط تلك المنطقة عن ألفي دينار تونسي (قرابة 1500 دولار أميركي) ويصل سعر بعض الفيلات السكنية هناك إلى أكثر من 3 ملايين دينار تونسي (نحو مليوني دولار أميركي).

وتعتبر المناطق البحرية القريبة من العاصمة التونسية على غرار المرسى والزهراء وقمرت وسيدي بوسعيد وبرج السدرية من بين أكثر المناطق ارتفاعا على مستوى أسعار العقارات فالمتر المربع من الأرض لا يقل سعره في المرسى عن الألف دينار تونسي، مهما كان موقعه ويرتفع إلى 1500 دينار تونسي في منطقة الزهراء (الضاحية الجنوبية للعاصمة). أما في جزيرة جربة المحاطة بالبحر، فإن فيلا سكنية متوسطة (غرفتان وحمام ومطبخ) لا يقل سعرها في كل الحالات عن 150 ألف دينار تونسي إذا كانت بعيدة عن البحر، أما إذا كانت قريبة فإن سعرها قد يرتفع أكثر من مرة.

وتشجع القوانين التونسية الاستثمار في العقارات وتتسم بسهولة في مجال التملك للعرب والأجانب في تونس. وتطرح القوانين المحلية تسهيلات ائتمانية للحصول على العقارات. كما لا تعرف البلاد قيودا صارمة على شراء وبيع العقارات. وتمنح البنوك التونسية إمكانيات واسعة للحصول على قروض للتملك تصل في بعض الحالات إلى نسبة 60 في المائة من سعر العقار نفسه. وتسدد تلك القروض على فترة تتراوح بين 7 و25 سنة.

وتسير أسعار العقارات السياحية نحو الارتفاع مع عودة الكثير من التونسيين بالمهجر للاستقرار في تونس واهتمام بعض الأثرياء العرب بالاستثمار في الأراضي العقارية، وكذلك انخفاض مستوى المعيشة الذي جعل بعض الأوروبيين يفضلون الاستقرار في تونس على بعد ساعتين بالطائرة عن أوروبا.

وكان بتينو كراكسي رئيس وزراء إيطاليا سكن إحدى الفيلات الفاخرة في مدينة الحمامات الواقعة على بعد 60 كلم شمال شرقي تونس، وقد شجع استقراره هناك أجانب آخرين على الاستقرار في تونس التي لا تبعد عن جزيرة «صقلية» الإيطالية إلا مسافة 60 ميلا فقط.

وتستقر مجموعة من العائلات الأجنبية من دول مثل فرنسا والولايات المتحدة في المنطقة السياحية بجزيرة قرقنة (شرق تونس)، وهي لا تستغل تلك الفيلات الفاخرة إلا خلال فصل الصيف فحسب. وهو ما شجع بعض الأجانب على طلب الراحة في تلك الجزيرة الهائمة في البحر المتوسط.

ويسيطر القطاع الخاص والباعثون العقاريون على قطاع العقارات بمختلف أصنافها ولا تتدخل الدولة إلا في مجالات اجتماعية بعينها لتوفير السكن الاجتماعي والاقتصادي لأصحاب المداخيل المحدودة عن طريق صندوق النهوض بالمساكن الاجتماعية المعروفة في تونس تحت اسم «سبرولس».

ويسيطر سماسرة لهم باع وذراع في ميدان العقارات على السوق، وهو ما جعل أسعارها ترتفع إلى مستويات قياسية خلال الفترة الماضية. ويشاع الاستثمار في العقارات بين العائلات والمستثمرين باعتبارها أحد أهم الاستثمارات التي تقل فيها المخاطر إلى الدرجات الدنيا، وهو ما يجعل المضاربة في سوق العقارات المختلفة ظاهرة شائعة ولها أهلها الذين تمرسوا في شهادات الملكية وتخليص الملفات العقارية الشائكة.